السعودية.. هل ما زال الراتب لا يكفي الحاجة؟
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
كشفت نتائج دراسة جديدة عن عدم رضا 62 في المئة من الموظفين بالسعودية عن رواتبهم، معتبرين أنها "لا تعكس مستوى الجهد والعمل المبذول"، في وقت أكدت فيه الحكومة السعودية وعيها بضرورة تحسين الأجور مستقبلا.
وأظهرت دراسة "تطوير ممارسات جودة الحياة الوظيفية لرفع الإنتاجية في المنظمات السعودية"، التي نوقشت في منتدى الرياض الاقتصادي، الاثنين، أن الموظفين "يشعرون بعدم كفاية الرواتب التي يحصلون عليها مقابل عملهم"، كما كشفت أن 45 في المئة منهم "يشعرون بالتوتر في العمل".
وفي تعليقه على نتائج الدراسة، أكد وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، أحمد بن سليمان الراجحي، أن "السعودية وصلت إلى مرحلة ناضجة في سوق العمل، إذ انتقل التركيز من مجرد البحث عن وظيفة إلى تعزيز جودة الحياة الوظيفية".
ودعا الوزير السعودي خلال المنتدى، أصحاب الأعمال إلى "إعادة النظر في سياسات الأجور"، معربا عن أمله في أن "تعمل الوزارة على دراسة وتنفيذ التوصيات المطروحة في المنتدى، بما يحقق أهداف تحسين جودة الحياة الوظيفية، وزيادة الإنتاجية في سوق العمل"، حسبما نقلت صحيفة "سبق" المحلية.
وفي حين يرى المسؤول السعودي في هذه النتائج فرصة لتحسين بيئة العمل وتطوير سياسات الأجور، تباينت التحليلات بشأن تأثير عدم رضا الموظفين عن رواتبهم على واقع الاقتصاد السعودي ومستقبل رؤية 2030، بين من يراها "جرس إنذار" لأزمة متفاقمة، ومن يعتبرها مجرد تحدٍ مرحلي قابل للمعالجة.
"جرس إنذار"في هذا الجانب، قال الناشط الحقوقي السعودي، طارق بن عبد العزيز، إن الأرقام التي تقدمها هذه الدراسة "جرس إنذار يسلط الضوء على مشكلة تتفاقم منذ سنوات"، مشيرا إلى أن السبب ليس فقط في الرواتب نفسها، بل في عدم مواكبتها للارتفاع الكبير في تكلفة المعيشة بالمملكة.
وأشار الناشط المقيم بالولايات المتحدة، في تصريح لموقع "الحرة"، إلى أن "السعودية شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في الضرائب، وزيادة أسعار البنزين والسلع الأساسية، وهو ما أثقل كاهل المواطن دون أن يقابله ارتفاع في الرواتب أو تحسين في الدخل".
وتابع "الأمر يتجاوز الموظفين في قطاع عام أو خاص ليشمل المواطنين كافة، الذين يشعرون بأن أوضاعهم المعيشية تتراجع بدلاً من التحسن"، معتبرا أن "الوضع المادي للمواطن السعودي أصبح يتراجع مقارنة بنظرائه في دول الخليج ذات الظروف المشابهة".
وأوضح أن "رؤية 2030 كانت تهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطن ورفاهيته وهو أمر جميل، لكن بعد مرور ثماني سنوات من بدء العمل عليها، نجد أن الواقع يعكس العكس"، لافتا إلى "عدم تحقيق تحسن واضح في دخل المواطنين، ولا انعكاس مباشر لنجاح مشاريع الرؤية على حياتهم اليومية، وبدلاً من معالجة هذه القضايا، نشهد تزايد الفجوة بين ما يُعلن وما يعيشه المواطن".
ورؤية 2030، هي خطة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الطموحة التي يقودها ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، والتي تهدف لإعداد المملكة الخليجية لمرحلة ما بعد النفط، من خلال تنويع الاقتصاد وتطوير القطاعات العامة وجذب الاستثمارات الخارجية.
