فيلم السنة العاشرة.. صورة حياة في الغابات بعد الانهيار العظيم
تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT
تبدو العزلة التامة للفرد في بيئة ممتدة لكنها في ذات الوقت مغلقة بمثابة تحد تواجهه الشخصية وهي ترى أن مصيرها مرتبط بالخروج من تلك البيئة الصارمة.
هذه المعطيات لطالما عالجتها السينما في العديد من الأفلام وذلك من خلال وجود الشخصية الدرامية في العديد من البيئات، فتارة في كهوف جبلية أو صحراء قاحلة مفتوحة أو بحر هائج أو غابات ممتدة تجعل ذلك الامتداد الاستثنائي بمثابة فضاء مفتوح على أشكال شتى من التحديات.
هذه الفرضية يقدمها فيلم "السنة العاشرة" للمخرج بنجامين غودجر الذي يعرض حاليا في صالات العرض في أوروبا والولايات المتحدة ونال أصداءً واهتماما نقديا ملحوظا من منطلق تصنيفه على انه من أفلام الرعب وفي نفس الوقت انتماؤه إلى أفلام نهاية العالم ( ابوكاليبس) التي تم إنتاج الكثير منها وكانت ثيمتها الأساسية ترتكز على من تبقى حيا بعدما ضربت العالم جائحة ما من الأوبئة إلى الحروب الكونية.
حياة أولئك الناجين أو من هم لا يزالون على قيد الحياة بعد مرور 10 سنوات على الانهيار الذي نجهل ما هو بالضبط لكن ها نحن مع بضعة أشخاص يتنقلون وسط الغابات باحثين عن الماء والطعام ثم ليصطدموا مع جماعة أخرى تتسم بالوحشية والرغبة في القتل.
والحاصل أن ما يمكن استنتاجه هو وصول ما تبقى من البشر بعد عقد من الانهيار العظيم إلى حافة المجاعة وشح المياه وهو ما يظهر جليا حتى على ملابس أولئك الناجين الرثة والمائلة إلى اللون البني، ومن هنا يمكننا أن نستنتج بعد مرور الربع الأول من وقت الفيلم لماذا تتحاشى الشخصيات أسماع أصواتها فهي تخشى من الانكشاف لدى جماعات وحشية هائمة على وجوهها وبذلك أعادنا هذا الفيلم إلى أفلام سابقة من أهمها فيلم مكان هادئ بجزئيه وفيلم قفص العصافير وفيلم الصمت وفيلم لا تتنفس وغيرها، وكلها تقريبا كان فيها إسماع الصوت يؤدي إلى هجوم كائنات وحشية أو زومبي لكن في هذا الفيلم تبدو المعالجة مختلفة فهي بمثابة نوع من التحدي.
لقد تم استخدام الصمت أداة فيها كثير من الجرأة، فالشخصيات لا تطلب إحداها من الأخرى الصمت وعدم الكلام ولكن هو أمر تلقائي ولنا أن ننظر بشكل واقعي إلى أحداث فيلمية تمتد إلى أكثر من 90 دقيقة وحتى نهاية الفيلم من دون نطق كلمة واحدة مع عدم فقدان متعة المشاهدة وهو ما يحسب لكاتب السيناريو والمخرج تلك الجرأة في تقديم بناء سردي -صوري متقن ومتكامل من دون حوار.
وفي هذا الصدد يقول الناقد ايلودي ماريوت موقع فيلم هاوندس "يبدأ الفيلم ببناء التوتر بشكل جيد رغم الاستغناء عن الحوار، حيث يصور مشاهد الحركة المروعة باعتبارها بديلا بصريا للحوارات المتبادلة بين الشخصيات. إن صراخ مجموعة من الكلاب المتعطشة للدماء التي تبحث عن شخص ما لتنقض عليه أمر مرعب، ولكن القفز السريع إلى مكان آمن غالبًا ما يقلل من ثقل هذه اللحظات المتوترة. ورغم جودة الصورة والاستغناء عن الحوار، إلا أن أحد عيوب الحوار المحدود أو غير الموجود هو أن المشاهدين قد لا يشعرون بالارتباط الكامل بالشخصيات، مما يحول دون الوصول إلى أفكارهم أو مشاعرهم أو دوافعهم".
أما الناقدة كارينا جونز في موقع هافن هورر فتقول: "عليّ أن أعترف أنه على الرغم من إعجابي بفكرة وقصة الفيلم، إلا أن هناك بعض المشكلات الرئيسية التي برزت. إحدى هذه المشكلات تتعلق بالشخصية الرئيسية في الفيلم، فقد بدا وكأنه لا يستطيع اتخاذ الاختيار الصحيح أو القيام بالشيء الصحيح في الوقت الصحيح".
