هل إيران دولة مارقة تتحدى النظام الدولي؟
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
من المثير للاهتمام كيف تُصوَّر إيران على المسرح الدولي، خاصة في الخطاب الإعلامي الغربي، كتهديد دائم وخصم لا يمكن الوثوق به. هذا التصور، الذي يهيمن على السردية الغربية، يتناقض بشكل لافت مع تحليل الصحفي الأمريكي الحائز على جائزة بوليتزر، غلين غرينوالد، الذي قدم رؤية مختلفة تماما حول سياسات إيران ودوافعها الإقليمية.
ضمن مناظرة نظمتها مؤسسة "Soho Forum"، ناقش غرينوالد أستاذَ القانون البارز آلان ديرشوفيتز، الذي دافع عن فكرة ضرورة ضرب المنشآت النووية الإيرانية. في المقابل، قدم غرينوالد حججا قوية تؤكد أن إيران دولة عقلانية تُدير سياستها بحسابات دقيقة، بعيدا عن التصرفات المتهورة التي تُلصق بها في الإعلام الغربي. هذا الطرح أضاف بُعدا جديدا للنقاش حول طبيعة إيران وسياستها الدولية.
إذا كانت إيران تمتلك قدرات عسكرية بدائية كما يدعي خصومها، فلماذا تخشاها إسرائيل؟ وإذا كانت هذه الادعاءات غير صحيحة، لماذا لم تستخدم إيران صواريخها الأكثر تطورا، والتي تُقدَّر بعشرات الآلاف لدى حزب الله، لضرب المدن الإسرائيلية؟ الإجابة التي يقدمها غرينوالد بسيطة: إيران دولة تدرك العواقب الكارثية لأي تصعيد غير محسوب
يشير غرينوالد إلى نقطة بالغة الأهمية: إذا كانت إيران تمتلك قدرات عسكرية بدائية كما يدعي خصومها، فلماذا تخشاها إسرائيل؟ وإذا كانت هذه الادعاءات غير صحيحة، لماذا لم تستخدم إيران صواريخها الأكثر تطورا، والتي تُقدَّر بعشرات الآلاف لدى حزب الله، لضرب المدن الإسرائيلية؟ الإجابة التي يقدمها غرينوالد بسيطة: إيران دولة تدرك العواقب الكارثية لأي تصعيد غير محسوب، وتتحلى بضبط النفس لتجنب اندلاع حرب عالمية.
هذه الحجة تعكس تناقضا في الرواية الغربية: فمن جهة، تُصوَّر إيران على أنها دولة تسعى للحرب بأي ثمن، ومن جهة أخرى، يتم التقليل من شأن قدراتها العسكرية ووصفها بأنها "بدائية". الحقيقة، كما يوضح غرينوالد، أن إيران قادرة ولكنها حكيمة وتختار عدم التصعيد، وهو دليل على سياسة عقلانية وليست اندفاعية.
كما يُسلط غرينوالد الضوء على ازدواجية المعايير في الإعلام الغربي الذي يصف إيران، وروسيا، وحتى حماس، بـ"هتلر الجديد"، في حين يغض الطرف عن السياسات العدوانية للولايات المتحدة وإسرائيل. هذه الدول، وفقا لغرينوالد، هي التي بدأت معظم الحروب في العقود الأخيرة، من العراق إلى أفغانستان، ومن فلسطين إلى سوريا.
إن تصوير الدول غير الغربية دائما كأعداء "غير عقلانيين" يُعزز الدعاية التي تخدم المصالح الإمبريالية. ويُذكّر غرينوالد مشاهديه بأن العالم ليس حكرا على "العقلانية الغربية"، بل إن هناك دولا أخرى تتخذ قراراتها بناء على مصالحها الوطنية دون السقوط في مغامرات عسكرية متهورة.
إذا نظرنا إلى سلوك إيران من هذا المنظور، يمكننا أن نرى دولة تعمل وفق رؤية استراتيجية بعيدة المدى، تراعي التوازنات الدولية والإقليمية
إذا نظرنا إلى سلوك إيران من هذا المنظور، يمكننا أن نرى دولة تعمل وفق رؤية استراتيجية بعيدة المدى، تراعي التوازنات الدولية والإقليمية. هذه هي الصورة التي يسعى الإعلام الغربي لتشويهها من خلال تأطير إيران كدولة متهورة وعدوانية.
ما قاله غلين غرينوالد يجب أن يدفعنا إلى إعادة التفكير في الروايات السائدة حول إيران. هل هي فعلا الدولة "المارقة" التي تسعى للحرب، أم أنها ضحية حملة دعائية ممنهجة تهدف إلى تبرير التدخلات الغربية في المنطقة؟ إذا كنا نبحث عن الحقيقة بعيدا عن الدعاية، فإن الإجابة قد تكون أقرب إلى الثانية.
فإيران، على الرغم من كل الاستفزازات، تظل مثالا لدولة تُمارس ضبط النفس وتُحافظ على سيادتها أمام الضغوط الخارجية، في وقت يبدو فيه أن العقلانية أصبحت عملة نادرة في السياسة الدولية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إيران العدوانية العقلانية استراتيجية إيران استراتيجية العقلانية تهور عدوانية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إیران دولة إذا کانت دولة ت التی ت
إقرأ أيضاً:
ترحيب فلسطيني بالإجماع الدولي على تنفيذ فتوى محكمة العدل الدولية بشأن "أونروا"
رحبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لفحوى الفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية بشأن التزامات الاحتلال الإسرائيلي، القوة القائمة بالاحتلال، تجاه الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والدول الأخرى في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، حيث دعمته 139 دولة وصوتت ضده 12 دولة وامتنعت 19 دولة عن التصويت.
وأكدت وزارة الخارجية وفق بيان صدر عنها، مساء اليوم الجمعة وأذاعته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) ، أن القرار يعلي من جديد مكانة القانون الدولي ومرجعية النظام متعدد الأطراف في مواجهة السياسات غير القانونية التي تُقوّض الأمن والسلم الدوليين وتنتهك الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.
وشددت على أن التصويت الجامع على هذا القرار هو الرد الدولي الصحيح على ما قامت وتقوم به إسرائيل ضد "أونروا"، والمنظمات الأممية العاملة في فلسطين المحتلة، وتصرفها العدواني الأخير برفع علم الاحتلال مكان العلم الأمم المتحدة في انتهاك للقانون الدولي واتفاقية الحصانات للأمم المتحدة، وللفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية.
وأشارت إلى أن هذا القرار يشكل محطة مهمة لتعزيز دور الأمم المتحدة في حماية الشعب الفلسطيني، وضمان احترام التزامات القوة القائمة بالاحتلال، ولا سيّما ما يتعلق بفتح الممرات الإنسانية، وتأمين الحاجات الأساسية، ووقف جميع الإجراءات التي تعيق عمل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في الأرض الفلسطينية المحتلة، خصوصا في قطاع غزة، ووقف المجاعة.
وقالت: إن دولة فلسطين تشكر الدول التي دعمت هذا القرار باعتبار أن الأهمية الحقيقية لهذا القرار تكمن في تنفيذه الفوري والكامل، وفي تحمل المجتمع الدولي مسئولياته القانونية والأخلاقية.
ودعت الخارجية الفلسطينية، جميع الدول الأعضاء، والمنظمات الإقليمية والدولية، إلى دعم الجهود الرامية لتنفيذ القرار، واتخاذ ما يلزم من إجراءات سياسية وقانونية لضمان المساءلة ومنع الإفلات من العقاب، وتعزيز دور "أونروا" والأمم المتحدة في حماية الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق السلام العادل والدائم القائم على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.