شهد سوق المباركية اليوم الخميس رفع الستار عن جدارية فنية رمزية عن العلاقات الدبلوماسية بين دولة الكويت والجمهورية التركية الصديقة التي تعود إلى 60 عاما.

وأشادت السفيرة التركية لدى البلاد طوبى سونمز في كلمتها خلال افتتاح الجدارية في مدخل سوق المباركية بالعلاقات المتينة التي تجمع بلادها ودولة الكويت في شتى المجالات وبالتعاون المستمر المشترك في مختلف المحافل الدولية.

وقالت السفيرة سونمز إن هذه الجدارية التي تحمل العديد من المعاني ستكون رمزا ثابتا يذكر بهذه العلاقات المتميزة بين البلدين الصديقين.

وقد تضمنت الفعالية التي أقيمت بالتعاون مع مركز الكويت للعمل التطوعي معرضا للمنتجات التركية ومعرضا أرشيفيا قرب (كشك مبارك) في قلب السوق للإضاءة على محطات مهمة وتاريخية جمعت البلدين الصديقين من خلال مواد إعلامية ووثائق وصور أرشيفية عدة.

وحضر افتتاح الجدارية التي قدمتها شركة (ليماك) التركية في الكويت مساعد وزير الخارجية لشؤون أوروبا السفير صادق معرفي وممثلو مركز الكويت للعمل التطوعي ورؤساء بعثات دبلوماسية وملحقين ثقافيين في العديد من السفارات المعتمدة لدى البلاد.

مساعد وزير الخارجية لشؤون أوروبا السفير صادق معرفي وسفيرة تركيا لدى الكويت طوبي سونمز الحضور الرسمي أمام الجدارية الرمزية الكويتية – التركية في سوق المباركية جولة في معرض المنتجات التركية على هامش افتتاح الجدارية الرمزية للعلاقات الثنائية سفيرة جمهورية تركيا لدى الكويت طوبي سونمز قص شريط افتتاح معرض المنتجات التركية في سوق المباركية المصدر كونا الوسومتركيا سوق المباركية

المصدر: كويت نيوز

كلمات دلالية: تركيا سوق المباركية سوق المبارکیة

إقرأ أيضاً:

كشف الستار عن حالة ظَفَار للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (53)

 

 

 

تحقيق: ناصر أبوعون

يقول الشَّيخُ القاضِي الأجَلّ عِيَسى بِنْ صَالِحٍ بِنْ عَامِرٍ الطَّائِيُّ: [ومِنْ صَادِرَاتِهَا: اللُّبَانُ، وَهُوَ مَصْدَرُ ثَرْوَتِها، واللُّبَانُ الظَّفَارِيُّ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْعَالَمِ، وَهُوَ الْكُنْدُر، وَكَانَتْ أُورُوبَّا فِي الْقَدِيْمِ شَدِيْدَةَ الْعِنَايَةِ بِهَذَا اللُّبَانِ؛ لَأَنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِتَبْخِيْرِ الْكَنَائِسِ أَيَّاَمَ أَعْيَادِهِمِ الدِّيْنِيَّةِ، وِأَمَّا الْيْوْمُ فَإِنَّهُمْ أَقَلُّ رَغْبَةً عَنِ الْمَاضِي فِيْهِ، وَهُوَ يُجْلِبُ من ظَفار إِلَى الْهِنْدِ وَعَدَنِ تَحْمِلُهُ السُّفُنُ الشِّرَاعِيَّةُ مِنْهَا مِثْلَمَا يُحْمَلُ التَّمْرُ مِنْ عِنْدِنَا إِلَى الْخَارِجِ وَيُقَدَّرُ الْخَارِجُ مِنْهَا عِشْرِيْنَ أَلْفَ نَقْلَةٍ. وَمِنْ صَادِرَاتِهَا السَّمْنُ وَهُوَ كَثِيْرٌ جِدًا وَالنَّارْجِيْلُ وَالْجُلُوْدُ وَالْقُطُنُ. وَأَمَّا الْوَارِدُ إِلَيْهَا؛ فَالتَّمْرُ مِنْ عُمَانَ وَالْبَصْرَةِ، وَالْأَرُّز وَالْبَزُّ الْأَسْوْدُ وَالْأَبْيَضُ مِنَ الْهِنْدِ. وَقُوْتُ أَهْلِ ظَفَارِ الْمَسيبْلُو، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْجَارُوشِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَنَا بِالْبَازْرِي، وَالذُّرَةُ وَالدُّخَنُ. وَاِسْتِعْمَالُ الْأَرُزِّ قَلِيْلٌ عِنَدَهُمْ لَا سِيَّمَا الْقُرَى أَهْلُ الْجَبَلِ؛ فَإِنَّ غَالِبَ قُوْتِهِمْ حَلِيْبُ الْبَقَرِ وَلَحْمِهَا، وَهُمْ أَهْلُ قَنَاعَةٍ وَصَبْرٍ عَلَى خَشِنِ الطَّعَامِ وَقَدْ بَيَّنَا فِيْمَا سَبَقَ قَنَاعَتَهُمْ فِي اللِّبَاسِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ ظَفَار هَواؤُهَا سَجْسَجٌ لَا بَهَا حَرٌّ يُؤْذِي، وَلَا بَرْدٌ يَقْرُصُ فَهِيَ مُعْتَدِلَةُ الْهَوَاءِ طَيَّبَةُ الْمُنَاخِ؛ لَوْلَا حَشَرَاتُهَا الْمُؤْذِيَةُ، الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا].

...

الْكُنْدُر ثروة ظَفار

يقول الشَّيخُ عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [ومِنْ صَادِرَاتِهَا: اللُّبَانُ، وَهُوَ مَصْدَرُ ثَرْوَتِها، واللُّبَانُ الظَّفَارِيُّ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْعَالَمِ، وَهُوَ الْكُنْدُر].

