الخليج الجديد:
2025-05-11@13:25:30 GMT

استقطاب الكفاءات أو قرصنة الغرب الجديدة!

تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT

استقطاب الكفاءات أو قرصنة الغرب الجديدة!

استقطاب الكفاءات أو قرصنة الغرب الجديدة

يأتي الغرب ويستقطب أطباء ومهندسين وخبرات رفيعة التكوين مجانا، دون مقابل. إنها عملية قرصنة بكل ما تحمله الكلمة من معنى!

ينبغي البحث عن آليات وقف هذه الهجرة النوعية، لأنها تعني عرقلة التنمية في دول كثيرة تبحث عن الخروج من مأزق الفقر والتخلف.

التهميش الأكبر في الحديث عن الهجرة هو عدم التركيز الكبير على هجرة الكفاءات واليد العاملة ذات التكوين العالي من العالم الثالث الى الغرب

يعلن الغرب محاربة الهجرة غير النظامية في حين يستنزف بدرجة خطيرة للغاية كفاءات وخبرات دول فقيرة استثمرت الكثير من الأموال في تكوينها.

استعمر الغرب معظم العالم الثالث، وسرق موارده وخيراته الطبيعية، والآن يستقطب الكفاءات في عملية سرقة بحلة جديدة، مدمرا بذلك نموه الطبيعي.

تمارس دول الغرب إغراء كبيرا لجلب الكفاءات من مهندسين وأطباء وعلماء وأكاديميين، برواتب تكون أضعاف المرات مقارنة بالرواتب في الوطن الأم.

تحتاج نخب الكفاءات ذات التكوين العالي والرفيع إلى الحرية لتبدع لكن دول العالم الثالث تفتقد الحرية وتراجعت فيها الديمقراطية خاصة بعد جائحة كورونا.

* * *

يعلن الغرب محاربة الهجرة غير النظامية، وفي الوقت نفسه يقوم باستنزاف الكفاءات والخبرات من الدول الصاعدة والدول التي تصنف ضمن العالم الثالث إلى مستوى خطير للغاية، لاسيما وأن الدول الفقيرة استثمرت الكثير من الأموال في تكوين هذه الكفاءات، بما فيها أموال مصدرها قروض من المؤسسات الدولية. وهذا الوضع المقلق يتطلب إجراءات لمواجهة هذه الظاهرة مثل التعويض.

وعمليا، وطيلة الثلاثين سنة الأخيرة، يحضر موضوع الهجرة، خاصة في شقه غير النظامي، أو غير القانوني أو السري في مختلف وسائل الإعلام الدولية.

وتطالعنا الصحافة الأوروبية والعربية بشكل يومي بمآسي الهجرة في البحر الأبيض المتوسط، أو معاناة الافارقة في الحدود بين الساحل ودول المغرب العربي، كما يحدث حاليا في تونس وقبلها في المغرب والجزائر، وانتقلت هذه المآسي إلى بحر المانش بغرق قوارب انطلقت من سواحل فرنسا نحو بريطانيا.

وفي الطرف الآخر من العالم، يجري الحديث يوميا عن قوافل الهجرة من دول أمريكا اللاتينية نحو الولايات المتحدة، علاوة على الهجرة من جنوب شرق آسيا إلى أستراليا.

ساهمت الهجرة في تغيير سياسي كبير في الدول الغربية، إذ لا يمكن فهم ظهور اليمين القومي المتطرف في مختلف الدول الأوروبية بعيدا عن توظيف ما يجري تصنيفه «خطر الهجرة» على هوية البلدان الأوروبية.

كما لا يمكن فهم ظاهرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعيدا عن الرؤية السلبية للقوميين البيض الأمريكيين للهجرة اللاتينية وأساسا المكسيكية.

ويستلهم ترامب وأنصاره أطروحتهم حول الهجرة اللاتينية من كتاب «من نحن» وهو آخر كتاب للمفكر الجيوسياسي صامويل هنتنغتون الذي حذّر من المخاطر الاجتماعية والسياسية في حالة بلوغ الهجرة اللاتينية 25% من سكان الولايات المتحدة.

وعلاقة بالهجرة، هناك تهميش لهجرة من نوع آخر وهي، هجرة ونزوح مواطني دول العالم الثالث بينهم، إذ يشتكي الأوروبيون من نازحي العراق وأفغانستان وسوريا ضمن دول أخرى، في حين دول مثل تركيا ولبنان استقبلت ملايين المهاجرين والنازحين.

يبقى التهميش الأكبر في الحديث عن الهجرة هو عدم التركيز الكبير على هجرة الكفاءات واليد العاملة ذات التكوين العالي من العالم الثالث الى الغرب ونتائجها السلبية الكبيرة على الدول الأم. وفي الواقع يتعلق الأمر بعملية استقطاب وتهجير تكاد تكون قسرية لسببين، وهما:

في المقام الأول، تمارس الدول الغربية إغراء كبيرا لجلب الكفاءات من مهندسين وأطباء وعلماء وأكاديميين، حيث تقدم رواتب تكون أضعاف المرات مقارنة بالرواتب في الوطن الأم.

في المقام الثاني، تنتمي الكفاءات واليد العاملة ذات التكوين العالي والرفيع إلى النخبة. وتحتاج النخبة إلى الحرية لكي تبدع في وطنها، علما بأن العديد من دول العالم الثالث تفتقد للحرية، أو تراجعت فيها الديمقراطية خلال السنوات الأخيرة وبالخصوص بعد الجائحة.

كما تكون للنخبة تطلعات في مجال اختصاصها، بينما مفهوم الكفاءة في الرقي في العمل يغيب كثيرا لصالح الزبونية والقرابة العائلية والقرب من السلطة، أو التحول إلى بوق للحاكم. وعديدة هي الأمثلة في هذا الشأن، ومنها في دول المغرب العربي.

معالجة الخلل المذكور الوارد في السبب، أي غياب الحرية، يتطلب الكثير من الوقت، وهو رهين بنضالات الشعوب. بينما يختلف الأمر في حالة السبب الأول، رغم أنه أقل تأثيرا من السبب الثاني. لقد نجحت دول غير ديمقراطية في التقدم مثل حالة إيران ودول شبه ديمقراطية مثل تركيا، وذلك بالحفاظ على أطرها وتفادي هجرتها.

وعلاقة بهذا، إن استقطاب الدول الغربية للأطر من العالم الثالث يعتبر عملا غير أخلاقي، سواء من الناحية السياسية أو المعنوية، لأنه استنزاف لقدرات دول العالم الثالث، ويترتب عنه مزيد من تدمير هذه الدول.

ومن ضمن الأمثلة، يعمل الغرب على استقطاب الأطباء، وينتج عن هذا العمل ترك مستشفيات العالم من دون أطباء، وأحيانا يؤدي هذا إلى موت الكثيرين بسبب نقص اليد العاملة في المجال الطبي.

ويمكن الاستشهاد بحالتي استقطاب فرنسا وكندا للأطباء من المغرب والجزائر، وخلال السنوات الأخيرة استقطاب مهندسي الحاسوب والبرمجيات.

في الوقت ذاته، قامت الدول الفقيرة بالاقتراض من المؤسسات المالية الدولية التي يسيطر عليها الغرب، مثل صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، لتكوين جيل من الكفاءات، وتثقل هذه الديون كاهل الدول الفقيرة.

وفي آخر المطاف، يأتي الغرب ويستقطب أطباء ومهندسين وخبرات رفيعة التكوين مجانا، ومن دون مقابل. إنها عملية قرصنة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

في الماضي، استعمر الغرب جزءا كبيرا من العالم الثالث، وقام بسرقة موارده وخيراته الطبيعية، وما زال يسيطر على نسبة منها بطرق مختلفة مثل حالة النفط والذهب واليورانيوم، وعرقل النمو الطبيعي لهذه الدول.

ويقوم الآن باستقطاب الكفاءات في عملية سرقة في حلة جديدة، مدمرا بذلك نمو هذه الدول الطبيعي. في هذا الصدد، وبراغماتيا، يجب على الدول الفقيرة مطالبة الغرب بالتعويض عن استقطابها لهذه الأطر، سواء من خلال الحصول على تعويضات مباشرة، أو إعادة النظر في نسبة فوائد القروض أو إلغاء بعض القروض برمتها مثل قروض التعليم.

