مصادر بريطانية تكشف كيف تهاوى مخطط تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد وتبخر مشروع ثلاث دول سورية
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
كشفت مصادر أمنية إقليمية لصحيفة “ميدل إيست أي البريطانية ” عن تفاصيل خطة إسرائيلية كانت تهدف إلى تقسيم سوريا إلى ثلاث كتل جغرافية، بحيث تضمن عزل البلاد عن إيران وحزب الله، وتحد من نفوذ تركيا في المنطقة.
الخطة، التي وصفها المراقبون للصحيفة بأنها محاولة لإعادة تشكيل التوازنات الإقليمية، انهارت مع سقوط نظام بشار الأسد بيد المعارضة المسلحة بعد سنوات من الصراع الدموي.
وتضمنت الخطة الإسرائيلية إقامة تحالفات مع الأكراد في شمال شرق سوريا والدروز في الجنوب، مع الإبقاء على الأسد في السلطة كواجهة للحكم، ولكن تحت إشراف وتمويل إماراتي.
هذا الترتيب كان من شأنه أن يوفر لإسرائيل مكاسب استراتيجية، بما في ذلك تقليص النفوذ الإيراني وتأمين حدودها الشمالية.
وفي خطاب سابق، صرح وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، أن إسرائيل بحاجة إلى التواصل مع الأقليات في المنطقة، قائلاً: “علينا بناء تحالفات طبيعية مع الأقليات الأخرى، لأننا سنظل دائماً أقلية في المنطقة”.
سقوط مفاجئ للأسد وانهيار الخطة
لكن الأحداث تجاوزت هذه المخططات عندما انهارت القوات الموالية للأسد في محافظتي حمص وحماة، مما فتح الطريق أمام قوات المعارضة للوصول إلى دمشق.
وفي الساعات الأولى من يوم 8 ديسمبر/كانون الأول، أعلنت المعارضة المسلحة سيطرتها على العاصمة دون قتال يذكر، بينما ظهر رئيس الوزراء السوري محمد غازي الجلالي في تسجيل مصور يعلن استعداده لتسليم السلطة سلمياً.
في هذه الأثناء، حاولت الإمارات والأردن التوسط لمنع سيطرة هيئة تحرير الشام، بقيادة أحمد الشرع، على دمشق، إذ كانت الخطة تقضي بتسليم السلطة إلى جماعات المعارضة المعتدلة القادمة من الجنوب بقيادة الجيش السوري الحر، لكن رفض الجلالي لهذه الترتيبات بعد مكالمة هاتفية مع الجولاني أدى إلى فشل الجهود.
إسرائيل تحاول احتواء الأزمة
مع سيطرة المعارضة المسلحة على دمشق، سارعت إسرائيل إلى تنفيذ عمليات عسكرية لتدمير الأصول الاستراتيجية للنظام السوري، بما في ذلك إغراق أسطوله في اللاذقية واحتلال مواقع استراتيجية مثل جبل الشيخ.
وبحسب المصادر الأمنية كشفت أن إسرائيل كانت ترى أن الأسلحة السورية أكثر أماناً تحت حكم الأسد، وأنها تخشى استخدامها من قبل المتمردين.
وأوضحت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زار القوات الإسرائيلية في جبل الشيخ، مشيراً إلى أهمية بقائها هناك حتى يتم التوصل إلى ترتيب يضمن أمن إسرائيل.
وفي بيان لوزارة الخارجية الإسرائيلية، أُعلن أن العمليات العسكرية في سوريا كانت “مؤقتة وضرورية لأسباب دفاعية بسبب التهديدات التي تشكلها الجماعات الجهادية”.
ردود فعل إقليمية ودولية
وأثارت الأحداث قلقاً واسعاً في المنطقة، حيث عبرتا الإمارات والأردن عن انزعاجهما من احتمال تشكيل حكومة يقودها الإسلاميون في سوريا، رغم وعود الشرع بأن الحكومة الجديدة ستشمل جميع الأطياف، إذ استضاف الأردن اجتماعاً للجنة الاتصال الوزارية العربية لمناقشة الوضع في سوريا، وأكدت في بيانها ضرورة الإشراف على المرحلة الانتقالية وضمان مكافحة الإرهاب.
وفي الأثناء، رأت الصحيفة أن تركيا أيضاً كانت تراقب التطورات بحذر، إذ عقد البرلمان التركي جلسة مغلقة لمناقشة العمليات الإسرائيلية في سوريا، حيث حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من طموحات إسرائيل التوسعية، مؤكداً أن أنقرة لن تقف مكتوفة الأيدي إذا استمرت هذه السياسات.
