صحيفة البلاد:
2025-12-14@19:06:37 GMT

عزة النفس وعلو الإنسان

تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT

عزة النفس وعلو الإنسان

عزَّة النفس واحدة من أعظم القيّم الإنسانية، التي ترتقي بالإنسان وتمنحه قوة داخلية؛ تجعله يواجه الحياة بثقة وكرامة. إنها الشعور بالاحترام الذاتي والتقدير للذات دون تعالٍ أو غرور، وهو ما يدفع الإنسان إلى التمسك بمبادئه الأخلاقية في عالم يموج بالتحدّيات، وجوهر الكرامة الإنسانية.

وتُعد عزة النفس ركيزة أساسية لبناء شخصية متزنة وثابتة.

فهي ليست مجرد شعور عابر، بل هي ضرورة إنسانية تحفظ الكرامة، وتمنح الفرد القدرة على اتخاذ قرارات مستقلة دون خضوع أو استسلام للظلم.
في الوقت ذاته، يظهر أثر ذلك في تعامل الفرد مع الآخرين برقي واحترام. إنها توازن دقيق بين احترام الذات وعدم التقليل من شأن الآخرين، ما يجعل صاحبها شخصية مميزة تجمع بين القوة والتواضع.

وعلو النفس امتداد طبيعي لعزة النفس، وهو السمو فوق كل ما هو دنيء أو تافه. إنه نهج حياة يرتكز على التسامح والقدرة على التغاضي عن الصغائر، والتركيز على ما يضيف قيمة حقيقية للحياة.
الإنسان ذو النفس العالية لا يسعى للردّ على الأحقاد، أو الضغائن، بل يتحلَّى بالصبر والحكمة، ويجعل من الأخلاق الفاضلة معيارًا لسلوكه.

وفي خضم الإغراءات والتحديات اليومية، يصبح الحفاظ على ذلك تحديًا كبيرًا، لكنه يستحق الجهد.
في العمل، يُتقن الإنسان عمله مع الحفاظ على كرامته، ويرفض الاستغلال أو التقليل من قيمته. وفي العلاقات الشخصية، يحترم ذاته ويحترم الآخرين، ويضع حدودًا واضحة تحفظ كرامته. أيضًا في الأزمات، يواجه المواقف الصعبة بثبات دون التفريط في مبادئه.
وتنشئة جيل يتحلَّى بعزة النفس، تبدأ من التربية المنزلية، والتعليم في المدارس؛ لتحقيق ذلك، يمكن التركيز على:
– تعزيز الثقة بالنفس: تشجيع الأطفال على اتخاذ قراراتهم وتحمل نتائجها.

القدوة الحسنة: أن يكون الآباء والمعلمون نموذجًا يحتذى به في الكرامة والاحترام.
– تعليم القيم الأخلاقية، زرع مبادئ الصدق والنزاهة في نفوسهم منذ الصغر.
وعزة النفس وعلوها؛ هما مفتاح الحياة الكريمة وأساس الشخصية القوية. في عالم متعطش للقيّم النبيلة، علينا أن نجعل منها وعلوها، طريقًا نحو مستقبل أفضل؛ حيث يصبح الإنسان نموذجًا يُحتذى به، ومصدر إلهام لمن حوله.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

فيلم موسم الصيد: جاذبية الشخصية الهادئة والمسالمة في مواجهة الشر

الشخصيات الغامضة والاستثنائية هي واحدة من الأدوات التي يلجأ إليها المخرج في تقديم القصة السينمائية وهو بذلك يتجه إلى تحقيق عدة أهداف في مقدمتها اجتذاب الجمهور لاستجلاء ذلك الغموض في الشخصية من جهة وإضفاء جو من الترقب والاهتمام الذي يجعل المشاهدة ممتعة ويزيد من مساحة الاهتمام بالفيلم.

لكن في موازاة ذلك هنالك مساحة واسعة من الاختيارات التي تتعلق بالشخصية ذاتها، فهي ليست أسيرة نمط محدد بمعنى أن هنالك أساليب متنوعة في تقديم الشخصيات استنادا إلى القصة السينمائية وتوالي الأحداث والصراعات وما إلى ذلك وهو ما يزيد الشخصية الفيلمية نجاحا.

من هنا يمكننا النظر إلى هذا الفيلم للمخرج آر جي كولينز والذي يعرض في الصالات الآن فهو يقدم لنا شخصية لها حضورها الطويل على الشاشات ومن خلالها تم نسج الأحداث وتصعيد الصراعات وتلك هي شخصية الممثل الكبير ميل جيبسون الذي أدى دور " بودري" – الرجل الغامض في هذا الفيلم.

إنه نوع من الشخصيات التي تجعلك تتساءل ما الذي يخفيه هذا الرجل الذي تجاوز الستين من العمر وتغضن وجهه واشتعل رأسه شيبا بينما هو يعيش مع ابنته تاغ – الممثلة صوفيا هاليتيز وحيدان في وسط ما يشبه الغابة في شبه قطيعة عن العالم الخارجي وعليهما قطع مسافة ليست قصيرة لكي يصلان إلى أقرب مدينة مجاورة.

هنا سوف نتساءل ما سر هذه العزلة وما الذي يخبؤه بو أو بودري وهو يراقب كل ما حوله بعين راصدة ويمضي يومياته الروتينية في الذهاب والعودة من والى المدينة ثم وهو يدرب ابنته على الصيد في وسط الغابة وكيفية اقتناص الهدف وما إلى ذلك، لكن الملفت للنظر أن الفيلم بدأ بمشاهد لا علاقة لها بالأب وابنته بل بمسألة مختلفة تماما تمثلت في استدراج زعيم العصابة -اليخاندرو- يقوم بالدور الممثل جوردي مولا لفتاة تعمل في المقهى وصولا إلى تهديدها وترهيبها ما لم توصل رسالة ما غامضة إلى صديقها.

هذه المشاهد الافتتاحية كانت مصنوعة بشكل متقن ولا شك أنها تجتذب المشاهد وتدفعه إلى التساؤل فيما بعد وبعد الانتقال إلى يوميات بودري عن العلاقة بين هذين العالمين المتوازيين ومتى سوف يلتقيان.

لاشك أن حرفية كاتب السيناريو وبراعته هي التي سوف تقدم لنا الإجابة عن هذا التساؤل، إذ ما يلبث مع استمرار الأحداث أن يوجد حبكة ثانوية تتمثل في عثور الابنة تاغ على امرأة مصابة وملقاة قرب ضفة البحيرة وهو ما سوف يقودنا تباعا لاكتشاف الصلة مع المشاهد الأولى.

سوف نتوقف هنا عند القراءات النقدية التي رافقت هذا الفيلم ومنها ما كتبه الناقد آرون باترسون في موقع هوليوود انسايدر وبالأخص عن شخصية بودري الذي يقود الأحداث إذ يقول: " يقوم هذا الفيلم على نوع خاص من التوتر لا ينشأ إلا من مشاهدة رجلٍ شهد الكثير وهو يحاول عيش حياة لا تتطلب منه شيئًا، إنه يتحرك بحذرٍ متعمد كمن نجا من الحرب ومن ماضيه. كما أنه يرسخ هذا الفيلم التشويقي، الذي تدور أحداثه بمحاذاة غابة نائية، بأداءٍ يبدو وكأنه منحوت من فرط الجدية.

يقدم الفيلم شخصية متزنة، منهجية لدرجةٍ تثير القلق، يدرس الناس كما يدرس الشخص الخرائط. تشعر وكأنه يُجري حساباتٍ دقيقةً خلف عينيه المُرهقتين -نقاط الخروج، التهديدات، الاحتمالات- حتى وهو يُؤدي مهامه اليومية".

اما الناقدة جويل كالبنك في موقع سبيكترام، فقد كتبت عن الفيلم قائلة: " من الأمور المُلفتة للنظر في هذا الفيلم أنه يسلط الضوء على قدرة الشخصيات على شد انتباه المشاهد، ومن جهة أخرى فإن المخرج كان يُبقي معظم مشاهد الحركة مُؤجلة ليُطلق العنان لها فيما بعد. وحتى ذلك الحين، ستكون معركة عقول لمعرفة ما إذا كان بو الذكي وتاغ المُحنّكة قادرين على إحباط مخططات خصومهما قبل أن يرتكب الأشرار الفعل الشنيع الذي ينوون ارتكابه.

يُضفي أداء جيبسون المتقن أساسًا متيناً للقصة، لكنّ الممثلين الشباب المشاركين معه لا يقلّون عنه براعة، وهنا لا نستطيع اعتبار هذا الفيلم مجرّد فيلم إثارة وحركة آخر موجّه للجمهور الذي رأى اسم الممثل الرئيسي وقرّر مشاهدة الفيلم. بل لأنّ جيبسون قادر على إضفاء المصداقية حتى لو كانت الفكرة مستهلكة بسهولة تامة".

بعد هذا سوف ننتقل في البناء السردي وبث مزيد من الحبكات الثانوية إلى منطقة أخرى مختلفة تماما وتتعلق بوجود رجل شرطة مرتش يتعامل مع العصابات وهو السبب وراء إصابة تلك جانيواري ومقتل نادلة المقهى، وهكذا تتجسم مساحة واسعة للصراع ممثلة فيما يعرف بعصابة الأخوية التي يقودها اليخاندرو وهو رجل عصابات شديد الإجرام والوحشية وها هو وجها لوجه مع بودري وابنته ومن هنا تبدأ براعة بودري التي كانت تثير تساؤلنا في البداية في التصدي للكارثة القادمة الممثلة في مواجهة رجال العصابات بزعامة اليخاندرو وفي الوقت ذاته إنقاذ الفتاة جانيواري، تلك الضحية التي لا ذنب لها في وسط دوامة ذلك الصراع.

تتجسم هنا الإشكالية التقليدية الممثلة في الصراع بين الخير والشر، فيما يبرز رجال الشرطة في الخلفية يحسبون لعصابة اليخاندرو ألف حساب خوفا من بطشها وانتقامها لكن استعداد بودري وابنته كان كفيلا للتصدي لكل هؤلاء الأشرار فضلا عن تحرير الفتاة المصابة وإنقاذها.

ومما لا شك فيه أن الحبكة في الفيلم كانت مألوفة، لكننا وجدنا أن المخرج قد ركز على التشويق البطيء، تاركًا التوتر يتصاعد تدريجيًا بدلًا من أن ينفجر بشكل مفاجئ مما سمح للمشاهدين بالشعور بثقل العزلة التي يعيشها بو مع اقتراب هذين العالمين المتباينين ​​اللذين تحدثنا عنهما من الاصطدام. واقعيا كان كل مشهد يظهر فيه بو يعطي إحساسا بالتوتر، كمن يُحصّن سدًا على وشك الانهيار. وعندما ينهار، يفجّر بو طاقاته بنفس التمكن من السيطرة والمواجهة.

في المشاهد الأخيرة، يُظهر الفيلم تماسكا أكثر، حيث تُصبح طبيعة بودري المنهجية سلاحًا، إذ يُوظّف مهاراته، من أجل المواجهة الحاسمة فالعنف سريع وحاسم، وفرضية الانتصار صعب التحقق منها، لكون الأمر أقرب إلى غريزة البقاء منه إلى مشهد حركةٍ استعراضي.

وبعد هذا وبعد أن ينقشع دخان المواجهات الشرسة، تجد نفسك أمام خاتمة تبدو حتمية، مبنية على التوتر المُحكم الذي غذّاه الفيلم منذ بدايته.

.......................

إخراج/ آر جي كولينزسيناريو / آدم هامبتونتمثيل/ ميل جيبسون في دور بودري، صوفيا هابليتز في دور تاغ، شيللي هيننغ في دور جانواري، جوردي مولا في دور اليخاندرو ، سكارليت ستالوني في دور ليزي

مدير التصوير/ براندون كوكس

مونتاج/ ماغنوس هال

مصمم الإنتاج/ نيت جونز

مقالات مشابهة

  • فيلم موسم الصيد: جاذبية الشخصية الهادئة والمسالمة في مواجهة الشر
  • اليوم العالمي لحقوق الإنسان وترسيخ الكرامة الإنسانية
  • محلية الخرطوم تواصل نقل رفاة معركة الكرامة للأسبوع الثاني على التوالي
  • الغرب يعالج مشاكله... على حساب الآخرين!
  • جروسي يدعو لضبط النفس في الحرب الروسية الأوكرانية لتجنب وقوع حوادث نووية
  • الوكالة الدولية الذرية: من الضروري ضبط النفس لتجنب وقوع حادث نووي
  • مكتب «النائب العام» يشدد على دور العدالة والمجتمع المدني في صون الكرامة
  • برج العقرب حظك السبت 13 ديسمبر 2025… يوم يكشف لك نوايا الآخرين
  • من وحي ” علم النفس “
  • فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة