شبح النظام الأبوي يلاحق النساء إلى "أروقة العدالة".. لبناني يقتل زوجته داخل أسوار المحكمة وينتحر
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
في حادثة مروعة تضاف إلى سلسلة الجرائم ضد النساء في لبنان، أقدم المواطن اللبناني خليل مسعود اليوم على قتل زوجته الإعلامية عبير رحال داخل المحكمة الشرعية ببلدة شحيم في إقليم الخروب، بينما كانا يتابعان إجراءات طلاقهما.
بعد ارتكاب الجريمة، فرّ القاتل إلى جهة مجهولة، ليعثر عليه لاحقاً جثة هامدة داخل سيارته بعد أن أطلق النار على نفسه بسلاح كان بحوزته.
اتهم القاتل زوجته بالخيانة ووجه إليها سلسلة من الادعاءات التي تتعلق بسلوكها الشخصي ومهنتها، محاولاً تصوير نفسه كضحية. هذه التبريرات التي تتكرر في معظم جرائم قتل النساء، تسلط الضوء على المفهوم السائد المرتبط بـ"الشرف"، والذي يُستخدم كذريعة لتبرير العنف ضد النساء، حتى في أماكن يُفترض أن تكون ملاذاً لحقوقهن.
عبير رحال، أم لثلاثة أطفال وإعلامية تعمل في مواقع إخبارية إلكترونية، قُتلت في مكان من المفترض أن يُشكّل رمزاً للعدالة، ولكن حتى في حرم المحكمة، لم تكن عبير آمنة من العنف الذكوري الذي أودى بحياتها.
وهذه الجريمة، التي أثارت موجة من الاستنكار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ليست حادثة معزولة بل تأتي في سياق منظومة اجتماعية ترسخ هيمنة الذكور وتُضعف مكانة النساء، مما يؤدي إلى تصاعد العنف الأسري والجرائم ضد النساء.
جرائم قتل النساء في لبنان: أرقام صادمة ومسؤولية غائبةيشهد لبنان تزايداً مقلقاً في جرائم قتل النساء، وقد أشارت منظمة "كفى" عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن عدد جرائم قتل النساء في عام 2024 بلغ 17 جريمة حتى الآن، مع احتساب جريمة قتل عبير رحال.
وفي تعليقها على الجريمة، كتبت المنظمة: "جريمة أخرى تُرتكب باسم المجتمع الذكوري والقوانين الطائفية الذكورية، التي تمنح الرجل شعوراً بأنه يملك حياة المرأة، سواء كانت زوجة أو ابنة أو أختاً أو حتى أماً، ويعطيه الحق في إنهاء حياتها متأكداً أن المجتمع الذكوري سيبرره ويصوره بطلاً".
وفي هذا السياق، علّقت علياء عواضة، الناشطة اللبنانية في مجال حقوق المرأة والمديرة التنفيذية لمنصة "نقطة - المختبر النسوي"، في مقابلة مع "يورونيوز"، قائلة: "هذا العام، شهدنا جرائم قتل ضد النساء كل شهر تقريباً. حتى خلال فترات الحرب وفي أماكن النزوح، وقعت جرائم قتل بحق النساء في لبنان".
وأضافت: "لدينا أحد أهم القوانين في العالم العربي لحماية النساء، لكن للأسف، العقلية المجتمعية التي تعزز هيمنة الرجل وتمنحه شعوراً بالسيطرة الكاملة تتيح له اللجوء إلى العنف أو القتل باعتبار النساء جزءاً من ملكيته".
وأشارت عواضة إلى أن هذه الجرائم لا يمكن فصلها عن السياق العام لارتفاع وتيرة العنف الموجه ضد النساء، موضحة أن عام 2023 شهد 29 جريمة قتل، جميعها ارتكبها الشريك أو الأقرباء مثل الزوج أو الأب أو الأخ.
وتابعت: "عدد شكاوى العنف الأسري التي تم الإبلاغ عنها يعكس عمق المشكلة. فقد تلقى الخط الساخن التابع لقوى الأمن الداخلي حوالي 800 شكوى العام الماضي. أما هذا العام، وحتى شهر أيلول، فقد بلغ عدد الشكاوى 600 شكوى، ما يشير إلى ارتفاع في حالات العنف الأسري، لكن التأخير في الأحكام القضائية وعدم محاسبة الجناة بالشكل المناسب يؤدي إلى تفاقم هذه الظاهرة".
Relatedعشرات النساء يقدمن شهادات مروعة ضد محمد الفايد: اتهامات بالاغتصاب تلاحق الملياردير المصري الراحلمطالبة بتحقيق دولي بعد "فزع" أممي من تقارير تشير إلى تعرض فلسطينيات للاغتصاب والإعدام تعرضت للاغتصاب من زوجها و50 رجلاً: كيف أصبحت جيزيل بيليكوت رمزاً فرنسياً لمكافحة العنف الجنسي؟وفي تعليقها على جريمة مقتل عبير رحال، قالت عواضة: "المفارقة الكبرى هي أن الجريمة وقعت داخل المحكمة، المكان الذي يُفترض أن يكون رمزاً للعدالة والحماية. فكرة دخول القاتل إلى قاعة المحكمة بسلاح تشير إلى غياب كامل للأمان بالنسبة للنساء في لبنان".
وأكدت عواضة أن هذه الجريمة تحمل رسالة خطيرة مفادها أن النساء في لبنان لا يجدن مكاناً آمناً، ما يدفع كثيرات منهن إلى تجنب الإبلاغ عن العنف خوفاً من العواقب. حتى اللواتي يقدمن بلاغات يتعرضن في كثير من الأحيان لمزيد من العنف نتيجة التبليغ.
واختتمت عواضة حديثها مع "يورونيوز" بالتأكيد على أن المنظومة المجتمعية والقانونية في لبنان تساهم في استمرار هذا النوع من الجرائم. وشددت على أن المطلوب بشكل عاجل هو تسريع المحاكمات وتطبيق عقوبات صارمة وعادلة تكون رادعة لمنع وقوع جرائم مشابهة في المستقبل.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية اسمه باتمان ولم تغنه 20 زوجة عن اغتصاب بنات 9 سنين.. الحكم بالسجن 50 عاما على أب روحي لطائفة أمريكية بعد أكثر من ربع قرن من الصمت... إدانة مسؤول سابق بجريمة اغتصاب مروعة داخل مركز للشباب في أمريكا هل تكفي 20 عاما من السجن؟ كأقصى عقوبة لفرنسي خدر زوجته وجعلها فريسة لاغتصاب جماعي! جريمةمحكمةقتلعنفنساءلبنانالمصدر: euronews
كلمات دلالية: ضحايا بشار الأسد روسيا عيد الميلاد قطاع غزة وفاة ضحايا بشار الأسد روسيا عيد الميلاد قطاع غزة وفاة جريمة محكمة قتل عنف نساء لبنان ضحايا بشار الأسد روسيا عيد الميلاد قطاع غزة وفاة سوريا تركيا أبو محمد الجولاني الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة فيلم سينمائي جرائم قتل النساء النساء فی لبنان یعرض الآن Next عبیر رحال ضد النساء
إقرأ أيضاً:
شبكات التجسس تثير أزمة ثقة في إيران.. النظام يحذر من التفاعل مع صفحات ترتبط بإسرائيل
في ظرف 24 ساعة على دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أعلنت إيران تنفيذ أحكام إعدام بحق ثلاثة أشخاص أدينوا بالتجسس لصالح الموساد. اعلان
مع احتدام المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل خلال شهر يونيو، لم يكن المشهد الداخلي في إيران أقل اضطرابًا. فقد ترافق التصعيد الخارجي مع موجة إجراءات أمنية واسعة النطاق في الداخل.
استنفار أمنيفي موازاة القصف المتبادل بين الطرفين، شرعت السلطات الإيرانية في تنفيذ سلسلة إجراءات أمنية غير مسبوقة شملت إعدامات، واعتقالات، ومداهمات، ومصادرة معدات حساسة. وبينما اعتُبرت هذه الخطوات ردًا مباشرًا على عمليات تجسس لصالح إسرائيل، فإن توقيتها وطبيعتها أوحيا بأن الدولة تخوض معركة داخلية لا تقل حساسية عن المعركة الخارجية.
ففي ظرف 24 ساعة على دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أعلنت إيران تنفيذ أحكام إعدام بحق ثلاثة أشخاص اتُّهموا بالتجسس لصالح جهاز الموساد. وجاء ذلك بعد إعدام مدان رابع قبل يومين، بينما تحدثت تقارير محلية عن اعتقال نحو 700 شخص في ظرف 12 يوما من المواجهة العسكرية مع إيران، بتهم تتعلق بالتعاون مع أجهزة استخبارات أجنبية.
