جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-25@18:37:38 GMT

نهضة راسخة وولاء يتجدد

تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT

نهضة راسخة وولاء يتجدد

 

د. حامد بن عبدالله البلوشي **

shinas2020@yahoo.com

 

يعَد حب الوطن منَ الأمور المتجذرة في النفس الإنسانية، ومن العلامات الراسخة على الفطرة السليمة. وقدْ عده الإسلام فضيلةً يجب أنْ يتحلى بها المسلمونَ. ففي حادثة الهجرة النبوية الشريفة من مكةَ إلى المدينة، حين ضاقت الأرض بما رحبت، وأرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم، لم يجد -عليه الصلاة والسلام- بدا من الخروج من تلك الأرض التي شهدت نشأته.

وعندَ خروجه من مكةَ، ظهرتْ حين ذلك مشاعر الرسول -صلى الله عليه وسلم- الجياشة نحوَ وطنه، وبرزت أحاسيسه الصادقة تجاه أرضه التي أوته، فلم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يودعها وداعَ مَن يعتقد أنه لن يحن لها، بل وداعَ مشتاق مغلوب على أمره، يحمله الحنين إليها أينما ذهب، فقال حينها بعين المحب الوفي: "والله إنك لأحب أرض الله إلي، ولولا أن قومَك أخرجوني منك ما خرجت". في تلك اللحظات المؤثرة؛ تَجَلت معاني الوفاء، وحب الوطن، وبرزت قيمة الارتباط بالأرض التي تحتضن أحلامه وأمانيه.

ونحن إذ نحتفل بالعيد الوطني الرابع والخمسين المجيد لسلطنتنا الغالية، نتذكر سويًا كيف حبانا الله -سبحانه وتعالى- بوطن عزيز؛ يتميز بتاريخ غني ومشرف عبرَ العصور، حتى أكرمنا الله -تبارك وتعالى- ببداية عصر النهضة الحديث عامَ 1970م، بقيادة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- حينها انطلقتْ النهضة الشاملة التي غيرتْ وجهَ السلطنة، وأعادتْ بناءَ اقتصادها، ومؤسساتها، وأساسات دولتها الحديثة.

وعُمان وطن يعيش في قلب كل مواطن، ويغتنم كل إنسان على هذه الأرض المباركة كل فرصة سانحة، كي يعبر فيها عن عشق الوطن، وتتجلى محبة الوطن بوضوح خاص في الاحتفاء بالعيد الوطني؛ حيث يعد هذا اليوم ليسَ مجردَ احتفاء سنوي؛ بل هوَ تذكيرٌ عميقٌ بمسيرة النهضة المجيدة، وخاصةً خلالَ عَهْد السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله، الذي تولى مقاليد البلاد في زمن صعب بكل المقاييس؛ إذ كانت عُمان تعيش في عزلة عن العالم، غارقة في غياهب الجهل، والمرض، والتخلف، وقادها بكل ثقة واقتدار نحو نهضة شاملة، وباتت راية عُمان خفاقة بين دول العالم، بفضل سياسته الحكيمة، ورؤيته المستنيرة، حيث أصبحتْ عُمان مثالًا يحتذى به في التطور، والبناء الحضاري في المنطقة. وقدْ قالَ السلطان قابوس في خطابه الأول: "إننا نعاهدكم بأننا سنقوم بواجبنا تجاه شعب وَطَننَا العزيز. كما أننا نأمل أن يقوم كل فرد منكم بواجبه لمساعدتنا على بناء المستقبل المزدهر السعيد المنشود لهذا الوطن".

وبعدَ رحيل السلطان قابوس- طيب الله ثراه- تسلمَ الراية من بعده، وحمل مشعل النهضة، حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أبقاه الله- ليكملَ المسيرةَ، ويعملَ على تجديد النهضة العُمانية، برؤية حديثة، تلبي تطلعات العصر، وتتماشى معَ التحديات الراهنة. وقدْ أكدَ جلالته- حفظه الله ورعاه- في خطابه الأول، على استمرار العمل على تعزيز النهضة العُمانية، حيث قالَ جلالته: "إن الأمانة الملقاة على عاتقنا عظيمة، والمسؤوليات جسيمة، فينبغي لنا جميعًا أن نعمل من أجل رفعة هذا البلد، وإعلاء شأنه، وأن نسير قدما نحو الارتقاء به إلى حياة أفضل".

