«مفاتيح الحقيقة».. ورحلة تطور المنهج العلمي عبر العصور
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
عند الحديث عن المناهج فقد يتبادر للذهن تلك الكتب التي ندرسها في المدارس أو الجامعات أو حتى كما يسميه التربويون مجموعة الخبرات والمهارات التي يحصل عليها المتعلم من خلال عملية محددة ومنظمة. والحقيقة أننا هنا نريد تسليط الضوء على شيء مختلف ألا وهو كيف تتكون المعرفة وما هي الطريقة العلمية -المرتبطة بقواعد علمية صارمة وقابلة للتحقق- التي يجب سلوكها مما يجعل نتاجاتها تعطي معرفة علمية جديدة مقبولة بين جمهور العلماء.
وهنا يتضح أن المناهج العلمية هي وسيلة مهمة للوصول للمعرفة الموثوقة، وتتعدد المناهج بتنوع المجالات المدروسة فكما يقال المنهج يتبع المجال التداولي، عزيزي القارئ إن عملية استخدام المناهج قديمة قدم المعرفة نفسها، ولكن الوصول إلى المناهج الحديثة سبقة العديد من الاتجاهات الفكرية والفلسفية.
لذلك سنحاول في هذا المقال تتبع بعض هذه المناهج تتبعًا انتقائيًّا يظهر أهم التحولات المفصلية في تاريخ تطور المنهج العلمي، وقبل البدء عزيزي القارئ لابد من الإشارة إلى أن حديثنا هنا عن مفهوم العلم من منظورة الغربي (المادي) وليس مفهوما آخر لأن العلم نفسه كمصطلح هو مبحث كبير من حيث المفهوم والخلفيات التي أنشأته، لنبدأ الحديث عن العصر الفرعوني فهو شهير بالمنتجات المادية الماثلة للعيان كالأهرامات والمعابد وغيرها من التقدم الكبير في علوم الرياضيات (التحليل الرياضي) والكيمياء (التحنيط والبرديات) والهندسة (التصميم والسبك وطرق نقل المواد. الخ).، والفراعنة يعتمدون على إبقاء المعرفة في نخبة متعلمة لا يسمح لها بالبوح بأسرار الحكمة لذلك يعد خروج علوم المعبد المصري القديم أو ما يسمى بالسر الإلهي أمرا يؤدي إلى الإعدام، ومع هذا التكتم والحرص تميز المصريون في جوانب الهندسة وعلم المواد ويذكر المؤرخ الإغريقي ديودور الصقلي أن العالم الرياضي الإغريقي الشهير فيثاغورث ذهب إلى مصر وتعلم لدى كهنة المصريين وخاصة علوم الهندسة والرياضيات وعلم الفلك وهذا ما يؤكده المؤرخ إيراتوستينس أن فيثاغورث قضى 22 عامًا في مصر قبل أن يأسره الفرس وينتقل إلى بلاد ما بين النهرين. ويؤكد المؤرخ الشهير هيرودوتس أن الإغريق استفادوا كثيرا من العلم والمعرفة المصرية.
لعل أكبر ما يشير إليه المختصون في تتبع المناهج العلمية هو القفزة النوعية التي تحققت في الفلسفة الإغريقية أو اليونانية، والتي ألهمت المهتمين بأهمية السؤال الصحيح ولنقل المنطقي حول ما يهم الإنسان أو ما يحيط به، فكما اهتمت مجالات الفلسفة الأولى بالماورائيات اهتمت بمادة الكون المنظور حيث استخدمت التحليل المنطقي والرياضي، وكما تعلم عزيزي القارئ فإن فلاسفة الإغريق ليسوا ملتزمين بنفس النسق الفكري أو المجالات المدروسة ولكن الذي يجمعها هو أهمية وجود السؤال وطريقة التحليل المنطقي وبعدها النقد العلمي المستمر أو الفرشة النظرية الموثقة.
ويعد أرسطو (Aristotle) هو الفيلسوف الذي أسس المنهج الاستنباطي في الفلسفة والعلوم، وهذا المنهج يعتمد على الانتقال من المقدمات العامة إلى الاستنتاجات الخاصة، حيث ناقش في كتابة «التحليلات الأولى» هو جزء من المجموعة الأكبر التي تعرف بـ«الأورغانون» (Organon)، وهي مجموعة كتب أرسطو التي تتناول المنطق وأدوات التفكير العقلاني. في هذا الكتاب، يقدم أرسطو النظرية الأساسية للاستدلال الاستنباطي أو القياس المنطقي [4] والذي ساد قرون عديدة وهذا المنهج يقول بأن النتيجة العامة ممكن إسقاطها على الأجزاء وهذا يعني أن الوصول الى نتيجة مثل أن سكان دولة ما قصار القامة وبالتالي كل من ينتمي لهذا الحيز الجغرافي هو قصير القامة بالتبعية (تتبعه الاستنتاجات الخاصة)، وفي كتابه الثاني ينتقل أرسطو إلى مناقشة الاستنباط البرهاني، حيث يشرح كيف يمكن الوصول إلى المعرفة اليقينية من خلال القياس والاستنباط، حيث يركز على الفرق بين المعرفة البرهانية والمعرفة الظنية. فعند أرسطو المعرفة اليقينية تأتي من مقدمات صحيحة وضرورية، وهذا النوع من الاستدلال يعرف بـ«البرهان». فمثلاً يقول أرسطو إننا نعرف شيئًا على نحو يقيني عندما نكون قادرين على تقديم برهان مستند إلى مقدمات أولية يقينية. هذا المنهج العتيق في البحث عن المعرفة شكل ثورة في العصر اليوناني وما بعده كالعصر الإسلامي، ولعل هذا المنهج الأرسطي ناسب كثير من المجالات و النظريات المعرفية التي حاولت تفسير الوجود المادي أو الفيزيائي وكذلك ما وراء هذا الوجود الأنطولوجي أو ما يسمى الميتافيزيقي. وللتبسيط لنقل أنه منهج ينظر من أعلى إلى أسفل، حيث يتجه من الكل إلى الجزء ومن العام إلى الخاص.
عزيزي القارئ يجب ألا ننسى أن مجموع المعرفة المتحصلة كعلم الرياضيات والطب والفلك كانت تحت غطاء الفلسفة وبالتالي كل من يتقن فن من فنون العلم إذاً هو متفلسف -آن ذاك- لأن هذه العلوم ليست بذلك التجريد الذي نعلمه الآن بل مرتبطة بمعاني إنسانية ومآليه مختلفة. ولكن عندما بدأت مرحلة ما بعد افتتاح مكتبة الإسكندرية، وتطور الطب خصوصًا مع علم الكيمياء وهنا بدأت هذه العلوم بالخروج من عباءة الفلسفة لتبدأ بالتشكل كوحدات متشابه من حيث طرق التحصيل والاستدلال الفكري والتجريبي، بالفعل التجربة بدأت في توفير بيئة فاحصة لبعض النظريات أو حتى كثير من المسلمات التي اكتشف لاحقاً أنها تتعارض مع الواقع التجريبي.
«العصر الذهبي للعلم عند المسلمين وبداية المنهج الاستقرائي»
ويعتبر المسلمون خلال القرون الثلاثة الأولى قادة التغيير الحقيقي ليس فقط في تمكين التجربة كطريقة للحصول على المعرفة بل و تكوين منطلق نظري ينقد النظرية الأرسطية، ويضيف كثير من العلوم التي أدت شيئًا فشيئًا إلى تكون ما نسميه المنهج الاستقرائي وهو الذي يتجه من الخاص إلى العام ومن فحص الأجزاء للوصول إلى التعميم الذي تفرضه نتيجة فحص الأجزاء. جابر بن حيان وابن الهيثم والزهراوي وابن البيطار والرازي والبيروني وغيرهم الكثير أثبتوا أنه لا علم مادي كعلوم الآلة والكيمياء والطب والفلك وأمثالها متحقق أو مسلم به دون تجربة. ففي كتاب المناظر لابن الهيثم نجد الأسلوب العلمي الرصين والذي يحدد الوصف بناء على التجريب، ويحدد الأبعاد الهندسية بناء على قوانين مضبوطة رياضيًا، وهذا يتكرر عند الأطباء المسلمون فالرازي قام بتوزيع لحم نيئ (يماثل حالة الجرح المفتوح) على أجزاء متفرقة في بغداد وذلك لكي يستطيع اختيار المكان الأقل تلوثاً لإقامة الباريمستان أو المستشفى، وهناك أمثلة كثيرة للاهتمام بأهمية الملاحظة وتتبع الأنساق ومن ثم التجريب وبعدها التعميم.
كما كان المسلمون في عصور ازدهارهم مغرمون بالفلك بل ويحسبون الوقت بدقة جيدة وذلك بوسائل بسيطة فمثلًا يستخدمون الشبر والباع والذراع للمسافات بين بعض الكواكب والنجوم والتجمعات النجمية، كما أن بعضهم كالبيروني مثلًا استطاع تحديد نصف قطر الأرض من خلال طريقة مبتكرة تجمع بين علم المثلثات والملاحظة العملية، وذلك باستخدام قياسات دقيقة من على قمة جبل. حيث اتبع الخطوات التالية:
1. اختيار الموقع المناسب: اختار البيروني قمة جبل عالية بالقرب من سطح الأرض المستوي، ليتمكن من قياس زاوية انخفاض الأفق بشكل واضح.
2. قياس زاوية انخفاض الأفق: وقف على قمة الجبل وقام بقياس الزاوية بين الأفق المستوي وخط الرؤية من عينيه إلى الأفق. وقد استخدم في ذلك أدوات قياس بدائية لكنه أتقن حساب الزوايا بشكل دقيق. زاوية الانخفاض تعبر عن انحناء سطح الأرض، وهذا يساعد في حساب المسافة من قمة الجبل إلى الأفق.
3. حساب ارتفاع الجبل: قام البيروني بقياس ارتفاع الجبل باستخدام تقنية الظل وقانون المثلثات، بحيث قاس طول ظل الجبل وزاوية سقوط الشمس على هذا الظل. من هذه القياسات تمكن من حساب الارتفاع بدقة.
وهنا ينبغي أن نؤكد أن هذا الانقلاب المنهجي كان له دور في تطور العلوم ومدى دقتها ويمكن توضيح هذا المنهج بمثالين، المثال الأول كيف تتم عملية رؤية الأشياء أي إذا أردنا أن نتأكد هل ضوء الرؤية يخرج من العين ثم يسقط على الأشياء ليعود إليها أم أن السبب هو ضوء الشمس المنعكس عن الأشياء، هذه التجربة قام بها العالم ابن الهيثم وأثبت كما تعلمون أن العين تستقبل الأشعة المنعكسة عن الأشياء وهذا عكس ما كان يعتقد سابقًا، حيث ظل الإغريق والرومان ومن بعدهم يعتقدون بهذا الاعتقاد. والمثال الثاني ما قام به علماء الأدوية والأعشاب في الأندلس كابن البيطار وغيرهم في فحص ما ينفع من الأعشاب لمختلف الأمراض وأنشأوا ما يسمى بالمستشفيات البحثية، وليس فقط للتمريض والتطبيب بل وكجامعات. واستطاع المسلمون معرفة تحديد مواعيد وأشكال القمر ومواعيد الصلوات واتجاهات الملاحة البحرية بدقة كبيرة ومع تطوير الاسطرلاب وأدوات القياس الفلكي كان لهم السبق في فهم أعمق للفضاء الخارجي بأجرامه المختلفة.
التبادل المعرفي وتطور المنهج العلمي
واستمر الأثر الإسلامي طيلة اثنا عشر قرنًا، ومن ثم بدأت حركة الترجمة والتبادل المعرفي مع شمال البحر الأبيض المتوسط منه الى القارة العجوز، والنهضة الأوربية، كما تسمى هي نهضة منهجية بالأساس لأن أوروبا كانت بحاجة لنفض السيطرة الكنسية والتي منعت قراءة الكتب فضلًا عن امتلاكها وخاصةً الكتب العلمية والتي تراها الكنيسة تناقض ما لديها كتب مقدسة ولذلك في أوروبا صار العلم و البحث عن شيء جديد قد يصادم أمرا ترفضه الكنيسة ولذلك هذا التعارض بين الطرفين أنتج حاجة ضرورية لإنهاء سيطرة الكنيسة وهذا حدث تدريجيًا مع كثير من التضحيات فأحد أشهر العلماء وهو الإيطالي جالليو والذي أبلغ العامة والنبلاء أن الأرض بالفعل تدور حول الشمس ويؤكد بالتجربة ما قالة كوبرنيكوس فرض علية الإقامة الجبرية ولعل التغيرات التي حدثت في القرن السادس عشر والسابع عشر الميلاديين يسبقهما فرشة منهجية أصلها الإمام الغزالي وابن رشد وكذلك قبلهم كما ذكرنا العلماء التجريبين.
النهضة الأوروبية
بشكل عام يمكن القول إنه خلال النهضة الأوروبية، لعبت الترجمة والتبادل الثقافي دورًا محوريًا في تطور المنهج العلمي. بدأ الأوروبيون بترجمة الأعمال العلمية والفلسفية من الحضارات الإسلامية، التي كانت قد جمعت وطورت أعمال الإغريق وأضافت إليها تجاربها العلمية الخاصة. فتح هذا التبادل الثقافي الباب أمام الأوروبيين للتعرف على أساليب جديدة، خصوصًا المنهج الاستقرائي الذي اعتمده العلماء المسلمون، مثل: ابن الهيثم في البصريات، وابن سينا في الطب. أسهمت هذه الترجمات في تحرير الفكر الأوروبي من القيود الكنسية، وشجعت على اعتماد أسلوب علمي مبني على الملاحظة والتجربة، مما شكل أساسًا لتقدم العلوم وأسهم في تأسيس النهضة العلمية.
ولكن يعد البريطاني فرانسيس بيكون والذي عاش في نهاية القرن الرابع عشر الميلادي مؤسس المنهج الاستقرائي التجريبي وإليه ينسب الأوروبيون ما يسمى بالأرجانون الجديد أو القانون المنهجي الجديد (المنهج الاستقرائي)، والذي كما ذكرنا بدأ به العلماء المسلمون قبل عقود من الزمن، ولكن إضافات بيكون كانت منظمة ومؤصلة لكيفية الوصول للمعرفة من خلال منهج منظم الخطوات يبدأ بالملاحظة، ويعتمد على التجربة الحسية وينتهي بالقانون العام، كمثال للمنهج الاستقرائي لنقل أننا نريد فحص توصيلية سلك من النحاس فعلينا أخذ عينات كثيرة من أسلاك النحاس المختلفة ثم فحص كل سلك على حده في نفس الظروف الفيزيائية من الطول والكتلة والكثافة والحرارة والضغط ومساحة المقطع.. إلخ، وبعدها نصدر تعميمًا أن النحاس بهذه المواصفات في أي مكان كان وتحت الظروف نفسها سيكون موصلًا للتيار الكهربائية وان موصليته تساوي قيمة محددة. ومهما تحدثنا في هذا المقال عن تطور المنهج العلمي التجريبي فإننا بعجالة يمكن القول بانه طريقة منظمة لاستقصاء الظواهر، واكتساب المعرفة، وتصحيح الأخطاء وتطوير النظريات، ويتكون من الخطوات التالية:
الملاحظة: تبدأ العملية بملاحظة الظواهر المحيطة بهدف فهمها أو إيجاد مشكلة محددة تحتاج إلى تفسير.
صياغة الفرضيات: بعد الملاحظة، يُوضع تفسير أولي أو فرضية تكون قابلة للاختبار.
التجربة: تُصمم التجارب وتُجرى للتحقق من صحة الفرضية وجمع البيانات.
تحليل البيانات: بعد التجربة، تُحلل البيانات باستخدام الأساليب الإحصائية المناسبة لتحديد ما إذا كانت تدعم الفرضية.
الوصول إلى الاستنتاجات: بناءً على التحليل، يُتخذ قرار بشأن الفرضية ويُحدد ما إذا كانت النتائج تدعمها أو تتطلب تعديلها.
التكرار والنشر: تُعاد التجارب للتحقق من صحة النتائج، وتُنشر في مجلات علمية للاطلاع عليها وتقييمها من قبل المجتمع العلمي.
ولعلنا هنا نشير إلى شيء في غاية الأهمية حدث قبيل تأثير الأرجانون الجديد ألا وهو اختراع الطباعة عام 1440 على يد الألماني جوتنبرج، حيث انفجرت المعرفة وألغيت الحواجز، وتوفرت المصادر، ولا تزال الطباعة ثورة علمية في حد ذاتها. تطور المنهج في عصور النهضة الأوروبية بين مفهومه الشكي والمنطقي العقلي وبين التجريبي الذي أكده ديفيد هيوم وغيره بعد ذلك خلال القرون الثلاثة الممهدة للثورة الصناعية التي مع تطورها قد تكون أغفلت بعض الجوانب الإنسانية والاجتماعية مع نمو جدل كبير في المدارس السلوكية والنفسية.
وختاما، يمكننا القول إن المعرفة بدون منهج علمي تصبح عرضة للعشوائية والأخطاء، وأن المنهج لابد أن يتبع طبيعة المجال التداولي للموضوع المدروس أي السياق الذي تنتج وتستخدم فيه المعرفة فمثلا في العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء يستخدم المنهج التجريبي في حين يستخدم منهج التحليل النوعي أو الكمي في علم الاجتماع وهكذا، بهذا تتحقق المعايير الموضوعية مع التقليل من تأثير العامل البشري قدر الإمكان.
د. ماجد الرقيشي أستاذ الفيزياء المساعد ورئيس شعبة الفيزياء بجامعة نزوى
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذا المنهج ا المنهج من خلال کثیر من ما یسمى
إقرأ أيضاً:
وزير التعليم العالي يكرم 20 جامعة مصرية مدرجة في النسخة العامة لتصنيف QS لعام 2025
• وزير التعليم العالي يشهد توقيع بروتوكول تعاون بين بنك المعرفة المصري ومؤسسة QS• مصر تحصل على المركز الرابع على مستوى العالم كأكثر الدول التي زاد لها جامعات خلال نسخة التصنيف الحالي• الدكتور أيمن عاشور:• إدراج 20 جامعة في تصنيف QS العام للجامعات لعام 2025 مقارنة بـ 5 مؤسسات في عام 2017 • إدراج 36 جامعة في تصنيف QS للمنطقة العربية يعبر عن تميز الجامعات المصرية• يثمن الدور الهام لبنك المعرفة المصري في تحسين أداء الجامعات بالتصنيفات الدولية• يسلط الضوء على إشادة المجلس التنفيذي لليونسكو بتجربة بنك المعرفة المصري باعتباره نموذجًا رائدًا• اهتمام الوزارة بدعم جهود الارتقاء بمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي حتى تكون أكثر تنافسية
شهد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، حفل توزيع الجوائز على الجامعات المصرية المدرجة بتصنيف QS لعام 2025، بحضور الدكتور أشوين فرنانديز، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا في تصنيف QS، وعدد من رؤساء الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية والتكنولوجية وأفرع الجامعات الأجنبية وقيادات الوزارة.
في البداية، وقف الحضور دقيقة حداد على أرواح حادث المنوفية الأليم.
وفي كلمته، أشار الدكتور أيمن عاشور إلى دور الجامعات البارز كمنارات للتميز الأكاديمي والبحثي، مشيرًا إلى أن عام 2025، شهد إدراج 20 جامعة في تصنيف QS العام للجامعات لعام 2025، مقارنة بـ 5 مؤسسات فقط في عام 2017، كما لفت إلى تواجد الجامعات المصرية في المراكز الأولى بتصنيف QS للمنطقة العربية حيث وصل عددها إلى 36 جامعة في نسخة عام 2025، فيما وصل عدد الجامعات المصرية في تصنيف QS للاستدامة إلى 26 جامعة مصرية.
وسلط الوزير الضوء على الدور الهام لبنك المعرفة المصري (EKB)، باعتباره حجر الزاوية في بناء القدرات الوطنية، وتمكين المؤسسات من الوصول إلى قواعد بيانات البحث العالمية، والموارد الأكاديمية، وساهم في تحسين جودة التعليم، والتشجيع على البحث العلمي، وتحسين أداء الجامعات في التصنيفات الدولية، مؤكدًا أن شراكات بنك المعرفة المصري مع الناشرين العالميين كانت أمرًا ضروريًا لهذا التحول.
ولفت الدكتور أيمن عاشور إلى إشادة المجلس التنفيذي لليونسكو بتجربة بنك المعرفة المصري باعتباره نموذجًا رائدًا، لاسيما في تعزيز التعليم الرقمي الشامل والمتاح في إفريقيا والعالم العربي، مشيرًا إلى اهتمام الوزارة بالارتقاء بمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي، حتى تكون أكثر ترابطًا، وأكثر تنافسية، وأفضل تجهيزًا لتشكيل المستقبل.
واختتم الوزير كلمته بالتأكيد على أهمية هذه الفعالية لتبادل الأفكار، وتعميق وتعزيز التعاون، وخلق مسارات جديدة للتميز، مشيرًا إلى أننا نحتفل برحلة اتسمت بالطموح المشترك والتحول الدقيق والإيمان الراسخ بقوة التعليم العالي والبحث العلمي.
ومن جانبه، قدم الدكتور أشوين فرنانديز عرضًا تفصيليًا تناول وضع الجامعات المصرية في الماضي والحاضر، وأشار إلى أنه يتم تقييم أداء الجامعات حول العالم استنادًا إلى مجموعة من المعايير التي توازن بين السمعة الأكاديمية، والبحث العلمي، والانفتاح الدولي، وفرص التوظيف، وتشمل هذه المعايير السمعة الأكاديمية بنسبة 30%، وسمعة الجامعة لدى أصحاب العمل بنسبة 15%، ونسبة أعضاء هيئة التدريس إلى عدد الطلاب بنسبة 10%، وعدد الاستشهادات البحثية لكل عضو هيئة تدريس بنسبة 20%، ونسبة الطلاب الدوليين بنسبة 5%، ونسبة أعضاء هيئة التدريس الدوليين بنسبة 5%، كما أضيف في النسخ الحديثة من التصنيف مؤشر نتائج التوظيف بنسبة 5%، ومؤشر الاستدامة بنسبة 5%، ليعكس التصنيف بشكل أكثر شمولية جودة التعليم والتأثير العالمي للمؤسسات الأكاديمية.
وأشار الدكتور أشوين فرنانديز إلى وجود تقدم كبير للجامعات المصرية في التصنيف، وهو ما ساهم في أن تحصل على المركز الرابع على مستوى العالم، كأكثر الدول التي زاد لها جامعات خلال نسخة التصنيف الحالي حيث تم إدراج 5 جامعات جديدة خلال نسخة عام 2025، مشيدًا بالجهود الكبيرة المبذولة والتي ساهمت في ظهور الجامعات المصرية في التصنيفات.
