رهيب التبعي

على مدار عقود طويلة، تعرض الإسلام لحملة تشويه ممنهجة، كان أبرز أدواتها الفكر الوهَّـابي الذي انتشر بدعم سخي من النظام السعوديّ تحت مسمى “السلفية”. لكنه في جوهره كان مشروعًا سياسيًّا بحتًا، هدف إلى تمزيق وحدة الأُمَّــة الإسلامية، وإغراقها في بحر من التكفير والغلو والتطرف.

لقد أنفق آل سعود مليارات الدولارات لنشر هذا الفكر في العالم الإسلامي، ولم يكن ذلك حبًا بالدين أَو حرصًا على نقائه، بل خدمة لأجندات خارجية تهدف إلى إضعاف المسلمين من الداخل.

والنتيجة كانت كارثية: أجيال مشوهة فكريًّا، حوَّلت الدين من رسالة رحمة وتسامح إلى شعارات ظاهرية، مثل إطلاق اللحى وتقصير الثياب، بينما كانت تحمله في جوهره سلاحًا للتكفير والإقصاء.

امتد تأثير هذا الفكر إلى إنتاج جماعات متطرفة لم تعرف من الدين سوى العنف والإرهاب. فبدلًا عن أن تكون الأُمَّــة الإسلامية رمزًا للحضارة والسلام، أصبحت تُعرف في الإعلام الغربي بأنها مهد للتطرف، وصار الإسلام يُتهم زورًا بالإرهاب؛ بسَببِ أفعال هذه الجماعات التي خرجت من عباءة الوهَّـابية.

لكن اليوم، وبعد أن أَدَّت الوهَّـابية دورَها في تشويه الدين ووسمه بالإرهاب، تبدلت استراتيجية النظام السعوديّ. فبدلًا عن الغلو في التشدّد، اتجه آل سعود نحو الغلو في التغريب والترفيه؛ بهَدفِ قطع صلة المجتمع بهويته الدينية والثقافية. ما نشهده الآن هو انغماس في مشاريع تستهدف تغريب المجتمع السعوديّ بشكل خاص، والإسلامي بشكل عام، بحجّـة الانفتاح والتطور.

إن هذا الانتقال من التطرف إلى التغريب لا يقل خطورة عن الأول، فكلاهما يشترك في هدف واحد: تدمير الهوية الإسلامية. وفي وقت تحتاج فيه الأُمَّــة إلى الوحدة والاعتدال لمواجهة التحديات الكبرى، يتم جرها نحو استقطابات جديدة تزيد من ضعفها وانقسامها.

لعل الحل يكمن في العودة إلى الإسلام الصحيح، الإسلام الذي يجمع بين الرحمة والعدل، بين الإيمان والعمل، وبين الهُوية والانفتاح المتزن. كما أن الواجب على علماء الأُمَّــة ومفكريها التصدي لهذه المشاريع التخريبية، والعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة، ورفع الوعي بين الشعوب الإسلامية.

إن الأُمَّــة الإسلامية قادرة على استعادة مكانتها إذَا عادت إلى جوهر دينها الحقيقي، بعيدًا عن التشدّد الذي مزقها، والتغريب الذي يسعى لطمس هويتها. وما ذلك على الله بعزيز.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

صلاح الدين تستعد للعيد بخطة لمكافحة الحمى النزفية

صلاح الدين تستعد للعيد بخطة لمكافحة الحمى النزفية

مقالات مشابهة

  • إصابة خمسة عمال بانفجار داخل حقل نفطي في صلاح الدين
  • محمد بن راشد: يوم عرفة.. يوم الحج الأعظم.. خير أيام الإسلام
  • محمد في مكة
  • د.حماد عبدالله يكتب: وقفــة عرفـــات...
  • دعاء يوم عرفة مكتوب كامل – نص الدعاء وأهميته في الإسلام
  • نداء الإسلام من جبل الرحمة
  • صلاح الدين تستعد للعيد بخطة لمكافحة الحمى النزفية
  • حجاج من إندونيسيا عن برنامج ضيوف خادم الحرمين للحج: شهادة حية على الدور الريادي الذي تقوم به المملكة لخدمة الإسلام
  • تفاصيل العرض الخرافي الذي رفضه زيدان لتدريب الهلال السعودي
  • صلاح الدين.. ضبط عجلات معدلة بأرقام مزورة