جريدة الوطن:
2025-12-13@11:08:54 GMT

«إنّ الرجل أخروي وليس بدنيوي»

تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT

إخوة الهدى والتوحيد.. فإن المؤمن الحق هو من تعلق قلبه بما عند الله، وغفل عما سواه، وفي الحديث عن أبي العباس سهل بن سعدٍ الساعدي ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء رجلٌ إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله، دُلَّني على عملٍ إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس، فقال:(ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس) (حديث حسن، رواه ابن ماجه وغيره بأسانيدَ حسنة).


ومن أجمل القصص الذي يدل على حب الله تعالى والرغبة فيما عنده سبحانه ما ذكره صاحب (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 7/ 38): (وَحَكَى ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ حَمَّادٍ الرَّاوِيَةِ، قَالَ: قَالَ لِي كثيرٌ: أَلا أُخْبِرُكَ بِمَا دَعَانِي إِلَى تَرْكِ الشِّعْرِ؟ قُلْتُ: خَبِّرْنِي، قَالَ: شَخَصْتُ أَنَا وَالأَحْوَصُ وَنُصَيْبٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِسَابِقَةٍ لَهُ أَوْ خَلَّةٍ وَنَحْنُ لا نَشُكُّ فِي أَنَّهُ سَيُشْرِكُنَا فِي خِلافَتِهِ، فَلَمَّا رُفِعَتْ لَنَا أَعْلامُ خَنَاصِرِهِ لَقِينَا مَسْلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ جَائِيًا مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فَتَى الْعَرَبِ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلامَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا بَلَغَكُمْ أن إمامكم لا يقبل الشِّعْرَ، قُلْتُ: مَا وَضَحَ لَنَا حَتَّى لَقِينَاكَ. وَوَجَمْنَا وَجْمَةً عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، قَالَ: فَإنَّ الرَّجُلَ أُخْرَوِيٌّ وَلَيْسَ بِدُنْيَوِيٍّ. وإِنْ يَكُنْ مَا تُحِبُّونَ وَإِلا فَمَا أَلْبَثُ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكُمْ فَأَمْنَحَكُمْ مَا أَنْتُمْ أَهْلُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ كَانَتْ رِحَالُنَا هَذِهِ بِأَكْرَمِ مَنْزَلٍ وَأَفْضَلِ مَنْزُولٍ عَلَيْهِ، وَأَقَمْنَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يَطْلُبُ لَنَا الإِذْنَ هُوَ وَغَيْرُهُ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا إِلَى أَنْ قُلْتُ فِي جُمْعَةٍ مِنْ تِلْكَ الْجُمَعِ: لَوْ أَنِّي دَنَوْتُ مِنْ عُمَرَ فَسَمِعْتُ كَلامَهُ فتحفظته كان ذلك رَأْيًا، فَكَانَ مِمَّا تَحَفَّظْتُهُ مِنْ كِلامِهِ يَوْمَئِذٍ: لِكُلِّ سَفَرٍ لا مَحَالَةَ زَادٌ، فَتَزَوَّدُوا مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الآخِرَةِ التَّقْوَى، وَكُونُوا كَمَنْ عَايَنَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ مِنْ ثَوَابِهِ وَعِقَابِهِ، فترغبوا وترهبوا، ولا يطولن عليكم الأمر فتقسو قُلُوبُكُمْ وَتَنْقَادُوا لِعَدُوِّكُمْ، فِي كَلامٍ كَثِيرٍ. ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ باللَّه، أَنْ آمُرَكُمْ بِمَا أَنْهَى عَنْهُ نَفْسِي فَتَخْسَرَ صَفْقَتِي وَتَظْهَرَ عَيْبَتِي، وَتَبْدُوَ مَسْكَنَتِي فِي يَوْمٍ لا يَنْفَعُ فِيهِ إِلا الْحَقُّ وَالصِّدْقُ. ثُمَّ بَكَى حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَاضٍ نَحْبَهُ، وَارْتَجَّ الْمَسْجِدُ بِالْبُكَاءِ وَالْعَوِيلِ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَقُلْتُ: خُذُوا فِي شَرْحٍ مِنَ الشعر غير ما كنا نقول لِعَمِّهِ وَآبَائِهِ، إِلَى أَنِ اسْتَأْذَنَ لَنَا مَسْلَمَةُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فأذن لنا بعد ما أَذِنَ لِلْعَامَّةِ، فَلَمَّا دَخَلْتُ سَلَّمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: يا أمير المؤمنين، طال الثواء وقلت الْفَائِدَةُ، وَتَحَدَّثَتْ بِجَفَائِكَ إِيَّانَا وُفُودُ الْعَرَبِ، فَقَالَ: يَا كثيرُ، (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة ـ ٦٠)، أَفِي وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاءِ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: ابْنُ سَبِيلٍ مُنْقَطِعٌ بِهِ وَأَنَا صَاحِبُكَ، قَالَ: أَوَلَسْتَ ضَيْفَ أَبِي سَعِيدٍ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: مَا أَرَى مَنْ كَانَ ضَيْفُهُ مُنْقَطِعًا بِهِ، قُلْتُ: أَفَتَأْذَنُ لِي فِي الإِنْشَادِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قُلْ وَلا تَقُلْ إِلا حَقًّا، فَقُلْتُ: وُلِّيتَ فَلَمْ تَشْتُمْ عَلِيًّا وَلَمْ تُخِفْ.. بَرِيا وَلَمْ تَقْبَلْ إِشَارَةَ مُجْرِمٍ. وَصَدَّقْتَ بِالْفِعْلِ الْمَقَالِ مَعَ الَّذِي.. أَتَيْتَ فَأَمْسَى رَاضِيًا كُلُّ مُسْلِمٍ فلما فرغت.َ قَالَ لِي: يَا كُثَيْرُ، إِنَّكَ تُسْأَلُ عَمَّا قُلْتَ. ثُمَّ تَقَدَّمَ الأَحْوَصُ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الإِنْشَادِ، فَقَالَ: قُلْ وَلا تَقُلْ إِلا حَقًّا، فَقَالَ: فلما انتهى. قَالَ له: يَا أَحْوَصُ، إِنَّكَ تُسْأَلُ عَمَّا قُلْتَ. وَتَقَدَّمَ نُصَيْبٌ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الإِنْشَادِ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَأَمَرَهُ بِالْغَزْوِ إِلَى دابق، فخرج وهو محموم. وأمر لي بثلاثمائة دِرْهَمٍ، وَلِلأَحْوَصِ بِمِثْلِهَا، وَلِنُصَيْبٍ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا). قال المصنف: وما زال عمر بن عبد العزيز منذ ولي يجتهد في العدل ومحو الظلم وترك الهوى، وكان يقول للناس: ارحلوا إلى بلادكم فإني أنساكم ها هنا وأذكركم في بلادكم. ومن ظلمه عامله فلا إذن له عليَّ ـ بقصد أن يدخل عليه بغير إذن متى شاء ـ قالت زوجته فاطمة: ما أعلم أنه اغتسل لا من جنابة ولا من احتلام منذ ولي إلى أن مات. وقيل لها: اغسلي قميصه، فقالت: والله ما يملك غيره. جعلنا الله وإياكم ممن حببت إليه الأخرة، وانشغل بها عن الدنيا.
محمود عدلي الشريف ✽
[email protected]