الأسد وعزلته المتزايدة
مع سقوط دمشق، بدا أن بشار الأسد قد فقد الدعم الإقليمي والدولي، حيث أكّدت مصادر قريبة من الأسد للصحيفة أنه كان يعتمد على تدخل الإمارات لإنقاذه، إلا أن تراجع الدعم الإيراني والروسي دفعه إلى الهروب من العاصمة.
إذ كتب إبراهيم الأمين، رئيس تحرير صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله، أن الأسد كان مقتنعاً حتى اللحظة الأخيرة بأن حلفاءه سينقذونه، لكنه أدرك الهزيمة عندما أعلن الإيرانيون والروس أنهم لن يشاركوا في المعركة.
تقول الصحيفة، إن اليوم، تقف سوريا على أعتاب مرحلة جديدة، حيث تسعى هيئة تحرير الشام تسيطر على دمشق، وتسعى لتشكيل حكومة شاملة تمثل جميع الأطياف السورية. الأمم المتحدة دعت إلى رفع العقوبات الدولية لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة، بينما تتسابق القوى الإقليمية والدولية لرسم ملامح مستقبل سوريا.
مع ذلك، يبدو أن التحديات لا تزال كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي لمناطق مثل جبل الشيخ والجولان، حيث يرى مراقبون أن سقوط الأسد قد يؤدي إلى تشكيل محور جديد يضم تركيا وسوريا بقيادة إسلامية سنية، مما قد يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي ويفتح المجال لمزيد من المواجهات، وفقا للصحيفة
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
خطة بريطانية لدعم الحكومة اليمنية في مهمة تأمين حرية الملاحة وحماية المياة الإقليمية
دعت بريطانيا إلى شراكة بحرية دولية مع الحكومة اليمنية المعترفة بها دولياً من أجل حماية المياه الإقليمية للبلاد، وتأمين حرية الملاحة والتجارة البحرية التي تتعرض للتهديدات من قبل جماعة الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن.
وقال نائب الممثل الدائم لبريطانيا لدى الأمم المتحدة؛ جيمس كاريوكي، خلال اجتماع مجلس الأمن بشأن اليمن: "تُعد الشراكة الأمنية البحرية اليمنية آلية أساسية للتعاون الدولي بهدف حماية المياه الإقليمية لليمن، وتأمين التجارة البحرية، ومكافحة الأنشطة غير المشروعة، وإعادة بناء قدرات خفر السواحل اليمني".
وأضاف كاريوكي أن بلاده ستستضيف، المؤتمر الافتتاحي رفيع المستوى لمبادرة الشراكة البحرية اليمنية (YMSP)، المقرر عقده في 16 سبتمبر/أيلول القادم بالرياض، بالشراكة مع السعودية، "وندعو شركائنا الدوليين للانضمام إلى هذه المبادرة ودعمها".
وفيما أشاد الدبلوماسي البريطاني بعملية ضبط 750 طناً من الأسلحة كانت في طريقها إلى جماعة الحوثيين، من قبل قوات متحالفة مع الحكومة المعترف بها، أكد أن "النقل غير المشروع للأسلحة يقوض بشكل مباشر استقرار اليمن والمنطقة على نطاق أوسع، ويشكل انتهاكاً واضحاً لقرار حظر الأسلحة، الذي يفرض على كل الدول الأعضاء الامتثال الكامل له".
وشدد كاريوكي على الحاجة الماسة إلى تحرك سريع وتعاوني من جانب المجتمع الدولي من أجل كبح جماح أزمة انعدام الأمن الغذائي المتفاقمة في اليمن، وتوفير التمويلات الإنسانية الضرورية لتلبية احتياجات الفئات الأكثر ضعفاً في عموم البلاد.
وجدد المسؤول البريطاني دعوة بلاده لإطلاق سراح أفراد طاقم سفينة "إترنيتي سي" المحتجزين لدى جماعة الحوثيين بشكل غير قانوني، والإفراج الفوري وغير المشروط عن عمال الإغاثة المعتقلين تعسفيا، حيث 'تؤدي هذه الاعتقالات إلى جعل وصول المساعدات الإنسانية أكثر صعوبة وخطورة في وقت تتزايد فيه احتياجات اليمنيين بسرعة".