[اللُّبَانُ] اسم، وجمعه على ثلاث صيغ: (لُبُن)، و(لُبْن)، و(لِبان)، وهو ضرْبٌ من الصمغ، يُستخرج من شجرة شوكةٍ، وله حرارة في الفم. ونقرأ شاهده اللغويّ في قول امرئ القيس بن حُجْر الكندي: [لَهَا عُدَدٌ كَقُرُومِ النِّسَا/ءِ رُكِّبْنَ فِي يَوْمِ رِيْحٍ وَصَرّْ – وَسَالِفَةٌ كَسَحُوْقِ الُّلبَا/نِ أَضْرَمَ فِيْهَا الْغَوِيُّ السُّعُرْ(01)][وَهُوَ مَصْدَرُ ثَرْوَتِها] هذا التعبير ليس على إطلاقه، وإنما أراد بها الشيخ عيسى الطائيّ (الفرادة والتميّز والخصوصية الاقتصادية لإقليم ظَفار العمانيّ)، فضلًا عن موارد أخرى، ذكرها لنا ابن خلدون؛ قائلًا: "ببلاد الشحر مدينة مرباط وظفار وأموال أهلها الإبل والماعز التي تعلف بصغار الأسماك، ومعاشهم من اللحوم والألبان والسمك وتشتهر باللبان والعنبر الشحري، الذي يضرب به المثل في الجودة"(02) و[اللُّبَانُ الظَّفَارِيُّ] نسبةً إلى ولاية (ظَفار) العُمانية بفتح الظَّاء المعجمة، (الاسم العلمي لشجرته: (Boswellia sacra)، وهي مهددة بالانقراض (Near Threatened)؛ ومدرجة منذ عام 1998م في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة. وكان ميناء "موشا" من أعمال الشحر يستقبل شحنات (اللبان)، تحملها الإبل من جبال ظفار إليه وفيه يوزّع ولا يسمح بحمله إلى غير هذا الميناء الشحريّ. وقد ارتبط اسم تلك الشحر باللبان سواءً من حيث كثرة وجوده في الناحية، أو من حيث كثرة إنتاجه بغرض التصدير، حتى عند من ذكروا الشحر من غير إضافة كابن خرداذبة (ت:280هـ)(03)، أو الإدريسي (ت:560هـ) لم يفتهم ذكر الصفة التي لازمت الناحية. فقد وصفها المقدسي بأنها البلد الذي يوجد به اللبان(04)، وزاد عليه ابن حوقل بالقول بأنها مصدر اللبان الذي يستخدم في الآفاق(05)، ووصفها الإدريسي بأنها البلد الذي يتجهز منه اللبان إلى جميع المشارق والمغارب(06)، وذكرها صاحب معجم البلدان بأنها "منبت اللبان الذي لا يوجد في غير مرتفعاتها وهو غلة سلطانها"(07)، وغيرهم ممن خصوا ظفار بمثل ذلك الذكر. ومنه ما كان يصدر مؤخرًا إلى الهند حيث كان يستخدم في المعابد الهندية، وكانوا يحصلون مقابل ذلك من الهند على الأرز والأقمشة والبن والطيب (30 ج2/ 201). [هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْعَالَمِ]؛ حيث ارتبطت شهرة ظَفار في الماضي بما أنتجته من اللبان، الذي تربّع على عشر الأساطير، وأصبح بمنزلة القُربان في أماكن العبادة، وفي حالات طرد الأراوح الشريرة، وجلب الحظ السعيد، وشفاء الأمراض المستعصية، ومنح الثروات الطائلة؛ فمن أجل اللبان شُقّت الطرق، وقامت الممالك، التي عُرفتْ بممالك اللبان، كما سمّيت الطرق بـ(طرق البخور)"(08)؛ وبسبب "المركزية التاريخية للبان الظَّفاريّ عُرِّفتْ به طريق تجارة القوافل قديمًا، فُسُمّيت (طريق البخور)، أو (طريق اللبان)، ويشمل هذا الطريق -باعتباره معبرًا تجاريًّا- أشهر مدن ظفار، والتي عُرفت باسم أرض اللبان؛ ونظرًا لأهمية تجارة اللبان في الفترة التاريخية الممتدة من العصور القديمة إلى العصور الوسطى؛ أُدرج طريق البخور في قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي سنة 2000م(09)، وكان اللبان الظَّفاريّ "يُصَدَّر من مناطق متعددة، مثل: (سدح، وحاسك، ورخيوت، وضلكوت) إلى مناطق متعددة في الجزيرة العربية، وإلى مصر والهند واليمن، وقد أُسِّست مدنٌ من أجل تصدير اللبان، مثل مدينة (سمهرم)، ومحميّة خور روري، التي تعود إلى الألف الأولى قبل الميلاد، وكان الهدف الرئيس من تأسيسها تصدير اللبان إلى نواحٍ متعددة من العالم منها: جنوب العراق ومصر القديمة، وعِدّة مدن أوربية"(10) [وَهُوَ الْكُنْدُر الْكُنْدُر] قال عنه ابن البيطار: "الكندر مقوٍّ للروح الذي في القلب والذي في الدماغ، فهو لذلك نافع من البلادة والنسيان"(11)، وقال الفارسي: "الكندر يهضم الطعام ويطرد الريح"، وذكر البصري: "أنّ الكندر يأكل البلغم ويذهب بحديث النفس ويزيد في الذهن ويزكيه"(12)، وقال ديسقوريدوس: "إنّ الكندر يقبض ويسخن ويجلو ظلمة البصر، ويملأ القروح العميقة، ويدملها، ويلزق الجراحات الطرية بدملها، ويقطع نزف الدم من أي موضع كان".(13)

تبخير الكنائس بالكندر الظفاري

يقول الشَّيخُ عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [وَكَانَتْ أُورُوبَّا فِي الْقَدِيْمِ شَدِيْدَةَ الْعِنَايَةِ بِهَذَا اللُّبَانِ؛ لَأَنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِتَبْخِيْرِ الْكَنَائِسِ أَيَّاَمَ أَعْيَادِهِمِ الدِّيْنِيَّةِ، وِأَمَّا الْيْوْمُ فَإِنَّهُمْ أَقَلُّ رَغْبَةً عَنِ الْمَاضِي فِيْهِ].

