لست من المتفائلين بعودة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وأختلف مع الكثيرين الذين يرون فى إعادة انتخابه فرصة لتسوية الحروب والأزمات التى تجتاح العالم.
بل أنى أذهب إلى أبعد من هذا وأتفق مع القلائل الذين رددوا مقولة قد تكون أكثر واقعية وهى أن «الوضع الآن أسوأ من أى وقت منذ إنشاء دولة الكيان الصهيونى فى المنطقة عام 1948».
«صقور.. لا حمائم».. هكذا جاءت اختيارات ترامب خاصة للمسئولين عن السياسة الخارجية والشرق الأوسط.
لم يختلف ترامب عن الذين سبقوه من الجمهوريين وكان آخرهم جورج بوش الابن.. سياستهم هى الحروب والهدم والتخريب وتكسير العظام وتحقيق الأهداف حتى لو كان ذلك على جثث الأبرياء.. إنهم يفعلون ما يؤمنون به بصرف النظر عن العواقب وردود الأفعال.. الإنسانية والعدل والحق.. كلها معانٍ غائبة ليس لها وجود عندهم.. كلهم صقور ليس بينهم حمائم.
من هذا المنطلق جاءت اختيارات الرئيس ترامب.. لم يضيع الرجل الوقت وأعلن عن المرشحين لتولى المناصب المختلفة فى إدارته وجميعهم من أصحاب المواقف المعادية للدول العربية والإسلامية.. جميعهم من المساندين والمؤيدين والداعمين لإسرائيل.. جميعهم ينتمون إلى اللوبى الصهيونى الذى يفعل كل ما يستطيع من أجل أمن إسرائيل.
أجمع السياسيون والمحللون على أن الشخصيات التى تم ترشيحها لتولى ملف السياسة الخارجية عامة والشرق الأوسط خاصة فى الإدارة الأمريكية الجديدة هى شخصيات منحازة بالكامل للسياسات الإسرائيلية الحالية التى تهدف إلى تصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية.
فمثلا رشح ترامب مايك هاكابى ليكون سفيرا للولايات المتحدة فى إسرائيل، وهو شخصية متطرفة لا يؤمن بحل الدولتين ولا يؤمن بحق الفلسطينيين أصحاب الأرض فى الوجود.. ولذلك فإن أغلب التحليلات تقول إن الصراع خلال العامين القادمين لن يكون على إقامة دولة فلسطينية.. بل سيكون على ضم إسرائيل لما تبقى من الأراضى.. خاصة أن السفير الجديد الذى يملك جينات إجرامية قال فى تصريحات لإذاعة جيش الاحتلال إن ضم الضفة الغربية لإسرائيل محتمل بالطبع فى ولاية ترامب الثانية.
وأخطر ما فى «هاكابى» أنه يتحدث من أرضية دينية ومعتقدات توراتية.. فقد سبق له الإدلاء بتصريحات عام 2017 لشبكة سى إن إن الاخبارية قال فيها «لا يوجد شىء اسمه الضفة الغربية، إنها يهودا والسامرة، وهو مصطلح توراتى للضفة».
الغريب أن ترشيحات ترامب هذه جاءت بعد 48 ساعة فقط من إعلان مسئولين إسرائيليين بارزين عن خطة لضم الضفة الغربية فى الولاية الثانية لترامب.
إذا كان هذا هو أقل المرشحين وزنا.. فهو فى النهاية سفير.. فما بالنا بباقى الترشيحات التى سنتناولها بالتحليل فيما بعد.
إننى أتفق مع البروفيسور فواز جرجس أستاذ العلاقات الدولية فى كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية الذى لخّص المشهد فى أربع كلمات «يجب أن نستعد للأسوأ».. لقد أصاب الرجل فيما قال وعلينا أن نستعد لما هو قادم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رسالة حب الأسوأ قادم المتفائلين
إقرأ أيضاً:
مجلة أمريكية: وقف ترامب حربه على الحوثيين.. هل يأتي في سياق التفاهمات الأمريكية الإيرانية بشأن البرنامج النووي؟ (ترجمة خاصة)
سلطت مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية الضوء على إعلان الرئيس دونالد ترامب وقف إطلاق النار مع جماعة الحوثي في اليمن التي تتعرض للقصف الأمريكي على مدى سبعة أسابيع.
وأوردت المجلة في تحليل للباحث روبرت ف. وورث وترجمه للعربية "الموقع بوست" تفسيرين لإعلان ترامب وتوقيت وقف إطلاق النار، الأول قد يكون أن إدارة ترامب والإيرانيين يتفاوضون على اتفاق جديد لاحتواء طموحات إيران النووية. بينما التفسير الثاني مرتبطًا أيضًا برحلته المقبلة إلى الخليج.
واضافت "لطالما كانت إيران الراعي العسكري الرئيسي للحوثيين، ولها نفوذ كبير عليهم. ربما كانت طهران تنوي تقديم وقف إطلاق النار كبادرة حسن نية في المحادثات النووية، كما أشار محمد الباشا، المحلل اليمني ومؤسس تقرير الباشا.
