أسرار الآيات: الأمل والفرج في قوله تعالى (فإن مع العسر يسراً)
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
الحزن هو شعور طبيعي يمر به الإنسان في مراحل مختلفة من حياته، نتيجةً للمواقف الصعبة أو الخسارات أو التجارب المؤلمة. وفي الإسلام، يتم التعامل مع الحزن بشكل مختلف؛ فهو ليس نهاية الطريق، بل قد يكون بداية لفهم أعمق للابتلاءات ووسيلة لتقوية الإيمان، ومن بين الآيات القرآنية التي تطرقت إلى الحزن والألم، تبرز آية "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" (الشرح: 6) كإحدى الآيات التي تقدم للمسلمين رسالة أمل وطمأنينة في أوقات الشدة.
الآية الكريمة التي وردت في سورة الشرح، والتي تبدأ بقوله تعالى: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا"، تحمل رسالة عميقة للمؤمنين في كل زمان ومكان. جاء في تفسير العلماء، سواء من دار الإفتاء المصرية أو من علماء الأزهر الشريف، أن هذه الآية تدل على أن الشدة لا تدوم، وأنه مهما كانت الظروف صعبة، فإن مع كل صعوبة هناك فرج قريب، ومع كل ألم هناك راحة.
تعتبر هذه الآية من أبرز الآيات التي تزرع في النفوس الأمل وتخفف من وقع الحزن، حيث إنها تبين أن العسر مهما طالت مدة حدوثه، فإنه يتبعه يسار وفرج من عند الله، وبذلك يتحقق التوازن بين الحزن والفرح، وبين الهم والسرور.
تفسير الإفتاء: التوازن بين الابتلاء والفرجوفقًا لشرح دار الإفتاء المصرية، فإن الآية تدعونا إلى التمسك بالصبر في مواجهة الأوقات العصيبة، مع التأكيد على أن الله سبحانه وتعالى لا يترك عباده في محنة بلا مخرج. وتؤكد الإفتاء أن هذه الآية تبين أحد المبادئ الأساسية في الإسلام: أن الحياة مليئة بالتقلبات، وأن المؤمنين إذا صبروا وثبتوا في مواجهة الشدائد، فإن الفرج آتٍ بإذن الله.
وتستند دار الإفتاء إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد واجه العديد من الابتلاءات في حياته، وكان دائمًا يذكر أصحابه بضرورة الصبر والاحتساب، مؤكدًا أن مع كل صعوبة هناك توفيق من الله وراحة بعد العسر. وقد ورد في الحديث الشريف: "إن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه"، وهذه الابتلاءات وإن كانت ثقيلة على النفس في البداية، إلا أنها في النهاية تحمل في طياتها الخيرات والبركات.
شرح الأزهر: معنى اليسر بعد العسرمن جانب آخر، يوضح علماء الأزهر أن معنى "اليسر" الذي يرافق "العسر" في الآية الكريمة يشمل الفرج والتيسير من الله بعد فترة من الشدة. يوضح الأزهر أن الإنسان إذا مر بحالة من الضيق أو الحزن، يجب أن يكون على يقين تام أن الله لن يتركه في محنته، بل سيفتح له أبواب الرزق والخير في الوقت المناسب.
ويُشَدد على أن "اليسر" في هذه الآية ليس مجرد تخفيف للألم، بل هو أيضًا تيسير للعبادة والعمل والتوفيق في الأمور الحياتية. وقد ورد في تفسير الأزهر أن الله سبحانه وتعالى يرسل مع كل ابتلاء، إذا صبر العبد، فرصًا جديدة، ويفتح أمامه طرقًا كانت مغلقة. وبذلك يتحقق مفهوم اليسر في الدين والحياة.
الدروس المستفادة من الآية الصبر على الابتلاء: تدعونا الآية إلى التحلي بالصبر في مواجهة المحن. فالحزن أو العسر ليس نهاية الطريق، بل مرحلة يمكن أن تسبق الفرج.التفاؤل والأمل: تزرع الآية في النفوس شعورًا بالأمل والتفاؤل، خاصة في أوقات الحزن. فكما أن الليل يعقبه النهار، فإن العسر يتبعه اليسر.التوكل على الله: يجب على المسلم أن يتوكل على الله في جميع الأمور، ويعلم أن الله هو من يقدر الفرج واليسر في الأوقات الصعبة.الإيمان بأن كل شيء له حكمة: التفسير يعزز الفكرة بأن الله لا يبتلي عباده إلا لحكمة، وأن الفرج يأتي بعد كل عسر كجزء من تلك الحكمة الإلهية.
الآية الكريمة "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" تمثل واحدة من أقوى الرسائل الإيمانية التي تَطمئن المؤمن في أوقات الحزن أو الشدة. فالحياة لا تخلو من الصعوبات، ولكن المؤمن الذي يثق بربه ويصبر على ما يواجهه من آلام وابتلاءات، لا بد أن يرى النور في نهاية النفق. في الإسلام، الحزن ليس حالة دائمة، بل هو فترة من الفترات التي تسبق الفرج والتيسير من الله، وكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ايه الحزن العسر يسرا تفسير هذه الآیة أن الله
إقرأ أيضاً:
هل يجب على المرأة خدمة زوجها؟ عالم أزهري يجيب
أجاب الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، عن سؤال ورد إليه مضمونه: "هل لا يجب على المرأة أن تخدم زوجها فما هو الحكم؟".
ورد موضحا أن هذا رأي لبعض الفقهاء، وهو قول مرجوح، والصحيح خلافه وهو أن على المرأة أن تخدم زوجها في المنزل والدليل على ذلك ما يلي: ورد من كلام بعض المحققين من العلماء ما يلي:
1 - قال تعالى في شأن الزوجان (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)، وخدمة المرأة لزوجها هي المعروف عند من خاطبهم الله تعالى بكلامه.
أما ترفيه المرأة وقيام الرجل بالخدمة - الكنس والعجن والخبز والغسل… إلخ - فهذا ليس من المعروف، خاصة أن الرجل يعمل ويكدح خارج المنزل، فمن العدل أن تعمل المرأة داخله.
2 - هذا العمل تقوم به كل النساء، ونحن نسأل الشيخ الذي قال ذلك: هل تخدم أنت زوجتك؟ وهل يخدم أصحابك زوجاتهم؟ وهل كل إنسان يستطيع أن يستأجر من يخدم امرأته؟
3 - إن مثل هذه الآراء تجعل النساء تعصي الأزواج في خدمة المنزل، لأنك ذكرت رأيا مرجوحا وتركت الراجح.
4 - قال العلامة ابن القيم: إن العقود المطلقة إنما تنزل على العرف، والعرف خدمة المرأة وقيامها بمصالح البيت الداخلة، ويقول الله تعالى (الرجال قوامون على النساء)، وإذا لم تخدمه المرأة - بل كان هو الخادم لها - فهي القوامة عليه.
5 - المروي عن نساء الصحابة أنهن كن يقمن بخدمة أزواجهن ومصالح بيوتهن، صح عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: كنت أخدم الزبير - زوجها - خدمة البيت كله وكان له فرس فكنت أسوسه، وفاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها كانت تخدم عليا وتقوم بشئون بيته وهي سيدة نساء العالمين.
6 - المرأة المسلمة في كل البيوت تخدم زوجها بحكم الفطرة وبمقتضى التقاليد الموروثة منذ عصر النبوة، فلا تفسدوا على الناس بيوتهم وتتسببوا في عصيان النساء لرجالهم.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.