[أُورُوبَّا] "أطلق الرَّحالةُ العرب على أوروبا اسم (أورفا) نسبة إلى المصطلح الموروث عن التراث الإغريقي. ومن بين التصورات التي آمن بها الجغرافيون العرب أن العالم ينقسم الى أقاليم سبعة ولهذا السبب فهم لا يعتبرون أوروبا وحدة متجانسة بل بلدانًا متباينة: بلاد (الروم البيزنطيون)، وبلاد (الفرنج /الفرانك)، وبلاد (الصقالبة السلاف)؛ ولهذا كان الجغرافيون العرب ينظرون إلى أوروبا في تعددها وتنوّعها، كما لقبوها بـ"الأرض الكبيرة": ويقصدون بها (الجغرافية الشاسعة)، التي تتشكل من فسيفساء الشعوب المتحرّكة داخل مجال جغرافي يتشكل من "الجزء الغربي الممتد من أوراسيا بين جبال الأورال وجبال القوقاز وبحر قزوين من الشرق والمحيط الأطلسي من الغرب والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود ومنطقة القوقاز من الجنوب والمحيط المتجمد الشمالي من الشمال"، وهذه الأراضي الشاسعة والمبهمة، لم يتوقف الجغرافيون العرب أبدًا عن دراستها ووضع خرائطها. كيف نفهم إذن سر هذا الاهتمام المتمثل في تصور جغرافي مميز، لقارة غير معروفة ومألوفة؟ سنجد الجواب الشافي وأجوبة أخرى في كتاب جان- شارل دوسين، الذي يدعونا إلى سبر أغوار حقبة زمنية ضاربة جذورها في المخطوطات والخرائط المنتمية إلى العصر الوسيط بحقبته الضبابية معتمدا على مجموعة من المصادر العزيزة المنال"(14). [شَدِيْدَةَ الْعِنَايَةِ] مصدر من (عني/عنو)، وتعني الاهتمام باللبان الظفاري والحرص الشديد على اقتنائه. وشاهده اللغوي نقرأه في قول الجمانة بنت قيس بن زهير العبسيّة. تخاطب الربيع بن زياد: [وَالرَّأْيُ الصَّحِيْحُ تَبْعَثُهُ (الْعِنَايَةُ)، وَتُجْلِي عَنْ مَحْضِهِ النَّصِيْحَةُ](15) [لَأَنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِتَبْخِيْرِ الْكَنَائِسِ] حيث يعتقد المسيحيون بجميع طوائفهم كافة أن: "التبخير حول الشعب: هو لتقديس أفراده، ولرفع غضب الله عنهم بسبب الخطيئة(عد 16: 44 ـ 48) وحينما يضع الكاهن يده على رؤوس الشعب بالبخور؛ فإنه يمنحهم بركة الكنيسة؛ ليكفوا عن خطاياهم، ويثبتوا في الكنيسة كأولاد في حضن أمهم، وفي مظهر الكاهن وهو يبخر شعبه وقد غطتهم سحابة البخور يصعد إلى العلاء؛ هكذا صلوات المؤمنين الأبرار، وكما أنَّ للبخور رائحة زكية؛ فإن الله يقبل صلواتهم رائحة زكية، وكما أن البخور لا تظهر رائحته إلا بالنار، هكذا أيضًا المؤمنون لا يظهر عطر سيرتهم إلا بالتجارب والآلام، وكما أن البخور يطرد الروائح النتنة فهكذا الصلوات المقبولة تطرد الشر والأشرار، وفي انتشار البخور في الكمان إشارة إلى انتشار المسيحية في كل مكان. وحينما يشم المؤمنون رائحة البخور الزكية تجتمع حواسهم وتأخذ نفوسهم نشوة روحية بتنسُّم رائحة الفضيلة والتقوى وحلاوة بيت الله فيتنهدون على خطاياهم المرة"(16). [أَيَّاَم أَعْيَادِهِمِ الدِّيْنِيَّةِ]، وهي تتشابه في الهدف والغاية، وتزيد وتنقص من طائفة إلى أخرى؛ ولكنها عند طائفة (الأرثوذكس الشرقيين) 14 عيدًا سنويًّا، وهي قسمان؛ الأول: (الأعياد السيدية الكبرى)، وهي سبعة ومحددة بالأشهر القِبطية: عيد البشارة، يوم 29 من شهر بَرَمْهَات، وعيد الميلاد، يوم 29 من شهر كِيَهْك، وعيد الغطاس، يوم 11 من شهر طوبة، وعيد الشعانين، يوم الأحد السابع من الصوم الكبير، وعيد القيامة، يوم الأحد الثامن من الصوم الكبير، وعيد الصعود، ويكون في اليوم الأربعين من القيامة، وعيد العنصر في اليوم الخمسين من القيامة. والقسم الثاني: (الأعياد السيدية الصغرى)، وهي عيد الختان، يوم 6 طوبة، وعيد دخول السيد المسيح الهيكل، يوم 8 أمشير، وعيد دخول السيد المسيح أرض مصر، يوم 24 بشنس، وعرس قانا الجليل، يوم 12 طوبة، وعيد التجلّي، يوم 13 مسرى، وخميس العهد، يوم الخامس من الشعانين، وأحد توما، في اليوم الثامن على معجزة القيامة. [وِأَمَّا الْيْوْمُ فَإِنَّهُمْ أَقَلُّ رَغْبَةً عَنِ الْمَاضِي فِيْهِ]، ويعود السبب إلى تراجع دور الكنيسة وتقاليدها في المجتمع الغربيّ؛ ففي كتابه "تاريخ موجز للعلمانية" الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بترجمة: مصطفى منادي إدريسي يرى أستاذ اللاهوت غرايم سميث أن "تفكك الجماعات المغلقة التي كانت تقوم على غياب التعددية جعلها تنظر إلى المعتقدات الدينية على أنها حقائق، أي أن "المعتقد الديني ما عاد مسألة ضرورية، بل بات، عوضًا عن ذلك مسألة تفضيل"، لأن ما يتغير هو "العلاقة بين المعتقدات الدينية والمجتمع الذي تهيمن عليه"، وإلى جانب ذلك كانت فكرة العقلانية عاملًا أساسيًا في تراجع دور الكنيسة لأن ما حدث هو أنها "همشت الدين" بعدما أمعنت الاهتمام في البحث عن السبب والنتيجة بابتعادها عن تفسيرات ما فوق الطبيعة التي كانت تستند على "عالم الأسطورة"، وهو ما أفضى في النهاية إلى "إقصاء الدين" خارج المجال العام"(17).

