منال الشرقاوي تكتب: عندما يتحول الزمن إلى لغز في عالم الأفلام
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
ماذا لو أن زمن القصة أصبح بطلًا في الفيلم؟ ماذا لو كان بمقدور الزمن أن يتحرك للخلف، أو يلتف على نفسه، أو يقفز بنا من لحظة إلى أخرى دون تفسير؟ هكذا، تأخذنا السينما إلى عوالم لا تقيدها قوانين الزمن؛ حيث تتجاوز حدود السرد التقليدي لتصبح اللعبة الزمنية هي عمود القصة، ووسيلة لتحدي عقل المشاهد وتفكيره.
في أفلام مثل "Memento" و "Inception" و "Tenet"، لا يعد الزمن مجرد سياق للأحداث، بل يصبح أداة رئيسة لرسم مسار القصة وتحفيز المتفرج على الانخراط والتركيز.
ورغم أن السرد التقليدي يهيمن على السينما العربية، إلا أن بعض الأفلام نجحت في كسر هذا القالب بأساليب مبتكرة وغير مألوفة، مستلهمة جزئيًا من الأفلام التي تتلاعب بالزمن وتخلق سرديات غير خطية. فعلى سبيل المثال، فيلم "الفيل الأزرق" (2014 و2019) لمروان حامد، يوظف عناصر الحلم والذاكرة ليأخذ المشاهد في رحلة تتقاطع فيها أبعاد نفسية وزمنية، مما يضفي على القصة عمقًا وغموضًا بعيدًا عن التسلسل الزمني التقليدي. أما فيلم "أسوار القمر" (2015) لطارق العريان، فيستخدم حادثة مفصلية ليعود بنا إلى الماضي، مستعرض الأحداث من وجهة نظر البطلة في استرجاعات زمنية متداخلة.
إضافة إلى ذلك، نجد فيلم "فاصل ونعود" (2011) للمخرج أحمد نادر جلال، الذي يتقاطع جزئيًا مع فكرة "Memento" في استكشاف فقدان الذاكرة كوسيلة للبحث عن الحقيقة، حيث يفقد البطل ذاكرته ويبدأ في إعادة تجميع شتات حياته بعد الحادث. وعلى الرغم من أن "فاصل ونعود" يتبع سردًا خطيًا تقليديًا مع -محاولات- استعادة الذاكرة، إلا أنه يشترك مع "Memento" في كونه ينطلق من الذاكرة المفقودة لإعادة بناء الأحداث وفك شفرات الغموض. إلا أن هذه المحاولات تواجه تحديات كبيرة في تقديم سرد زمني معقد وجاذب، في ظل قلة الإنتاجات التي تجرؤ على تجاوز الأنماط المألوفة.
إن التلاعب بالزمن في السينما ليس مجرد استعراض فني، بل هو أداة متفردة لإشراك المتفرج في تجربة غير تقليدية تجعله شريكًا -فعليًا- في فك ألغاز القصة. لكن هذا لأسلوب يتطلب من المشاهد انتباهًا خاصًا، وتركيزا عاليا، ليعيد ترتيب أحداث القصة المتفرقة ويكتشف تسلسلها الصحيح. وهنا يأتي السؤال، ما الذي يميز تجربة المشاهدة في الأفلام التي تتلاعب بالزمن عن الأفلام التقليدية؟
في الحقيقة، إن الأفلام التي تتلاعب بالزمن، تمنح المشاهد تجربة مختلفة تضيف أبعادًا فكرية وعاطفية، إذ تجعله يتجاوز دور المتلقي "السلبي" ليصبح مشاركًا فعّالًا في أحداث القصة. مما يجعل تجربة المشاهدة أشبه برحلة عقلية تتطلب تركيزًا وتأملًا لإعادة بناء تلك الأحداث، وربط التفاصيل للوصول إلى الصورة الكاملة. على عكس الأفلام التقليدية التي تروي حكاية بخط زمني واضح، تكسر هذه الأفلام القواعد المعتادة، فتفتح أبواب التأويل وتجعل من الزمن عنصرًا متغيرًا يوجه مسار القصة بطرق غير متوقعة. إن التجربة التي يحظى بها المشاهد تتجاوز المتعة البصرية ؛ إذ يحفزه هذا الأسلوب السينمائي على التأمل في طبيعة الزمن وارتباطه بالذاكرة والواقع، مما يضفي على تلك الرحلة البصرية، طابعًا معقدًا وجاذبًا.
هذه الأفلام تترك بصمة طويلة الأمد، إذ تستمر آثارها في ذهن المشاهد حتى بعد انتهاء الفيلم.
هذه النوعية من الأفلام تكشف عن بُعد جديد في السرد السينمائي، حيث يتحول الزمن إلى عنصر محوري يقلب حدود الواقع ويعيد تشكيل القصة. هنا، يصبح السرد وسيلة لاختبار حدود الخيال، ويقدم لنا تجربة تتجاوز مجرد المشاهدة. فتترك هذه الأفلام أثرًا ممتدًا حتى بعد انتهاء القصة، لتبقى تفاصيلها حية في أذهاننا، تمامًا كما تدور حول محورها الزمني المتشابك.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: هذه الأفلام الأفلام ا
إقرأ أيضاً:
باوليني تكتب التاريخ وتتأهل إلى نهائي بطولة روما لأول مرة في مسيرتها
واصلت الإيطالية جاسمين باوليني تألقها اللافت في موسم التنس الترابي، ونجحت مساء اليوم الخميس في تحقيق إنجاز جديد بتأهلها إلى نهائي بطولة روما (فئة 1000 نقطة) للمرة الأولى في مسيرتها، بعد فوزها المستحق على الأمريكية بيتون ستيرنز بمجموعتين دون رد، بواقع 7-5 و6-1، في مباراة استغرقت ساعة و39 دقيقة.
وتُعد هذه المرة هي الأولى التي تبلغ فيها باوليني، المصنفة السادسة في البطولة، نهائي إحدى بطولات الأساتذة (WTA 1000) على الأراضي الإيطالية، وسط دعم جماهيري كبير من أبناء بلدها الذين احتشدوا في المدرجات لمؤازرتها.
انتظار حاسم في النهائيوتترقب باوليني، البالغة من العمر 29 عامًا و123 يومًا، هوية منافستها في النهائي، حيث ستواجه الفائزة من اللقاء المرتقب الذي يجمع بين الأمريكية كوكو جوف، المصنفة الرابعة، والصينية كينوين جينج، المصنفة الثامنة، في مواجهة تقام في وقت لاحق اليوم.
أرقام تاريخية مع باولينيووفقًا لشبكة "أوبتا" للإحصائيات، فقد سجلت باوليني اسمها في قائمة من النخبة، حيث أصبحت ثالث أكبر لاعبة سنًا تبلغ نهائي بطولة روما للمرة الأولى، بعد الألمانية هيلجا ماسثوف عام 1971، والصينية لي نا عام 2012.
كما واصلت باوليني كتابة التاريخ للتنس الإيطالي النسائي، إذ أصبحت أول لاعبة إيطالية تصل إلى أكثر من نهائي في بطولات فئة 1000 نقطة منذ انطلاقها عام 2009، متخطية نجمات سابقات مثل كاميلا جورجي، فلافيا بينيتا، وسارة إيراني – الأخيرة التي تُعد شريكتها الحالية في منافسات الزوجي.
موسم مثالي وإصرار على اللقبوكانت باوليني قد أظهرت تطورًا ملحوظًا هذا الموسم على الملاعب الترابية، حيث أبهرت الجماهير بثبات مستواها أمام لاعبات الصف الأول، ونجحت في قلب العديد من المباريات الصعبة لصالحها، ما يجعلها خصمًا لا يُستهان به في النهائي المنتظر.
ويُعد تأهل باوليني إلى نهائي بطولة روما بمثابة خطوة جديدة نحو التألق على الساحة العالمية، لا سيما في ظل اقتراب انطلاق بطولة رولان غاروس، حيث ستسعى الإيطالية إلى مواصلة هذا الزخم ومطاردة حلمها في التتويج بأحد الألقاب الكبرى.