الروبوتات على أرض الملعب.. والبشر على المدرجات!
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
تشهد العاصمة الصينية بكين نهاية هذا الأسبوع نقلة نوعية في عالم كرة القدم، ولكن هذه المرة دون لاعبين بشريين.
ففي سابقة هي الأولى من نوعها، تستضيف المدينة المباراة النهائية لـ "دوري روبوليغ العالمي لكرة القدم الروبوتية"، حيث تتواجه فرق مكونة من روبوتات بشرية بالكامل، تتحرك وتلعب دون أي تدخل بشري، وتُدار كليًا بواسطة الذكاء الاصطناعي.
المباراة التي تُقام في منطقة تطوير "يي تشوانغ"، هي أول مواجهة رسمية بنظام "3 ضد 3" بين روبوتات بشرية، وتُعد تجربة تمهيدية استعدادًا لـ "ألعاب الروبوتات البشرية العالمية 2025". وقد تأهلت أربع فرق صينية إلى النهائيات بعد سلسلة من التصفيات، ويتكون كل فريق من روبوتات تعتمد بالكامل على أنظمة رؤية ذكية وكاميرات وأجهزة استشعار لتحديد موقع الكرة والتمركز داخل الملعب.
ووفقاً لموقع "New York Post" تُلعب المباراة على شوطين مدة كل منهما 10 دقائق، وبينهما استراحة قصيرة من 5 دقائق.
وخلال جلسة تدريبية نُظمت الخميس، استعرضت جامعتا تسينغهوا وجامعة بكين للعلوم والتكنولوجيا الروبوتات المشاركة، التي رغم خطواتها المترنحة أحيانًا، تُظهر قدرة على الجري والتسديد وملاحقة الكرة بشكل ذاتي تمامًا.
وأوضح منظم الحدث "دو جينغ" لقناة CCTV الصينية:"دوري روبوليغ العالمي سيكون أول اختبار رسمي لألعاب الروبوتات البشرية المقبلة، ويُعد أيضًا أول مباراة كرة قدم روبوتية في الصين بنظام 3 ضد 3، مما سيضع قدرات الروبوتات من حيث اللياقة والمرونة تحت المجهر".
اقرأ أيضاً.. بطاريات بدل الماء.. هكذا تنافست الروبوتات مع البشر في شوارع بكين!
أخبار ذات صلة
وقال وانغ يونغهاو، المسؤول عن تنظيم المنافسة، إن جميع قدرات الروبوتات في الرؤية والتحديد تتم حاليًا من خلال كاميرات بصرية، مضيفًا:
"على سبيل المثال، خلال المباراة يجب على الروبوت التعرف على الكرة البيضاء الدائرية، ونتأكد من ألا تظهر ألوان مشابهة على أرجل الروبوتات أو أجسام الحكام والعاملين في الملعب".
الروبوتات مدرّبة باستخدام تقنيات "التعلم المعزز العميق"، وهو فرع من الذكاء الاصطناعي يتيح التعلم عبر التجربة والخطأ.
وقال تشنغ هاو، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Booster Robotics:
"يجب أن يكون الروبوت قادرًا على رؤية الكرة من مسافة 20 مترًا بنسبة دقة تتجاوز 90%. بعد ذلك، يتعين عليه اتخاذ القرار المناسب بناءً على موقع الكرة والمرمى والملعب، سواء بالتمرير أو التسديد".
وتُعد هذه المباراة مجرد بداية، إذ تستعد بكين لاستضافة النسخة الكاملة من "ألعاب الروبوتات البشرية العالمية" في الفترة من 15 إلى 17 أغسطس، ضمن فعاليات "مؤتمر الروبوتات العالمي"، في أول حدث رياضي عالمي تنافسي يخوضه "لاعبون صُنعوا.. لا وُلدوا".
إسلام العبادي(أبوظبي)
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: كرة القدم الذكاء الاصطناعي الروبوتات
إقرأ أيضاً:
هل يخلق الذكاء الاصطناعي مجتمعا أميا في المستقبل؟
في نهاية عام 2022، كشفت شركة "أوبن إيه آي" عن أول روبوت دردشة "شات جي بي تي" يعتمد على نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها، معلنة بذلك بداية عصر روبوتات الدردشة ونماذج الذكاء الاصطناعي المتوفرة للعامة.
وخلال الأشهر التالية، تمكّن "شات جي بي تي" من التغلغل في حياة المستخدمين بشكل كبير، إذ قام الكثيرون بإلقاء المهام المملة والمكررة على عاتقه، وشيئا فشيئا، ازداد عدد المهام التي يقوم بها الذكاء الاصطناعي، خاصة عندما تعلّق الأمر بكتابة الأبحاث المطلوبة من التلاميذ أو بعض المستندات الرسمية في الشركات، مما أثار المخاوف من تدهور القدرات الكتابية لمستخدمي "شات جي بي تي".
ورغم المخاوف من تراجع المهارات الكتابية للأجيال الحديثة، سواء التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في كتابة أبحاث الدراسة المطلوبة منها أو حتى الأعمال الكتابية في الشركات، فإن هذا الجانب ليس الأخطر كما يرى ليف ويذربي مدير مختبر النظرية الرقمية في جامعة "نيويورك"، حسب تقرير كتبه في صحيفة "ذا نيويورك تايمز".
ويرى ويذربي الخطر الأكبر في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لأداء مجموعة من المهام الأكثر تعقيدا وتطلبا، وتحديدا المهام المتعلقة بالحسابات وكتابة الأكواد البرمجية، إذ يخشى تحول المجتمع إلى مجتمع أمي غير قادر على أداء الحسابات أو كتابة الأكواد البرمجية، ولكن كيف هذا؟
ترك المهام للذكاء الاصطناعييشير ويذربي في تقريره إلى كون أحد تلاميذه يعتمد على كود برمجي يقوم بكتابته بنفسه، من أجل تحليل البيانات المختلفة التي تصل إليه من التجارب العلمية التي يقوم بها أو حتى التجارب الإحصائية من الاستطلاعات المختلفة، ويقوم هذا الكود بتيسير عملية تحليل البيانات والوصول إلى النتائج المطلوبة بشكل سريع.
ولكن، بعد انتشار نماذج الذكاء الاصطناعي، تخلى التلميذ عن هذا الأمر، معتمدا على "شات جي بي تي"، ليقوم بكتابة الكود وتحليل البيانات ثم تقديم النتيجة النهائية له، دون الحاجة لكتابة أي كود أو قراءة البيانات ومحاولة فهمها وتحليلها.
وتعزز تجربة أندريه كارباثي مهندس الذكاء الاصطناعي في موجة "فايب كودينج" (Vibe Coding)، لتكتب الأكواد البرمجية عبر توجيه مجموعة من الأوامر الصوتية لمساعدي الذكاء الاصطناعي، هذه النتيجة.
إعلانورغم انبهار العالم البرمجي بهذه الآلية الجديدة والنظر إليها كخطوة تسرّع من عمل المبرمجين في مختلف القطاعات حول العالم، فإن الأكواد الناتجة عنها تأتي معطوبة ومليئة بالأخطاء التي لا يمكن إصلاحها، ومنهم الكود الذي قام كارباثي بكتابته.
والأسوأ، فإن بعض المبرمجين الذين اعتمدوا على هذه الآلية ومنهم كارباثي قال إنهم أصبحوا غير قادرين على كتابة أكواد برمجية بالشكل المعتاد.
الذكاء الاصطناعي يقضي على وظائف مهندسي البرمجةلا تبدو موجة "فايب كودينج" قادرة على الإطاحة بوظائف مهندسي البرمجة، ولكن على الصعيد الآخر، فإن كبرى الشركات التقنية العالمية بدأت تعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في عملياتها البرمجية.
وفي تصريح سابق، قالت "غوغل" إن أكثر من 25% من أكواد الشركة مكتوبة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وكذلك الحال مع "مايكروسوفت" التي تتشارك النسبة ذاتها، وقامت بحملة إقالات تجاوزت الآلاف حول العالم، وبالمثل "أمازون" و"أوبن إيه آي".
ومن جانبها، تحاول "أوبن إيه آي" استثمار أكثر من 3 مليارات دولار للاستحواذ على شركة "ويند سيرف"، التي تملك أداة تساعد في كتابة الأكواد البرمجية بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، في خطوة لتقليل الاعتماد على المبرمجين البشر.
ويبدو أن هذا التوجه أصبح عالميا، إذ أشارت التقارير من مؤسسة "سيجنال فاير" (SignalFire) المختصة بمتابعة سوق العمل ومؤسسة "زيكي" (Zeki) للأبحاث، فإن الشركات توقفت عن تعيين مهندسي البرمجة للمبتدئين لينخفض إجمالي أعداد التوظيف في كبرى الشركات التقنية إلى صفر بعد أن كان يصل إلى الآلاف يوميا.
وفي حين ترى الشركات أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي ضرورة مستقبلية، فإن مثل هذا النفور من تعيين المبرمجين البشر قد يتسبب في اختفاء المؤسسات التعليمية المسؤولة عن تخريج المهندسين وعلماء الحاسب، في خطوة تماثل التخلي عن العمالة اليدوية البشرية تزامنا مع الثروة الصناعية.
الوصول إلى مجتمع أمي حسابيافي الماضي، كانت الأمية هي غياب القدرة على القراءة والكتابة، ولكن يبدو أننا على أعتاب مفهوم جديد للأمية، فرغم كون الشخص قادرا على القراءة والكتابة، فإنه لن يكون قادرا على الإبداع واستخدام المفاهيم الرياضية والحسابية المتوسطة.
إذ يشير العديد من الدراسات إلى أن الاعتماد المبالغ فيه على أدوات الذكاء الاصطناعي يفقد الإنسان قدرته الإبداع وقدرته على الكتابة والقراءة وتحليل البيانات بشكل ملائم وصحيح تماما، وهو ما يسرّع الوصول إلى المجتمع الأمي.