الطائرات المسيّرة: وجه آخر للانكشافوكانت وكالة "نور نيوز" قد أفادت بأن السلطات قد صادرت نحو 10 آلاف طائرة مسيّرة في العاصمة طهران، بعضها كان يُستخدم في عمليات مراقبة، أو يُشتبه في أنه مرتبط بجهات خارجية وفق المصدر. كما أشارت إلى تفكيك مواقع يُعتقد أنها كانت تُستخدم لتجميع وتصنيع هذه الطائرات داخل إيران.
ورغم أن هذه الخطوة قد تبدو في ظاهرها إجراءً تقنيًا ضمن حملة أوسع ضد الاختراق، إلا أنها سلطت الضوء على عمق الأزمة الأمنية داخل البلاد، وأثارت تساؤلات حول مدى تغلغل هذه الشبكات في قلب العاصمة.
المواطن تحت المجهرلم تقتصر الإجراءات على المشتبه في تورطهم بأعمال فعلية. إذ كشفت تقارير إعلامية عن إرسال السلطات رسائل نصية إلى عدد من المواطنين تحذرهم من التفاعل مع صفحات مرتبطة بإسرائيل على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعتبر هذا التفاعل مخالفًا للقانون، بموجب المادة الثامنة من قانون "مكافحة الأفعال العدائية للنظام الصهيوني" وفق تعبير تللك الرسائل. مع ما يعنيه ذلك من تداعيات على الحريات.
الرسالة حملت توقيع نائب رئيس السلطة القضائية للشؤون الاجتماعية والوقاية من الجريمة، في إشارة إلى تبني المؤسسة القضائية نفسها نهجًا رقابيًا صارمًا في المجال الرقمي.
Relatedترامب يسعى لإغلاق ملف الحرب الإيرانية بنهاية درامية.. هل ينجح؟الحرب على إيران تعيد الليكود إلى الصدارة.. نتنياهو: العالم شاهد طهران تهتز على وقع تفجيراتنا بزشكيان: إيران لا تسعى للسلاح النووي وسنحمي حقوقنا المشروعةتصاعد الشبهاتمع اتساع نطاق الاشتباه والرقابة، بدأت ملامح أزمة اجتماعية تلوح في الأفق. في الوقت ذاته، برزت تساؤلات حول آثار هذه الحملات على النسيج المجتمعي، خصوصًا في بيئة يُحتمل أن تسودها الحساسية المفرطة تجاه أي سلوك قد يُفهم على أنه "انعدام ولاء"، سواء كان فعليًا أو مبنيًا على الشبهات.
فالحملات الأمنية والرسائل التحذيرية التي طالت مواطنين عاديين غذّت شعورًا عامًا بالخوف، ودفع كثيرين إلى التساؤل: ما الذي بات يُعدّ "سلوكًا مريبًا"؟
الجبهة الداخليةفي خضم هذه التطورات، صرّح رئيس السلطة القضائية الإيرانية، غلام حسين محسني إيجئي، أن القضايا المرتبطة بالأمن القومي، وخاصة قضايا التجسس، ستحظى بالأولوية القصوى في المحاكم، مشيرًا إلى أن الحفاظ على استقرار الدولة في هذه الظروف هو هدف رئيسي.
لكن التحدي الأكبر، كما يرى مراقبون، يكمن في كيفية تحقيق هذا الاستقرار دون المساس بثقة المواطنين. إذ إن الإفراط في استخدام الأدوات الأمنية قد يؤدي إلى نتائج عكسية ويزيد من الفجوة بين الدولة والمجتمع، في لحظة بالغة الحساسية والتعقيد.
مراجعة أمنية أم قمع وملاحقة؟رغم أن المعركة العسكرية مع إسرائيل قد إنتهت، فإن تداعياتها الأمنية لا تزال تتفاعل داخل إيران. ومع مواصلة التحقيقات القضائية واتساع الإجراءات الأمنية، يبدو أن البلاد تمر بمرحلة إعادة تقييم شاملة لأدواتها في التعامل مع التهديدات، خاصة على المستويين الرقمي والميداني.
ولا يُعرف ما إذا كانت هذه المرحلة ستؤدي إلى تعميق الشكوك وكيف سيوازن النظام بين الأمن القومي وحق المجتمع في الخصوصية والثقة.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة