تشهد منطقة الشرق الأوسط خلال الآونة الأخيرة عدة تحولات جيوسياسية، وهناك ما يعرف بالربيع العربي قد تحول إلى مشروع جديد يعكس التوسع الإسرائيلي على حساب المنطقة العربية، ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى الدور الذي لعبته إيران في تمددها الإقليمي. 

قال الدكتور عبدالله نعمة، المحلل السياسي والباحث الاستراتيجي في العلاقات الدولية، إن ما يجري في منطقة الشرق الأوسط اليوم حول تغيير شكل المنطقة وتحويل ما سمي بالربيع العربي ليصار إلى مشروع جديد، وهو التوسع الإسرائيلي وتكبير خريطة إسرائيل على حساب المنطقة العربية وهذا لم يكن يحصل لولا أن إيران هي السبب الرئيسي، لأنها أعطت اللاعبين الكبار الحجة بضرب المنطقة العربية بعد تمدد إيران ضمن بلاد وخط محور  الممانعة والغريب.

 

وأضاف نعمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن اللاعبين الكبار أيضا هم من تركوا إيران تمتد وتهيمن على هذه الدول ولكن عندما فكرت إيران جديا بالمفاعل النووي وبدأت تقف في وجه إسرائيل وأمريكا، وتضع شروطا إما يتم إنشاء مشروعها النووي أو تبقي الصراع مفتوح على إسرائيل عبر أذرعها في منطقة الشرق الأوسط. 

مقتل وإصابة 7 جنود إسرائيليين في غزةالدفاع المدني في غزة: الاحتلال يغتال أكثر من 50 شهيدا خلال 24 ساعة

وأشار نعمة، إلى أنه هنا بدأ الخلاف لأن إسرائيل لم ولن تقبل أن تمتلك إيران سلاحا نوويا، وخاصة بعدما إيران ضربت إسرائيل ولو بشكل مسرحي، لأنها لا تريد أن ينتقل الصراع لإيران نفسها، وكانت تضحي بغزة والفلسطينيين ولبنان واللبنانيين وسوريا والسوريين، بعدما نال العراق ما نال من إيران، ولم ننس تدخلها باليمن وما فعلت بدول الخليج، وما سيحصل لليمن في الأيام القادمة لأن أمريكا وإسرائيل ستقومان بضرب اليمن.

وتابع: "وبعدها سيأتي دور إيران نفسها بمشاكل داخلية إيرانية بعد ضرب مفاعلها النووي؛ لأنه كما نعلم أن هناك قرارا دوليا بإنهاء هذا المحور وتكون أمريكا وللأسف انقلبت على إيران لمصلحة إسرائيل وايران عندها لم تعد قادرة على التوسع أو التدخل في المنطقة ولم يسمح لها بالغطرسة والتدخل بأي دولة، لأن إسرائيل وأمريكا قد سيطرتا سيطرة كاملة على منطقة الشرق الأوسط". 

وأردف: "من غير المحتمل أن تستجيب أمريكا ودول الغرب لمطالب رفع العقوبات على سوريا في الوقت الحالي".

واختتم: "روسيا ستنسحب من سوريا وهذا ما ضمن الاتفاق الذي حصل بين ترامب وبوتين مقابل إرضاء روسيا في أوكرانيا، وأن ما تقوله أمريكا عن المسيرات، وما يقوله نتنياهو يتجه كلامهما على نفس الطريق، طريق الشرق الأوسط الجديد وتوسع خارطة إسرائيل، فهكذا خدمت إيران أمريكا ولن نتكلم أكثر من ذلك". 

رئيس المجلس الوطني الفلسطيني يدين جرائم الاحتلال في غزةمسؤولون إسرائيليون: من الممكن التوصل لاتفاق غزة خلال أسبوعين

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إسرائيل قطاع غزة غزة الاحتلال الشرق الأوسط المزيد منطقة الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

أمن الشرق الأوسط تهدده «إسرائيل»

لن تكون منطقة الشرق الأوسط أكثر أمنا بعد العدوان الإسرائيلي على إيران واستهدافها منشآتها النووية والاقتصادية. فقد سبقتها خطوات لإضعاف النفوذ الإيراني على رأسها اغتيال الرموز المقاومة للاحتلال واستهداف محاور التماس مع «إسرائيل» في سوريا ولبنان.

فمنذ العام 1948 عانت المنطقة من حالة التوتر والاضطراب وعدم الاستقرار لأسباب على رأسها الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. فالحروب إنما تشنها «إسرائيل» والاغتيالات تمارسها تل أبيب، والتهديدات تنطلق من الأراضي المحتلة. والهدف من تلك السياسة ضمان غياب الجهات الفاعلة لإبقاء المنطقة في حالة أمن واستقرار.

وقبل الاحتلال عانت المنطقة من الاستعمار، وبعد اكتشاف النفط أصبحت تُعامَل كبقرة حلوب للدول الغربية، وحُرمت من حقوقها الأساسية المشروعة وعلى رأسها السيادة. فهذه غزة لا تعيش حصارا فحسب بل يُرتكب بحقها جريمتان وفق القانون الدولي: الأولى تعريضها للحرمان من الغذاء والدواء وما ينجم عن ذلك من انتشار المجاعة والمرض. والثاني السعي المتواصل لضمها للكيان لتضاف للأراضي التي احتلت في العام 1948 وكذلك في 1967.

وتكفي الإشارة إلى أن قوات الاحتلال قتلت وجرحت في الأسابيع الأخيرة بدم بارد أكثر من 600 من الفلسطينيين الذين هرعوا للحصول على وجبة طعام كانت وكالات الإغاثة الدولية توزعها في غزة. ولا يكاد يمر يوم بدون سقوط العشرات ضحايا للعدوان والاحتلال. يتم ذلك علنا وليس سرًّا، في واحدة من أكثر حقب الاحتلال بشاعة وإجراما.
فشل هذا العالم المترامي الأطراف في القيام بواجبه تجاه شعب يتعرض للاحتلال والإبادة
امام هذه الحقائق، فشل هذا العالم المترامي الأطراف في القيام بواجبه تجاه شعب يتعرض للاحتلال والإبادة وفق سياسة ثابتة تهدف لمحو الهويّة الفلسطينية بعد قضم تلك البقعة الجغرافية في بلاد الشام التي تسمّى «فلسطين».

وأصبح واضحا بدون لبس أو غموض أن هناك حربا إسرائيلية ـ أمريكية ليس على فلسطين فحسب بل على العمل الدولي المشترك الذي توافقت عليه دول العالم بعد الحرب العالمية الثانية لكي يكون جامعا للدول والشعوب على أساس العيش الآمن والتعاون المشترك والتصدي للعدوان والظلم ومكافحة المجاعة والفقر والاستبداد.

لقد كانت هناك أحلام وردية تراود رموز ما يسمى «العالم الثالث» آنذاك للنهوض ضمن قيم العدالة وحق تقرير المصير لإقامة منظومات سياسية حديثة على أساس المصير المشترك وحكم القانون. وكانت هناك قضايا دولية عديدة تتطلب موقفا دوليا واضحا وقويّا، ولكن الملاحظ أن أغلب هذه القضايا ما يزال عالقا أمام عجز العالم عن اتخاذ قرارات ذات معنى للتعاطي معها. ومنها قضية الحريات وتقرير المصير ومسائل السيادة وحكم القانون. وما تزال هناك قضية فلسطين التي بقيت تتحدى ضمير العالم منذ أكثر من ثلاثة أرباع القرن وما تزال تستعصي على الحل. هذا بالإضافة لقضية كشمير وميانمار وسواهما.

هل فقد العمل الدولي المشترك ومؤسساته مبررات الوجود؟ ولكن ما البديل لذلك؟ كيف يمكن منع العدوان والاحتلال والتعدّي على سيادة الدول وحقوق الشعوب؟ لماذا يستمر الشعب الفلسطيني مشرّدا ومضطهدا طوال هذه الحقبة؟

في الأسبوع الماضي حدث العدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية وسيادتها ومنشآتها التكنولوجية والاقتصادية. وكان عدوانا كاسحا، نجم عنه تدمير بعضى المنشآت النووية الإيرانية وقتل العديد من خبرائها في هذا المجال وعلى رأسهم القائد العام للحرس الثوري، حسين سلامي بالإضافة لستة علماء نوويين هم: عبد الحميد مينوشهر، وأحمد رضا ذو الفقاري، وأمير حسين فقهي، ومطلبي زاده، ومحمد مهدي طهرانجي، وفريدون عباسي. ومن المؤكد أن إيران تعرضت لضربة موجعة بهذا العدوان الذي جاء بعد أقل من عام من الاستهداف الإسرائيلي لحلفائها في المنطقة وقتل السيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله في لبنان. وتوقّع الكثيرون ردّا إيرانيا يتناسب مع العدوان الإسرائيلي، ولكنه لم يتحقق، الأمر الذي شجّع نتنياهو على الاستمرار في استهداف طهران.

الأمر المثير للقلق غياب الآليات الدولية التي تمنع العدوان، وهذا واضح من استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزّة منذ أكثر من 20 شهرا، التي تؤدي لقتل العشرات يوميا، بدون أن يكون هناك موقف دولي رادع، سواء من الأمم المتحدة أم مجلس الأمن الدولي أم الاتحاد الأوروبي. فكأن هذا العالم يقول للإسرائيليين: افعلوا ما شئتم ولا تخشوا شيئا. وكما يقال: من أمن العقوبة أساء الأدب. ولقد أصبح واضحا أن لدى «إسرائيل» وحلفائها مبدأ ثابتا بالحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي بأي ثمن. ومن أهم مقومات هذا التفوق امتلاك السلاح النووي. وقد غض العالم طرفه عن المشروع النووي الإسرائيلي منذ تأسيسه.

فقد بدأت إسرائيل العمل في المجال النووي بعد وقت قصير من تأسيس كيانها في العام 1948. ودعمتها فرنسا في أواخر الخمسينيات في بناء مفاعل نووي ومصنع لإعادة التجهيز في ديمونا. ويعتقد أنها بدأت إنتاج السلاح النووي في أواخر الستينيات بدعم غربي مباشر.

ولم يعرف العالم تفصيلات ذلك المشروع إلا في العام 1986 عندما قدّم مردخاي فعنونو، وهو فني نووي إسرائيلي سابق، تفاصيل وصورًا واضحة لصحيفة «صنداي تايمز» عن برنامج أسلحة نووية إسرائيلية كان يعمل ضمنه لمدة تسع سنوات، وشمل ذلك معدات لاستخراج مواد مشعة لإنتاج أسلحة ونماذج معملية لأجهزة نووية حرارية (أجهزة تستخدم لصناعة قنابل هيدروجنية). واستمرت في تطوير ذلك المشروع حتى استطاعت تصنيع القنبلة النووية وأصبح لديها مخزون كبير يقدّر بـ 200 رأس نووية. تم ذلك بغطاء غربي محكم، حال دون إخضاع المشروع لرقابة دولية. ومورست ضغوط واسعة على الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنعها من التدخل في ذلك أو المطالبة بزيارة المنشآت في صحراء النقب. ولم يُخضع المجتمع الدولي الكيان الإسرائيلي لضغوط أو عقوبات بسبب ذلك، بل تماهى مع السياسة الغربية بشكل واضح.

من هنا تصبح الأصوات الداعية لإبقاء منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل خاوية، فكيف يتحقق ذلك في ضوء ازدواجية السياسة بفرض الضغوط والعقوبات على الدول العربية والإسلامية واستثناء «إسرائيل» منها؟

وفي ضوء المبدأ الغربي الذي يهدف للحفاظ على رجحان الميزان العسكري في الشرق الأوسط لصالح «إسرائيل» انتهت مقولة الحفاظ على أمن هذه المنطقة. فالأمن إنما يتحقق عندما يشعر الفرقاء بوجود وسائل ردع متساوية لدى جميع الأطراف. أما حين يتمتع أحدها بتفوق عسكري دائم يصبح الحفاظ على الأمن مستحيلا، ويبقى ذلك خاضعا لإرادة الطرف الأقوى وقراره. فالحروب والتوترات في المنطقة تعود بجذورها في أغلب الحالات لسياسات «إسرائيل».

فهي تارة تستهدف الدول المجاورة بالعدوان (العراق وسوريا ولبنان بشكل خاص) وأخرى تمارس سياسة كسر العظم مع الفلسطينيين في الضفة الغربية، وثالثة بفرض الهيمنة المطلقة على قطاع غزة ولو تطلّب ذلك التشبث بسياسات التجويع والحرمان من الدواء والماء. ورابعة ممارسة استهداف الرموز والقادة للحركات والدول المناوئة للاحتلال، بدون رحمة او شفقة.

فليس لدى «إسرائيل» مانع من قتل أكثر من 50 ألفا من الفلسطينيين انتقاما لمصرع 1200 إسرائيلي في 7 اكتوبر 2023. التوازن هنا غير مقبول من الجانب الإسرائيلي، بل التفوق الدائم في كل شيء، فلا مكان لما جاء في السياق التاريخي للوجود اليهودي خصوصا قانون «السن بالسن، والعين بالعين». بل أن سياسات نظام الاحتلال قامت على أساس مبدأ الانتقام الشامل لكل عمل يصيب المحتلّين بأذى. وهكذا يفرض على العالم العيش في ظروف تفتقر لمبادئ الحرّيّة والعدالة وحق تقرير المصير والمساواة بين البشر.

وعلى هذا الأساس يمكن النظر لما حدث مؤخرا أنه تجسيد للأيديولوجية الإسرائيلية التي ترفض مبدأ «النفس بالنفس، والعين بالعين» وتصرّ على أن تكون عقوبة استهداف الإسرائيليين في أي مكان مضاعفة وذلك انطلاقا من مشاعر الاستعلاء والاستكبار والسعي للاحتفاظ بالتفوق الإسرائيلي حتى في مسائل الموت والحياة. وها هو حصار غزّة المستمر منذ 7 أكتوبر 2023، يتواصل بدون صدور دعوات دولية فاعلة لإنهائه، وكأن التجويع أصبح سلاحا مشروعا ضد الأبرياء. لقد استهدفت «إسرائيل» إيران مرات عديدة، ولم تعلن دول العالم موقفا داعيا لوقف العدوان أو شجبه أو محاولة معاقبة من يقوم به. وجاء العدوان الأخير ليكرر المأساة الإنسانية في غياب موقف دولي رشيد، يفضي لمعاقبة من ينتهك القانون الإنساني الدولي من جهة ويهرع لإغاثة ضحايا ذلك الانتهاك. بل أن هذا العالم كثيرا ما ساوى بين الضحية والجلاد، واكتفى بالتفرّج على ما يجري من حمامات دماء لا تتوقف خصوصا في غزّة.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • روسيا تحذر أمريكا من مساعدة “إسرائيل” عسكرياً ضد إيران
  • اختفاء حاملة طائرات أمريكية عن أنظمة التتبع خلال توجهها إلى الشرق الأوسط
  • "يهدد الشرق الأوسط".. ‏روسيا تحذر أمريكا من مساعدة إسرائيل عسكريًا
  • ملك الأردن: هجمات إسرائيل على إيران تهدد العالم
  • الصين تطالب أمريكا بلجم إسرائيل .. وترامب يتحدث عن إنهاء نووي إيران
  • خبير مصرفي: الجنيه المصرى صامد والدولة قادرة على إدارة الأزمات
  • أمريكا ترفع درعها في الشرق الأوسط: هل يقترب تدخلها المباشر في الحرب؟
  • أمن الشرق الأوسط تهدده «إسرائيل»
  • عاجل | ترامب يكشف حقيقة التصعيد بين إيران و”إسرائيل”
  • إيران لا تواجه “إسرائيل” فقط.. قراءة أعمق في مشهد الصراع في الشرق الأوسط