الجزيرة:
2025-07-04@11:40:39 GMT

هل نشهد نهاية عنف وعدمية الغرب؟

تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT

هل نشهد نهاية عنف وعدمية الغرب؟

تفاعلات عصر التنظيمات

شهد عصر التنظيمات العثمانية "جدلًا" تاريخيًا وتفاعلًا شاملًا ومطردًا لعملية التحديث وامتداداتها وسيرورتها وتداعياتها عبر أكثر من قرنين شهدا أشكالًا من الصيرورة والتحولات التاريخية.

تزامنت حركة التحديث و"الأوربة" في الدولة العثمانية مع نظيرتها في مصر وإيران تقريبًا، وتشابهت بعض أوجهها وسياقاتها.

لكن أكثر التجارب التحديثية اكتمالًا وتطرفًا هي الحالة التركية. وحتى تجربة مصطفى كمال باشا في التحديث والعلمنة والأوربة لم تذهب بعيدًا، بل هي امتداد منطقي لمشروع التحديث العثماني، كما رآه وتعهده السلطان محمود الثاني، وابنه السلطان عبد المجيد، ورجال التنظيمات.

استطاع مصطفى كمال باشا والجيوش العثمانية بقيادته هزيمة الإنزال البحري البريطاني في جناق قلعة (غاليبولي)، وتكبدت بريطانيا هزيمة لا نظير لها في تاريخ الإمبراطورية البريطانية، وتم تحرير الأناضول من احتلال القوى الأوروبية، وإسقاط معاهدة سيفر التي قضت بتقسيم الأناضول بين الطليان والفرنسيين واليونان والأرمن، وتدويل الممرات المائية (مضيق البوسفور وبحر الدردنيل).

تلقت العسكرية التركية أكبر جزء من عملية التحديث العثمانية للدفاع عن وجود الإمبراطورية، ومن عملية التحديث ما بعد العثمانية لحاجات دخول تركيا الأحلاف الغربية. وكرّس ذلك دور المؤسسة العسكرية في مسيرة الجمهورية التركية حتى يومنا هذا. كذلك، استقرت مكانة الدولة وجيشها عميقًا في الوجدان التركي، ومن الدعاء المأثور لدى الأتراك: اللهم احفظ لنا الدين والدولة!

إعلان فواعل حركة التحديث

منذ بدء عصر التنظيمات، ومن خلال ملاحظة مساراته وتفاعلاته، تعددت الفواعل "البنيوية" في عملية التحديث والاستجابة للتحدي الغربي الحديث:

دائرة القيادة وصنع القرار الواقعة تحت ضغط تداعيات المسألة الشرقية، وتغول الإمبريالية الأوروبية و"راهنية" التفوق الغربي عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا وضرورة صياغة الاستجابة لهذه التحديات الحرجة. قوى وأوساط تقليدية تعرضت لصدمات عملية التحديث أو تضررت منها وعارضت مساعي التغيير؛ بسبب المصالح أو الجهالة أو تداعياتها الصعبة. دعاة أيديولوجية الأوربة والتماهي الكامل مع النموذج الأوروبي والثقافة الغربية، بمختلف مظاهرها العلمانية والليبرالية والقومية والدستورية. الشرائح والنخب المرتبطة مباشرة بالغرب: طابور خامس وأقليات حاقدة مرتبطة بالاستخبارات الأجنبية، أصحاب المصالح ووكلاء شركات أوروبية، وملتحقون بالسوق الرأسمالية. دعاة التحديث والأسلمة: مفكرون ومثقفون وعلماء دعوا لاستيعاب التحدي الغربي الحديث ونقد الفكر الغربي، وتقديم استجابة قائمة على التجديد الديني والفكري والثقافي.

تلقي هذه المعالجة "الفكرية" الضوء على نخب المفكرين من دعاة "الأوربة" والتماهي مع الغرب وكذلك دعاة التحديث والأسلمة.

ارتبط التوجه نحو أوروبا، إلى حد كبير، بالتقدم العلمي والصناعي، وما استُحدِث من دساتير ونظم سياسية وحياة برلمانية وفصل بين السلطات ومساحة حريات وازدهار الصحافة، لكن مظاهر وتضمينات الحداثة لا تقتصر على الصناعة والسياسة، بل تشمل الفلسفة والفكر والرؤية الكونية والثقافة والآداب والفنون والتعليم، والاجتماع (تحرير المرأة والنهوض بالطبقات الاجتماعية المهمشة)، وغير ذلك مما لفت أنظار المطلعين على الخبرة الأوروبية.

دعاة الأوربة والتماهي

بعيدًا عن استقصاء جميع المفكرين في هذا الاتجاه، نجد اللبناني شبلي شميِّل (1850-1917) من أوائل دعاة الأوربة والاستجابة الكاملة للثقافة الغربية. وكان شميّل قد سافر إلى فرنسا منتصف سبعينيات القرن 19، وترسخت لديه فكرة أو "نزوة" النشوء والارتقاء لداروين أو نظرية التطور، ونقل إلى العربية شرح الطبيب والفيلسوف الألماني لودفيغ بُخنر (1824-1899) لها.

إعلان

فكان شميّل أول من نقل هذه النظرية إلى اللغة العربية قبل ترجمة إسماعيل مظهر لكتاب تشارلز داروين "أصل الأنواع". كتب شميّل رسالة بعنوان "شكوى وأمل"، إلى السلطان عبدالحميد الثاني، وقال فيها إن الدولة العثمانية تفتقد العلم والعدل والحرية، وذهب إلى أن "الحكمَ الديني" و"الحكم الاستبدادي" كلاهما فاسدان؛ لأنهما غير طبيعيين وغير صحيحين؛ فالأول يلجأ إلى السلطة لمنع نمو العقل البشري نموًا سليمًا، والثاني لا يعترف بحقوق الأفراد، وكلاهما يؤديان لجمود العقل ويعوقان التقدم.

كان شميل من قيادات حزب "اللامركزية" العثماني الذي ضمّ أيضًا السيد محمد رشيد رضا، وعبدالحميد الزهراوي، ورفيق العظم، وحافظ السعيد، وعلي النشاشيبي، وغيرهم من قادة الحركة الإصلاحية العربية.

اعتبر شميّل العلوم الحديثة الأساس الذي قامت عليه الحضارة الغربية المتفوقة، ودعا لاقتباسها والأخذ عنها دون تردد. لكن ما دور نظرية التطور البيولوجي لداروين في تحقيق العلم والعدل والحرية والتقدم؟ إن لم تكن "صرعة" أو فتنة للانحطاط بالإنسان إلى درك الحيوانات بعد التكريم والاستخلاف الإلهي!

في مصر، استهل أحمد لطفي السيد (1872-1963) مشروعه التغريبي بالدعوة إلى قومية مصرية، ملتحقة بحضارات البحر الأبيض المتوسط، كأساس لانتماء المصريين، كما دعا لاستخدام العامية بدل الفصحى، وتأثر بالمدرسة الليبرالية الفرنسية "المنكسرة" أواخر القرن التاسع عشر، بعد انكسار فرنسا أمام ألمانيا في حرب 1870.

وربما هذا ما يفسر انهزامية لطفي السيد إزاء الاحتلال الإنجليزي لمصر ودعوته للانكفاء على الذات. ومع ذلك لُقّب لاحقًا بأستاذ الجيل (جيل المثقفين الليبراليين)، واعتُبِر أبًا لليبرالية المصرية.

أما سلامة موسى (1887-1958) فكان من رواد الاشتراكية بمصر، ونهل أيضًا من الثقافة الغربية، ودعا لاستخدام العامية بدل الفصحى، بل ذهب (وكذلك عبدالعزيز باشا فهمي) إلى الدعوة لكتابة العربية بالحروف اللاتينية؛ باعتبار ذلك وثبة للمستقبل، ورغم تبريره ذلك بأمّيّة أغلب المصريين، فإن تلك الدعوة مثلت آنذاك صدعًا في جدار الحضارة العربية الإسلامية ووعي الأمة، وبدا أكثر تأثرًا بالغرب وسخطًا على المجتمع.

