وصف كاتب أميركي الحرب المستعرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، بأنها حدث مأساوي منسي وسط صراعات تعصف بالشرق الأوسط وأوكرانيا، وأفاد إيشان ثارور في عمود رأي بصحيفة واشنطن بوست، أن القتال المستمر لأكثر من 19 شهرا ألحق دمارا بواحدة من أكبر الدول الأفريقية، وتسببت في كارثة إنسانية وأسوأ أزمة في العالم.



وقال إن حوالي 26 مليون شخص باتوا في حاجة إلى مساعدات غذائية في بلد يشهد أكبر أزمة نزوح في العالم.

أسوأ كارثة جوع
وأضاف أن أليكس ماريانيللي، المدير القُطري بالإنابة للسودان في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أخبره أن ما يحدث في السودان هو "أسوأ كارثة جوع على كوكب الأرض اليوم".

وأوضح الكاتب المختص بالشؤون الدولية في الصحيفة الأميركية، أن الحرب أدت إلى انهيار اقتصادات المجتمعات المحلية، وإعاقة تدفق السلع عبر البلاد وهذا أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية التي لم تعد متيسرة لكثير من السودانيين العاديين.

وأشار إلى أن التعقيدات التي تكتنف إيصال وتوزيع المساعدات في بلد مترامي الأطراف تغمره فسيفساء من المليشيات المتناحرة هائلة.

ومما "يزيد الطين بلة" برأيه أن النظام العالمي "الفاشل" لا يبالي بما يحدث هناك. ونقل ثارور عن بيان أصدره الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، يان إيغلاند، مؤخرا بعد زيارته للسودان، وصفه لما يحدث في تلك الدولة بأنها "أسوأ أزمة في العالم"، لكنها تُقابل "بصمت مطبق"، قائلا "علينا أن نوقظ العالم (من سباته) قبل أن تجتاح المجاعة جيلا من الأطفال".

مجازر واغتصاب جماعي
وأعرب كاتب المقال عن أسفه لأن إحلال السلام لا يبدو وشيكا، لأن طرفي الصراع يتلقيان دعما من شبكة من القوى الخارجية.

واتهم قوات الدعم السريع، على وجه الخصوص، بارتكاب سلسلة من الفظائع، بما في ذلك مجازر بحق المدنيين واغتصاب جماعي للنساء وعنف جنسي على نطاق واسع.

ونقل عن ماريانيللي القول إن البلبلة والفوضى في ساحات المعارك "أعاقت بشدة" قدرة برنامج الأغذية العالمي على الإسراع في إيصال الإمدادات إلى المجتمعات المحلية المحتاجة، مشيرا إلى أن الرحلة البرية من شرق السودان إلى غربه قد تستغرق أسابيع، وخلال موسم الأمطار، يمكن أن تغمر المياه الطرقات العادية وهذا يجعلها غير سالكة.

ووفقا للمقال، فإن "الحرب الأهلية" خلقت مشاكل جديدة لا تعد ولا تحصى، حيث تكافح منظمات الإغاثة لتأمين ممر آمن لشاحناتها من خليط من الجماعات المسلحة والمجتمعات "الجائعة" التي تحرس نقاط التفتيش عبر آلاف الكيلومترات من الأراضي السودانية.

قصف مخيم للنازحين
واستشهد ثارور بالتقارير الإعلامية التي أفادت بأن قوات الدعم السريع قصفت مؤخرا مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور المنكوب بالحرب، حيث أعلن مسؤولو الإغاثة أن المجاعة منتشرة بالفعل.

ووصف ميشيل أوليفييه لاشاريت، رئيس عمليات الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود، في بيان، الوضع في المخيم بأنه "يتسم بالفوضى العارمة" مع "سقوط ضحايا وحالة من الذعر والنزوح الجماعي".

غير أن كاتب المقال يقول إن كل تلك البيانات التي تبدي القلق، أخفقت في حث المجتمع الدولي على بذل جهد حقيقي لفرض وقف إطلاق النار.

وختم مقاله بعبارة لماريانيللي -الذي كان يتحدث إليه من قاعدة عمليات برنامج الأغذية العالمي في مدينة بورتسودان الواقعة على البحر الأحمر– جاء فيها أن الحرب في السودان "تبدو منسية، على الأقل من ناحيتنا هنا. وأود أن يدرك العالم في عام 2024، ما يحدث فعلا".

المصدر : واشنطن بوست
الجزيرة نت  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی العالم

إقرأ أيضاً:

تقرير إسرائيلي: رفح مُحيت وهي ليست المدينة الوحيدة التي أبادها الجيش

قال تقرير نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن مدينة رفح جنوبي قطاع غزة قد مُحيت بالكامل، مضيفا أن هذا المصير طال مدنا ومخيمات أخرى مثل جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون وأحياء في خان يونس، كانت في السابق مأهولة بعشرات الآلاف من السكان، وأصبحت اليوم أطلالا.

وأشار التقرير إلى صور التقطتها الأقمار الصناعية في أكتوبر/تشرين الأول 2023 لمدينة رفح، ظهرت فيها المدينة حيوية ومكتظة بالمباني والمساجد والمزارع، وقارنها بصور حديثة التُقطت في يونيو/حزيران 2025، تبين فيها أن المدينة باتت مسطحا رماديا ثنائي الأبعاد تغطيه الأنقاض.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2توماس فريدمان: هجوم إسرائيل على إيران يعيد تشكيل المنطقة وهذه تداعياتهlist 2 of 2صحيفة بلجيكية: مديرة الاستخبارات الأميركية تخشى هيروشيما أخرىend of list

وانتقد كتّاب التقرير -وهم محرر الأمن القومي آفي شارف والمحللان نير حسون وياردن ميخائيلي في الصحيفة- الأصوات الإسرائيلية التي تنادي بهدم قطاع غزة بالكامل.

وأشار التقرير إلى تصريح الإعلامي شمعون ريكلين من قناة 14 الإسرائيلية، بأنه لا يستطيع النوم إذا لم يشاهد مقاطع لتفجير المنازل في غزة، وأضاف أنه "يريد رؤية المزيد والمزيد والمزيد والمزيد من المنازل المهدمة، والشقق المحطمة، حتى لا يكون للغزيين مكان يعودون إليه".

الدمار بالأرقام

وقال التقرير إن نسبة التدمير في رفح ومخيم جباليا تفوق ما شهده العالم في هيروشيما وناغازاكي بعد القصف النووي الأميركي. وفي هذا الصدد ذكر عدد سكان المناطق المتضررة قبل الحرب، فجاءت على الشكل التالي:

إعلان رفح: 275 ألف نسمة جباليا: 56 ألف نسمة بيت لاهيا: 108 آلاف نسمة بيت حانون: 62 ألف نسمة عبسان الكبيرة، وهي ضاحية في خان يونس دمرها الجيش الإسرائيلي: 30 ألف نسمة بني سهيلا: 46 ألف نسمة

وأوضح التقرير أن هذه المناطق سويت بالأرض وباتت ركاما، إذ هجّر الجيش سكانها وقتل الكثير منهم، مما أدى لدمار يفوق "ما شهدته مدن مثل حلب والموصل وسراييفو وكابل".

أرقام الدمار

ووفقا لبيانات نقلها التقرير عن الأمم المتحدة، فقد تضرر أو دُمّر ثلثا مباني القطاع، أي نحو 174 ألف مبنى من أصل 250 ألفا.

ومن بين هذه المباني، دمر 90 ألفا بشكل كامل أو شبه كامل، وتعرّض 52 ألفا لأضرار متوسطة، في حين يصعب تقييم حجم الضرر الذي لحق بباقي المباني، ويبلغ عددها 33 ألفا.

كما دمر الجيش الإسرائيلي -حسب بيانات الأمم المتحدة- أكثر من ألفي مؤسسة تعليمية، منها 501 مدرسة من أصل 564.

ووفق البيانات، دمرت إسرائيل 81% من الطرق في القطاع، بجانب شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والمنشآت الزراعية والحيوانية.

وانخفض عدد الدجاج البيّاض بنسبة 99%، وعدد رؤوس الأبقار بنسبة 94%، ومستوى صيد الأسماك بنسبة 93%، حسب ما نقله التقرير.

وقدّرت الأمم المتحدة كمية الركام في قطاع غزة بنحو 50 مليون طن، مشيرة إلى أن عملية إزالته سوف تستغرق 20 عاما.

وتابع التقرير أن أكثر من مليون نازح يعيشون حاليا في خيام بمنطقة المواصي وغربي القطاع، حيث ينصب الغزيون خيامهم "فوق الأرصفة ومكبات القمامة والركام" في ظل غياب الصرف الصحي والمياه والكهرباء، ووسط تفشي البعوض وتفاقم الجوع.

5 موجات تدميرية

وأوضح التقرير أن الجيش الإسرائيلي دمر القطاع على 5 مراحل، وبدأت المرحلة الأولى فور اندلاع الحرب عبر غارات جوية استهدفت البنية التحتية المدنية والمنازل بزعم استهداف مقاتلي حركة حماس، وتم إسقاط نحو 6 آلاف قنبلة خلال الأسبوع الأول.

إعلان

وبدأت المرحلة الثانية في مطلع 2024، حين باشرت القوات الإسرائيلية بإنشاء محور نتساريم على طول الحدود مع القطاع، واستخدم الجيش في هذه المرحلة الجرافات والمدرعات لتسوية آلاف المباني بالأرض، وباتت عمليات التدمير برية بشكل أساسي.

وبدأت الموجة الثالثة في منتصف 2024 وتركزت جنوبي غزة، حيث استُهدفت مدينة رفح ومحيطها بهدف توسعة محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر، وتم اعتماد إستراتيجية جديد تتمثل بإرسال ناقلات مدرعة مليئة بالمتفجرات تُوجه عن بعد نحو الأحياء السكنية لتدميرها بالكامل.

وتمثلت المرحلة الرابعة، حسب التقرير، في عمليات مكثفة لتدمير المدن الواقعة شمالي القطاع، مثل بيت لاهيا وبيت حانون ومخيم جباليا.

أما المرحلة الأخيرة فبدأت بعد إعلان وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني 2025، حين شن الجيش الإسرائيلي عملية عربات جدعون.

وفي هذه المرحلة تبنى الجيش الإسرائيلي سياسية تدمير صريحة وممنهجة للقطاع، وأصبح يستعين بمقاولين مدنيين يُكافؤون بناء على عدد المباني التي يُسوّونها بالأرض، حسب التقرير.

وخلص تقرير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن ما يحصل في غزة هو بداية نهاية النظام الدولي القائم على القواعد، وسيبكي العالم غزة يوما ما، بعد فوات الأوان.

مقالات مشابهة

  • 7 نقاط شارحة لما يحدث في المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا
  • عمرو أديب: ترامب يعيش كابوس .. والعالم يضيع بين يديه
  • تقرير إسرائيلي: رفح مُحيت وهي ليست المدينة الوحيدة التي أبادها الجيش
  • في اليوم العالمي للتبرع .. ماذا يحدث للدم بعد ذلك؟
  • غرم العمري: الهلال يعيش أسوأ مواسمه قبل مونديال الأندية.. فيديو
  • نحن (السودانيين) لنا قيمة و فائدة لهذا العالم
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: الحزب الجديد!
  • المنتدى الاقتصادي العالمي يطلق تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين.. تفاصيل
  • تقرير أممي: خطر المجاعة يهدد منطقتين في جنوب السودان وسط تصاعد النزاع
  • «مصطفى بكري»: ما يحدث في المثلث الحدودي الجنوبي تهديد مباشر للأمن القومي المصري