ليس في بلدنا عنصرية …في بلدنا جاهليات … ومحسوبية …

السودان بلد خال من العنصرية وكل الحركات المسلحة من 1955م تأسست على فهم خاطئ وهمي لكلمة عنصرية.
العنصرية هي الحرمان من الحقوق المدنية والسياسية بسبب العرق أو اللون أو الدين …
+ أمثلة الحقوق المدنية والسياسية:
حق الحصول على وثائق إثبات الشخصية بدءا من شهادة الميلاد مرورا بالبطاقة الشخصية والجنسية وصولا إلى جواز السفر.

هذه هي الوثائق الأساسية وهي التي تفتح أو تغلق أبواب الحصول على الحقوق الأساسية للمواطنة إذ ترتبط بها كل الإجراءات في القطاعات الحكومية والخاصة كذلك.
وفي بعض الدول الأفريقية والعربية يتم حرمان الفئات المستهدفة من وثائق إثبات الشخصية بوسيلتين :
1- الحرمان بالقانون المكتوب أو العرفي.
2- تعقيد الإجراءات وجعلها شبه مستحيلة.

من خلال الحرمان من وثائق إثبات الشخصية يغلق باب الحصول على حقوق عديدة ومنها مثلا الحق في التعليم والحق في العمل والحق في فتح حساب بنكي وحق التملك والحق في السفر والحق في خدمات الرعاية الصحية وحقوق أخرى عديدة لا تحصى ولا تعد.
+ من الحقوق أيضا حق الحصول على العدالة وحق الحصول على المحاكمة العادلة والحق في حرية التعبير وحرية إعتناق وممارسة الدين.

هل يوجد في سوداننا هذا حرمان من الحقوق أعلاه بسبب القبيلة أو اللون أو الدين ؟
يمكنك مراجعة السيرة الذاتية لجميع قيادات حركات التمرد التي رفعت السلاح ضد الدولة من 1955م ستجد أنهم نالوها خاصة في مجال التعليم.

ستجد أن العديدين منهم نالوا حظا من التعليم في المدارس السودانية حكومية كانت أم أهلية ، وستجد أن العديدين منهم درسوا وتخرجوا من جامعة الخرطوم يوم أن كان طالبها مرفها ونالوا حظهم من البعثات الخارجية وحصلوا على فرص في الخدمة المدنية.
جاهليات وليس تفرقة عنصرية :
+ هناك ممارسات لا تعتبر قانونا عنصرية بل تعتبر من ضروب التعالي الإجتماعي أو النفور المجتمعي أو الإحساس بالتميز عن الآخر بسبب اللون أو العرق أو العادات.
أمثلة :

توجد قبيلة دارفورية أفريقية داخلها عشيرة أو فرع يمتنع أفراد نفس القبيلة من الفروع أو العشائر الأخرى من التعامل معه بالتقبل الإجتماعي فلا يأكلون معهم في نفس المائدة ولا يتزوجون منهم ولا يزوجونهم بل أن هذه العشيرة تعتبر متخصصة في القيام بأعمال الخدمة في المناسبات الخاصة لعلية القبيلة ، وما سردناه غيض من فيض يحدث مع أن ألوان بشرتهم واحدة ولغتهم واحدة ودينهم واحد ، فهل هذه عنصرية ؟

على المستوى الوطني فإن ضحايا هذه السلوكيات لا يعانون من العنصرية لأنها سلوكيات تستهدفهم داخل القبيلة لمفاهيم ثقافية داخلية خاصة بهم ولكنهم في المستوى الوطني السوداني ستجدهم غير محرومين من حقوقهم المدنية والسياسية التي ذكرناها آنفا.
+ إن سلوكيات الرفض أو الإقصاء المجتمعي أفعال غير مجرمة قانونا وإن كانت مؤذية للمشاعر إذ أن الضحية لا يستطيع أن يرفع قضية في المحكمة لأن شخصا يرفض مشاركته في نفس مائدة الطعام ، ماذا ستفعل المحكمة ؟ هل سيأمر القاضي المدعى عليه بالجلوس للمؤاكلة غصبا عنه ؟ أم سيأمره بتزويجه بنته رغما ليس عن أنفه هو بإعتباره والدها الصلبي بل برغم أنف كل أفراد عشيرتها الذين سيرفضون زواجها منه وقد ينتهي الأمر بإقصاء والدها وأسرتها إجتماعيا ؟

ولكن هذا الشخص ضحية قانون عرفي للتهميش المجتمعي لا يعاني من العنصرية ، لأن كونه من العشيرة الأدنى طبقيا داخل القبيلة لا يمنعه ذلك من الحصول على الجنسية السودانية وبطاقة الرقم الوطني وبعدها لن يمنعه أحد من دخول المدرسة والتدرج حتى التخرج من جامعة الخرطوم وغيرها أو حتى ولوج عالم المال والأعمال والنجاح وصولا لأن يكون من أغنياء المجتمع.

طالما الطريق مفتوح أمامه وبالقانون وحماية الدولة والمجتمع العريض لينال حقوقه في التعليم والصحة والتجارة والوظيفة العامة والتملك والسفر والتنقل فهو لا يعاني ولا يجب أن يشتكي من العنصرية ، ولكنه بالرغم من إرتقائه تلك الدرجات من النجاح هناك إحتمال كبير لأن يظل مرفوضا وملفوظا من نفس والد وعشيرة الحبيبة الأولى وممنوعا من مؤاكلتهم حتى لو لبس أفخر الثياب.

مع ملاحظة أن نفس هذا الثري المنبوذ في مجتمعه الضيق قد يجد القبول الإجتماعي في مناطق أخرى في السودان وقد يجد من يزوجه بنته ، وفي وسط السودان في منتصف الثمانينات كان من أغاني البنات في الأفراح تمني العريس المغترب أو ود الغرب فكيف يكون عنصريا مجتمع تتمناك فيه بعض فتياته في أغانيهم وفيه وجدت كل الطرق سالكة أمامك ؟ وكم من الشماليات تزوجن من دارفور ؟

النفور والإستعلاء المجتمعي في دارفور وفي غيرها وهذا النفور والإستعلاء المجتمعي في دارفور يوجد أحيانا من قبائل أفريقية تجاه قبائل عربية !

هناك مثلا قبيلة أفريقية دارفورية تنفر من القبائل العربية التي يبدأ إسمها ببني ، بني فلان ، بني علان ، بني فلتكان.
لديهم في موروثاتهم الشعبية معتقدات سالبة تجاه هذه القبائل تتعلق بمسائل روحانية ، فهل هذه عنصرية ؟
الإجابة لا ، لأن العنصرية هي الأفعال والقرارات التي تعرقل وتمنع حصولك على الحقوق المدنية والسياسية التي ذكرناها آنفا.

التعالي الإجتماعي والنفور المجتمعي يوجد في كل القبائل وداخل القبيلة الواحدة لكنه ليس عنصرية لأنه لا يمنع أحدا في السودان من الحصول على حقوقه السياسية والمدنية.
جاهلية نعم … عنصرية … لا …

ليس في الإسلام عنصرية بل جاهلية ، هذا هو المصطلح الذي نجده في السنة والسيرة النبوية.

في الإسلام سلوكيات الإنتقاص للآخر بسبب القبيلة أو اللون أو الفقر لا تسمى عنصرية ولكنها تسمى جاهلية.

يا أبا ذر إنك إمرؤ فيك جاهلية ، وبسبب هذا التأنيب النبوي بكى أبو ذر وركض خلف بلال بن رباح نادما يطلب منه العفو والسماح.

والجاهليات علاجها التثقيف والتعليم المستمر ، أما عدم الحصول على وظيفة عامة لتفضيل منافس آخر برغم مؤهلاتك فهذه في الغرب لا تعتبر عنصرية ولكن يطلق عليها محسوبية Favoritism ولكن عندهم إذا إستطعت إثباتها أمام المحكمة فستنال العدالة لأن النظام القضائي عندهم قوي ويتعامل مع هذه الحالات بإعتبارها حرمانا ناعما من بعض الحقوق.
ولكن المعاناة من المحسوبية لا تستحق ولا تستدعي رفع السلاح ومحاربة الدولة والناس وليست هي الطريقة الصحية للعلاج لأن رفع السلاح سيزيد الناس والمجتمع عنك نفورا ورفضا ، كما أن حصول المواطن على وظيفة الخدمة العامة من خلال رفع السلاح سيقوض ركيزتين أساسيتين هما :
الركيزة الأولى : أن وظيفة الخدمة العامة تكليف لا تشريف.
الركيزة الثانية : قابلية خضوع موظف الخدمة العامة للمحاسبة والفصل وفقا لقوانين الخدمة العامة.


#كمال_حامد ????

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: المدنیة والسیاسیة الخدمة العامة من العنصریة الحصول على اللون أو والحق فی

إقرأ أيضاً:

بعد تسوية دعوى بـ«50 مليون دولار».. فضيحة عنصرية تهز غوغل

وافقت شركة “غوغل” على دفع 50 مليون دولار لتسوية دعوى قضائية تتهمها بممارسة تمييز عنصري منهجي ضد موظفيها من أصول إفريقية، وجاء ذلك بعد اتهامات بأن إدارة الشركة كانت توجه الموظفين ذوي البشرة الداكنة إلى وظائف أقل شأناً، وتقلل من تقييمات أدائهم، وتحد من فرص تقدمهم الوظيفي، بالإضافة إلى منحهم رواتب أقل من زملائه.

وتشمل التسوية، التي تم تقديمها إلى المحكمة الفيدرالية في أوكلاند بولاية كاليفورنيا يوم الخميس الماضي، أكثر من 4 آلاف موظف في ولايتي كاليفورنيا ونيويورك. وتنتظر التسوية مصادقة القاضي المختص قبل تنفيذها، وفق ما نقل موقع “The Post”.

وتظهر الوثائق المتعلقة بالدعوى أن نسبة الموظفين السود في “غوغل” لم تتجاوز 4.4% من إجمالي القوى العاملة، بينما لم تتعدّ حصتهم في المناصب القيادية 3% في عام 2021.

وكانت الموظفة أبريل كورلي، إحدى المدعيات في القضية، قد ذكرت أنها تعرضت للتمييز أثناء عملها في قسم التوظيف المختص بالكليات والجامعات التاريخية للسود، وأضافت أنها كانت محرومة من الترقية، وتم وصفها نمطياً بـ”امرأة سوداء غاضبة”، قبل أن يتم فصلها بعد ست سنوات من العمل في توقيت غريب تزامن مع إعدادها تقريراً عن الممارسات العنصرية المزعومة داخل الشركة.

وتضمنت الدعوى اتهامات ضد مدراء في “غوغل” باستخدام مصطلحات مثل “غير غوغلي بما يكفي” و”يفتقر إلى روح غوغل” كإهانات رمزية للموظفين السود، واعتبر المدعون أن هذه العبارات تحمل تلميحات عنصرية مقنعة.

من جانبها، نفت الشركة – التابعة لمجموعة “ألفابت” -أي مخالفة قانونية، وأكدت التزامها الكامل بجميع التشريعات ذات الصلة، معربة عن رفضها القاطع للادعاءات التي وردت في الدعوى.

وتعود القضية إلى مارس 2022، عندما بدأت هيئة تنظيمية، تعرف الآن باسم إدارة كاليفورنيا للحقوق المدنية، التحقيق في كيفية تعامل “غوغل” مع الموظفات السود.

وفي تطور لاحق، أسقط المحامون بعض الادعاءات المتعلقة بالدعوى التي كانت مرفوعة نيابة عن متقدمين لوظائف في الشركة، وذلك بعد مراجعة الأدلة وردود “غوغل” القانونية.

ومن المتوقع أن يحصل محامو المدعين على ما يصل إلى 12.5 مليون دولار من مبلغ التسوية كأتعاب قانونية.

مقالات مشابهة

  • ثُمَّ شَقَّتْ هَدأةَ الليلِ رُصَاصة !!
  • القبيلة اليمنية… قلعة الصمود وركيزة المشروع التحرري
  • أهداف عملية عربات جدعون: تهجير الفلسطينيين نحو مصر وإقامة غيتوهات عنصرية
  • جدران الفصل.. عنصرية التأويل وضرورات البقاء
  • الآلاف من الفرنسيين يخرجون في مظاهرات حاشدة تنديدا بخطاب العنصرية والإسلاموفوبيا
  • برلمانى أردنى: بلدنا ومصر تنطلق من مصالح قومية إنسانية دعما لفلسطين
  • كيكل: ستجدوننا قريباً في موقع المسيرات التي تقصف
  • القبيلة اليمنية الرديف للقوات المسلحة في معركة إسناد غزة والتصدي للعدوان الأمريكي الإسرائيلي
  • بعد تسوية دعوى بـ«50 مليون دولار».. فضيحة عنصرية تهز غوغل
  • العنصرية في الشعر العربي: المتنبي وكافور الإخشيدي