أكدت المدير الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، الدكتورة حنان حسن بلخي، أن الوضع في منطقة الشرق الأوسط يشهد تدهورًا كارثيًا، وأن الصراع في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان قد تفاقم بشكل غير مسبوق.

وقالت بلخي خلال مؤتمر صحفي عقدته، اليوم الاثنين، عبر تقنية «زووم»، إن لجنة مراجعة المجاعة حذرت من خطر حدوث مجاعة وشيكة في شمال غزة، حيث وصف قادة وكالات الأمم المتحدة الوضع في المنطقة بـ«الكارثي»، مشيرة إلى أن الأوضاع لم تتحسن بل تفاقمت.

وأضافت: أن «منظمة الصحة العالمية تواصل جهودها الحثيثة لدعم النظام الصحي في المناطق المتضررة، وأن أكبر عملية إجلاء طبي منذ أكتوبر 2023 قد تمت بنجاح، حيث تم نقل 90 مريضًا و139 مرافقًا إلى الإمارات العربية المتحدة ورومانيا».

وفي سياق متصل، أوضحت بلخي إلى أن منظمة الصحة العالمية أكملت بنجاح الجولة الثانية من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة، حيث تلقى أكثر من 500 ألف طفل الجرعة الثانية من اللقاح، مبينة أن الحملة تم تنفيذها رغم التحديات الكبيرة الناتجة عن تقييد الهدنات الإنسانية، مشيدة بشجاعة الفرق الطبية والأهالي الذين واصلوا العمل في ظروف قاسية.

وشددت على أن دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» في تقديم الخدمات الصحية الأساسية في غزة لا يمكن الاستغناء عنه، مُشيدة بتفاني العاملين الصحيين في «أونروا»، الذين يعملون دون توقف في ظل الظروف الصعبة.

وفيما يتعلق بالوضع في لبنان، أكدت المدير الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية أن المرافق الصحية في البلاد تواجه هجمات متزايدة، حيث وثقت منظمة الصحة العالمية وقوع 103 هجمات على المرافق الصحية منذ 8 أكتوبر 2023، مضيفة أن 17 مستشفى في لبنان توقفت عن العمل أو تعمل جزئيا بسبب الأضرار أو انعدام الأمن، ما يعكس تدهورا مقلقا في قدرة النظام الصحي على تلبية احتياجات السكان.

أما في السودان، قالت إن نصف سكان البلاد أي حوالي 25 مليون شخص بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، لافتة إلى أن السودان يشهد أكبر أزمة جوع في العالم، مشيرة إلى الأوضاع المأساوية في ولاية الجزيرة بسبب القتال العنيف والهجمات على المرافق الصحية.

واردفت: أن «منظمة الصحة العالمية تواصل تقديم الدعم الطبي في السودان، بما في ذلك الإمدادات الطبية والدعم اللوجستي وتدريب الكوادر الصحية لمواجهة الأوضاع الطارئة، كما أكدت أنه رغم التحديات الكبيرة، فإن السودان قد أصبح أول بلد في إقليم شرق المتوسط الذي يطلق اللقاح الجديد ضد الملاريا».

وفي ختام كلمتها، أكدت المدير الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية ضرورة وقف إطلاق النار الفوري في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان والسودان، مشيرة إلى أن المنظمة تدعو المجتمع الدولي إلى الوقوف إلى جانب الشعوب المتضررة من الأزمات الإنسانية والصحية في المنطقة، مؤكدة أن منظمة الصحة العالمية تواصل عملها مع شركائها لتوفير الدعم الطبي والإنساني بغية تخفيف المعاناة وبناء أنظمة صحية قادرة على الصمود في مواجهة الأزمات.

اقرأ أيضاًمنظمة الصحة العالمية تمنح وزير الصحة شهادة خلو مصر من الملاريا

مدير منظمة الصحة العالمية يهنئ الرئيس السيسي بخلو مصر من الملاريا

الصحة العالمية تحذر: وباء جديد غير قابل للشفاء

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: فلسطين السودان القضية الفلسطينية الشرق الأوسط الصحة العالمية الشعب الفلسطيني غزة ولاية الجزيرة منظمة الصحة العالمیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

الشرق الأوسط بين مشاريع التفكيك وإعادة التموضع

25 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: ناجي الغزي

يمر الشرق الأوسط اليوم بمرحلة إعادة تشكيل عميقة لا تُشبه أي مرحلة سابقة في تاريخه الحديث. نحن لا نشهد مجرد تنافس نفوذ بين قوى تقليدية وإقليمية، بل عملية إعادة هندسة شاملة للخرائط الجيوسياسية والبنى العسكرية والاصطفافات الاستراتيجية، تقودها الولايات المتحدة بغطاء خليجي وأدوات متعددة الوظائف، وعلى حساب مفاهيم السيادة والدولة الوطنية التي كانت تشكل ركائز النظام العربي لعقود.

أولاً: اختلال التحالفات الكلاسيكية

المؤشر الأبرز في المشهد الإقليمي اليوم يتمثل في اهتزاز التوازن التقليدي الذي حكم العلاقة بين مصر والسعودية لعقود. الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني إلى القاهرة، والتي وُوجهت باستياء خليجي مبطّن، كشفت عن مفارقة استراتيجية: بينما تحتج الرياض على أي تقارب مصري إيراني، فإنها – في الوقت ذاته – تقود طفرة في العلاقات التجارية والدبلوماسية مع طهران، في مسار تصالحي تتداخل فيه حسابات النفط والأمن والتهدئة اليمنية.
إن ما يبدو من تباعد مصري-خليجي ليس مجرد تباين في التكتيك، بل يعكس تصدعاً في الرؤية الاستراتيجية للمنطقة. القاهرة، التي طالما لعبت دوراً مركزياً في القضايا السورية والليبية والسودانية، تجد نفسها اليوم مُستبعدة من ملفات جوهرية، في الوقت الذي تتقاسم فيه الرياض وأبو ظبي و الدوحة وواشنطن وأنقرة النفوذ الميداني والسياسي في هذه الساحات.

ثانياً: سوريا كنموذج للتفكيك العسكري الممنهج

أخطر ما يُعاد إنتاجه اليوم هو المشروع الأميركي الناشئ في سوريا، والذي يقوده دونالد ترامب من موقعه في الولاية الثانية عبر أدوات جديدة، يتصدرها “الجيش السوري الجديد” بقيادة أحمد الشرع. هذا التكوين العسكري ليس فقط وليد التحالف مع المعارضة المسلحة أو الفصائل المحلية، بل يقوم على دمج مقاتلين أجانب من الشيشان والتركستان والروس والإيغور ضمن هيكل وظيفي عسكري عابر للهوية الوطنية.
إن هذا التحول يشير إلى انتقال المشروع الأميركي في سوريا من منطق “تغيير النظام” إلى “إعادة تشكيل الدولة”، ليس عبر المفاوضات أو إعادة الإعمار، بل من خلال خلق بديل عسكري – مرتزق، يقف على النقيض من الجيش السوري النظامي، ويملك ولاءه لمعادلات الخارج لا الداخل.
ما يثير القلق في هذا النموذج هو التشابه مع تجربة تأسيس إسرائيل وجيشها: الذي أعتمد على تجميع عناصر مهاجرة ومقاتلين متعددي الجنسيات في جيش عقائدي يخدم مشروعاً جيوسياسياً وظيفياً، يُعيد رسم الحدود ويقلب توازنات الردع الإقليمي. وهو ما قد يُمهّد لتعميم النموذج في ساحات هشّة مثل ليبيا أو السودان، حيث تسعى واشنطن وحلفاؤها إلى بناء قوى أمنية موازية للجيوش الرسمية.

ثالثاً: مصر خارج معادلة إنتاج القرار الإقليمي

الرفض المصري المتكرر لمقابلة الرئيس الأميركي، والتصريحات المصرية غير المسبوقة بحق المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، لا يمكن قراءتها إلا في إطار إدراك القاهرة المتزايد بأنها أصبحت خارج معادلة “إنتاج القرار” الإقليمي. فواشنطن تُدير هندسة المنطقة اليوم دون المرور عبر القاهرة، وتُعيد تأهيل معارضة سورية بديلة، وتدعم بنيات عسكرية موازية في دول الطوق، بينما تُفرغ الأمن الإقليمي من مضمونه العربي لصالح تحالفات “متعددة الجنسيات”.
في المقابل، يبدو أن مصر تحاول الآن انتهاج سياسة “التموضع المتقاطع”، عبر فتح خطوط مع طهران وموسكو، ليس بهدف خلق محور بديل، بل لمراكمة أوراق ضغط تسمح لها باستعادة بعض الوزن الاستراتيجي في ملفات كانت تقليدياً من اختصاصها.