20 أَلْفَ نَقْلَةٍ كُنْدُر ظَّفاري

يقول الشَّيخُ عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [وَهُوَ يُجْلِبُ من ظَفار إِلَى الْهِنْدِ وَعَدَنِ تَحْمِلُهُ السُّفُنُ الشِّرَاعِيَّةُ مِنْهَا مِثْلَمَا يُحْمَلُ التَّمْرُ مِنْ عِنْدِنَا إِلَى الْخَارِجِ وَيُقَدَّرُ الْخَارِجُ مِنْهَا عِشْرِيْنَ أَلْفَ نَقْلَةٍ].

[يُجْلِبُ من ظَفار إِلَى الْهِنْدِ وَعَدَنِ] (يُجْلِبُ) فعلٌ مضارع، ومصدره (جَلْب)، أي: الإتيان باللبان من ظفار، ونقله إلى الموانئ العربية والأوربيّة. ونقرأ شاهده اللغوي في قول السَّرِيّ الرَّفَّاء الكنديّ، يهجو شاعرين بالطّمع: [(جَلَبَا) إِلَيْكَ الشِّعْرَ مِنْ أَوْطَانِهِ/ (جَلْبَ) التِّجَارِ طَرَائِفَ (الأَجْلَابِ)(18)]. [تَحْمِلُهُ السُّفُنُ الشِّرَاعِيَّةُ]، (تَحْمِلُهُ) مضارع من (الحِمْل)، ومعناه: الدواب أو وسائل النقل وما عليها من متاع. ونقرأ شاهده اللغويّ في قول لقيط بن يعمر الإياديّ [إِنِّي بِعِينيَ إِذْ أَمَّتْ (حُمُولُهُمُ)/ بَطْنَ السَّلَوْطَحِ لَا يَنْظُرْنَ مَنْ تَبِعَا(19)] ويُجمَع (الحِمْل) على خمس صيغ، هي: (حُمُول)، و(أَحْمال)، و(حِمال)، و(حُمُولة)، و(أَحْمِلة) (واشتُهِرَت بتصنيعها (ولاية صُوْر) بالمنطقة الشرقية من سلطنة عُمان منذ القِدَم ومن أنواعها: (الغنجة) وتتراوح حمولتها بين 130 طنًّا، و300 طن، وأضاف إليها الصُّنّاع والربابنة العمانيون زخارف ونقوشًا فنية، و(البوم) جمعت بين وظيفتي نقل الركاب والبضائع، و(البدن) واشتهرت برحلاتها بمحاذاة السواحل، وصيد الأسماك، وتتراوح حمولتها ما بين 20 طنًّا، و100 طن. (الشِّرَاعِيَّةُ) اسم منسوب، و(الشِّرَاع) اسم مفرد، ويُجمَع على أربع صيغ، هي: (شُرُع)، و(شُرْع)، و(أشْرِعَة)، و(أشْراع). وهو مُلاءةٌ واسعة تُرفع على عمود (سارية) فوق السفينة، تصفقّها الرياح، وتدفع السفينة للإبحار. ونقرأ شاهدها في قول جرير: [مِنْ كُلِّ صَادِقَةِ النَّجَاءِ كَأَنَّهَا/ قَرْوَاءُ رَافِعَةَ (الشِّراعِ) جَفُولُ(20)]. [مِثْلَمَا يُحْمَلُ التَّمْرُ] (التَّمْر) اسم جنس بسكون الميم، وفي لغة أخرى بفتح الميم (التَّمَر)، ويُجمع على ثلاث صيغٍ هي: (تُمُور)، و(تُمْران)، و(أَتْمَار)، وهو الذي أرطب، ثم جفَّ ويَبُسَ. ونقرأ شاهده اللغويّ في قول ضَمْرة بن ضَمرة النَّهشليّ، يشبّه انتشار الخيل الخارجة من الغبار بالتمر يُنثر من أكياس قاطفيه: [وَالْخَيْلُ مِنْ خَلَلِ الْغُبَارِ خَوَارِجٌ/ كَـ(التَّمْرِ) يُنْثَرُ مِنْ جِرَابِ الْجُرَّمِ(21)].[وَيُقَدَّرُ الْخَارِجُ مِنْهَا] (الْخَارِجُ) وجمعه (خوارج): (اللبان الصادر) منها لأسواق العالم. ونقرأ شاهده في قول مهلهل بن ربيعة التغلبيّ: [كُنَّا نَغَارُ عَلَى الْعَوَاتِقِ أَنْ تُرَى/ بِالْأَمْسِ (خَارِجَةً) عَنِ الْأَوْطَانِ(22)] [عِشْرِيْنَ أَلْفَ نَقْلَةٍ] (نَقْلَة) مَرَّة وَاحدة، أو الشحنة الواحدة للسفينة التي تنقل اللبان من ظفار إلى الموانئ الأخرى على طريق البخور، ويمكن حساب مجموعها وِفْقَ نوع السفينة العُمانية التي تحملها؛ فـ(الغنجة) تحمل 300 طن، و(البدن) تحمل 100 طن. وشاهد كلمة (نَقْلَة) نقرأه في قول ابن سينا: [وَقَدْ يُشْبِهُ هَذَا حَالُ الْمُحْتَاجِ إِلَى حَمْلِ شَيءٍ ثَقِيْلٍ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ يَقْوَى عَلَى حَمْلِهِ جُمْلَةً فَعَلَ، وَإِلَّا قَسَّمَهُ بِنِصفَينِ وَاسْتَعْجَلَ، وَإِلَّا قَسّمَهُ أَقْسَامًا كَثيْرةً، فَيَحْمِلُ كُلُّ قِسْمٍ كَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِتُؤَدَةٍ أَوْ عَجَلَةٍ، ثُمَّ لَا يَرِيْثُ بَيْنَ كُلِّ (نَقْلَتَيْنِ) وَإِنْ كَانَ بَطِيْئًا فِيْهِمَا(23)].

واردات وصادرات ظَفار

يقول الشَّيخُ عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [وَمِنْ صَادِرَاتِهَا السَّمْنُ وَهُوَ كَثِيْرٌ جِدًا وَالنَّارْجِيْلُ وَالْجُلُوْدُ وَالْقُطُنُ. وَأَمَّا الْوَارِدُ إِلَيْهَا؛ فَالتَّمْرُ مِنْ عُمَانَ وَالْبَصْرَةِ، وَالْأَرُّز وَالْبَزُّ الْأَسْوْدُ وَالْأَبْيَضُ مِنَ الْهِنْدِ].

[السَّمْنُ] بسكون الميم، هو الدُّهن الذي يُستخلص من اللبن ونحوه خاصةً الأبقار واشتُهرت به (ظَفار) لكثرة ثروتها من المواشي والأبقار. و(السَّمْنُ) اسمٌ ويُجمع على ثلاث صيغٍ هي: (أَسْمَان)، و(سُمْنَان)، و(سُمُون)، ونقرأ شاهد اللغويّ في قول عارية بنت فزعة الدِّيناريّة، تشبِّه قومًا كرامًا بالدُّهن الذي يَطِيبُ به الطعام: [أَشْبَهَ رُوْسٌ نَفَرًا كِرَامًا/ كَانُوا الذُّرَى، وَالْأَنْفَ وَالسَّنَامَا- كَانُوا لِمَنْ خَالَطَهُمْ إِدامَا/كَـ(السَّمْنِ) لَمَّا خَالَطَ الطَّعَامَا(24)]، ونقرأ في كتاب "مواسم العرب الكبرى" لصاحبه عرفان حمور أن "موسم سوق الشحر في مدينة بين ظفار ومرباط" في "سمهرم" وميناؤها خور روري" موشا"(25)، وقد اشْتهرت المدينة بـ(تجارة الألبان) في كتابات المؤرخين ومنهم جواد علي مؤلف كتاب "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام"(26)، وهذا الرأي قاله أيضا المرزوقي في كتابه "الأزمنة والأمكنة"(27).[الْوَارِدُ إِلَيْهَا](الْوَارِدُ) اسم فاعل، ويُجْمع على أربع صيغ هي: (وُرَّاد)، و(وُرُود)، و(وُرَّد)، و(وٌرُد)، ومعناه: الداخل إلى إقليم ظفار، من بضائع والمشرف عليها من أقطار أخرى؛ [فَالتَّمْرُ مِنْ عُمَانَ وَالْبَصْرَةِ، وَالْأَرُّز وَالْبَزُّ الْأَسْوْدُ وَالْأَبْيَضُ مِنَ الْهِنْدِ]. والشاهد اللغوي لكلمة (الْوَارِدُ) نقرأه في قول ابن المقفّع: [لَوْ أَنَّ الدِّيْنَ جَاءَ مِنَ اللهِ لَمْ يُغَادِرْ حَرْفًا مِنَ الْأَحْكَامِ وَالرَّأْي وَالْأَمْرِ، وَجَمِيْعِ مَا هُوَ (وَارِدٌ) عَلَى النَّاسِ.. لَكَانُوا قَدْ كُلِّفُوا غَيْرَ وُسْعِهِمْ(28)] [فَالتَّمْرُ مِنْ عُمَانَ وَالْبَصْرَةِ] (التَّمْرُ مِنْ عُمَانَ) حيث كانت وما زالت إحدى الدول المتميزة في إنتاج التمور؛ وبحسب الإحصاءات الواردة في الكتاب الإحصائي السنوي الصادر عن المركز الوطني للإحصاء عام 2024م، تحتل سلطنة عُمان المرتبة الثامنة على مستوى العالم والثانية خليجيا في إنتاج التمور، إذ يبلغ عدد أشجار نخيل التمر في سلطنة عمان أكثر من 9 ملايين نخلة تنتشر على مساحة تقدر بـ62 ألف فدان وبإنتاجية تصل إلى 51 كيلوجرامًا للنخلة الواحدة، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 40 كيلوجرامًا. وأكد تقرير نُشر مؤخرًا لشركة "موردور إنتلجنس الهندية" للأبحاث، أن سلطنة عُمان تُصنف بين الدول العربية الأكثر استهلاكا للتمور سنويا على مستوى الفرد؛ حيث يُقدّر استهلاك المواطن العُماني بـ60 كيلو جراما أو أكثر. وأمّا مدينة [الْبَصْرَةِ] العراقية فقد كانت رائدة في زراعة النخيل وتصدير التمور؛ لكن تراجع ترتيبها، وتدهور إنتاجها فإلى وقت قريب "كانت البصرة تحوي 13 مليون نخلة خلال خمسينيات القرن العشرين، تراجعت إلى ستة ملايين خلال السبعينيات، وحاليًا تضم المحافظة نحو مليونين و400 نخلة، وهي في تناقص مستمر. وزراعة النخيل وصناعة التمور بدأتا بالتقلّص مع بداية اكتشاف النفط في البصرة خلال الأربعينيات والخمسينيات، فالحكومات المتعاقبة صبت اهتمامها على الصناعة النفطية لما تحققه من مكاسب مالية كبيرة، وأهملت الزراعة، مصدّرة النفط بدلا من التمور، والسبب الآخر لهذا التدهور أن القطاع النفطي استقطب الكثير من أبناء الفلاحين للعمل في حقول ومنشآت نفطية، فتخلوا عن مهنة الآباء والأجداد، ثم فرضت وزارة النفط هيمنتها على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية واعتبرتها أراضي نفطية لا يجوز استغلالها زراعيا"(29)[وَالْأَرُّز وَالْبَزُّ الْأَسْوْدُ وَالْأَبْيَضُ مِنَ الْهِنْدِ] (الْبَزُّ الْأَسْوْدُ وَالْأَبْيَضُ) ضَرْبٌ من الثياب، وهو اسم مفرد ويُجْمَع على صيغتين: (بَزَاز)، و(بُزُوز)، ونقرأ شاهده اللغوي في قول تأبط شرًّا الفهميّ: [يَقُولُ: أَهْلَكْتُ مَالًا، لَوْ قَنِعْتَ بِهِ/ مِنْ ثَوْبِ صِدْقٍ، وَمِنْ (بَزٍّ) وَأَعْلَاقِ(30)].