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

هرب من العدالة في إيطاليا فتخفّى داخل مشهد الميلاد.. قبل أن يُكتشف أمره ويُعتقل

ألقت الشرطة الإيطالية القبض على رجل يبلغ من العمر 38 عامًا جنوب البلاد بعد أن اكتشفه عمدة البلدة متخفّيًا داخل مشهد لميلاد المسيح على أنه تمثال. وكان الرجل مطلوبًا بتهمة الاعتداء على ضابط شرطة، إضافة إلى تهربه من تنفيذ حكم بالسجن في بولونيا. ويُعد هذا الاكتشاف الغريب من أغرب حالات الاعتقال في البلاد

ألقي القبض على إيطالي حاول الهرب من ملاحقة الشرطة له يوم السبت متنكّرا في زيّ تمثال ضمن مشهد ميلاد المسيح في إحدى البلدات الواقعة جنوب البلاد.

بينما كنت أقف أمام مشهد المهد، الذي أبدعه حِرَفيُّونا المهرة، لاحظت شيئًا ظننته في البداية جزءًا من المشهد". "تفصيلٌ بدا لي عاديا ولكن تبيّن أنه أمرٌ بالغ الأهمية."

الرجل البالغ من العمر 38 عامًا والمنحدر من غانا اكتُشف أمرُه في بلدة غالاتوني، في منطقة بوليا، وذلك بفضل فطنة عمدة البلدة فلافيو فيلوني، الذي كان يمر بجوار المشهد في ساحة سانتيسيمو كروسيفيسو.

كتب فيللوني في منشور على فيسبوك: "بينما كنت أقف أمام مشهد المهد، الذي أبدعه حِرَفيُّونا المهرة، لاحظت شيئًا ظننته في البداية جزءًا من المشهد". "تفصيلٌ بدا لي عاديا ولكن تبيّن أنه أمرٌ بالغ الأهمية."

لأول وهلة، فكّر رئيس البلدية بالتواصل مع المنظمين لتهنئتهم على هذا التمثال "النابض بالحياة"، لكنه أدرك بعد التدقيق فيه أنه شخص حقيقي.

Related معرض دولي في الفاتيكان يعرض مغارات ميلاد من أنحاء العالم

اتصل فيلوني بمسؤول آخر في البلدة لإقناع الرجل بمغادرة مشهد المهد. لكن الأخير قاوم وادعى أن مشهد المهد هو منزله، وفقًا لما ذكرته صحيفة ليتشي بريما المحلية.

الشرطة الإيطالية شبه العسكرية تقوم بدورية في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، 24 أبريل/نيسان 2025 AP Photo

وصلت الشرطة المحلية وشرطة المقاطعة وعناصر الدرك (كارابينييري) بسرعة حيث تمكنت من تحديد هويّة الرجل باعتباره هاربًا مطلوبًا للعدالة.

ووفقا للتقارير، فقد كان الرجل قد فرّ من حكم بالسجن لمدة تسعة أشهر و15 يومًا في بولونيا بتهمة الاعتداء ومقاومة موظف عام.

وقال فيلوني: "بفضل التدخل السريع لشرطتنا المحلية وشرطة المقاطعة والدرك، تمكّنا من تعقب وتحديد هوية الشخص المطلوب للعدالة".

وقد شكر رئيس البلدية الشرطة على عملها، مضيفًا أن الحادث أكد "مدى أهمية وضع الثقة الكاملة في العمل اليومي لأولئك الذين يضمنون الأمن ويسهرون على سيادة القانون".

غالاتوني، هي بلدة يبلغ عدد سكانها حوالي 15,400 نسمة وتقع على بعد 26 كيلومتراً من ليتشي، في منطقة سالينتو جنوب بوليا.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • حسنة ملقاة على الطريق تدخلك الجنة.. لا تستهين بها أو تضيعها
  • هل لباس المرأة هو سبب التحرّش.. أم الرجل هو المسئول؟
  • فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة
  • هرب من العدالة في إيطاليا فتخفّى داخل مشهد الميلاد.. قبل أن يُكتشف أمره ويُعتقل
  • خطأ شائع في الصلاة على النبي .. اكتبها صح: «اللهم صلِّ» وليس «صلي»
  • تونس.. السيادة للشعب وليس لقيس سعيّد.. الحقائق السبع
  • فينجر: مستقبل كرة القدم يُبنى من الأكاديميات وليس بالنتائج السريعة
  • خالد الجندي: عطاء الدنيا زائل وليس دليلا على محبة الله للعبد
  • نتنياهو يقف في «طابور الخبز» بإيران!
  • الشيخ خالد الجندي: عطاء الدنيا زائل وليس دليلاً على محبة الله للعبد وقد يعطيه للكافر