أما من وجهة نظر نقدية مقابلة، فإن تعمد المخرج تقديم الشخصية الرئيسية -الممثل توبي غودجر بهذه الصورة فقد كانت في إطار تلقائية أداء الشخصية، فهو شخصية عادية وليس بطلا خارقا أو استثنائيا ولهذا كان يمكن أن يفشل في مواجهة أولئك الذين يطاردون ضحاياهم وأن يقع ضحية مع أن نمطية أفلام من هذا النوع تقدم شخصية البطل المخادع القادر على إيجاد الحيل المناسبة للفرار.
على أن من التحولات الأساسية في الفيلم ومن خلال استخدام الحبكات الثانوية كمثل انتزاع المفتاح من رقبة أحد أشرس الشخصيات التي تلاحق أيا كان بصحبة عصابة شرسة وهو مشهد بدا جريئا وفيه بعض المبالغة إلا انه قادنا إلى حبكات ثانوية أخرى تمثلت في الهجوم على المنزل المتنقل والاستفادة مما يحتويه من مخزون غذائي.
واقعيا نحن أمام ثلاث شخصيات ممثلة في الأب وابنته المريضة والابن الذي سوف يبقى وحيدا بعد مقتل الأب ولهذا يمضي في رحلة البحث عن الطعام وهو يخوض مواجهات شرسة مع خصومه بينما كان هنالك مشهد الكلاب المتوحشة مما يقوي جانبه ويمنحه فرصة الاقتصاص من خصومه.
ولعل مضي الوقت الفيلمي والاقتراب بأحداث الفيلم من النهاية ومع الاستغناء عن الحوار كان بمثابة امتحان حقيقي لجهة توفر الفيلم حتى النهاية على عامل التأثير في المشاهد واجتذابه للمضي في متابعة الأحداث وهي ميزة أثبتت نجاح فكرة الاستغناء عن الحوار وترسيخ أهمية عنصر الصورة.
على أننا لابد أن نشير إلى أن استخدام ثنائية الصورة والحركة والمطاردات وحبس الأنفاس كانت من بين العناصر التي عوضت عن الحوار وأعطت زخما للأحداث كما وفرت قوة للصورة بكونها محملة بكثير من الدلالات والعناصر التعبيرية الغزيرة التي صارت بالتالي بدائل مقنعة لغرض المضي في متابعة الأحداث.
من جانب آخر هنالك الهم الإنساني الذي يحرك الشخصية للمضي في تحمل المخاطر، من خلال محاولة العثور على دواء للشقيقة المريضة التي زاد جرحها صعوبة وتفاقما ولهذا كان اندفاع الشقيق بشكل هستيري متحملا المخاطر قد تكلل بالنجاح جالبا الطعام والدواء من مكان متروك ولكنه وعندما يعود إلى المخبأ لن يعثر على الشقيقة لكن يدا تمتد وسط العتمة وتستقر على كتفه لتعيد إليه الأمل في عثوره عليها.
هذه الكثافة في الأحداث والصراعات في إطار مربع لا يتعدى تلك الغابة التي يختبئ فيها القتلة واللصوص والزومبي تكاملت من خلال التفاعل مع الشخصية الرئيسية وهي تمارس لعبة الكر والفر مع العديد من الخصوم بما أضفى على الفيلم صفة النوع المختلف عن الأشكال والمعالجات المعتادة في هذا النوع من أفلام الانهيار العظيم إذ غالبا ما تحتشد العديد من الشخصيات الناجية في مواجهة خصوم مختلفين وذلك في إطار فكرة الصراع من أجل البقاء.
...
سيناريو وإخراج/ بنجامين غودجر
تمثيل / دونكان لاكروا – الأب، توبي غودجر – الابن، هانا براون – الابنة
إنتاج/ بلو فوكس
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العدید من عن الحوار من خلال
إقرأ أيضاً:
تتويج مصر وإيطاليا وتونس بجوائز الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح
أعلن مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي برئاسة الفنان مازن الغرباوي، عن جوائز مسابقات المهرجان بدورته العاشرة، حيث حصل عرض "screen" على جائزة بلدية ظفار لأفضل عرض متكامل في مسابقة العروض الكبري.
