صراع النفوذ والنفط يهدد استقرار حضرموت اليمنية
تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT
تعز- يتواصل تصاعد التوتر الأمني والعسكري في محافظة حضرموت شرقي اليمن، وسط صراع نفوذ لافت في أكبر محافظات البلاد مساحة والغنية بثروات النفط.
ويشترك في هذا الصراع المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تشكل عام 2017 ويطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، ويقول إنه يسعى إلى قيام "دولة جنوبية مستقلة" وإعادة الأوضاع إلى ما قبل تحقيق الوحدة اليمنية في 1990 بين دولتي الشمال والجنوب سابقا.
وفي الطرف المقابل حلف قبائل حضرموت الذي تأسس عام 2013، ويضم شخصيات قبلية واجتماعية وأكاديمية ودينية بارزة، ولديه قوات حماية حضرموت، ويقول إنه يسعى إلى حكم المحافظة حكما ذاتيا حفاظا على سيادتها وثرواتها، ويرفض استقدام أي قوات من خارج المحافظة.
وبين الطرفين الأول والثاني هناك آخر ثالث يتمثل في قوات المنطقتين العسكريتين الأولى والثانية، وهما تابعتان لوزارة الدفاع، لكن قيادتهما منقسمة بين تأييد الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، مما يجعل الواقع في حضرموت أكثر تعقيدا، وسط صراع نفوذ أثار مخاوف الرأي العام في عموم اليمن.
تطور الصراعومنذ نحو أسبوع تطور الصراع بشكل ملحوظ عقب دفع المجلس الانتقالي الجنوبي بتعزيزات عسكرية يطلق عليها قوات "الدعم الأمني" يقودها العميد صالح علي بن الشيخ أبو بكر المعروف باسم "أبو علي الحضرمي".
وبنبرة حادة، قال الحضرمي في كلمة مصورة وهو يرتدي بزة عسكرية إن قدر حضرموت مرهون بما سماه "الجنوب العربي"، وهو وصف يتخذه المجلس الانتقالي مسمى لدولته التي يسعى إليها في جنوب اليمن.
وأضاف أن ما يقوم به رئيس حلف قبائل حضرموت عمرو بن حبريش في هضبة حضرموت عمل مدان، متوعدا بأن قواته ستقوم بقطع الإمدادات العسكرية عن قوات حماية حضرموت التابعة للحلف الموجودة في هضبة المحافظة.
وعقب هذه التصريحات المثيرة للجدل دفع المجلس الانتقالي بقوات عسكرية من محافظة شبوة إلى حضرموت، مما أدى إلى تزايد المخاوف لدى حلف قبائل حضرموت بشأن نوايا المجلس.
إعلانوقادت هذه التطورات حلف قبائل حضرموت إلى لقاء قبلي موسع دعا إليه رئيس الخلف الخميس الماضي، وشاركت فيه شخصيات قبلية واجتماعية وسياسية، واعتبره الحلف لقاء تاريخيا.
وخلال الاجتماع -الذي عُقد في منطقة العليب بهضبة حضرموت- قال عمرو بن حبريش في كلمة مصورة تابعها مراسل الجزيرة نت إن هناك تهديدات تطال حضرموت وأمنها واستقرارها، مما يستدعي التصدي لها بكل الوسائل وعدم التستر على المخاطر والمغالطات.
واستنكر الزعيم القبلي عمرو بن حبريش استقدام ألوية وقوات من خارج المحافظة، في إشارة إلى "قوات الانتقالي" رغم أن حضرموت نموذج في الأمن والاستقرار وتشيد به مختلف القيادات والجهات، حسب تعبيره.
ورغم حدة الخطابات فإن المجلس الانتقالي وحلف قبائل حضرموت سبق أن أشارا إلى أهمية أمن وتنمية المحافظة والحفاظ على ثروات أبنائها.
في المقابل، يصطدم هذا الخطاب بالتحشيد العسكري على الأرض، وسط تحذيرات من انفجار وشيك للوضع في هذه المحافظة المسالمة.
وفيما يبدو ردا على تحشيد قوات المجلس الانتقالي أعلن حلف قبائل حضرموت تحركا عسكريا فعليا تمثل في سيطرة قواته على حقول النفط التابعة لشركة بترومسيلة التي تعد من أهم الشركات النفطية في اليمن.
وقال زعيم الحلف عمرو بن حبريش -في بيان- إن وحدات من قوات تابعة له "قامت صباح السبت الماضي بتأمين منشآت حقول نفط المسيلة بغرض تعزيز الأمن فيها والدفاع عن الثروات الوطنية من أي اعتداء أو تدخّل خارجي باعتبارها ثروة شعب وتحت غطاء الدولة الشرعية الرسمية".
في المقابل، اتهم قائد المنطقة العسكرية الثانية (تتبع وزارة الدفاع) القوات التابعة لعمرو بن حبريش بـ"اقتحام المنشأة النفطية والاعتداء على القوات الحضرمية المكلفة بحمايتها"، متوعدا بأنه "لن يسمح بذلك وسيضرب بيد من حديد".
ويُتهم قائد المنطقة العسكرية الثانية بأنه موال للمجلس الانتقالي الذي يشارك أيضا في الحكومة المعترف بها دوليا وفي مجلس القيادة الرئاسي، مما يجعل الوضع مليئا بالتداخلات والتعقيدات.
ولم يستقر الوضع على هذه الحال، بل امتد تأثير هذه التوترات إلى توقف إنتاج النفط وانعكاس ذلك على خدمة الكهرباء، وأعلنت شركة بترومسيلة اليوم الاثنين وقف عمليات إنتاج وتكرير النفط بصورة كاملة لظروف قاهرة بسبب توتر الأوضاع في حضرموت.
وبناء على ذلك توقفت إمدادات وقود الغاز اللازمة لتشغيل محطتين كهربائيتين، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن أجزاء واسعة من حضرموت.
تحديات للصمودمن جهته، يقول أكرم العامري نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة التابعة لمجلس القيادة الرئاسي إن حضرموت تواجه أكبر التحديات في تاريخها المعاصر.
وحذّر العامري -عبر بيان- من انفجار وشيك في حضرموت، مضيفا أن المسؤولية والمصلحة العامة تقتضيان فتح القنوات السياسية مع كافة الأطراف المؤثرة للتوافق على خريطة طريق يتم بموجبها "منع وإيقاف العدوان وإخراج كافة القوات العسكرية غير الحضرمية وإعادة ترتيب القوات العسكرية الحضرمية، بما يضمن سيطرتها على كافة جغرافيا حضرموت".
إعلانبدوره، يتوقع المحلل السياسي عبد السلام قائد استمرار مسار الصراع في حضرموت بشكل متصاعد.
واعتبر قائد أن المجلس الانتقالي يبدي إصرارا في السيطرة الكاملة على المحافظة، في حين يرفض حلف قبائل حضرموت هذا النفوذ بشكل قاطع ويصر على مسار مختلف تماما لإدارة شؤون المحافظة بالحكم الذاتي.
ويشير في حديث للجزيرة نت إلى أن حلف قبائل حضرموت يضم معظم الشخصيات البارزة الاجتماعية والقبلية، وينطلق من دافع تاريخي عميق، إذ يرون أن المحافظة رغم كونها من أغنى محافظات اليمن بالثروات النفطية فإنها تعرضت للتهميش والإقصاء المتكرر قبل وبعد تحقيق الوحدة اليمنية.
ونتيجة لذلك -يضيف قائد- أصبح الحلف مصمما على انتزاع إدارة شؤون المحافظة، متمسكا بمطلب الحكم الذاتي واستغلال ثرواتهم المحلية كحل وحيد، لافتا إلى أن المجلس الانتقالي يفتقر إلى حاضنة شعبية كبيرة في حضرموت، وهو ما يمثل نقطة ضعف جوهرية في إستراتيجيته للسيطرة.
وأوضح أن هذا النقص في الدعم الشعبي أجبر المجلس على الدفع بقوات عسكرية من خارج المحافظة لفرض نفوذه، مما استفز أبناء المحافظة بشكل كبير، وعزز موقفهم الرافض لما يعتقدون أنه هيمنة طرف خارجي، مما يغذي الاستقطاب الحالي ويجعل الصدام أمرا مرجحا.
دور الخارجمن جهته، وصف الصحفي اليمني المتابع لتطورات حضرموت فارس الحميري ما يجري في المحافظة الغنية بأنه فتنة بين الإخوة تغذيها أطراف من خارج جغرافيا المحافظة، وقد تجرها إلى وضع حرج للغاية.
وأشار الحميري في حديث للجزيرة نت إلى وجود تصاعد كبير في التوتر، وتحشيد عسكري واسع من جميع الأطراف، محذرا من أن ذلك ينذر بانفجار الأوضاع بشكل كبير.
كما حذر الحميري من تداعيات خطيرة لهذا الصراع على أبناء المحافظة، وعلى المقدرات الوطنية في مختلف مناحي الحياة العامة فيها، واعتبر أنه ستكون للصراع أيضا ارتدادات سلبية على المجلس الرئاسي والحكومة وبين الأطراف والمكونات المنضوية تحت مظلة "الشرعية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات المجلس الانتقالی حلف قبائل حضرموت عمرو بن حبریش فی حضرموت من خارج
إقرأ أيضاً: