خلافات البرلمان العراقي: هل أصبحت القوانين رهينة المصالح السياسية؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
ديسمبر 3, 2024آخر تحديث: ديسمبر 3, 2024
المستقلة/- تنعقد اليوم الثلاثاء جلسة مجلس النواب العراقي الـ19 في فصله التشريعي الثاني، وسط أجواء مشحونة بالتوترات والخلافات السياسية التي قد تعصف بأبرز مشاريع القوانين المطروحة. القوانين التي ينتظر العراقيون إقرارها بفارغ الصبر، مثل “التعديل الثاني لقانون العفو العام” و”مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية” و”مشروع قانون إعادة العقارات إلى أصحابها”، قد تكون عرضة للتأجيل مجددًا بسبب الانقسامات العميقة بين القوى السياسية.
وفي وقت حساس، يتساءل العراقيون: هل أصبحت هذه القوانين مجرد أوراق ضغط سياسية، أم أنها تعكس فعلاً إرادة حقيقية للتغيير والإصلاح؟ بعد فشل مجلس النواب في إقرار هذه القوانين يوم الإثنين بسبب الخلافات المحتدمة، أصبح الأمر أكثر وضوحًا أن الإشكال يكمن في المصالح السياسية الضيقة التي تتحكم بمسار التشريعات بدلًا من مصلحة المواطن.
العفو العام: هل هو حق أم صفقة سياسية؟
من المتوقع أن يكون “التعديل الثاني لقانون العفو العام” موضوع نقاش حاد في جلسة اليوم، في وقت يخشى فيه البعض أن يصبح القانون أداة للمساومة السياسية. فهل فعلاً يهدف هذا التعديل إلى منح الفرصة للمساجين للعودة إلى حياتهم، أم أنه مجرد صفقة سياسية بين الكتل لتصفية حسابات قديمة؟ من الواضح أن الخلافات حول هذه الفقرة قد تجعل تمرير القانون غير ممكن في الوقت القريب، مما يزيد من الشكوك حول النوايا الحقيقية وراء التعديلات.
قانون الأحوال الشخصية: معركة بين الحداثة والتقاليد
أما “مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية”، فهو الآخر من القوانين التي من المتوقع أن تثير جدلاً واسعًا. هذا التعديل لا يتعلق فقط بالحقوق الأسرية، بل بالهوية الثقافية والدينية للمجتمع العراقي. ففي حين أن البعض يراه خطوة نحو الحداثة والمساواة، يعتبره آخرون تعديًا على القيم والعادات المحلية. هل ستكون هذه المعركة بين التقاليد والحداثة سببًا في تعطيل التغيير الحقيقي في العراق، أم ستكون بداية لمرحلة جديدة من التوازن بين الحريات الفردية والحقوق المجتمعية؟
إعادة العقارات: هل هي صفقة جديدة؟
وأخيرًا، مشروع قانون “إعادة العقارات إلى أصحابها”، الذي يأتي بعد سنوات من قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، قد يكون أكثر القوانين إثارة للجدل. إذ يشمل هذا القانون إعادة ممتلكات استولت عليها الأنظمة السابقة، وهو أمر يفتح بابًا للعديد من التساؤلات حول كيفية التعامل مع تلك الممتلكات وأصحابها الحاليين. هل سيتم إرجاع هذه العقارات بطريقة عادلة، أم أن عملية التوزيع ستكون مليئة بالتلاعبات السياسية؟
المصالح السياسية على حساب المواطن
بغض النظر عن التعديلات القانونية والجدل المثار حولها، يظل السؤال الأهم: هل يتم تفعيل هذه القوانين من أجل تحسين حياة المواطن العراقي، أم أنها مجرد أدوات للمساومة السياسية بين القوى المتنفذة؟ في الوقت الذي يحتاج فيه العراق إلى إصلاحات حقيقية، تبقى هذه القوانين رهينة للمصالح السياسية، وقد تستمر في خدمة بعض الأطراف أكثر من خدمة الشعب الذي ينتظر تحسنًا حقيقيًا في أوضاعه.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: هذه القوانین
إقرأ أيضاً:
دين الإسلام أو دين النفعية
النفعية هي العقيدة التي يؤمن صاحبها بأن المصالح والمال هي الأساس في كل علاقة أو كل عبادةٍ يؤديها، وليس في حساباته أي عملٍ لله ويرى في ذلك نوعاً من الضياع والضحك على الدقون، وأتباع هذا الدين كُثر، وقد تحدث عنهم القرآن الكريم باعتبارهم منافقين لا على دين الإسلام الصحيح، فالإسلام يعني التسليم المطلق بالله وبكل توجيهاته ولو على حساب المصالح الفردية، كما كان كل الأنبياء عليهم السلام، وأولهم سيدنا إبراهيم الذي استجاب هو وابنه للتوجيهات الإلهية بشأن الذبح دونما جدالٍ أو نقاش.
وبمقابل هذا الدين الصحيح ظهرت أديانٌ مختلفة جوهرها يقوم على المصالح الشخصية والمماطلة تجاه التوجيهات الإلهية، خاصةً فريضة الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهذا مالت الكفة لصالح الطغاة منذ التحاق النبي صلى الله عليه وآله بالرفيق الأعلى، فقد مال الناس عن وصيه بدواعٍ نفعية كالحفاظ على مصالح الأمة وعدم الانجرار في الفتنة ولم يعلموا أنهم في الفتنة سقطوا، وجروا خلفهم الأمة بكل أجيالها اللاحقة.
إلى منتصف القرن التاسع عشر، ظهر اليهودي “كارل ماركس” ليجعل من النفعية ديناً رسمياً تحت عنوان “الاشتراكية” وقال مقولته الشهير بــ “أن الدين أفيون الشعوب” و”لا إله والحياة مادة” أن الصراع في الحياة ليس ديني بين معسكري الحق والباطل، وإنما صراع مصالح بين أطرف وجماعات تبحث عن السلطة والنفعية المطلقة، ومن هنا تحول الكثير إلى هذا الدين بعد أن ظنوه الأقرب إلى الواقع وإلى المصالح الخاصة بهم.
وحتى اليوم، لا يزال الكثير من أبناء الأمة على دين كارل ماركس حتى لو لم يسمعوا به من قبل، فمصالحهم الفردية هي الدافع لكل تحركاتهم في الحياة، وحتى لو كان ذلك التحرك النفعي على حساب الآلاف المؤلفة من الضحايا الأبرياء من أبناء أمتهم، ولنا في اليمن وفلسطين الشواهد الأبرز على ذلك، فليس لمرتزقة اليمن، وأمثالهم من خونة فلسطين، أي دافع قد يبرر خيانتهم لشعوبهم وأوطانهم سوى الانسياق خلف المصالح الفردية، فهي في الواقع دينهم الذي يدينون به، وهذا هو التفسير الأقرب لخيانتهم للدين الإسلامي وتجاهلهم للتوجيهات القرآنية الصريحة حول الاعتصام بالله والوحدة الإسلامية في مواجهة التآمر الجمعي لأهل الكتاب ضد أبناء الأمة الإسلامية.
أما حديثهم عن الدين، فهو مصداق لمقولة الإمام الحسين بن علي عليهم السلام: (الناس عبيد الدنيا، وما الدين إلا علقة يلوكونها بأفواههم)، وللأسف، فإن هذا الدين النفعي كان سبباً حتى في هلاك أتباعه من المنافقين والجهلة، وقد رأينا كيف أن الأمة عندما تخلت عن الإمام الحسين خوفاً على المصالح الفردية، دفعت بمصالح أفرادها وحياتهم ثمناً لذلك السكوت، فقد انتقم الطغيان الأموي من كل المسلمين واستباح كل المحرمات والأعراض، وبلغ بهم الأمر أن يهدموا حتى الكعبة، بيت الله الحرام، وذبح المصلين وهم يتعلقون بأستارها، وهذا النموذج لا يزال ماثلاً حتى أيامنا هذه.
ولو أن المرتزقة في اليمن، نجحوا في السيطرة على صنعاء، كما فعلوا في عدن لكانت النتيجة كارثية بكل المقاييس، فلدى العدو الخارجي ما يستبيح وينتهك في العاصمة بأضعاف ما كان منه في عدن وتعز والساحل الغربي، أما المرتزقة فهم مطيته إلى أوطانهم وأعراضهم، وستخلى عنهم عند انتهاء الحاجة إليهم، ورأينا في عدن كيف استأجرت الإمارات مرتزقة صهاينة لتصفية شيوخ ودعاة حزب الإصلاح، وهم الذين سلموا المدينة للاحتلال وأعلنوا حتى الجهاد إلى جانبه، فكان جزاؤهم جزاء سنمار ولا بواكي لهم في ذلك.
والأولى بنا أن نتجنب تلك العقائد النفعية لما لهم من ضررٍ بالغٍ على حياتنا ومصالحنا، ولا بديل لدفع شرها إلا باتباع الوعود القرآنية التي دعتنا للوحدة الإسلامية في مواجهة أهل الكتاب، ورفض كل مشاريع موالية لهم حتى لو كانت في ظاهرها تستعمل السردية الدينية، فالعدو الصهيوني ذاته لا يتورع في استخدام العناوين الإسلامية، وكذلك أذنابه من آل سعود وآل زايد، وهم في طريقهم لضرب الأمة وقتل أبنائها وهدم كل مقدسٍ في دين المسلمين.