وحصل sungwoo shin"على جائزة عماد الشنفري لأفضل مؤلف في مسابقة العروض الكبرى، عن عرض Black Stain، وحصل Jesus Salgado"، على جائزة سعد أردش لأفضل مخرج، عن عرض "political business"، وحصل عرض "Between Heavenand earth"، على جائزة الجمعية العمانية للمسرح للجنة التحكيم الخاصة.
وحصل "Roberto Vero" على جائزة حميد سمبيج لأفضل ممثل عن عرض Screen، كما حصلت الفنانة Annabelen Rebellato على جائزة أمل الدباس لأفضل ممثلة عن عرض political Business، وحصل عرض screen على جائزة مسرح الخليج العربي، لأفضل سينوغرافيا في مسابقة العروض الكبرى.
وحصل عرض ماسح الأحذية على جائزة الرئيس الفخري للهيئة الدولية للمسرح محمد سيف الأفخم كأفضل عرض متكامل في مسابقة المونودراما، كما حصل عرض "مزاد عاطفي" على جائزة بلدية ظفار للجنة التحكيم الخاصة، بمسابقة المونودراما، وحصل الفنان عاصم ترك على جائزة محمد الحملي، لأفضل ممثل في مسابقة عروض المونودراما، وحصلت الفنانة chiara orefice، على جائزة إلهام الفضالة لأفضل ممثلة، بمسابقة عروض المونودراما.
وفي مسابقة مسرح الشارع والفضاءات الغير تقليدية حصل عرض"الأولاد الطيبون يستحقون العطف" على جائزة الجمعية العمانية للمسرح لأفضل عرض متكامل، وحصل نوار سامح على جائزة تقديرية عن عرض الأولاد الطيبون يستحقون العطف.
كما حصل حسن منصور عن عرض الرجل الأخير، على جائزة تقديرية في التمثيل،، كما حصل عبد الرحمن مصطفى على شهادة تميز في التمثيل عن عرض "الأولاد الطيبين يستحقون العطف" ، وحصل مروان السيد على شهادة تميز في التمثيل عن نفس العرض، وحصل كذلك Anna poghosyan على شهادة تميز في التمثيل عن عرض Resk.
أما في مسابقة مسرح الطفل فقد حصل عرض "الجميلة والوحش " على جائزة شهاب جوهر، لأفضل عرض متكامل، كما حصل عرض " حماة الأرض" على جائزة بلدية ظفار للجنة التحكيم الخاصة.
وحصل عرض Political business على جائزة مسرح البحر المتوسط الدولية، كما حصلت أفنان عبد السميع عن عرض مزاد عاطفي، على جائزة مسابقة مواهب سيتفي ان كادر، وحصل كامل شاويش على عن عرض أنا والعذاب وهواك، على جائزة مسابقة مواهب سيتفي ان كادر، وحصل محمد علي العباسي عن عرض ماسح الأحذية، على جائزة مسابقة مواهب سيتفي ان كادر.
كما حصلت نيللي الشرقاوي عن عرض الوحش على جائزة مسابقة مواهب سيتفي ان كادر، وحصل عبد الرحمن مصطفى، عن عرض الأولاد الطيبيين يستحقون العطف، على جائزة مسابقة مواهب سيتفي ان كادر، وحصل نوار سامح عن عرض الأولاد الطيبيين يستحقون العطف، على جائزة مسابقة مواهب سيتفي ان كادر.
يقام مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي برعاية وزارة الثقافة المصرية برئاسة الدكتور أحمد فؤاد هنو، ووزارة السياحة والآثار برئاسة الوزير شريف فتحي، والهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي برئاسة المهندس أحمد يوسف، تأكيدًا على دعم الدولة للفعاليات الثقافية التي تبرز الوجه الحضاري لمصر وتعزز مكانتها على خريطة السياحة العالمية، في إطار تكامل البعدين الثقافي والسياحي لخدمة أهداف التنمية الشاملة.
كما يحظى المهرجان بدعم كامل من محافظة جنوب سيناء بقيادة اللواء الدكتور خالد مبارك، في إطار التعاون بين المؤسسات الوطنية لتحقيق التنمية الثقافية والسياحية المتكاملة.
وتتولى إدارة الدورة العاشرة الدكتورة إنجي البستاوي، وتحمل الدورة اسم الفنانة الكبيرة إلهام شاهين تكريمًا لمسيرتها الفنية الثرية ودعمها المستمر لقضايا المسرح والفنون، فيما يرأس اللجنة العليا للمهرجان المنتج هشام سليمان، وتحمل الرئاسة الشرفية للمهرجان سيدة المسرح العربي الراحلة سميحة أيوب.