وقدمت علا لورانس مستشار بنك المعرفة المصري، عرضًا حول دور بنك المعرفة المصري في دعم الجامعات بالتصنيفات الدولية، كما أشارت إلى أن مسار بنك المعرفة المصري نحو التميز الأكاديمي يستهدف الريادة العالمية، ووضع مصر كمركز أكاديمي إقليمي رائد، وبناء القدرات، وتعزيز مهارات ومعارف المستخدمين، ودعم النشر، وتسهيل النشر العلمي، والعمل على الوصول الشامل لضمان توافر المعرفة للجميع.
وسلطت علا لورانس الضوء على أهمية تطبيق نموذج بنك المعرفة المصري في الدول العربية، بهدف إنشاء منصة رقمية وطنية، وتطوير منصة مركزية للمحتوى العلمي، وتنفيذ سياسات لتعزيز مخرجات البحث، والاستثمار في بناء القدرات، وتقديم برامج تدريبية للباحثين، واستكشاف التعاون مع بنك المعرفة، والبحث عن مبادرات مشتركة وتبادل المعرفة، كما استعرضت التقدم الكبير للجامعات المصرية في مختلف التصنيفات الدولية.
وقدم رامي عواد المدير الإقليمي لمؤسسة QS، التهنئة لجميع الجامعات المصرية التي تواجدت في تصنيف QS لعام 2025، وأعرب عن تمنياته بالتوفيق لمختلف الجامعات لتتواجد في النسخ القادمة للتصنيف.
وصرح الدكتور عادل عبدالغفار المستشار الإعلامي والمتحدث الرسمي للوزارة، بأن الدكتور أيمن عاشور والدكتور أشوين فرنانديز قاما بتكريم ممثلي الجامعات التي تم إدراجها في تصنيف QS العام في نسخته لعام 2025، والذي شهد تواجد جامعة القاهرة في الترتيب 347 عالميًا، وجاءت الجامعة الأمريكية بالقاهرة في الترتيب 381 عالميًا، ثم جامعة عين شمس في الترتيب 542 عالميًا، وجاءت جامعة الإسكندرية في الفئة (781–790) عالميًا، وجامعة المستقبل في الفئة (901–950) عالميًا، فضلًا عن إدراج كل من جامعة الأزهر، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، وجامعة أسيوط، وجامعة المنصورة في الفئة (1001–1200)، وكذلك إدراج جامعات: بني سويف، والجامعة البريطانية في مصر، وجامعة الدلتا للعلوم والتكنولوجيا، والجامعة الألمانية بالقاهرة، وجامعة حلوان، وجامعة طنطا، وجامعة الزقازيق في الفئة (1201–1400)، كما أظهرت النتائج إدراج جامعة أسوان، وجامعة بنها، وجامعة النيل، وجامعة قناة السويس في الفئة (1401+).
وأكد المتحدث الرسمي اهتمام الجامعات المصرية بالمتابعة المستمرة للتصنيفات الدولية، والاهتمام بالنشر الدولي في الدوريات العلمية المرموقة، والدعم المادي للباحثين، ودعم التعاون مع الباحثين من دول العالم المختلفة، والاهتمام بجودة الأبحاث العلمية، وذلك ضمن تنفيذ أهداف الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي التي أطلقتها الوزارة، ومبادئها السبعة، ومن بينها مبدأ المرجعية الدولية؛ لافتًا إلى أن السياسة التي تبنتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لدعم ملف التصنيفات الدولية كان لها بالغ الأثر في تحقيق هذا التقدم الملحوظ.
وعلى هامش الاحتفالية، شهد الدكتور أيمن عاشور توقيع بروتوكول تعاون بين بنك المعرفة المصري ومؤسسة Qs، لتزويد الجامعات بعدد من البيانات التحليلية المتعلقة بتصنيفات QS، ودعم حصول الجامعات على تقييم QS Stars الذي يساعد على تسويقها عالميًا بين الجامعات، وتقديم الدعم الفني للجامعات بما يساهم في تقدمها بالتصنيف.
وقع بروتوكول التعاون الدكتورة جينا الفقي المشرف العام على بنك المعرفة المصري، والدكتور أشوين فرنانديز المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا في تصنيف QS.