إعلان

وكان سلامة موسى قد سافر إلى فرنسا ثلاث سنوات تعرف خلالها على أفكار فولتير (1694-1778)، وكارل ماركس (1818-1883)، ثم ارتحل بعد ذلك إلى إنجلترا، وظل بها أربع سنوات، انضم فيها لجمعية الاشتراكية الفابية، والتقى أحد أهم مفكريها جورج برنارد شو (1856-1950) الذي أشاد بمنهج وقدرة رسول الإسلام، ﷺ، على حل مشكلات البشرية.

تبنى سلامة موسى نظرية داروين في النشوء والارتقاء (!) وطرح أفكارًا متماهية تمامًا مع أوروبا ومتصادمة بشدة مع المجتمع، حتى قال: "فلنولِّ وجهنا شطر أوروبا… ونجعل فلسفتنا وفق فلسفتها"، وقلل من شأن الدين باعتباره خاضعًا للتطور، فهو عنده مصدر بشري وليس مصدرًا إلهيًا. وصاغ ذلك بقوله: "ليس للإنسان في هذا الكون ما يعتمد عليه سوى عقله، وأن يأخذ الإنسان مصيره بيده ويتسلط على القدر بدل أن يخضع له".

شارك طه حسين (1889-1973) في مرحلة انبهاره بالغرب، وقبل أوبته، في صياغة أطروحات التغريب، كما ذكر في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر": "إن الطريق واضحة بيِّنة مستقيمة لا عوج فيها ولا التواء، وهي واحدة فليس فيها تعدُّد، وهي أن نسير سيرة الأوروبيين، ونسلك طريقهم لنكون لهم أَندادًا، ولنكون شركاء لهم في الحضارة، خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يُحب وما يُكره، وما يُحمد منها وما يُعاب".

بدأ هذا الانبهار والتماهي التام لدى دراسته في فرنسا (1914-1918)، وهناك فُتن بمنهج ديكارت في "الشك"، والتقى عالم الاجتماع الفرنسي دوركايم (1858-1917) الذي أشرف على أطروحته: "فلسفة ابن خلدون الاجتماعية".

دعاة التحديث والأسلمة

كان الصدر الأعظم والبيروقراطي العثماني المخضرم، خير الدين باشا التونسي (1820-1890)، من رواد الإصلاح والتحديث في القرن 19، واتسمت أعماله بالتركيز على إصلاح الدولة والإدارة والحكم. ولا يُذكر عصر التنظيمات دون الإشارة إلى أفكاره وأعماله وإصلاحاته، وقد سجّل كثيرًا من أفكاره الإصلاحية في كتابه "أقوم المسالك لمعرفة أحوال الممالك". تقوم حركة الإصلاح عند خير الدين باشا على مبدأين:

إعلان

الأول، ضرورة التجديد والاجتهاد في الشريعة الإسلامية، بما يتلاءم مع ظروف العصر وأحوال المسلمين، ويتفق مع ثوابت الشريعة، ودعا علماء الأمة إلى توسيع مفهوم السياسة الشرعية.

الثاني، ضرورة الأخذ بالمعارف وأسباب العمران الموجودة في أوروبا؛ لأنها طريق المجتمع إلى النهوض، وإذا كان هذا الطريق يتطلب تأسيس الدولة على الحرية والعدل، فإنهما أصيلان في الشريعة.

دعا خير الدين باشا للإصلاح الشامل على أساس العدل في حكم الرعية، ورفع مظاهر الظلم والعسف بحكم يقوم على الشورى، وتعدد مؤسسات الحكم، وعدم انفراد شخص مهما أوتي من قدرة وكفاءة وحسن سياسة بتصريف شؤون البلاد وإدارة أمور الرعية؛ لأن في الاستبداد والانفراد مدعاة للتفريط في الحقوق.

واشترط أن تعي الأمة مسؤولياتها، وتُحْسِن ممارسة حريتها، وتراقب سير أمور الحكم، وتطالب بحقوقها. من أبرز مآثره صياغة دستور 1861، ومن أهم بنوده:

الالتزام بمقتضيات وثيقة عهد الأمان الصادرة عام 1857. الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. إنشاء "المجلس الأكبر" المكون من 60 عضوًا معيّنين لمدة 5 سنوات. ومن صلاحياته وضع القوانين وتنقيحها وشرحها وتأويلها والموافقة على الأداءات ومراقبة الوزراء ودرس مشروع الميزانية. إنشاء شبكة من المحاكم تباشر القضاء.

كما أنشأ المدرسة الصادقية عام 1875 لتباشر تجديد النهج التقليدي الذي تمثّله جامعة الزيتونة، فدُرّست اللغات والعلوم الرياضية والطبيعية بالمدرسة الصادقية.

بدوره، يمثّل الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي (1801-1873) نموذجًا بارزًا للمفكرين المسلمين في زمن التحديث المبكر، خاصة بعد انتهاء مرحلة انبهاره مبكرًا بالحضارة الفرنسية، وقام بدور بنّاء في نهضة التعليم بمصر الحديثة.

وكان شيخ الجامع الأزهر الشيخ حسن العطار (1766-1853) قد رأى أن يرسله مع بعثة فرنسا إمامًا وواعظًا لطلاب البعثة في 1826. وقد سجل انطباعاته المبكرة حول الحضارة الغربية في كتابه "تخليص الإبريز في تلخيص باريز". قضى الطهطاوي هناك خمس سنوات، ثم عاد لمصر وافتتح مدرسة للترجمة صارت لاحقًا "مدرسة الألسن".

إعلان

وأنشأ أقسامًا للعلوم الرياضية والطبيعية والإنسانية، وأصدر قرارًا بتدريس المعارف والعلوم بالعربية، فاستطاع الجمع بين الأصالة والتحديث، كما أصدر الجريدة الرسمية "الوقائع المصرية" بالعربية بدل التركية.

ازدهرت الحركة العلمية على يد الطهطاوي، خاصة الترجمة من اللغات الأخرى، وقام بتعريب القانون المدني الفرنسي كاملًا، لكن جهوده النهضوية لم تمنع الحكام من اضطهاده مرتين، ونُفي في إحداهما إلى طوكر بالسودان، وظل رغم ذلك دؤوبًا في أعمال الترجمة والإنتاج الفكري.

وقد قام بنفس المسعى الشيخ حسين الجسر، أستاذ السيد محمد رشيد رضا، عندما مزج دراسة العلوم الشرعية بالعلوم الرياضية والمعارف الطبيعية في المدرسة الوطنية الإسلامية بطرابلس لبنان، مما يسترعي التساؤل عن أسباب إجهاض هذه الجهود وعدم تعميمها!

هل كان المطلوب الاقتباس من الحضارة الغربية ومحاكاتها فحسب دون الاتصال بالبعد الثقافي للأمة؟!

أراد الطهطاوي أن يقدم صيغة سابقة لخلفه، ممن ينسب إليهم الدعوة إلى تحرير المرأة المصرية، فصاغ عقد زواجه ملتزمًا فيه أن تكون زوجه طالقًا منه إذا تزوج عليها، ووعدها أنها إذا دامت معه على المحبة المعهودة لا يتزوج بغيرها أصلًا ولا يتمتع بالجواري أبدًا.

في مصر امتدت آثار الطهطاوي لكثير من المفكرين اللاحقين كالأفغاني والكواكبي اللذين ناديا بإصلاحات دستورية وسياسية، وكذلك الإمام محمد عبده وتلميذه محمد رشيد رضا، ومنه إلى تلميذه حسن البنا. وكان محمد عبده قد وضع برنامجًا للحزب الوطني القديم خلال فترة الحركة العرابية:

"هذا الحزب يخضع للجناب الخديوي العالي، وهو مصمم على تأييد سلطته ما دامت أحكامه جارية على قانون العدل والشريعة حسب ما وعد به المصريين في سبتمبر /أيلول 1881، وقد قرن هذا الخضوع بالعزم الأكيد على عدم عودة الاستبداد والأحكام الظالمة التي أورثت مصر الذل، والإلحاح على الحضرة الخديوية، إذ يطلبون منها الاستقامة وحسن السلوك في جميع الأمور، وهم يساعدونه قلبًا وقالبًا، كما أنهم يحذرونه من الإصغاء إلى الذين يحسّنون إليه الاستبداد والإجحاف بحقوق الأمة ونكث المواعيد التي وعد بإنجازها".

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات عملیة التحدیث فی مصر

إقرأ أيضاً:

إيران تعلّق تعاونها مع الذريةواسرائيل تحرّض الغرب على اعادة العقوبات

طهران"وكالات": علّقت إيران رسميا اليوم تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع مصادقة الرئيس مسعود بزشكيان على قانون أقره البرلمان في ضوء الضربات الأميركية والإسرائيلية على منشآت نووية خلال الحرب مع اسرائيل.

وتفاقمت التوترات بين طهران والوكالة التابعة للأمم المتحدة على خلفية الهجوم غير المسبوق الذي شنّته إسرائيل اعتبارا من 13 يونيو. وخلال الحرب التي استمرت 12 يوما، استهدفت اسرائيل منشآت عسكرية ونووية واغتالت علماء إيرانيين، بينما قامت واشنطن بقصف ثلاث منشآت نووية رئيسية في الجمهورية الإسلامية.

وأقر البرلمان الإيراني في 25 يونيو، غداة بدء تنفيذ وقف إطلاق النار، مشروع قانون يقضي بتعليق التعاون مع الوكالة التي كان مفتشوها يراقبون مختلف الأوجه المعلنة لأنشطة البرنامج النووي في إيران. ولم يحدد القانون الخطوات الاجرائية لذلك.

وصادق مجلس صيانة الدستور، الهيئة المعنية بمراجعة التشريعات في إيران، على مشروع القانون، وأحاله على السلطة التنفيذية المعنية بتنفيذه.

وأورد التلفزيون الرسمي أن بزشكيان "صادق على قانون تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية"

وجاء في النص الذي نشرته وسائل إعلام إيرانية أن التشريع يهدف إلى "ضمان الدعم الكامل للحقوق الجوهرية للجمهورية الإسلامية الإيرانية" بموجب معاهدة منع الانتشار النووي، "وخصوصا تخصيب اليورانيوم".

وتعقيبا على الإعلان الإيراني، حرّض وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر ألمانيا وفرنسا وبريطانيا على "إعادة فرض جميع العقوبات على إيران". وأضاف "يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بحزم الآن ويستخدم جميع الوسائل المتاحة له لوقف الطموحات النووية الإيرانية".

وكان الأوروبيون هم من أطلقوا العملية الدبلوماسية بشأن البرنامج النووي الإيراني قبل حوالى عشرين عاما، وكانوا في صدارتها.

واعتبرت ألمانيا اليوم أن تعليق إيران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يرسل "إشارة كارثية".

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية إنه "من أجل حل دبلوماسي (للملف النووي)، من الضروري أن تعمل إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

وقال الباحث في "مبادرة الخطر النووي" إريك بروير تعقيبا على إعلان طهران "بعد عقود من النفاذ الصارم للوكالة الدولية للطاقة الذرية الى برنامج إيران النووية، ندخل الآن مرحلة جديدة أخطر".

وتابع في منشور عبر منصة إكس "مهمة فهم ما يحصل في المواقع النووية الإيرانية، الجديدة والقديمة، ستصبح بالكامل على عاتق أجهزة الاستخبارات".

وسبق لمسؤولين إيرانيين أن دانوا بشدّة "صمت" الوكالة الدولية إزاء الضربات الإسرائيلية والأميركية.

وانتقدت إيران الوكالة لمصادقتها في 12 يونيو على قرار يدين "عدم امتثال" طهران لالتزاماتها النووية.

وقال مسؤولون إيرانيون إنّ هذا القرار كان أحد "الأعذار" للهجوم الإسرائيلي.

واليوم، قال المسؤول القضائي علي مظفري إنّ مدير عام الوكالة الدولية رافايل غروسي "يجب أن يحاسب" على ما وصفه بـ"الإعداد للجريمة" ضد إيران، متهما إياه بالقيام بـ"أفعال خادعة وتقارير احتيالية"، بحسب وكالة تسنيم.

وكانت إيران رفضت طلب غروسي بأن يزور مفتشو الوكالة منشآتها التي تعرّضت لضربات خلال الحرب، في ظل تساؤلات عن مصير مخزونها من اليورانيوم العالي التخصيب بنسبة 60 في المئة، القريبة من 90% اللازمة للاستخدام العسكري.

وفي أواخر يونيو، ندّدت إيران بـ"نية خبيثة" لدى غروسي، لكنها نفت وجود "تهديدات" بحقه أو بحق مفتشي الوكالة، بعد تنديدات غربية بذلك.كما أكد بزشكيان لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أنّ تعليق التعاون مع الوكالة جاء ردا على السلوك "الهدّام" لمديرها العام.واتهمت صحيفة كيهان المحافظة المتشددة غروسي بأنه "جاسوس للكيان الصهيوني".

وكتبت متوعدة "علينا كذلك أن نقول رسميا أن (غروسي) سيحاكم وسيتم إعدامه فور وصوله إلى إيران بتهمة التجسس لحساب الموساد والمشاركة في قتل شعب بلدنا المستضعف".

والإثنين، صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي بأن قرار مجلس الشورى وقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يعكس "قلق وغضب الرأي العام الإيراني".

وانتقد الولايات المتحدة والقوى الأوروبية لاستمرارها في ما وصفه بـ"نهج سياسي" تجاه برنامج طهران، سائلا عن كيفية ضمان سلامة المفتشين في وقت لا يزال حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية مجهولا.

وفجر 13 يونيو، بدأت إسرائيل الحرب بهجوم مباغت استهدف مواقع عسكرية ونووية، تخللته عمليات اغتيال لقادة عسكريين وعلماء نوويين، معلنة عزمها على منع إيران من امتلاك القنبلة النووية. وليل 21 إلى 22 يونيو، شنّت الولايات المتحدة ضربات على ثلاثة مواقع نووية رئيسية.

وقُتل أكثر من 900 شخص في الضربات الإسرائيلية على إيران، حسبما أفادت السلطة القضائية.

وفي إسرائيل، قُتل 28 شخصا في الهجمات الصاروخية والغارات بطائرات بدون طيار التي نفذتها الجمهورية الإسلامية ردا على الضربات الإسرائيلية.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن أنّ الهجمات الأميركية أعادت البرنامج النووي الإيراني عقودا إلى الوراء، رغم أنّ حجم الضرر الذي لحق بالمنشآت النووية غير واضح.

بدوره، أعلن عراقجي أن الأضرار التي لحقت بمنشآت بلاده النووية "كبيرة".

لكنّه أكد في مقابلة مع شبكة سي بي اس، أنّه "لا يمكن القضاء على التكنولوجيا والعلم.. عبر القنابل".

مقالات مشابهة

  • العودات: تمكين الشباب سياسياً أحد مرتكزات التحديث وبناء الأردن الحديث
  • العودات: تمكين الشباب سياسيًا أساس التحديث وبناء الأردن الحديث
  • إيران تعلّق تعاونها مع الذريةواسرائيل تحرّض الغرب على اعادة العقوبات
  • هل أصبح الخطاب الغربي مقبولًا في ظل المعايير المزدوجة؟
  • زاخاروفا تدعو دول الغرب للتعليق على محادثة ماكرون وبوتين
  • جيوبوليتيك من الجنوب: دعوة لتحرر الوعي وبناء مشروع حضاري جديد
  • استيتية لشباب ايل : العمل المهني والتقني أحد أهم مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي لخلق فرص عمل للشباب الأردني
  • وهم الحل الليبي الليبي
  • ‏غزة تفضح ازدواجية المعايير الغربية
  • الكويت تشدد قوانين العمل الخيري.. لا دعاة أو مشاهير دون موافقة