الدراما الكورية قوة ناعمة تجتاح العالم.. ما سر نجاحها؟
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
اجتاحت الدراما الكورية المشهد الفني العالمي خلال السنوات الأخيرة، لتتحول من محتوى محلي محدود إلى ظاهرة ثقافية عالمية تستقطب جمهورا واسعا من مختلف الأعمار والثقافات. من خلال قصصها المؤثرة وإنتاجها المتميز، أصبحت الدراما الكورية أداة فعالة في تعزيز القوة الناعمة لكوريا الجنوبية، وداعمة لاقتصادها وسياحتها.
حققت أعمال كورية نجاحات غير مسبوقة على المنصات العالمية، أبرزها مسلسل "لعبة الحبار" (Squid Game) الذي أصبح حديث العالم، حاصدا جوائز دولية مثل جائزة "إيمي". كذلك، جذب مسلسل "هبوط اضطراري" (Crash Landing on You) اهتماما كبيرا، خاصة في الأسواق الغربية، إذ نجحت هذه الأعمال في كسر حاجز اللغة بفضل الترجمة إلى عشرات اللغات.
إلى جانب ذلك، ساهمت الشعبية الهائلة للموسيقى الكورية (كيبوب) في توجيه الأنظار نحو الدراما الكورية، إذ دفعت فرق مثل "بي تي إس" و"بلاك بينك" جمهورها لاستكشاف جوانب أخرى من الثقافة الكورية.
تمتاز الدراما الكورية بمستوى عالٍ من الجودة، سواء من حيث التصوير أو الإخراج أو التصميم البصري، مما يجعلها تنافس الإنتاجات العالمية، وقدمت موضوعات تمس المشاعر الإنسانية بعمق، مثل الحب والصداقة، والصراعات الشخصية، مع مزجها بعناصر من الخيال العلمي، والتاريخ، والأكشن لتلبية أذواق متعددة.
إعلانكما اعتمدت على بناء شخصيات متكاملة، تُقدم من خلال أداء ممثلين موهوبين يتمتعون بشعبية كبيرة وجاذبية عالمية، غير أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورا كبيرا في وصول الدراما الكورية إلى جمهور عالمي، من خلال الحملات الترويجية المدروسة التي تستهدف محبي هذا النوع من المحتوى.
تقول دفنا زور، أستاذة مشاركة في قسم اللغات والثقافات الآسيوية الشرقية وباحثة في الأدب الكوري، في حوار سابق مع ستانفورد ريبورت، إن "السبب هو جودة المحتوى الكوري".
تُدرِّس زور دورات عن الأدب الكوري، والسينما، والثقافة الشعبية، وهي مديرة مركز الدراسات الآسيوية الشرقية بجامعة ستانفورد.
وترى الأستاذة الجامعية زور أنه بفضل منصات البث، مثل يوتيوب ونتفليكس، والترجمة النشطة -التي يتعاون فيها المعجبون أيضًا- أصبح الوصول إلى الموسيقى الشعبية الكورية والدراما أمرا سهلا للغاية. وحتى عندما يكون المحتوى باللغة الكورية، فإن العوائق أمام المشاهدة قليلة جدا.
تتميز الدراما الكورية بمزيج من التوقع والأصالة. غالبًا ما تكون الحبكات متوقعة: من الفقر إلى الثراء، أو قصة حب بين شاب ثري وفتاة فقيرة، أو قصة أطفال يتمردون على رغبات آبائهم، ولكنها تحمل لمسة كورية خاصة، مثل احترام كبار السن، وبر الأبناء والبنات بأسرهم.
وتابعت "خلفيات الأحداث تكون فائقة الحداثة ومبهرة. أما الممثلون، فهم متأنقون وجذابون، يجسدون شخصيات ساحرة وضعيفة في الوقت نفسه، مع جرعة صحية من النقد الذاتي. كما أن النصوص تكون مليئة بروح الفكاهة".
بالطبع، هناك غالبًا لمسة مظلمة: توقعات خانقة، أو فقر مدمر، أو سر عميق يجب ألا يُكشف. وعليه، تجعل الدراما الكورية حتى أغنى الشخصيات وأكثرها جفاءً، إنسانية. وتدفع الجمهور للاهتمام بها وكل ما تطلبه عادة هو 16 ساعة من وقتنا.
تلعب الموسيقى التصويرية دورا محوريا في تعزيز جاذبية الدراما الكورية. غالبا ما تكون الأغاني المصاحبة لأحداث المسلسل عاطفية وذات جودة عالية، مما يجعلها تتردد في أذهان المشاهدين لفترة طويلة بعد انتهاء المسلسل.
