أزمة غير مسبوقة.. ربع سكان الأرض يواجهون إجهادا مائيا مرتفعا
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
قال معهد "وورلد ريسورسز" إن ربع سكان العالم حاليا يواجهون "إجهادا مرتفعا لمصادر المياه"، ومن المتوقع أن يتأثر مليار شخص إضافي بحلول عام 2050.
وذكر تقرير للمعهد أن العالم أمام "أزمة مياه غير مسبوقة" مدفوعة بارتفاع الطلب على المياه الصالحة للشرب وأزمة المناخ المتسارعة.
وبحسب التقرير الذي يصدر كل أربعة أعوام فإن مصطلح "الإجهاد المائي المرتفع" يشير إلى أن البلدان تستخدم كل المياه التي لديها، أو على الأقل 80 بالمئة من إمداداتها.
وأكد أن التعايش مع هذا المستوى من الإجهاد المائي يعرض حياة الناس ووظائفهم وأمن الطاقة والغذاء للخطر.
وأضاف أن النمو السكاني والتنمية الاقتصادية وتغير المناخ ستؤدي إلى تفاقم الإجهاد المائي بدون توفر إدارة جيدة لملف المياه.
أسباب الإجهاد المائي
وأكد تقرير المعهد أن الطلب على المياه تضاعف عالميا، منذ عام 1960، بسبب تزايد عدد السكان واتساع رقعة الصناعة والزراعة.
ويؤثر نقص الاستثمار في البنية التحتية للمياه، وسياسات الاستخدام غير المستدام أو التقلب المتزايد بسبب المناخ، على إمدادات المياه المتاحة، بحسب التقرير
ويقيس الإجهاد المائي ، نسبة الطلب على المياه إلى العرض المتجدد فكلما كانت الفجوة بين العرض والطلب أصغر، كلما كان المكان أكثر عرضة لنقص المياه، وفقا للمعهد.
دول تتعرض لضغوط مائية
وذكر التقرير أن 25 دولة، تمثل 25 بالمئة من سكان العالم، تعاني من إجهاد مائي مرتفع للغاية كل عام.
وكانت البحرين والكويت ولبنان وعمان، بالإضافة إلى قبرص، ضمن الدول الأكثر تضررا.
وأشار التقرير إلى أن الإجهاد المائي في هذه البلدان ناتج في الغالب عن انخفاض العرض، مقترنًا بالطلب من الاستخدام المنزلي والزراعي والصناعي.
وبحسب التقرير فإن أكثر المناطق التي تعاني من الإجهاد المائي هي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يتعرض 83 بالمئة من السكان لإجهاد مائي مرتفع للغاية، بينما يتعرض سكان جنوب آسيا ، للظاهرة بنسبة 74 بالمئة.
وأوضح التقرير أن الجفاف قصير المدى يمكن أن يعرض هذه الأماكن لخطر نفاد المياه، كما حدث في إنجلترا والهند وإيران والمكسيك وجنوب إفريقيا.
الوضع يتفاقم
يقول التقرير إنه بحلول عام 2050، من المتوقع أن يعيش مليار شخص إضافي مع إجهاد مائي مرتفع للغاية.
وتوقع المعهد أن يزداد الطلب العالمي على المياه بنسبة 20 إلى 25 بالمئة بحلول عام 2050، بينما سيزداد عدد مستجمعات المياه التي تواجه تقلبات عالية من سنة إلى أخرى ، أو إمدادات مياه أقل قابلية للتنبؤ ، بنسبة 19بالمئة.
وأشار إلى أن 100 بالمئة من سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سيعيشون مع إجهاد مائي مرتفع للغاية بحلول عام 2050.
ونوه المعهد إلى أن هذه مشكلة لا تمس فقط المستهلكين والصناعات المعتمدة على المياه، لكن تمس الاستقرار السياسي في البلدان.
تأثيرات الإجهاد المائي
أكد تقرير المعهد أن الإجهاد المائي يهدد النمو الاقتصادي للبلدان وكذلك الأمن الغذائي في العالم، حيث سيتعرض 31 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لإجهاد مائي مرتفع بحلول عام 2050.
وسيؤدي نقص المياه إلى توقف بعض الصناعات وانقطاع الطاقة وخسائر كبيرة في الإنتاج الزراعي، وفق التقرير.
وأردف المعهد أن الأمن الغذائي العالمي هو أيضا في خطر، إذ تواجه 60 بالمئة من الزراعة المروية في العالم إجهادا مائيًا مرتفعًا للغاية لا سيما قصب السكر والقمح والأرز والذرة.
خطوات للحد من أزمة المياه
يقترح التقرير تدابير مختلفة لمنع تحول الإجهاد المائي إلى أزمة عالمية تشمل، اعتماد الإدارة المتكاملة لموارد المياه في البلدان، بالإضافة لتعزيز البنية التحتية للمياه من خلال الحلول القائمة على الطبيعة والبنية التحتية الخضراء.
ويتوجب على بنوك التنمية الدولية وغيرها من المقرضين، النظر في البرامج الاستراتيجية لتخفيف أعباء الديون كمقايضتها بالطبيعة أو الالتزام بالاستثمار في التنوع البيئي والحفاظ على الأراضي الرطبة.