في الوقت ذاته، ينبغي البحث عن آليات وقف هذه الهجرة النوعية، لأن هذه الهجرة تعني عرقلة التنمية في دول كثيرة تبحث عن الخروج من مأزق الفقر والتخلف.

*د. حسين مجدوبي كاتب وباحث مغربي

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب استقطاب الكفاءات الخبرات العالم الثالث الهجرة غير الشرعية دول العالم الثالث الدول الفقیرة دول الغرب

إقرأ أيضاً:

جلسة مجتمعية لصياغة قواعد استقطاب الاستثمارات بمشروعات الشبكات الذكية بالكهرباء

 عقد جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك جلسة مشورة مجتمعية حول صياغة التشريعات المنظمة ومناقشة القواعد التنظيمية المقترحة لمشروعات الشبكات الذكية المصغرة قبل إصدارها، وذلك بمشاركة ما يقارب 150 مشاركًا من ممثلي الوزارات وخبراء الطاقة المستدامة وأجهزة التنظيم المختلفة وشركات القطاع الخاص العاملة في مجالات الطاقة والبنية التحتية وشركات توزيع الكهرباء، بالإضافة إلى ممثلين عن المنظمات غير الحكومية المهتمة بقضايا الطاقة المستدامة والتنمية.

تم تنظيم الجلسة بالتعاون مع المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة (RCREEE) من خلال مشروع MENALINKS، سعيًا لخلق بيئة تنافسية عادلة وشفافة بين جميع الأطراف الفاعلة في قطاع الطاقة، بما في ذلك المنتجين والمستهلكين والموزعين، فى إطار الدور الحيوي لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك في ضمان عدالة السوق وتوفير بيئة مستقرة وجاذبة للاستثمار الخاص، وخلق مناخ استثماري مستدام يدعم بشكل فعال التحول نحو الاقتصاد الأخضر ، وتم فتح باب الحضور لجلسات المشورة المجتمعية لكافة الجهات الراغبة في المساهمة وإبداء الرأي سواء بالحضور الفعلي أو عبر خاصية الـ video conference.

وانطلاقا من الشراكة الاستراتيجية الفاعلة مع القطاع الخاص لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في قطاع الطاقة، وتأكيدًا على أهمية الدور المحوري للاستثمارات الخاصة، والعمل على استقطاب الاستثمارات اللازمة لتنفيذ مشروعات الشبكات الذكية المصغرة، تم تنظيم منتدى استثماري موسع للشبكات الذكية المصغرة، بحضور موسع لشركات القطاع الخاص العاملة في مجالات الطاقة المتجددة والبنية التحتية، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات التمويل الدولية والإقليمية المهتمة بدعم مشروعات الطاقة المستدامة، وشكل المنتدى منصة هامة لتقديم تفاصيل أوفى حول الفرص الاستثمارية المتاحة في هذا المجال، وتم استعراض الحوافز والتسهيلات التي تقدمها الحكومة لتشجيع مشاركة القطاع الخاص، فضلاً عن مناقشة آليات التمويل المتاحة والتحديات المحتملة وسبل التغلب عليها فى ضوء خطة العمل والاستراتيجية الوطنية للطاقة.

تأتي تحركات جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك فى هذا الإطار فى ضوء التوجيهات الصادرة من الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، ببدء الإعداد لتنفيذ مشروعات الشبكات الذكية المصغرة المعزولة عن الشبكة القومية للكهرباء من قبل شركات القطاع الخاص وذلك لخدمة المناطق البعيدة عن الشبكة القومية، وأشار الدكتور محمود عصمت إلى ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للإسراع في تنفيذ هذه المشروعات التي تُعد الأولى من نوعها فى مصر ، مؤكدا أن تكون الشبكات معزولة عن الشبكة القومية للكهرباء وتعتمد بنسبة 100% على الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي اعتمادا على المصادر المتجددة المتاحة في المناطق التي سيتم تحديدها عن طريق الدولة لطرحها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لتلك المناطق، موضحا أن الشبكات المصغرة لم تعد مجرد خيار تقني أو بديل مؤقت، بل أصبحت ركيزة أساسية في استراتيجيات التحول الطاقي حول العالم، لا سيما في الدول التي تتطلع إلى تعزيز كفاءة منظومتها الكهربائية، ودعم المجتمعات النائية، وتمكين الاقتصاد الأخضر. وسيساهم هذا النهج في تخفيف الأعباء المرتبطة بتمديد الشبكة للمناطق النائية وتهيئة البيئة المناسبة للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة والتقنيات الذكية في هذه المناطق وأن الإطار التنظيمي سيوفر قواعد واضحة لتأسيس وتشغيل الشبكات الذكية المصغرة.
 
قال الدكتور محمود عصمت، ان هذا التوجه يساعد في توسيع نطاق تغطية الكهرباء ،  وتمكين المجتمعات المحلية من إنتاج واستهلاك الطاقة المتجددة بطرق أكثر استقلالية ومرونة. وتنمية المناطق النائية وإنشاء أنشطة اقتصادية وصناعية وزراعية وتجارية وتشجيع الابتكار والاستفادة من التقنيات الذكية في إدارة الطلب والإمداد. موضحا العمل على جذب الاستثمار وتمكين النماذج التعاونية بين القطاع الخاص والمجتمعات المحلية. وخلق بيئة تنظيمية مرنة تواكب التطورات العالمية وتحفز القطاع الخاص على المساهمة الفعالة ، مضيفا إن مشاركة القطاع الخاص ضرورة لتحقيق هذه الأهداف من خلال استثماراته، وخبراته، وقدرته على الابتكار، والتى يمكن ان تحقيق نقلة نوعية في تمويل وإنشاء وتشغيل الشبكات المصغرة، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتمكين التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون. والمساهمة في رسم ملامح مستقبل الطاقة.
 
جدير بالذكر أن الشبكات الذكية المصغرة تمثل أنظمة طاقة محلية تتميز بعزلها عن شبكة التوزيع أو النقل الرئيسية، وتشمل كافة الأنشطة والأصول المتعلقة بإنتاج وتوزيع وبيع الطاقة الكهربائية داخل نطاقها الجغرافي المحدد، وتعتمد تلك المشروعات بشكل أساسي على مصادر الطاقة المتجددة النظيفة، ويمكن لهذه الشبكات المصغرة المشاركة في عدد من الأنشطة المتكاملة بموجب تراخيص متعددة، من بينها نشاط إنتاج الكهرباء، ونشاط التوزيع في حالة الشبكات المصغرة المعزولة تمامًا عن الشبكة القومية، بالإضافة إلى أنشطة تخطيط وإنشاء وتشغيل وصيانة شبكات التوزيع داخل نطاقها، علاوة على شحن المركبات الكهربائية ونشاط تخزين الطاقة ويمكن أيضا انتاج الهيدروجين واستخدامه في استخدامات متعددة سواء فى توليد الطاقة او العمليات الصناعية.

طباعة شارك الكهرباء جهاز مرفق الكهرباء وزير الكهرباء

مقالات مشابهة

  • بين 136 و12 دولاراً.. تعرف إلى ترتيب ليبيا في قائمة أغلى وأرخص وجبات الغداء في مطاعم العالم!
  • الاستشراق والمثلث الحضاري
  • أحلام العرب في نظام عالمي يتشكل .. حديث بلا مرتكزات
  • احتدام التنافس السياسي في تمصلوحت: دواوير تتجه نحو استقطاب أمانة محلية لحزب الاستقلال :
  • سوريا الجديدة تقرع أبواب الغرب.. هل تنجح استراتيجية الشرع؟
  • ختام فعاليات بطولة العالم العسكرية للفروسية رقم 25 بالعاصمة الإدارية الجديدة
  • حماس تدعو نقابات العالم لمقاطعة إسرائيل وفضح جرائمها
  • جلسة مجتمعية لصياغة قواعد استقطاب الاستثمارات بمشروعات الشبكات الذكية بالكهرباء
  • مصر أكتوبر: ظهور الرئيس بين قادة العالم يعكس مكانة الدولة ويعزز شراكاتها الدولية
  • “نصف العسل المباع في العالم مزيف”