وكشف الرئيس التنفيذي لشركة تشكيل للاستشارات الإدارية ومقدم الدراسة، مشاري بن محمد الشلهوب، أن البحث هدف إلى تطوير ممارسات جودة الحياة الوظيفية في المنظمات السعودية لتعزيز الإنتاجية والتنمية.
وأجرت الدراسة، التي نوقشت في جلسة حوارية بحضور أكثر من 1500 شخص من المسؤولين والخبراء ورجال الأعمال، تقييما للسياسات الحالية ومقارنتها بأفضل الممارسات العالمية.
وأكدت النتائج أن تحسين جودة الحياة الوظيفية سيسهم في خلق سوق عمل أكثر تنافسية، ويعزز تصنيف السعودية في مؤشر التنمية البشرية، ويدعم التنويع الاقتصادي ونمو الناتج المحلي الإجمالي.
وفي سياق متصل، اعتبر بن عبد العزيز، أن نتائج الدراسة الأخيرة "يجب أن تكون دافعا لتحقيق خطوات ملموسة لإصلاح بيئة العمل وزيادة الرواتب بما يتناسب مع التغيرات الاقتصادية"، مشيرا إلى أن "مواجهة الواقع بشفافية والعمل على تحسينه هو السبيل الحقيقي لتحقيق تطلعات المواطنين وأهداف الرؤية".
اعتراف رسمي وإنجازات اقتصاديةفي المقابل، يقول الخبير الاقتصادي، محمد البيشي، إن مسألة عدم الرضا الوظيفي تبقى مسألة طبيعية، حيث يتطلع الموظفون لزيادة رواتبهم في ظل ارتفاع الأسعار والضغوط التضخمية في الفترة الأخيرة.
وقال البيشي في تصريح لموقع "الحرة"، إن "هذه مشكلة معترف بها على أعلى المستويات الحكومية، حيث سبق لولي العهد أن أشار في لقاء تلفزيوني إلى أن خفض البطالة إلى ما دون 7 في المئة يمثل الهدف الأول، يليه تحسين رواتب 50 في المئة من موظفي الدولة في مرحلة لاحقة".
وأضاف البيشي أن معدلات البطالة شهدت تحسناً ملحوظاً، إذ انخفضت من 12.7 في المئة إلى نحو 7 في المئة، مع ارتفاع كبير في معدلات مشاركة المواطنين والمواطنات في سوق العمل، خاصة في القطاع الخاص.
وحقق سوق العمل السعودي إنجازات مهمة في مجال التوظيف والمشاركة الاقتصادية. إذ ارتفع عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص من 1.7 مليون إلى 2.34 مليون، بزيادة 35 في المئة. كما زادت نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل بشكل لافت، من 23.2 بالمئة إلى 35.4 بالمئة، وفقا للأرقام التي قدمها الوزير السعودي.
كما تقدمت الرياض في عدة مؤشرات دولية متعلقة بسوق العمل خلال عام 2023، وتقدمت إلى المركز 22 في مؤشر لوائح العمل، والمركز 19 في مؤشر العمالة الماهرة، والمركز 11 في مؤشر إنتاجية القوى العاملة، والمرتبة 15 في مؤشر مساواة الأجور للعمل المماثل.
ورغم المؤشرات الإيجابية التي يسجلها سوق العمل السعودي، يظل تحدي الرواتب ومستوى رضا الموظفين عنها تحديا يلقي بظلاله على مسار رؤية 2030، لا سيما مع تحذير الدراسة من أن واقع الأجور الحالي يفرض تحديات على قدرة المؤسسات في المحافظة على مواهبها.
في هذا الجانب، يؤكد البيشي أن هذا لن يؤثر على تحقيق الأهداف، موضحاً أن الغرض من الدراسة يبقى أساسا العمل على تحسين الرواتب مستقبلا وفهم احتياجات الموظفين بشكل أفضل.
وأوضح أن حجم القوى العاملة وجودة الأداء الوظيفي شهدا تحسناً ملحوظا، الأمر الذي يصب في مصلحة تحقيق أهداف رؤية 2030.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی سوق العمل فی المئة رؤیة 2030 فی مؤشر إلى أن
إقرأ أيضاً:
الأردن يعزز أمنه الغذائي بمخزون يكفي شهوراً
صراحة نيوز- أكد خبراء أن سلاسل التزويد الغذائي في الأردن لم تتأثر رغم التوترات الإقليمية، بفضل خطط طوارئ واستراتيجيات استباقية، واحتياطات تمتد لأشهر، تصل في الحبوب إلى 14–16 شهراً.
رئيس غرفتي تجارة الأردن وعمان، خليل الحاج توفيق، أوضح أن تنوع المنافذ وتماسك خطوط الشحن البرية والبحرية، رغم ارتفاع رسوم الشحن والتأمين، حافظ على انسياب الاستيراد عبر العقبة والسعودية وسوريا، مع اعتماد محدود على النقل الجوي للأسماك واللحوم الطازجة.
أشار إلى توفر المواد الأساسية بالسوق، ودعا للشفافية بعرض نسب الاكتفاء، محذراً من أرقام غير دقيقة. وأكد أن الأردن يعتمد كلياً على الاستيراد في سلع مثل القمح، الزيوت، السكر والبقوليات، مقابل اكتفاء 80% من الدواجن، ومستوى مرتفع بالألبان، و30–40% للحوم الحمراء.
وطالب بدعم الزراعة كونها “الأكثر تضرراً”، داعياً لخطط مستدامة تفتح الأسواق خاصة في سوريا والعراق ولبنان، مشدداً على أن الأسعار مستقرة ولا مبرر للشراء المفرط، وأن تقارير دولية، منها للبنك الدولي، تضع الأردن بين الأقل عالميًا في تضخم أسعار الغذاء.
وزير الزراعة الأسبق رضا الخوالدة، أكد أن المملكة نفذت خططاً متكاملة بالتنسيق مع مجلس الأمن الغذائي ومركز الأزمات والقطاع الخاص، ما عزز مرونة نظام التزويد الغذائي، مع وجود بدائل طارئة، واحتياطات تمتد لأشهر.
وأشار إلى أن الإنتاج المحلي يغطي نسبة كبيرة من الخضروات، الدواجن، البيض والحليب، لكن يتطلب تأمين مستمر لمدخلات الإنتاج المستوردة، وتعمل الحكومة على تنويع المصادر.
الخبير فاضل الزعبي، أوضح أن الأردن صمد بفضل تنويع الاستيراد وتعزيز المخزون من السلع الأساسية، مع اكتفاء جزئي من الخضروات، البيض، الحليب، زيت الزيتون والدواجن.
وبيّن أن “استراتيجية الأمن الغذائي 2021–2030” تستهدف بناء منظومة غذائية مستدامة تشمل: الري الذكي، الحصاد المائي، مجمعات زراعية بالأغوار، تأجير أراضٍ غير مستغلة في الحماد والسرحان، وتحفيز الاستثمار.
وأكد أهمية “المرصد الإقليمي للأمن الغذائي” لرصد وتحليل المخاطر، و”نظام المعلومات الوطني” لتوفير قاعدة بيانات دقيقة تُمكّن من الاستجابة السريعة، مشدداً على أهمية الشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتحقيق نظام غذائي متكامل يرتبط بالمناخ والتنمية.
وختم الزعبي بأن الأمن الغذائي لا يعتمد فقط على الإنتاج، بل على سلسلة متكاملة من السياسات، الاستثمارات، الشراكات، والشفافية، والتنسيق بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، مما يجعل الأردن أكثر جاهزية في مواجهة الأزمات.