رابعاً: الطاقة كسلاح سياسي

في موازاة ذلك، يبدو أن الخليج يتجه نحو عسكرة السوق النفطية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، من خلال تصعيد إنتاجي يستهدف تقويض قدرة روسيا على تمويل حربها في أوكرانيا. السعودية التي لطالما دعمت توازن أسعار النفط، بدأت تنخرط في لعبة كسر العظم مع موسكو، مستغلة فائضها المالي والسياسي، في إطار صراع موازٍ للصراع العسكري في أوروبا.
هذا التكتيك ليس منعزلاً عن التحركات الأميركية في سوريا، حيث تسعى واشنطن أيضاً لتجفيف منابع النفط التي تموّل المحور الروسي-الإيراني، سواء في الحسكة أو دير الزور. وبينما تحاول موسكو التمسك بموقعها في المعادلة السورية، تدفعها واشنطن نحو إعادة تموضع قسري عبر الخنق الاقتصادي، والتطويق السياسي من الداخل السوري.

خامساً: المآلات الاستراتيجية وخيارات الردع والاحتواء

تُواجه القاهرة اليوم تحدياً وجودياً يتجاوز مسألة التهميش الدبلوماسي، إلى خطر التحول من “فاعل مؤسس” إلى “مراقب قلق”. فكلما توسعت المشاريع العسكرية البديلة – المدعومة من قطر وتركيا وأميركا – تقلّصت المساحة أمام الجيش المصري كمرجعية عربية للأمن. وكلما تطورت ديناميات “البديل الأمني الوظيفي” في سوريا وليبيا، ازدادت احتمالات توسيعه ليطال مناطق جوار مصر، خصوصاً السودان.
في هذا الإطار، يبقى الرد الاستراتيجي المصري مرهوناً بقدرتها على صياغة سياسة خارجية هجومية، لا دفاعية، قادرة على:
1. خلق تحالفات مرنة مع قوى دولية (مثل الصين والهند ) دون الانزلاق إلى محور مضاد.
2. إعادة تفعيل الدور المصري في المسارات السورية والسودانية عبر مبادرات مدنية ومخابراتية تتجاوز البعد التقليدي.
3. تعزيز القوة الناعمة والدبلوماسية الاقتصادية المصرية كمداخل لاستعادة التأثير في المشهد الإقليمي.
4. بناء سردية جديدة للأمن العربي ترتكز على الدولة الوطنية لا التكوينات الميليشياوية العابرة.
ومن الملاحظ أن الشرق الأوسط يُدار اليوم من خارج الخرائط الرسمية، ومن داخل غرف عمليات استراتيجية عابرة للحدود. وتبدو كل دولة في المنطقة أمام اختبار وجودي: إما أن تعيد تموضعها على أسس جديدة تحفظ سيادتها وعمقها الأمني، أو تذوب تدريجياً في لعبة المحاور، كمجرد ورقة في يد الكبار. في هذا السياق، لم يعد التهديد هو الحرب الشاملة، بل التفكيك البطيء الذي يبدأ من الجيش وينتهي بالدولة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • منظمة الصحة العالمية: سوء التغذية بلغ "مستويات خطيرة" في غزة
  • منظمة الصحة العالمية تحذر من معدلات مقلقة لسوء التغذية في غزة
  • الصحة العالمية تحذر من وصول معدلات سوء التغذية في غزة إلى مستويات مثيرة للقلق
  • تحذير: الطاعون في منطقتنا
  • الصحة العالمية تشيد بدور مصر في تقديم الخدمات الصحية للمتأثرين بالنزاعات بالدول المجاورة
  • الأونروا تدق ناقوس الخطر .. الوضع بغزة كارثي خطير جدا
  • أكدت أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم “التجويع” سلاح حرب.. المجموعة الدولية لإدارة الأزمات تحذر من كارثة إنسانية وشيكة في غزة
  • منظمة الصحة العالمية تجدد اعتماد مركز مكافحة التدخين بحمد الطبية كمركز متعاون حتى عام 2029
  • الصحة العالمية: الحصول على الرعاية الصحية بالسويداء يشكل تحديا
  • الشرق الأوسط بين مشاريع التفكيك وإعادة التموضع