هل الماركسية اللينينية نظرية علمية؟ (2 -7)
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
صديق الزيلعي
الذين تعرفوا على الماركسية من الكتب السوفيتية، خاصة مطبوعات دار التقدم، ترسخت في عقولهم عبارات ومصطلحات، من كثرة استخدامها وتكرارها. البعض يعتقد بصحة تلك المقولات والمصطلحات، ويستخدمها في طرحه. وهذا مفهوم، لان الدولة السوفيتية هي أول تطبيق لذلك النظام الذي حلمت به الشعوب، لزمن طويل. فصارت انموذجا للنظام الاشتراكي، الذي له بريق خلاب لكل الكادحين في العالم.
فلنقرأ الفقرة الثانية من نقده لطرحي:
" اتهم الزيلعي بعض كوادر الحزب بتقديس نصوص ماركس ولينين، مدعيًا أنهم يتعاملون مع أفكار كتبت قبل قرنين كما لو كانت حلولًا جاهزة لكل قضية. هذا الاتهام يعكس فهمًا مشوهًا لطبيعة الماركسية، التي هي ليست مجموعة نصوص مقدسة، بل منهج علمي لتحليل الواقع وتغييره.
إن النصوص الكلاسيكية لماركس وإنجلز ولينين ليست جامدة، بل تشكل أساسًا فكريًا يمكن تطويره. وهذا ما يفعله الحزب الشيوعي السوداني منذ نشأته، حيث كان دائمًا في طليعة القوى التي تتفاعل مع خصوصية الواقع السوداني، مما يتجلى في برامجه ونضالاته الشعبية."
أقول وبإختصار:
• لم اتهم هؤلاء بتقديس النصوص الماركسية، بل هي الحقيقة. ولقد عايشت ذلك لعقود طويلة من الزمن، ولامسته ملامسة حقيقية. ولم أقرأ عن عبادة النصوص في الكتب، أو أخبرني بها أحد الأعداء.
• القول بأنها منهج علمي ونظرية علمية، يتناقض مع مفهوم العلمية. فقد وصلت البشرية لقوانين علمية، مثبتة ومؤكدة، بأسس ومناهج البحث التجريبي، وصارت قوانين علمية مجمع عليها، في كل انحاء العالم. اما الماركسية فهي نظرية فلسفية سياسية، واجتهاد فكري، قابل للخلاف والاختلاف، وليست قوانين علمية. ويمكن تقديم عشرات المقولات الماركسية الكلاسيكية التي اثبت الواقع والممارسة عدم صحتها، بل في أحيان أخري فشلها. نؤمن بانها نظرية فلسفية اجتهدت لتقديم قراءة للواقع، وتقديم برنامج لتغيير ذلك الواقع. بهذا الفهم فهي نظرية للتغيير الاجتماعي.
• نعم هي ليست مجموعة نصوص مقدسة. لذلك ظهرت عشرات التفسيرات لها. واجتهد المفكرون والفلاسفة على مر العصور لتقديم قراءاتهم لها. وهذا يطرح السؤال الجوهري: هل توجد ماركسية واحدة أم هناك ماركسيات متعددة؟ هل ماركسية قرامشي او لوكاش أو روزا هي ماركسية لينين. واقتطف هذه الفقرة من مقال للدكتور رفعت السعيد، وهو أحد أشهر الماركسيين المصريين، جاء في مقال نشرته مجلة الطريق اللبنانية، وهو تعبير صادق ينطبق على معظم الماركسيين العرب: " ما هي السلفية، ان لم تكن بالضبط ما فعلناه بأنفسنا، أو ما اجبرنا على فعله بأنفسنا، عندما تصورنا ان اتقان الماركسية، او بالدقة (التمركس)، هو استعادة النص؟ ألم يكن الأفضل بيننا هو الاقدر على الالتحاق بالنصوص وانتزاع قصاصات منها ليلصقها باليسر أو بالإكراه على كل أسطر كتاباته؟ وهل تجاسر أحد منا ان يطرح رأيا، أو فكرة، أو موقفا، او اجتهادا دون ان يجهد نفسه بحثا عن نص يصادق على ما يقول، كي نستطيع نحن ان نصدقه؟ " وأضاف: "كان التطوير، أو التغيير، أو التحوير، أو التفسير ملكا خاصا للشقيق الاكبر"
• نعم هي أساسا فكريا يمكن تطويره، لذلك اجتهد الكثيرون من أجل تطويره، وحتى في كثير من الأحيان الوصول لاستنتاجات مناقضة لما كتبه ماركس أو لينين. وهذا هو التحدي المطروح امام كل من ينتمي لليسار الماركسي السوداني. وهو تحدي يحتاج لجهود جماعية وكبيرة وشاقة.
• القاء على عواهنه سهل، لكن اثباته يحتاج لجهد. الحديث المجرد الذي يقول بان الحزب الشيوعي السوداني، يفعل هذا التطوير، لا يصح هنا. فقط المطلوب ابراز أمثلة محددة خالف فيها الحزب الشيوعي السوداني أطروحات الماركسية السوفيتية (التي اشتهرت باسم الماركسية اللينينية).
siddigelzailaee@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الجمعية الفلكية السورية: التقويم الهجري دقة علمية ومرجع لحسابات الملاحة الفضائية
دمشق-سانا
يجمع التقويم القمري الإسلامي بين الدقة العلمية والهوية الحضارية، متجاوزاً كونه أداة زمنية إلى نظام كوني يُعتمد عليه في أرقى التطبيقات العلمية المعاصرة.
وأكد رئيس الجمعية الفلكية السورية الدكتور محمد العصيري أن التقويم الهجري الذي بدأ اليوم عاماً جديداً يوافق 1447 هـ، وأنه التقويم الأكثر دقة عالمياً لكونه نظاماً فلكياً ذاتي التصحيح، لا يخضع للتدخل البشري، موضحاً أن هذه الميزة جعلته مرجعاً موثوقاً حتى في حسابات الملاحة الفضائية المعقدة التي تجريها وكالات الفضاء العالمية.
ولفت العصيري في تصريح لـ سانا إلى أن اعتماد التقويم على دورة القمر حول الأرض لتحديد بداية الأشهر يمنحه آلية تصحيح تلقائية؛ فإذا أخطأ الراصد في رؤية الهلال ليلةً، سيظهر بوضوح في الليلة التالية، وبفضل هذه الدقة، أصبح التقويم القمري أداة أساسية لوكالات الفضاء وعلماء الفلك في حساب حركة الأجرام السماوية وتخطيط الرحلات الفضائية، نظراً لارتباطه بجرم سماوي قريب من الأرض.
من الناحية التاريخية، أشار العصيري إلى أن العمل بالتقويم الهجري بدأ رسمياً في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي أرّخ الأحداث الإسلامية بهجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث وافق أول محرم سنة 1 هـ السادس عشر من تموز/يوليو 622 م.
وبين رئيس الجمعية الفلكية العصيري أن السنة القمرية تتكون من 12 شهراً بمتوسط 354 يوماً، مع سنوات كبيسة تضم 355 يوماً، ويبلغ الفرق السنوي بين التقويمين الشمسي والقمري نحو 11 يوماً.
ولفت العصيري إلى أن الاعتماد على التقويم الهجري يؤكد ارتباط الإسلام بالعلم، ما يفسر الاهتمام العالمي به، فحتى الدول الغربية تعتمد حساباته الفلكية عند تحديد الأعياد الإسلامية كعطل رسمية، ما يؤكد موثوقيته في المجالات العلمية والحياتية.
تابعوا أخبار سانا على