إعلان تعزيز السياحة والاقتصادتحولت مواقع تصوير الدراما إلى وجهات سياحية يقصدها عشاق الثقافة الكورية من مختلف أنحاء العالم، مما أسهم في دعم قطاع السياحة في كوريا الجنوبية.
كما ساهمت الدراما الكورية في تعزيز صادرات المحتوى الثقافي، مما ساعد في تعزيز مكانة كوريا بوصفها واحدة من أهم الدول المنتجة للترفيه عالميا.
قوة ناعمةفي ظل وجود إنتاجات ضخمة من هوليود وبوليود، استطاعت الدراما الكورية التفوق بتقديم محتوى مميز يركز على التفاصيل العاطفية والإنسانية. ولضمان قبول عالمي، حرص المنتجون الكوريون على تقديم قصص تتسم بالعالمية، مع الحفاظ على الهوية الثقافية لكوريا الجنوبية.
مستقبل الدراما الكوريةمع استمرار الدعم الحكومي القوي لصناعة الترفيه وتزايد الاستثمارات في الإنتاج والترويج، يتوقع أن تستمر الدراما الكورية في توسيع نفوذها عالميًا. من المتوقع أيضًا أن تشهد السنوات القادمة مزيدا من التعاون بين شركات الإنتاج الكورية والعالمية، مما سيعزز من انتشار الدراما الكورية في أسواق جديدة.
النجاح المتزايد للدراما الكورية يشير إلى أن هذه الظاهرة ليست عابرة، بل هي جزء من إستراتيجية طويلة الأمد وضعتها كوريا الجنوبية لتعزيز حضورها الثقافي، حيث تستمر الدراما الكورية في جذب جمهور عالمي، مؤكدةً أنها ليست مجرد نوع من الترفيه، بل إنها جسر للتواصل الثقافي بين الشعوب.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
في ذكرى هدنة الحرب الكورية.. كيم يتعهد بالانتصار على أميركا
نقلت وسائل الإعلام الرسمية اليوم الأحد عن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون قوله إن بلاده ستحقق النصر في معارك "ضد الإمبريالية وضد الولايات المتحدة"، وذلك خلال إحياء البلاد ذكرى الهدنة في الحرب الكورية.
وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية، في إشارة إلى زيارته لمتحف حربي في اليوم السابق، إن كيم "أكد أن دولتنا وشعبها سيحققان بالتأكيد القضية العظيمة المتمثلة في بناء دولة غنية بجيش قوي، وسيحققان انتصارات مشرفة في المواجهة ضد الإمبريالية والولايات المتحدة".
ووقعت كوريا الشمالية اتفاقية هدنة مع الولايات المتحدة والصين في 27 يوليو 1953، مما أنهى القتال في الحرب التي استمرت ثلاث سنوات.
ووقع جنرالات أميركيون الاتفاقية ممثلين لقوات الأمم المتحدة التي دعمت كوريا الجنوبية.
وتُطلق كوريا الشمالية على يوم 27 يوليو اسم "يوم النصر"، على الرغم من أن الهدنة رسمت حدودا قسمت شبه الجزيرة الكورية بالتساوي تقريبا في المساحة وأعادت التوازن بعد أن تبادل الجانبان التقدم والتراجع في ساحة المعركة.
وكان مسؤول في البيت الأبيض قد قال الجمعة إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يزال منفتحا على التواصل مع الزعيم كيم للوصول إلى كوريا شمالية "منزوعة السلاح النووي بالكامل".
وجاءت تصريحات المسؤول بعد يوم واحد من إعلان إدارة الرئيس ترامب عن سلسلة من الإجراءات لتعطيل مخططات بيونغيانغ لإدرار عائدات غير مشروعة.
وكشفت إدارة ترامب يوم الخميس عن حزمة من الإجراءات ضد كوريا الشمالية، بما في ذلك تقديم مكافآت مقابل معلومات حول سبعة مواطنين كوريين شماليين متورطين في مخطط يعتقد أنه يجمع أموالا للبرامج النووية والصاروخية للنظام المنعزل.
وذكر المسؤول لوكالة أنباء يونهاب الكورية الجنوبية عبر البريد الإلكتروني: "عقد الرئيس ترامب في ولايته الأولى ثلاث قمم تاريخية مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون أدت إلى استقرار شبه الجزيرة الكورية وحققت أول اتفاق على مستوى القادة على الإطلاق بشأن نزع السلاح النووي".
وأضاف المسؤول: "يحتفظ الرئيس بتلك الأهداف ولا يزال منفتحا على التواصل مع الزعيم كيم للوصول إلى كوريا شمالية منزوعة السلاح النووي بالكامل".