وقالت "قد يكون إعلان ترامب مرتبطًا أيضًا برحلته المقبلة إلى الخليج، حيث سيلتقي بقادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر. يحث السعوديون النظام الإيراني على إبرام اتفاق نووي مع الولايات المتحدة، بل وأرسلوا وزير دفاعهم للقاء آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران، الشهر الماضي.
وتابعت المجلة الأمريكية في تحليلها "ذكر ترامب رحلته القادمة خلال اجتماعه مع كارني في المكتب البيضاوي اليوم، وأضاف أنه قبل مغادرته، سيُعلن "إعلانًا بالغ الأهمية". إذا تبيّن أن هذا الإعلان هو اتفاق جديد لاحتواء طموحات إيران النووية، فربما يكون للحوثيين ضلع فيه".
وذكر التحليل أن مبعوث ترامب، ستيفن ويتكوف، المحادثات مع إيران، وقد سارع إلى إعادة نشر إعلان وزير الخارجية العماني عن الاتفاق مع الحوثيين بعد ظهر اليوم على X.
وتابع "لمن يتساءل عن معنى سياسة خارجية "أمريكا أولاً"، قدّم دونالد ترامب اليوم مثالاً واضحاً عندما أعلن وقف إطلاق النار مع الحوثيين، الميليشيا اليمنية التي تتعرض للقصف الأمريكي منذ سبعة أسابيع.
والثلاثاء، قام ترامب، مُقاطعاً اجتماعاً مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني بإعلان مرتجل بدا أنه فاجأ بعض أعضاء فريقه. وفي المقابل، ستُوقف الولايات المتحدة حربها الجوية على الحوثيين، كما قال الرئيس. بمعنى آخر، انسحبت الولايات المتحدة من الصراع لكنها لم تُنهِه.
وحسب المجلة الأمريكية فإنه "لا يوجد ما يشير إلى أن الحوثيين سيُنهيون حربهم مع إسرائيل. لقد هاجموا قرب المطار الرئيسي في إسرائيل بصاروخ يوم الأحد، مُشعلين بذلك جولة من العنف قصفت خلالها إسرائيل مواقع في أنحاء اليمن اليوم، مُخلفةً المطار الرئيسي في البلاد مشتعلًا. أصدر الحوثيون نشرة تحدٍّ قالوا فيها إن الهجمات الإسرائيلية "لن تمر دون رد" وإن حكومة الحوثيين "لن تتخلى عن موقفها تجاه غزة".
حتى أن بعض المحللين تساءلوا عما إذا كانت الهدنة الأمريكية ستُطبق على بريطانيا وحلفاء غربيين آخرين تعرّضت سفنهم لهجمات الحوثيين. وإلا، فإنها ستُعرّض مبدأ "أمريكا أولاً" لمستويات غير مسبوقة، والعلاقات عبر الأطلسي لمستويات غير مسبوقة. وفق المجلة.
في محادثة "سيجنال" الشهيرة بين كبار مسؤولي ترامب في مارس/آذار، قال نائب الرئيس جيه. دي. فانس إنه مُتردد في شن حرب في اليمن إذا كان ذلك يعني تقديم خدمة لحلفاء أمريكا الأوروبيين، الذين تعرّضت سفنهم أيضًا لهجمات الحوثيين. لكن البيان الصادر عن وزير خارجية عُمان، بدر بن حمد البوسعيدي، الذي شاركت بلاده في المحادثات التي أدت إلى الاتفاق، بدا وكأنه يُشير إلى أن الهدنة ستشمل دولًا غربية أخرى: إذ ستضمن "انسيابًا سلسًا للشحن التجاري الدولي"، وفقًا للبيان.
وطبقا لمجلة "ذا أتلانتيك" فإن الاتفاق يمثل استراحةً مُرحبًا بها لإدارة ترامب، التي كانت حربها ضد الحوثيين تُهدد بالتحول إلى مستنقع. على الرغم من أن الضربات الأمريكية الأخيرة ألحقت بعض الضرر بالجماعة اليمنية، إلا أنها لم تُحقق هدف ترامب المتمثل في "القضاء عليها تمامًا".
وقالت "سيظل الحوثيون يُشكلون تهديدًا خطيرًا لمنطقة الخليج بأكملها، بعد أن أثبتوا خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية قدرتهم على تعطيل الشحن الدولي متى شاءوا".
وذكرت أن الحوثيين لم يُدلِوا بأي تصريحات رسمية بشأن الهدنة، ويتساءل بعض المحللين كيف سيُبرر قادة جماعة إسلامية مُتجذرة في كراهية أمريكا وإسرائيل التعامل مع إدارة أمريكية لا تتظاهر حتى بكبح جماح حرب إسرائيل على غزة. "إذا كنت حوثيًا، فهذه هي اللحظة الأخيرة التي يمكنك فيها إبرام صفقة كهذه، في حين لا تزال غزة مشتعلة ومعظم اليمن تحت الهجوم الإسرائيلي"، هذا ما أخبرني به برنارد هيكل، أستاذ دراسات الشرق الأدنى بجامعة برينستون.