أقوات أهل ظفار

يقول الشَّيخُ عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [وَقُوْتُ أَهْلِ ظَفَارِ الْمَسيبْلُو، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْجَارُوشِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَنَا بِالْبَازْرِي، وَالذُّرَةُ وَالدُّخَنُ. وَاِسْتِعْمَالُ الْأَرُزِّ قَلِيْلٌ عِنَدَهُمْ لَا سِيَّمَا الْقُرَى أَهْلُ الْجَبَلِ؛ فَإِنَّ غَالِبَ قُوْتهِمْ حَلِيْبُ الْبَقَرِ وَلَحْمِهَا].

[قُوْتُ أَهْلِ ظَفَارِ الْمَسيبْلُو] (قُوْتُ) بضم القاف، وفي لغة أخرى (قِيت) بكسر القاف، ويُجْمع على (أقوات)، وهو الرزق الذي يتناوله الشخص، ونقرأ شاهده اللغوي في قول امرئ القيس بن حجر الكنديّ: [قُلُوبُ خِزَّانِ ذِي أَوْرَالٍ/ (قُوْتًا) كَمَا يُرْزَق العِيَالُ(31)](الْمَسيبْلُو) تقدّم ذِكْره، وهو من المحاصيل العلفيّة ويسمى أيضا بـ(البازاريُّ)، [الْجَارُوش الْمَعْرُوف عِنْدَنَا بِالْبَازْرِي]، وهو: البرسيم الحجازي، و(الْجَارُوش) نسبة إلى آلة طحن الغِلال والحبوب، وتسمّى في العربية بـ(الرحى)، وتسمى عند أهل ظفار بـ(الجارُوشة)، وجمعها (جواريش) وتستخدم لفرم المخلفات الزراعية كالحشائش، والذرة، والقت، والمسيبلو.[غَالِبَ قُوْتهِمْ حَلِيْبُ الْبَقَرِ وَلَحْمِهَا]؛(غَالِبَ) اسم فاعل، ويُجمع على (غَلَبَة) و(غَوَالِب)، والغالب على غيره من العناصر ونحوها: الطاغي عليه في الكم والحجم، ونج شاهده في قول ابن البطريق: [ونقولُ أيضًا: إنَّ (الغَالِبَ) -عَلَى مَا فَوْقَ الْأَرْضِ- المَاءُ وَالْهَوَاءُ دُوْنَ النَّارِ، وَلَوْ كَانَتِ النَّارُ (الْغَالِبَةُ) عَلَى مَا فَوْقَهَا كَـ(غَلَبَةِ) هَذَينِ الْعُنْصِرَيْنِ؛ لَأَحْرَقَتْ مَا عَلَى الْأَرْضِ وَيَبَّسَتْهُ(32)] [حَلِيْبُ الْبَقَرِ وَلَحْمِهَا]، (الحليب) اسم مفعول من (حَلَبَ)، وهو المحلوب من اللبن؛ ما لم يتغيّر طعمه. ونقرأ شاهده اللغويّ في قول عنترة يتوعّد أعداءه: [إِذَا سَمِنَ الْأَغَرُّ، دَنَا لِقَاءُ/ يَغصُّ الشَّيْخُ بِالّلبَنِ (الْحَلِيْبِ)(33)] [لَحْمِهَا](لَحْم) بسكون الحاء المهملة، وفي لغة أخرى (لَحَم) بفتح الحاء المهملة، وهو اسم مفرد، ويُجمع على أربع صيغ، هي: (لِحَام)، و(أَلْحُم)، و(لُحْمَان)، وهو النسيج الرَّخو الذي يكسو العظام في الجسم. ونقرأ شاهده في قول عمرو بن مالك بن زيد التيميّ يصف بعيرًا أطعمه الناس: [وَنَحْنُ سَكَبْنَا الْبَكْرَ جَمْعًا مُكَوَّسًا/ فَأَصْبَحَ فِيْنَا (لَحْمُهُ) يُتقسَّمُ(34)].

ظَفَار هَواؤُهَا سَجْسَجٌ

يقول الشَّيخُ عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [وَهُمْ أَهْلُ قَنَاعَةٍ وَصَبْرٍ عَلَى خَشِنِ الطَّعَامِ وَقَدْ بَيَّنَا فِيْمَا سَبَقَ قَنَاعَتَهُمْ فِي اللِّبَاسِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ ظَفَارِ هَواؤُهَا سَجْسَجٌ لَا بَهَا حَرٌّ يُؤْذِي، وَلَا بَرْدٌ يَقْرُصُ فَهِيَ مُعْتَدِلَةُ الْهَوَاءِ طَيَّبَةُ الْمُنَاخِ؛ لَوْلَا حَشَرَاتُهَا الْمُؤْذِيَةُ، الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا].

[أَهْلُ قَنَاعَةٍ] (قناعة) مصدر من (قَنَعَ)، ومعناه: الرضا باليسير، ونقرأ شاهده في قول أمامة بنت الحارث الشيبانيّة: [الصُّحْبَةُ بِـ(الْقَنَاعَة)، وَالْمُعَاشَرَةِ بِحُسْنِ السَّمْعِ والطَّاعَة(35)] [وَصَبْرٍ عَلَى خَشِنِ الطَّعَامِ](صَبْر) مصدر، ومعناه: الثبات والتحمُّل. ونقرأ شاهده اللغوي في قول لقيط بن يعمر الإياديّ: [فَافْنُوا جِيَادَكُمُ وَاِحْمُوا ذِمَارَكُمُ/ وَاِسْتَشْعِرُوا (الصَّبْرَ) لَا تَسْتَشْعِرُوا الْجَزَعَا(36)]. [خَشِنِ الطَّعَامِ] (خَشِن) صفة مشبهة، وتُجمع على (خُشُن)، (خِشَان) (خُشْن). والـ(خَشِن) من الطعام ونحوه: الجاف اليابس. ونقرأ شاهده في قول الإمام الشافعي، يبيّن حال الذين يسألون عن معاملة الرقيق: [والسّائلون عَرَبٌ، لُبُوسُ عَامَّتِهِمْ (خَشِنٌ)، وَمَعَاشُهُمْ وَمَعَاشُ رَقِيْقِهِمْ مُتَقَارَبٌ(37)] [ظَفَارِ هَواؤُهَا سَجْسَجٌ] (سَجْسَجٌ) صفة، وتُجمع على صيغتين: (سجاسيج)، و(سجاسج)، ومعناها: معتدلة المُناخ، ربيعية الطقس [لَا حَرٌّ يُؤْذِي، وَلَا بَرْدٌ يَقْرُصُ] (مُعْتَدِلَةُ الْهَوَاءِ) (الْهَوَاء) الجو، اسم مفرد، والجمع: (أَهْوِيَة). ونقرأ شاهده في قول وهب بن منبّه الصَّنعانيّ، يذكر فعل الله (جل جلاله) بأهل أصبهان؛ لمّا تجنَّبوا محاربته: [فَشَكَرَ اللهُ ذَلِكَ لَهُمْ، فَطَيَّبَ مَاءَهُمْ، وَطَيَّبَ فَوَاكِهَهُمْ، وَطَيَّبَ (هَوَاءَهُم)(38)] [طَيَّبَةُ الْمُنَاخِ] (طَيَّبَة) صفة مشبهة، وتُجمع على صيغتين: (أَطْيَاب)، و(طِيَاب). والمعنى: يستلذه المرء ويرتاح إليه، ونقيٌّ سائغ، وتربتها كريمة. ونقرأ شاهدها اللغوي في قول زهير بن أبي سلمى المُزَنيّ: [وَلَوْلَا حَبْلُهُ لَنَزَلَتُ أَرْضًا/ عِذَابَ الْمَاءِ، (طَيَّبَةً) قُرَاهَا(39)] (المُنَاخ): حالة الطقس، وتأتي في صورة مفرد مذكر، وجذرها (نوخ)، وجذعها (مناخ)، وهي لا تأتي إلا مضمومة الميم سواء أكانت للطقس أو الموضع الذي تُناخ فيه الإِبل؛ لأنّ أصل الفعل "أناخ" ليس ثلاثيًا. وجاء في المعجم الوسيط: المُناخ بالضم بمعنى حالة الجوّ وتقلباته، أو هو مجموع العوامل الجوِّيَّة في منطقة ما كالحرارة والضَّغط والرّياح وغيرها، ثُم أصبح علْمًا لدراسة ووصف الظواهر الجويَّة الخاصَّة بمناطق الأرض المختلفة، وبحث التفاعلات المتبادلة فيما بينها.

.....

المصادر والمراجع:

(01) ديوان امرئ القيس، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط5، 1990م، ص: 165.

(02) تاريخ ابن خلدون، عبدالرحمن ابن خلدون (ت: 808هـ)، تحقيق: خليل شحادة، بيروت، 2000م.

(03) المسالك والممالك، أبو القاسم عبيدالله ابن خرداذبة (ت: 280هـ)، ليدن، 1889م.

(04) أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، شمس الدين المقدسي (ت: 380هـ)، تحقيق: د. محمد مخزوم، بيروت، 1987م 7/ 86.

(05) صورة الأرض، أبو القاسم بن حوقل النصيبي (ت: 362هـ)، بيروت، 1992م،12/ 44.

(06) نزهة المشتاق في اختراق الآفاقم، حمد بن عبد الله الإدريسي (ت: 1100هـ)، القاهرة، 2002م، 6/ 56.

(07) معجم البلدان، شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت الحموي الرومي البغدادي (ت، 626هـ)، بيروت، 1957م، 33 ج4/ 60.

(08) بخور اللبان في سلطنة عُمان، دراسة أنثربولوجية، هاجر حراثي، مجلة عمران للعلوم الاجتماعية، العدد: 24، مج11/11، ربيع 2023.

(09) التراث الثقافي المادي، اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم، 1/5/2023.

(10) بخور اللبان في سلطنة عُمان، دراسة أنثربولوجية، مرجع سابق.

(11) الجامع في الأدوية المفردة، عبدالله بن أحمد المالقي (593 هـ -646هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1 1992م.

(12) تقويم الصناعة الطبية، أبو عليّ الحسن بنُ الحسن بنُ الهَيْثَم (ت: 430هـ)، والكتاب خلاصة ثلاثين كتابًا قرأها لجالينوس.

(13) كتاب الحشائش والأدوية (de Materia Medica)، عرّبه: اصْطَفن بن بَسِيل، مراجعة: حنين بن إسحاق.

(14) أوروبا والجغرافيون العرب في العصور الوسطى من القرن التاسع إلى القرن الخامس عشر، جان شارل دوسين، دار CNRS، باريس، فرنسا، 2018م استعرضه: سعيد بوكرامي بملحق شباب التفاهم الصادر عن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، 29 من أبريل، 2020.

(15) بلاغات النساء في الجاهلية وصدر الإسلام، ابن طيفور البغداديّ (ت:280هـ)، تحقيق: أحمد الألفي، مطبعة والدة عباس الأول، القاهرة، 1908م، ص: 125.

(16) إشارة من كتاب: مقدمة فى علم اللاهوت الطقسى، علم اللاهوت الطقسي، البخور في القداسات الإلهية، الكتاب المقرر على على طلبة الكلية الإكليريكية، كلية البابا شنودة الثالث.

(17) هذه المراجعة لكتاب غرايم سميث "تاريخ موجز للعلمانية" منشورة في العدد 40 من مجلة "تبيّن" (ربيع 2022)، وهي مجلة فصلية محكّمة يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا.

(18) ديوان السَّرِيّ الرَّفَّاء الكِنديّ، شرح: كرم البستانيّ، مراجعة: ناهد جعفر، دار صادر، بيروت، ط1، 1996م، ص: 68.

(19) ديوان لقيط الإياديّ، رواية: ابن الكلبيّ (ت: 204هـ)، تحقيق: محمد التونجيّ، دار صادر، بيروت، ط1، 1998م، ص: 75.

(20) ديوان جرير، شرح: محمد بن حبيب، تحقيق: نعمان محمد أمين طه، دار المعارف، القاهرة، ط3، 1986م، 1/94.

(21) شعر ضمرة النهشليّ، جمع وتحقيق: هاشم طه شلاش، مجلة المورد، بغداد، مج 10، ع2، 1981م، ص: 120.

(22) ديوان المهلهل بن ربيعة، تحقيق: أنطوان محسن القوّال، دار الجيل، بيروت، ط1، 1995م، ص: 86.

(23) القانون في الطب، ابن سينا (ت: 428هـ)، وضع حواشيه: محمد أمين الضَّنَّاوي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1990م، 1/174.

(24) كتاب بلاغات النساء، مرجع سابق، ص: 191.

(25) مواسم العرب الكبرى، عرفان بن محمد حمور، بيروت، مؤسسة الرحاب الحديثة،١٩٩٩م، ط١، ج١، ص:٧٢٢.

(26) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي، دار الساقي، 2001م، ط٤، ج١٣، ص:٢٧٤.

(27) الأزمنة والأمكنة، أحمد بن محمد المرزوقي (ت:١٤١٧هـ)، بيروت، دار الكتب العلمية،ط١، ص٣٨٤.

(28) جمهرة رسائل العرب، أحمد زكي صفوت، المكتبة العلمية، بيروت، ط1، 1939م، 3/35.

(29) تقرير: إندبندنت عربية، ماجد البريكان، 24 أبريل 2019/  https: //www.independentarabia.com/node/20241

(30) ديوان تأبط شرا الفهمي، تحقيق: علي ذو الفقار شاكر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1، 1984م، ص: 141.

(31) ديوان امرئ القيس، شرح: عبد الرحمن المصطاوي، دار المعرفة، بيروت، ط2، 2004م، ص: 149.

(32) الآثار العلوية، أرسطوطاليس، ترجمة: ابن البطريق (ت: 200هـ)، تحقيق: كازيمير بترايتس، دار المشرق، بيروت، 1967م، ص: 200.

(33) ديوان عنترة، تحقيق: محمد سعيد مولوي، المكتب الإسلامي، بيروت، 1970م، ص: 321.

(34) ديوان بني بكر في الجاهلية، جمع ودراسة: عبد العزيز نبويّ، دار الزهراء، القاهرة، ط1، 1989م، ص: 330.

(35) مجمع الأمثال، أبو الفضل الميداني (ت: 518هـ)، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السُّنّة المحمدية، القاهرة، 1955م، 2/263.

(36) ديوان لقيط الإياديّ، تحقيق: عبد المعيد خان، دار الأمانة، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1971م، ص: 53.

(37) كتاب الأم، الشافعي (ت: 204هـ)، تحقيق وتخريج: رفعت فوزي عبد المطلب، دار الوفاء، المنصورة، ط1، 2001م، 6/262.

(38) طبقات المُحدِّثين بأصبهان والواردين عليها، أبو الشيخ الأنصاريّ الأصبهانيّ (ت:369هـ)، دراسة وتحقيق: عبد الغفور عبد الحق حسين البلوشي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1405هـ، 1/ص: 150- 151.

(39) شعر زهير بن أبي سلمى، صنعة: الأعلم الشنتمري (ت: 476هـ)، تحقيق: فخر الدين قباوة، منشورات الآفاق الجديدة، بيروت، ط3، 1980م، ص: 298.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • بعد قطيعة 13 عاماً… “الجزيرة” الكويتية تعود إلى دمشق برحلات يومية
  • رئيس المصريين الأحرار يُكلف اللواء جمال أبو إسماعيل مستشارًا للعلاقات الخارجية
  • تدشينُ أضخم جدارية عمل جرافيتي تجمع الفن بالبيئة المحلية في مسندم
  • كشف الستار عن حالة ظَفَار للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (53)
  • صورة.. برشلونة يزيح الستار عن قميصه الجديد
  • تركيا: الرسوم التي تصور الأنبياء جريمة
  • هل 15 يوليو 2025 عطلة رسمية في تركيا؟ إليك المؤسسات التي ستُغلق أبوابها
  • في ذكرى وفاته.. محطات فنية هامة في حياة عزت أبو عوف
  • رئيس الوزراء يعرب عن اعتزاز مصر وتقديرها للعلاقات الثنائية مع شقيقتها تونس
  • سفير السودان في القاهرة يشكر مصر والسعودية على دعمهما لمرضى القصور الكلوي