ويعد المواطن العُماني هو الركيزة الأساسية في بناء الوطن العزيز، إذْ إن الحفاظَ على مكتسبات الوطن، ومسيرة النهضة؛ يعتمد كل الاعتماد على سواعد أبنائه الأوفياء، وعقول مواطنيه الشرفاء، فالأوطان تحتاج للعقول التي تخطط وتبدع، والأيدي التي تبني وتنجز، والقلوب التي تخلص وتضحي. إن كل إنجاز -مهما كان حجمه- يسهم في تحقيق رؤية أكبر لمستقبل مشرق ومزدهر، يكون فيه الوطن قويًا ومتقدمًا بين الأمم.

إنَّ حب الوطن ليسَ مجردَ كلمات تقال في مناسبات عابرة، بل هو شعورٌ عميقٌ، وسلوكٌ يومي، يَظهر في عمل المواطن، وإخلاصه، وعطائه المتواصل. فالمواطن الوفي يجسد هذا الحب من خلال التزامه بأداء واجباته، وإتقانه لأعماله، وحرصه على مصلحة مجتمعه، لذا؛ علينا أن نشارك جميعا في مسيرة النهضة المتجددة، والبناء المستمر، لهذا الوطن المعطاء على هذه الأرض الطيبة، كل من خلال موقعه ومسؤوليته، مجسدين أرقى معاني المواطنة الإيجابية؛ والمسؤولية الوطنية، وستبقى عُمان قوية بأبنائها المحبين، ومؤسساتها المسؤولة، وقيادتها الرشيدة، وستستمر مسيرة العطاء من أجل مستقبل مشرق، وحياة كريمة مستدامة للجميع بإذن الله تعالى.

وفي الختام.. نرفع إلى المقام السامي أسمى آيات التهاني والتبريكات بهذه المناسبة العظيمة، معاهدين جلالته أن نكون جنودًا أوفياء مخلصين لهذا الوطن الغالي، والمشاركة في خدمته، وبناء نهضة عُمان المتجددة نحو آفاق التقدم والازدهار.

** مدير عام شبكة الباحثين العرب في مجال المسؤولية المجتمعية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الشيخ كمال الخطيب .. يا أهلنا في غـزة: اقطعوا اتصالكم بالمئة وواحد ولا تستغيثوا إلا بالله الواحد

#سواليف

يا أهلنا في #غـزة: اقطعوا اتصالكم بالمئة وواحد ولا تستغيثوا إلا بالله الواحد

#الشيخ_كمال_الخطيب

موسم الخير

مقالات ذات صلة “الأغذية العالمي”: دخول مساعدات محدودة إلى غزة لا يكفي للبقاء على قيد الحياة 2025/05/23

إن من حكمة الله سبحانه أنه قد فاضل بين الأماكن وبين الأزمنة، فهذا شأنه وهذا تدبيره جل جلاله {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ} آية 68 سورة القصص. فإنه سبحانه قد فضّل أماكن على غيرها، ففضّل المساجد، كل المساجد على غيرها من بقاع الأرض، وفضّل ثلاثة مساجد على غيرها من المساجد بأن جعلها لا تشدّ الرحال إلا إليها كما قال رسول الله ﷺ: “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى”، ففضّل هذه المساجد على غيرها، وفضّل المسجد الحرام على المسجد النبوي والمسجد الأقصى.

وكذلك فضل ربنا سبحانه بلاد الشام وأرضها على غيرها من بقاع الأرض كما قال ﷺ: “عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله عزّ وجل يسكنها خيرته من خلقه”. “ألا إن عقر دار المؤمنين الشام”.

ومثلما فضّل الله أماكن على غيرها، فإنه سبحانه فضّل أزمنة وأوقاتًا على غيرها. ففضّل شهر رمضان على غيره من الشهور، وفضّل يوم الجمعة على غيره من الأيام، وفضّل ليلة القدر على غيرها من الليالي، وفضّل يوم عرفة على غيره من الأيام، وها نحن بين يدي أيام هي خير الأيام، إنها الأيام العشر الأوّل من ذي الحجة التي أقسم الله بها في قرآنه تعظيمًا لشأنها {وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ*وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} آية 1-3 سورة الفجر. {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ} آية 203 سورة البقرة. {لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} آية 28 سورة الحج. وإن رسول الله ﷺ قد شهد أن هذه الأيام أعظم وأفضل وأشرف أيام الدنيا، وأن العمل الصالح فيها أعظم من غيرها “ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر”. “ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتحميد والتكبير”.

إنها #الأيام_العشر_الأول من #ذي_الحجة والتي ستكون بدايتها يوم الأربعاء القريب، ومنها #يوم_عرفة و #يوم_النحر يستحب فيها للمسلم التوبة النصوح {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} آية 31 سورة النور. ويستحب فيها المحافظة على الطاعات والإكثار من النوافل من الصلاة والصدقات وقراءة القرآن والدعاء والصيام والذكر “فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد”. عن حفصة رضي الله عنها قالت: “أربع لم يكن يدعهن النبي ﷺ: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاث أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة” أي الركعتان قبل صلاة الفجر، ومن أفضل الأعمال في أيام العشر الأضحية لغير الحاج.

اشترى موقعًا في جهنم

لقد حدّثنا القرآن الكريم عمّن يشترون الجنة بأثمن ما يملكون، فيدفعون مقابلها أموالهم بل أرواحهم {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} آية 111 سورة التوبة. وإذا كان هناك من يشترون الجنة بأموالهم، فإن هناك من يشترون النار بأموالهم والعياذ بالله تعالى.

فالذي يشرب الخمرة التي هي أم الخبائث وقد حرّم الإسلام شربها، فهل يجدها الإنسان ملقاة على قارعة الطريق توزع مجانًا أم أنه يركب سيارته ويذهب إلى أماكن بيعها وشربها فيدفع لأجل ذلك المال، أليس قد اشترى النار بماله؟!

والذي يذهب إلى الكازينوهات في البلاد أو يسافر إلى خارج البلاد للعب القمار وهناك يضيّع ماله وتضيع كرامته ورجولته، أليس هو قد اشترى النار بماله وهو يعلم نهي الإسلام عن القمار والميسر؟!

والذي يذهب لشراء وجبته من الحشيش والمخدر والهروين وغيرها من أنواع المخدرات، أليس هو قد اشتراها بماله مع علمه بأنها حرام، أليس يكون بذلك قد اشترى النار وجهنم بماله؟!

أليس الذي يرتاد بيوت الدعارة والخنا من أجل نزوة وغريزة بهيمية وهناك يذهب ماء وجهه ويهدر كرامته تحت أقدام الغانيات، ويدفع ماله، أليس هو قد اشترى جهنم بماله؟!

فإذا كان من الناس من أكرمهم الله بالإيمان فإنهم على استعداد لشراء الجنة بأثمن ما يملكون أموالهم وأرواحهم، فإن هناك من أخزاهم الله وأذلّهم بمعاصيهم فإنهم يشترون النار بأموالهم، لا بل إن من الناس من يدخل الجنة من غير تكلفة سوى أنه يؤدي فرائض الله، الصلاة والصيام والذكر وقراءة القرآن، ولا يتعدى حدود الله بالمعاصي. فأيهما أعقل وأكيس، الذي يشتري النار بخالص ماله فيكون قد خسر الدنيا والآخرة أم الذي يشتري الجنة بهذا المال ينفقه في سبيل الله تعالى وابتغاء مرضاته، فيكون بذلك قد فاز بجنّة عرضها السماوات والأرض؟

وإنها هذه الأيام العشر من ذي الحجة، فإنها أفضل توقيت وأشرف زمان لعقد هذه الصفقة مع الله بشراء موقع في الجنة عبر الإكثار من الطاعات. وما أجمل ما قاله الشاعر وهو يناجي ربه، وهو يعقد هذه الصفقة لشراء الجنة:

يا رب في جوف الليالي كم ندمت وكم بكيت

ولقد رجوتك خاشعًا وإلى رحابك كم سعيت

قد كنت يومًا تائهًا واليوم يا ربي وعيت

إن كنت تعرض جنة للبيع بالنفس اشتريت

أو كنت تدعوني إلهي للرجوع فقد أتيت

اشترى موقعًا في الجنة

اشتكى السلطان العثماني مراد الرابع ذات ليلة من ضيق شديد في الصدر، فاستدعى إليه رئيس الحرس وأخبره وطلب منه مرافقته للخروج والمشي ليلًا خاصة أنه كان من عادة السلطان أن يتخفّى ويخرج ليلًا ليتفقد أحوال الناس. وصل السلطان ومعه كبير حرسه إلى حارة من الحارات على أطراف إسطنبول، وإذا بهم يجدون رجلًا ملقى على الأرض بلا حراك. حرّكه السلطان بيده يمنة ويسرة ليتبين أن الرجل كان ميتًا. وكانت دهشة السلطان أعظم وهو يرى الناس يمرون من حوله غير مكترثين، فما كان منه إلا أن نادى بأعلى صوته: لماذا هذا الرجل ميّت ولا أحد يحمله؟ من يعرف الرجل؟ من يكون؟ ومن يكون أهله؟!.

أمام سؤال السلطان عن الرجل ومن يكون، كانت الأجوبة من أكثر من شخص أنه فلان الزنديق، الزاني، شارب الخمر. فكان جواب السلطان بحدة وغضب: أليس هو من أمة محمد ﷺ؟ احملوه معي إلى بيته، ففعل الناس.

دخل السلطان وما يزال لا يعرفه أحد ومعه رجال يحملون الميت إلى بيته، فلما رأته زوجته ميتًا انفجرت باكية وهي تقول: رحمك الله يا وليّ الله، أشهد أنك من عباد الله الصالحين. تعجّب السلطان وهو يسمع ما تقوله زوجة الرجل وما تزال تقرع أذنيه كلمات قالها الناس عنه أنه الزنديق، الزاني، شارب الخمر. فقال للمرأة: وكيف يكون زوجك من أولياء الله الصالحين وشهادة الناس ومعرفتهم به أنه زان وشارب خمر وزنديق؟ قالت المرأة: لا أستغرب ما يقوله الناس لأن لهم الظاهر، أما باطن زوجي وما أعرفه عنه فإنه غير ما عرفوا عنه. إنه كان كل ليلة يذهب إلى الخمارة في قارعة الشارع فيشتري من الخمر بمقدار ما كان يملكه من مال ثم يحضر الخمر الذي اشتراه إلى البيت ويصبّه في المرحاض وهو يبتسم ويقول: أخفف بهذا عن المسلمين، فلعلّ مسلمًا يأتي ليشتري الخمر فلا يجد فيرجع إلى بيته من غير أن يشتري الخمر أو يشربها. وكان يذهب إلى بيت امرأة عرفها الناس أنها تمتهن الفاحشة لمن يأتيها مقابل المال، فكان يدخل إليها ليلًا ويقول لها هذه الليلة على حسابي، خذي هذا المال وأغلقي عليك بابك حتى الصباح، فيخرج من عندها وهو يقول: الحمد لله لقد انقذت شابًا من شباب المسلمين من الزنا هذه الليلة.

تضيف زوجته وتقول وهي تبكي: فكان الناس يشاهدونه وهو يشتري الخمر، ويشاهدونه وهو يدخل بيت المرأة البغي فيتهامسون ويتهامزون فيه وعليه، فقلت له ذات مرة: أنك لو متّ فلن تجد أحدًا من المسلمين يغسّلك ولا يصلّي عليك ولا يمشي في جنازتك، فكان يبتسم ويقول: فلسوف يصلي عليّ سلطان المسلمين وخليفتهم. ما أن سمع السلطان مراد الرابع ما قالته المرأة حتى انفجر باكيًا، وكانت المرأة لا تزال لا تعرف أن من يقف أمامها هو السلطان، ثم قال السلطان: صدق والله، فأنا السلطان مراد وغدًا إن شاء الله نغسّله ونصلّي عليه وندفنه. في اليوم التالي جاء السلطان ومعه حاشيته والعلماء والمشايخ وخيار الناس وصالحوهم يصلّون عليه ويشيّعونه.

فإذا كان من يشتري الخمر بماله يشربها فتُذهب عقله ويُغضب ربه ويكون من الفاسقين. وإذا مات على ذلك من غير توبة فإنه يكون قد اشترى له موقعًا في جهنم، فإن هذا الرجل اشترى الخمر بماله وأفسدها لئلّا يشربها شاب من شباب المسلمين، فكان بهذا الفعل من عباد بل من أولياء الله الصالحين وقد اشترى بذلك له موقعًا في الجنة.

الواحد أفضل من المئة وواحد

ما أحوج المسلم أن يكون في كنف الله تعالى دائمًا وأبدًا يلوذ بحماه ويقف على باب مولاه. إن ما تمرّ به الأمة في هذا الزمان من ظلم وبلاء ومن كيد الأعداء وخذلان الأشقاء الذي يحتّم على الواحد منّا أن يكون أقرب وأقرب إلى الله سبحانه طامعًا في رحمته وجنّته.

بكى أحد الصالحين يومًا عندما قرأ قول الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} آية 33 سورة آل عمران، فقال له أحد إخوانه: لقد أبكتك آية ما مثلها يُبكي. إنها جنة عريضة واسعة، فقال الرجل: يا ابن أخي، وما ينفعني كم يكون عرضها إذا لم يكن لي فيها موضع قدم؟!

إن من الناس من علاقتهم مع الله تعالى هي علاقة المضطر فقط، فإذا ذهب عنه ما هو فيه من البلاء والضرّ، عاد إلى ما كان عليه.

إن علاقتنا مع الله يجب أن لا تكون كالعلاقة بغرفة الطوارئ وسيارة الإسعاف لا نتصل بها إلا عند الكرب والبلاء والشدّة، بل يجب أن تكون علاقة دائمة في السرّاء وفي الضرّاء، في العسر وفي اليسر. فإذا كان الإنسان عند حاجته لمركز الإسعاف والطوارئ فإنه يتصل على الرقم مئة وواحد “101” ولعلّه في بعض الأحيان يكون الاتصال متأخرًا أو أن النجدة تصل متأخرة، فما على المسلم إلا أن يكون اتصاله في هذا الزمان حيث الكرب والخذلان والشدّة والبلاء ليس بالمئة وواحد وإنما بالله الواحد الأحد الفرد الصمد.

يا واحدًا في ملكه ما له ثاني يا من إذا قلت يا مولاي لبّاني

أنساك وتذكرني في كل نائبة فكيف أنساك يا من لست تنساني

لقد وصل أهلنا في غزة إلى هذا اليقين، فلما إنهم اتصلوا بالمائة وواحد التابع لمجلس الأمن والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، واتصلوا بذوي القربى والجيران عربًا ومسلمين، فلم يسمعهم أحد ولم يستجب لهم أحد فقطعوا الاتصال ولم يعودوا يقولون: وينكم يا عرب، وينكم يا مسلمين، بل أصبحوا لا ينادون ولا يتّصلون ولا يستغيثون إلا بالله الواحد الأحد يقولون: حسبنا الله ونعم الوكيل، ويقولون: اللهم إليك نشكو ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس، ويقولون:

يا مطلع علينا سلمنا الأمر إليك

ومن بغى علينا لا شكوى إلا إليك

فيا أهلنا في غزة: ابقوا على ما أنتم عليه من اليقين بالله وحسن ظنكم به، فإنه سبحانه لن يخزيكم ولن يخذلكم.

فأنتم إلى الفرج أقرب فأبشروا.

رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

مقالات مشابهة

  • افتتاح "معرض استديو الفن" لطلبة ماجستير الفنون بجامعة السلطان قابوس
  • جلالة الملك مهنئاً نهضة بركان : جددتم التأكيد بأنكم مثال للفريق المحترف المساهم في إشعاع الكرة المغربية
  • الملك يهنئ أعضاء نادي النهضة البركانية بمناسبة التتويج بكأس الكونفدرالية الإفريقية
  • إقبال واسع على مسابقة السلطان قابوس للقرآن الكريم في دورتها الـ33
  • الهاشميون… أئمة النهضة ورموز الاستقلال
  • استقلال المملكة: حين تكلم الوطن.. نطقت القلوب أردنا
  • الشعباني يستنكر سوء الاستقبال في زنجبار ويؤكد جاهزية النهضة البركانية لمباراة النهائي
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • نهضة بركان يتجه إلى تقديم شكوى ضد سيمبا التنزاني بعد المعاملة غير اللائقة التي تلقاها في مطار زنجبار
  • الشيخ كمال الخطيب .. يا أهلنا في غـزة: اقطعوا اتصالكم بالمئة وواحد ولا تستغيثوا إلا بالله الواحد