اجتاحت الدراما الكورية المشهد الفني العالمي خلال السنوات الأخيرة، لتتحول من محتوى محلي محدود إلى ظاهرة ثقافية عالمية تستقطب جمهورا واسعا من مختلف الأعمار والثقافات. من خلال قصصها المؤثرة وإنتاجها المتميز، أصبحت الدراما الكورية أداة فعالة في تعزيز القوة الناعمة لكوريا الجنوبية، وداعمة لاقتصادها وسياحتها.

انتشار عالمي غير مسبوق

حققت أعمال كورية نجاحات غير مسبوقة على المنصات العالمية، أبرزها مسلسل "لعبة الحبار" (Squid Game) الذي أصبح حديث العالم، حاصدا جوائز دولية مثل جائزة "إيمي". كذلك، جذب مسلسل "هبوط اضطراري" (Crash Landing on You) اهتماما كبيرا، خاصة في الأسواق الغربية، إذ نجحت هذه الأعمال في كسر حاجز اللغة بفضل الترجمة إلى عشرات اللغات.

إلى جانب ذلك، ساهمت الشعبية الهائلة للموسيقى الكورية (كيبوب) في توجيه الأنظار نحو الدراما الكورية، إذ دفعت فرق مثل "بي تي إس" و"بلاك بينك" جمهورها لاستكشاف جوانب أخرى من الثقافة الكورية.

شعبية هائلة لفريق "بي تي إس" في عدد من دول العالم (رويترز) أسباب نجاح الدراما الكورية

تمتاز الدراما الكورية بمستوى عالٍ من الجودة، سواء من حيث التصوير أو الإخراج أو التصميم البصري، مما يجعلها تنافس الإنتاجات العالمية، وقدمت موضوعات تمس المشاعر الإنسانية بعمق، مثل الحب والصداقة، والصراعات الشخصية، مع مزجها بعناصر من الخيال العلمي، والتاريخ، والأكشن لتلبية أذواق متعددة.

إعلان

كما اعتمدت على بناء شخصيات متكاملة، تُقدم من خلال أداء ممثلين موهوبين يتمتعون بشعبية كبيرة وجاذبية عالمية، غير أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورا كبيرا في وصول الدراما الكورية إلى جمهور عالمي، من خلال الحملات الترويجية المدروسة التي تستهدف محبي هذا النوع من المحتوى.

تقول دفنا زور، أستاذة مشاركة في قسم اللغات والثقافات الآسيوية الشرقية وباحثة في الأدب الكوري، في حوار سابق مع ستانفورد ريبورت، إن "السبب هو جودة المحتوى الكوري".

تُدرِّس زور دورات عن الأدب الكوري، والسينما، والثقافة الشعبية، وهي مديرة مركز الدراسات الآسيوية الشرقية بجامعة ستانفورد.

أعضاء فريق بي تي إس (غيتي)

وترى الأستاذة الجامعية زور أنه بفضل منصات البث، مثل يوتيوب ونتفليكس، والترجمة النشطة -التي يتعاون فيها المعجبون أيضًا- أصبح الوصول إلى الموسيقى الشعبية الكورية والدراما أمرا سهلا للغاية. وحتى عندما يكون المحتوى باللغة الكورية، فإن العوائق أمام المشاهدة قليلة جدا.

تتميز الدراما الكورية بمزيج من التوقع والأصالة. غالبًا ما تكون الحبكات متوقعة: من الفقر إلى الثراء، أو قصة حب بين شاب ثري وفتاة فقيرة، أو قصة أطفال يتمردون على رغبات آبائهم، ولكنها تحمل لمسة كورية خاصة، مثل احترام كبار السن، وبر الأبناء والبنات بأسرهم.

وتابعت "خلفيات الأحداث تكون فائقة الحداثة ومبهرة. أما الممثلون، فهم متأنقون وجذابون، يجسدون شخصيات ساحرة وضعيفة في الوقت نفسه، مع جرعة صحية من النقد الذاتي. كما أن النصوص تكون مليئة بروح الفكاهة".

بالطبع، هناك غالبًا لمسة مظلمة: توقعات خانقة، أو فقر مدمر، أو سر عميق يجب ألا يُكشف. وعليه، تجعل الدراما الكورية حتى أغنى الشخصيات وأكثرها جفاءً، إنسانية. وتدفع الجمهور للاهتمام بها وكل ما تطلبه عادة هو 16 ساعة من وقتنا.

الملصق الدعائي لمسلسل "لعبة الحبار 2" (الجزيرة) الموسيقى التصويرية

تلعب الموسيقى التصويرية دورا محوريا في تعزيز جاذبية الدراما الكورية. غالبا ما تكون الأغاني المصاحبة لأحداث المسلسل عاطفية وذات جودة عالية، مما يجعلها تتردد في أذهان المشاهدين لفترة طويلة بعد انتهاء المسلسل.

إعلان تعزيز السياحة والاقتصاد

تحولت مواقع تصوير الدراما إلى وجهات سياحية يقصدها عشاق الثقافة الكورية من مختلف أنحاء العالم، مما أسهم في دعم قطاع السياحة في كوريا الجنوبية.

كما ساهمت الدراما الكورية في تعزيز صادرات المحتوى الثقافي، مما ساعد في تعزيز مكانة كوريا بوصفها واحدة من أهم الدول المنتجة للترفيه عالميا.

قوة ناعمة

في ظل وجود إنتاجات ضخمة من هوليود وبوليود، استطاعت الدراما الكورية التفوق بتقديم محتوى مميز يركز على التفاصيل العاطفية والإنسانية. ولضمان قبول عالمي، حرص المنتجون الكوريون على تقديم قصص تتسم بالعالمية، مع الحفاظ على الهوية الثقافية لكوريا الجنوبية.

مستقبل الدراما الكورية

مع استمرار الدعم الحكومي القوي لصناعة الترفيه وتزايد الاستثمارات في الإنتاج والترويج، يتوقع أن تستمر الدراما الكورية في توسيع نفوذها عالميًا. من المتوقع أيضًا أن تشهد السنوات القادمة مزيدا من التعاون بين شركات الإنتاج الكورية والعالمية، مما سيعزز من انتشار الدراما الكورية في أسواق جديدة.

النجاح المتزايد للدراما الكورية يشير إلى أن هذه الظاهرة ليست عابرة، بل هي جزء من إستراتيجية طويلة الأمد وضعتها كوريا الجنوبية لتعزيز حضورها الثقافي، حيث تستمر الدراما الكورية في جذب جمهور عالمي، مؤكدةً أنها ليست مجرد نوع من الترفيه، بل إنها جسر للتواصل الثقافي بين الشعوب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی تعزیز

إقرأ أيضاً:

في ذكرى هدنة الحرب الكورية.. كيم يتعهد بالانتصار على أميركا

نقلت وسائل الإعلام الرسمية اليوم الأحد عن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون قوله إن بلاده ستحقق النصر في معارك "ضد الإمبريالية وضد الولايات المتحدة"، وذلك خلال إحياء البلاد ذكرى الهدنة في الحرب الكورية.

وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية، في إشارة إلى زيارته لمتحف حربي في اليوم السابق، إن كيم "أكد أن دولتنا وشعبها سيحققان بالتأكيد القضية العظيمة المتمثلة في بناء دولة غنية بجيش قوي، وسيحققان انتصارات مشرفة في المواجهة ضد الإمبريالية والولايات المتحدة".

ووقعت كوريا الشمالية اتفاقية هدنة مع الولايات المتحدة والصين في 27 يوليو 1953، مما أنهى القتال في الحرب التي استمرت ثلاث سنوات.

ووقع جنرالات أميركيون الاتفاقية ممثلين لقوات الأمم المتحدة التي دعمت كوريا الجنوبية.

وتُطلق كوريا الشمالية على يوم 27 يوليو اسم "يوم النصر"، على الرغم من أن الهدنة رسمت حدودا قسمت شبه الجزيرة الكورية بالتساوي تقريبا في المساحة وأعادت التوازن بعد أن تبادل الجانبان التقدم والتراجع في ساحة المعركة.

وكان مسؤول في البيت الأبيض قد قال الجمعة إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يزال منفتحا على التواصل مع الزعيم كيم للوصول إلى كوريا شمالية "منزوعة السلاح النووي بالكامل".

وجاءت تصريحات المسؤول بعد يوم واحد من إعلان إدارة الرئيس ترامب عن سلسلة من الإجراءات لتعطيل مخططات بيونغيانغ لإدرار عائدات غير مشروعة.

وكشفت إدارة ترامب يوم الخميس عن حزمة من الإجراءات ضد كوريا الشمالية، بما في ذلك تقديم مكافآت مقابل معلومات حول سبعة مواطنين كوريين شماليين متورطين في مخطط يعتقد أنه يجمع أموالا للبرامج النووية والصاروخية للنظام المنعزل.

وذكر المسؤول لوكالة أنباء يونهاب الكورية الجنوبية عبر البريد الإلكتروني: "عقد الرئيس ترامب في ولايته الأولى ثلاث قمم تاريخية مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون أدت إلى استقرار شبه الجزيرة الكورية وحققت أول اتفاق على مستوى القادة على الإطلاق بشأن نزع السلاح النووي".

وأضاف المسؤول: "يحتفظ الرئيس بتلك الأهداف ولا يزال منفتحا على التواصل مع الزعيم كيم للوصول إلى كوريا شمالية منزوعة السلاح النووي بالكامل".

مقالات مشابهة

  • يوسف معاطي يعلن عودته إلى الدراما والسينما
  • اطلاق مشروع الدراما والمسرح في السردية الوطنية الأردنية
  • بيونج يانج: لا نهتم بمبادرات السلام الكورية الجنوبية.. ولن نجلس للحوار
  • ذكرى ميلاد أسامة أنور عكاشة.. فيلسوف الدراما الذي غيّر ‏وجه الشاشة المصرية
  • إنفانتينو: افتتاح مكتب فيفا في المغرب سيكون له تأثير عالمي على كرة القدم
  • بعد نجاحها.. وزير التموين: مستمرون في التوسع في مبادرة أسواق «اليوم الواحد»
  • في ذكرى هدنة الحرب الكورية.. كيم يتعهد بالانتصار على أميركا
  • خذلان عالمي وموقف يمني أصيل
  • لندن تحتضن أول مؤتمر عالمي لدعم فلسطين برئاسة كوربين والبرغوثي (صور)
  • الحكيم يدعو الى دعم مبادرة “أسرتي وطني” والتكاتف من أجل نجاحها