كما أنه على صناع القرار في البلدان المجهدة مائيا، إعطاء الأولوية لمصادر الطاقة النظيفة في مجال المياه كالاعتماد على الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح لتجنب انقطاع التيار الكهربائي بسبب نقص المياه، وتطوير خطة عمل في المدن للحفاظ على المياه أو إنشاء مصادر مياه جديدة في المدن، كما يتطلب من المزارعين ترشيد استهلاك المياه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات أزمة مياه الجفاف الاحتباس الحراري التغير المناخي الجفاف أزمة مياه شح المياه سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بحلول عام 2050 على المیاه بالمئة من إلى أن
إقرأ أيضاً:
مفارقة الوفرة والظمأ.. الشح المائي يهدد 4 ملايين ليبي
لطالما أُرجئت أزمة المياه في ليبيا إلى هامش الأولويات، محجوبة خلف وهْم وفرة مشروع النهر الصناعي التي لا تنضب، إلا أن الواقع اليوم بات يفرض -وفق المتابعين- معادلة أخرى، في ظل تقارير عن شح مائي تعاني منه البلاد.
فمع تجاوز العجز المائي اليومي نصف مليون متر مكعب، باتت ندرة المياه خطرا داهما يواجه ما يقرب من نصف الليبيين البالغ عددهم 7.4 ملايين نسمة، وفق موقع وورلد ميتر.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4أزمة مياه وتجويع وبلدية غزة تناشد للتدخل العاجلlist 2 of 4الجفاف يهدد الأمن الغذائي في سورياlist 3 of 4التنوع البيولوجي بين مخاطر التغير المناخي والأنشطة البشريةlist 4 of 4تغيّر المناخ يُفقد قطاع الزراعة الأوروبي 31 مليار دولار سنوياend of listوتعتمد ليبيا بشكل شبه كامل على المياه الجوفية التي تمثل 97% من إجمالي المياه المستخدمة للأغراض الزراعية والصناعية والاستخدام المنزلي المنزلية، وتعود مشكلة ندرة المياه إلى معادلة زيادة الطلب وتراجع مستوى هطول الأمطار خلال الأعوام الأخيرة.
وفي عام 1984، أطلق مشروع النهر الصناعي الذي صُمّم لنقل المياه من الأحواض الجوفية العميقة في الجنوب نحو الشمال عبر شبكة تمتد لأكثر من 4 آلاف كيلو متر، وبطاقة تصل إلى 6.4 ملايين متر مكعب يوميا.
توقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن تواجه ليبيا مع حلول عام 2025 عجزا مائيا سنويا يبلغ 4.2 ملايين متر مكعب، نتيجة الاستنزاف والاستغلال غير المستدام للمياه الجوفية وانهيار البنية التحتية، وتآكل شبكات النقل والتوزيع، ناهيك عن التغيرات المناخية وما صاحبها من تراجع لكميات الأمطار.
كما رصدت منظمة اليونيسيف في تقرير سابق ما يمكن وصفه بالمؤشرات المجتمعية للعجز المائي في ليبيا، إذ بات أكثر من 4 ملايين مواطن ليبي يواجه خطر العطش، فضلا عن تجاوز العجز المائي اليومي 581 ألف متر مكعب.
وفي مقاربة أخرى، قدم مدير المكتب الإعلامي لمشروع النهر الصناعي الحسن بوخريص، في تصريحه للجزيرة نت، قراءة أكثر تحفظا تجاه ما يُتداول من تحذيرات بشأن قرب نضوب المياه الجوفية في ليبيا، موضحا أن معظم هذه التحذيرات تستند إلى دراسات وأوراق بحثية أجنبية، تفتقر إلى الدقة الميدانية.
إعلانوأضاف أن مشروع النهر الصناعي صُمم ليدعم الزراعة والصناعة، لكن غياب البدائل حوله تدريجيا إلى المورد الأساسي، وهو دور لم يُصمم لتحمّله منفردا، حسب تصريحه.
وصوب بوخريص في حديثه للجزيرة نت الشائعات المتداولة حول تكلفة المشروع، إذ يُشاع أنه كلف 30 مليار دولار، بينما التكلفة الفعلية لم تتجاوز 15 مليار دينار ليبي وفق البيانات الرسمية، أي نحو 10 مليارات دولار.
وفي معرض تحديد المسؤوليات، أوضح بوخريص أن دور جهاز النهر الصناعي يظل فنّيا وتنفيذيا بحتا، ينحصر في استخراج المياه من الخزانات الجوفية ونقلها إلى مناطق الاستهلاك، دون أن يمتد إلى وضع السياسات المائية أو رسم إستراتيجيات الإدارة.
وفيما يتعلّق بالموارد، أشار المكتب إلى أن ليبيا لا تزال تحتفظ بأحد أكبر الخزانات الجوفية في شمال القارة الأفريقية، غير أن هذا الطرح التطميني لم يُغفل الإقرار بوجود جملة من التحديات البنيوية المتمثلة في:
– سوء التوزيع على المستوى الجغرافي والمؤسسي.
– الانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي والتي تعيق انتظام الضخ.
– الاعتداءات المستمرة على مكونات البنية التحتية من خطوط وأنابيب ومحطات.
وفي هذا السياق، زوّد المكتب الإعلامي لمشروع النهر الصناعي الجزيرة نت بدراسة فنية تفصيلية، تضمنت مؤشرات دقيقة على وضع المخزون المائي الراهن تضمنت ما يلي:
– انخفاض مناسيب الأحواض الجوفية بـ15 مترا خلال العقدين الماضيين.
– تآكل نوعي في صلاحية المياه نتيجة ارتفاع ملوحة المياه في عدد من الآبار الإنتاجية بأكثر من 30%.
– رصد فاقد مائي كبير يتراوح في بعض المدن ما بين 30% و45%، نتيجة التسرّبات وضعف أعمال الصيانة.
– نحو 60% من محطات معالجة المياه لا تعمل بكامل طاقتها التصميمية أو متوقفة بالكامل.
بدوره، يرى أستاذ هندسة الموارد المائية وإدارتها في جامعة بنغازي الدكتور صلاح بوعوينة، في تصريحه للجزيرة نت، أن تعقيدات المشهد المائي في ليبيا لم تعد تحتمل المعالجات التقليدية، لا سيما في ظل تسارع التغيرات المناخية، واتساع رقعة الإجهاد الجوفي، وتضاؤل جدوى الحلول التوسعية غير المقيدة بضوابط الطلب.
إعلانوحسب بوعوينة، فإن السلطات الليبية مطالبة اليوم بالانتقال من نموذج توفير المورد بأي ثمن إلى نموذج يقوم على إدارة رشيدة للطلب المائي، أساسه تقني، ومخرجه سياسي، يعيد ضبط أولويات الاستهلاك، ويوزع الموارد على أساس الحاجة والكفاءة لا النفوذ الجغرافي أو التوسع العشوائي.
وهذا النموذج الذي اقترحه بوعوينة للجزيرة نت يضع في جوهره ترشيد الاستهلاك المدني عبر عدادات ذكية ونُظم تسعير مرنة، تضمن حماية الفئات الضعيفة دون التساهل في الهدر المنزلي أو المؤسسي.
كما يدعو إلى مراجعة جذرية لواقع الشبكات المحلية، التي يتجاوز الفاقد فيها في بعض المدن 40%، نتيجة التسرّب والتقادم وغياب الصيانة.
وفيما يتعلق بالحقول الزراعية، يرى بوعوينة أن إعادة هيكلة الدعم، وتوجيهه نحو الزراعة الذكية والمقاومة للجفاف، باتت مسألة تتعلق بالأمن القومي وليس مجرد إصلاح قطاعي.
أما في جانب الحوكمة والاستغلال الرشيد للمياه، يشدّد بوعوينة على أهمية تأسيس مرصد وطني موثوق للمياه، ينسّق البيانات، ويراقب الاستهلاك، ويضمن التوزيع العادل على مختلف البلديات.
وشدّد بوعوينة في حديثه للجزيرة نت على أهمية استهداف المناطق الهشة، وعلى رأسها الجنوب الليبي الذي يعاني تهميشا مزمنا في شبكات الإمداد.
وفيما يخص إعادة استخدام المياه المعالجة، ضرب بوعوينة مثالا بالتجربة التونسية التي تستخدم المياه المعالجة لأغراض زراعية، لكن نجاح هذا الخيار في ليبيا مشروط بإعادة تأهيل محطات المعالجة المتعطلة، وكسر الحاجز النفسي لدى المواطنين تجاه المياه المعاد استخدامها.
وتمتلك ليبيا أحد أكثر السواحل ملاءمة لتقنية تحلية المياه في المنطقة، بحسب بوعوينة، إلا أن هذه الخطوة تواجه عددا من التحديات، أبرزها ارتفاع الكلفة التشغيلية لتحلية مياه البحر، ناهيك عن الأضرار البيئية على النظم البحرية نتيجة التخلص من الرجيع الملحي الذي يُعاد ضخه إلى البحر، وفق قوله.
ولتجاوز هذه العوائق يوصي بوعوينة بمجموعة من الحلول التي قد تقلل من الإجهاد المائي في البلاد ومن بينها:
– إنشاء محطات تحلية تعتمد على الطاقة الشمسية في المناطق المعزولة.
– تحلية المياه الجوفية ذات الملوحة المنخفضة في المناطق الساحلية.
– تحديث وتوسعة المحطات القائمة بالفعل، بدلا من التوسع في بناء مشاريع جديدة.
وفي المحصلة، خلصت توصيات بوعوينة إلى أن التقنيات وحدها لا تحل الأزمات، لذلك لا بد أن تُصاغ سياسات التحلية وإعادة الاستخدام ضمن رؤية وطنية متكاملة، تربط الأمن المائي بالسيادة، والإدارة الرشيدة بالاستقرار المستقبلي، حسب تصريحه.