صحيفة التغيير السودانية:
2025-12-09@04:08:37 GMT

خمسةٌ وثلاثونَ عامًا من الهَدْر

تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT

خمسةٌ وثلاثونَ عامًا من الهَدْر

خمسةٌ وثلاثونَ عامًا من الهَدْر

د. النور حمد

في الأيام القليلة الماضية أرسل لي أحد الأصدقاء الأعزاء بضع تقاريرَ صحفيةٍ، تحدثت وأوردت فيلمًا قصيرًا يصور معالم النهضة المتوثبة في دولتيْ إثيوبيا وغانا. وقد حرَّكت هذه التقارير في ذهني ما ظللت حائرًا فيه منذ بداية مقاومة الكيزان الشرسة لثورة ديسمبر المجيدة.

وهو: لماذا يصر الكيزان في السودان على العودة إلى الحكم؟ ولماذا أشعلوا هذه الحرب الضروس وحمَّلونا هذه الكلفة الباهظة التي لم يُبتلى بها شعبٌ آخرٌ، بهذا القدر؟ تقول بعض التقارير، إن أعداد من أخرجتهم هذه الحرب من بيوتهم قد بلغت 14 مليونًا، وأن من أصبحوا في قبضة المجاعة قد بلغت أعدادهم 25 مليونًا. فما هو الإنجاز البارز الذي قام به الكيزان على مدى 35 عامًا وجعلهم ينخرطون في مقاومة الثورة وفي محاولة القضاء عليها بكل هذه الشراسة واللامبالاة، وجعلهم حريصين على العودة إلى الحكم مهما بلغت كلفة تلك العودة؟ إن المرء ليحار حقًا في الطريقة التي تشكَّلت بها عقول الكيزان.

أظهرت تلك التقارير العمل الجاري ليل نهار في إعادة بناء كل الشوارع في مدينة أديس أبابا على أحدث الطرز، ومن عمل للأرصفة، على أحدث المواصفات وأكثرها جودة. وأيضًا، ما صاحب ذلك من تشجيرٍ وتزهيرٍ للطرقات ومن إضاءة، لتصبح أديس أبابا عاصمةً تتناسب مع وجود مقر الاتحاد الإفريقي فيها، ولتصبح نموذجًا للعواصم الإفريقية الحديثة الدالة على نهضة إفريقيا الجديدة. وقد أظهر الفيديو القصير العمارات السوامق ذات المظهر الحديث التي أخذت تنبت بسرعة البرق مكان بيوت الصفيح، التي كانت تشكِّل غالبية أحياء أديس أبابا الشعبية، التي تحتل مساحاتٍ معتبرةً من وسط المدينة. ما جرى عرضه في الفيديو القصير يجعلك تحس وكأنك ترى مشاهد من مدن الصين الجديدة. وفي تقرير صحفي آخر، ظهر أنموذج لمطار أديس أبابا الجديد، قيد الإنشاء، الذي تبلغ كلفته 5 بلايين دولار، ليتناسب مع أعداد المسافرين المتزايدة. فالمتوقع أن يبلغ عدد المسافرين الذين سيمؤون من خلاله كل سنة، حوالي 25 مليون راكبا. ولا غرابة، فقد تعدَّت أعداد طائرات أسطول الخطوط الجوية الأثيوبية 150 طائرة. كما أن هذه الخطوط مؤسسةٌ مملوكةٌ كليًّا للحكومة الإثيوبية، تحمل طائراتها إسم إثيوبيا على جنباتها، وتصل به إلى مئات المدن في كل قارات العالم الست.

بقيت عصابة الكيزان في السلطة لثلاثين عامًا، أضاف إليها البرهان، وهو أسوأ ما أنتجه هذا التنظيم الشيطاني من شخصيات، خمس سنوات أخرى. في هذه السنوات الخمس والثلاثين اختفى إسم سودانير ولم تعد تملك غير طائرة أو طائرتين. وحلَّت محل سودانير أمساخٌ كيزانيةٌ سُمِّيت شركات طيران. وهي شركات تستخدم بضع طائرات بوينغ 337، مستعملة مستهلكة دخلت في عداد الأناتيك، إذ أن تاريخ صنعها يعود لعقود القرن الماضي. هذا، في حين ضم أسطول الإثيوبية الذي تعدى 150 طائرة، ولأول مرة وسط شركات الطيران في إفريقيا، طائراتٍ من أحدث ما أنتجته شركة أيربص الأوروبية، وهي طائرات: A350-900 وA350-1000 .

أما مطار الخرطوم الجديد المزعوم، فقد اقترضت عصابة الكيزان باسمه ثلاثةَ قروضٍ، لم يتعد مبلغ أكبر قرضٍ منها مليار دولار. وقد اختفت هذه القروض الثلاثة، جميعها، ولم ير الشعب منها سوى شارع أسفلت دائري هزيل، أحادي المسار طوله بضع كيلومترات. إضافة إلى لافتةٍ بائسةٍ منصوبةٍ في العراء جنوب حي الصالحة، تقول: هذا هو موقع المطار الجديد. وهذا، بطبيعة الحال، نموذجٌ واحد للتدمير الشامل الذي قام به الكيزان، الذي لم يترك مرفقًا من المرافق لم يطله، وأيضًا، للسرقات الوقحة التي لا عدَّ لها. أما التقرير الثاني وما صحبه من فيلم قصير، فقد تحدث عن غانا وعن ما يجري في مدنها من تحديث لافت. وكذلك، ما يجري في جامعاتها من تطوير، خاصة في المرافق الطبية الجامعية التي أصبحت تضاهي ما يجري في الدول الصناعية الكبرى.

هذان نموذجان لجهود التنمية والتحديث المتسارعة التي تجري في الأقطار الأفريقية. ومثل ذلك يجري، على قدمٍ وساقٍ أيضًا، في كينيا وفي يوغنده وفي تنزانيا، من مجموعة دول شرق إفريقيا. أما القعود والعجز والتراجع والتخريب المطرد فحالةٌ يجسدها بجدارة سودان عصابة الكيزان. فقد جلست هذه العصابة على دست الحكم لخمسة وثلاثين عامًا لم تصنع فيها غير الخراب والدمار. ولكي تخفي هذه العصابة الشيطانية عجزها الفاضح عن أي إنجاز يستحق الذكر، ولكي تتستَّر على لصوصيتها، وإجرامها، وتمحو كل سجلٍّ يشير إلى اولئك، عمدت إلى إشعال هذه الحرب اللعينة، لينطمس كل شيء، وليصبح أعلى ما يطمح السودانيون ويأملون فيه، هو مجرد أن تقف الحرب، لا أكثر! المدهش، أن هذه االعصابة الكيزانية الإجرامية الشيطانية قد شرعت في التفكير في الاستثمار في هذا الخراب الخرافي. فقد ظهر في الأخبار مؤخرً حديثٌ لبعض المسؤولين عن خطط للإعمار، وكأن الحرب قد انتهت. والأدهى أن الشركات المصرية هي المرشحة لتقوم بالدور الأعظم في جهود الإعمار المزعومة هذه. وهذا توجهٌ لفتح بابٍ جديدٍ لفسادٍ كبيرٍ سيفوق كل ما جرى في الخمسة وثلاثين عامًا الماضية، ولكن هيهات!!

[email protected]

* نشر بمجلة “أفق جديد”

الوسومأديس أبابا إثيوبيا الاتحاد الأفريقي البرهان السودان الكيزان ثورة ديسمبر د. النور حمد غانا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أديس أبابا إثيوبيا الاتحاد الأفريقي البرهان السودان الكيزان ثورة ديسمبر د النور حمد غانا أدیس أبابا

إقرأ أيضاً:

غدا أولى جلسة المحاكمة.. تفاصيل الجريمة اللآخلاقية ضد أطفــ.ال مدرسة الإسكندرية

تبدأ غدا الأحد أولى جلسات القضية التي شغلت الرأي العام قضية اغتيال البراءة والطفولة  وانعدام الضمير والأخلاق والدين.. فلا يوجد كلمات توصف حجم الجرم المرتكب في حق اطفال ابرياء لم يتجاوزوا الـ 5 سنوات..

اولى جلسات المحاكمة

تنظر محكمة جنايات الإسكندرية غدًا الاثنين، أولى جلسات محاكمة المتهم بالاعــ..ــتداء على طلاب مدرسة الإسكندرية للغات لبدء فصل جديد في القضيــ...ــة التي شغلت الرأي العام بمحافظة الإسكندرية.

إحالة المتهم لمحكمة جنايات الإسكندرية

وقرر المحامي العام الأول لنيابات استئناف الإسكندرية، إحالة المتــ...ــهم بالتــ..ــعدي على خمسة أطفال من تلاميذ مرحلة رياض الأطفال بالمدرسة الدولية الشهيرة، إلى محكمة جنــ..ــايات الإسكندرية، وذلك لمحاكمته بتهمتي الخطــ..ــف وهتــ..ــك العــ..ــرض.

وتضمن قرار الإحالة اتهــام العامل، الذي يعمل في مهنة «جنايني» بمدرسة الإسكندرية للغات، بخطــ..ــف المجــ..ــني عليهم وعددهم خمسة أطفال، عن طريق التحــ..ــايل، وارتكاب جريمــ..ــة هتــ..ــك العــ..ــرض داخل إحدى الغرف الملحقة بحديقة المدرسة.

الاعتداء متكرر

وكشفت التحقيقات أن المتــ..ــهم اعتــ..ــدى على الأطفال أكثر من مرة، وكان يرتكب أفعاله صباحًا قبل بدء الطابور المدرسي.

وكشفت تحقيقات النيابة العامة أن المتهم، مستغلاً عمله داخل المدرسة، تمكن خلال عام 2025 من استدراج خمسة أطفال، ثلاث فتيات وولدين، إلى غرفة جانبية “غرفة الجنايني” وهي ملحقة بفناء المدرسة، في منطقة بعيدة عن كاميرات المراقبة وأعين المشرفين.

وحسب ما ورد في أمر الإحالة، كان المتــ..ــهم يستغل براءة الأطفال وحداثة سنهم، موهمًا إياهم باللهو واللعب، ليتمكن من إبعادهم عن المشرفين وأعين الكاميرات.

تفاصيل قرار الإحالة

ووفقًا لأمر الإحالة، فإن الجــ..ــرائم التي ارتُكبت لم تكن واقعة منفردة، بل تكررت لعدة مرات بحق الضــ..ــحايا، وجميعهم مواليد عام 2020 لم يتجاوز عمرهم خمس سنوات، مستغلاً عدم قدرتهم على التمييز أو الإدراك.

وقد أثبت تقرير الطب الشرعي وقوع اعتداءات كاملة على الأطفال داخل محيط مؤسسة تعليمية كان يفترض أنها الأكثر أمانًا.

وأسندت النيابة العامة إلى المتهم عدة اتهامات خطيرة، من بينها: خطــ ــف الأطفال بالتحايل وإبعادهم عن المشرفين، وهتــ..ــك العرض بالقوة.

وبناءً عليه تقرر إحالة المتــ..ــهم إلى محكمة الجنايات بالإسكندرية لتبدأ أولى جلسات المحاكمة الاثنين المقبل.

القضـ..ـية فتحت الباب للمطالبة بتشديد الرقابة داخل المؤسسات التعليمية، وإعادة تقييم أنظمة الحماية والأمان فيها، لضمان ألا تتكرر مثل هذه المآســ..ــي التي سلــ..ــبت خمسة أطفال براءتهم، وتركت المجتمع كله في حالة صــ..ــدمة.

وأسندت النيابة العامة إلى المتهم عدة اتهامات خطيرة، من بينها:

خطف الأطفال بالتحايل وإبعادهم عن متولي رعايتهم.

هتك عرض طفلة بالقوة مستغلاً كونه خادمًا لدى المدرسة ومسؤولًا عن المساعدة في رعاية الأطفال داخل الفناء.

و أصدر المستشار خالد جلال، المحامي العام لنيابة المنتزه الكلية، قرارًا بـإحالة المتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمته وفق مواد الاتهام، مع استمرار حبسه احتياطيًا على ذمة القضية، وندب محامٍ للدفاع عنه وفقًا لنظام الدور، وإرفاق صحيفة الحالة الجنائية للمتهم، وإعلان المتهم بأمر الإحالة وقائمة أدلة الإثبات.

طباعة شارك الاسكندرية هتك عرض اطفال مدرسة الاسكندرية اولى محاكمة المتهمة جنيات الاسكندرية

مقالات مشابهة

  • بسام راضي: سياسة أديس أبابا تهدد أمن مصر والسودان القومي.. فيديو
  • نداء إلى رئيس الوزراء
  • الشرع يؤكد استعادة هوية سوريا بعد خمسة عقود من الظلم والفساد
  • لموظفي الحكومة .. إجراءات جديدة لمحو الجزاءات التأديبية
  • الاحتلال يفرج عن خمسة أسرى من غزة
  • رئيس الجمهورية يتسلّم أوراق إعتماد خمسة سفراء جُدد
  • غدا أولى جلسة المحاكمة.. تفاصيل الجريمة اللآخلاقية ضد أطفــ.ال مدرسة الإسكندرية
  • غدًا.. محاكمة المتهم بالاعتداء على طلاب مدرسة الإسكندرية للغات
  • زيلينسكي: أوكرانيا وأمريكا ناقشتا القضايا الرئيسية التي قد تضمن إنهاء الحرب
  • قتلى في اشتباكات حدودية بين باكستان وأفغانستان