"فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا": دروس من الجهاد والقتال في سبيل الحق
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
في تفسيره للآية 246 من سورة البقرة، أوضح الدكتور علي جمعة أن الآية التي تقول: "فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا" تبرز جانبًا من الطبيعة الإنسانية التي تميل إلى التهرب من المسؤوليات، حتى وإن كانت في سبيل استعادة الحقوق.
هذه الآية تُظهِر تردد بعض الناس في مواجهة التحديات الكبرى، مما يعكس ضعفًا بشريًا فطريًا تجاه تحمل الأعباء الثقيلة، مثلما كان الحال مع بني إسرائيل عندما فرض عليهم القتال.
ورغم أن التكليف بالقتال جزء من سنن الله في الأمم، إلا أن الدكتور علي جمعة شدد على أنه لا يأتي إلا في حالات استثنائية، مشيرًا إلى أن القتال يجب أن يكون في سبيل الدفاع عن النفس ورفع الظلم والطغيان، وليس بهدف العدوان أو التوسع. يوضح ذلك قوله تعالى: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا" (البقرة: 190).
الإسلام لا يقتصر على الدفاع عن الحق فحسب، بل يوجب الإعداد المسبق لمواجهة الأعداء، كما قال الله تعالى في سورة الأنفال: "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ"، وذلك بهدف تحقيق الردع، وهو توازن قوى يمنع الأعداء من التفكير في الاعتداء.
هذه الدعوة للإعداد تبرز أهمية التحضير الجيد على جميع الأصعدة لتجنب الفوضى وتعزيز السلام من خلال القوة الرادعة.
من ناحية أخرى، يُعتبر الإسلام الاحتلال والظلم محرمًا شرعًا. إذ يُؤكد القرآن على أن إخراج الناس من ديارهم أو الاستيلاء على أموالهم أمر غير جائز، مما يثبت أن القتال الذي أقره القرآن كان من أجل استرداد الحقوق والدفاع عنها، وليس من أجل توسيع النفوذ أو الاستغلال.
أما فيما يتعلق بالجهاد، فقد أشار الدكتور علي جمعة إلى أن هدفه ليس إرساء استعمار أو استغلال، بل هو سعي لتحقيق العدالة والكرامة، ورفع الطغيان عن الشعوب المستضعفة. كما يفرق الإسلام بين من يرفض القتال قبل بدء المعركة وبين من يتراجع أثناء القتال. ففي حال الانسحاب قبل بدء المعركة، يُعتبر ذلك خيارًا مقبولًا وفقًا للقوانين الحديثة المستمدة من التفسير القرآني، إلا أن التراجع أثناء المعركة يُعد خيانة وجريمة، وهو ما يتوافق مع قوانين الخدمة العسكرية الحديثة.
تُظهر هذه الآية أيضًا أن القرآن ليس مجرد كتاب تاريخي أو روحاني، بل هو كتاب هداية وتشريع يصلح لكل زمان ومكان. ويُستدل على ذلك من خلال قوانين التجنيد العسكري الحديثة، التي تميز بين الانسحاب قبل التحرك والانخراط في المعركة. إذ إن القرآن يقدم حلولًا وتشريعات تنظم الحياة اليومية في جميع الظروف.
الآية كذلك تدل على أن الخير لا ينعدم أبدًا، وأن المجتمعات دائمًا تحتوي على عناصر صالحة قادرة على قيادة التغيير.
وفي نفس الوقت، يظهر الظلم في معصية الله، حيث إن النفس البشرية مملوكة لله، ورفض الطاعة يعتبر تعديًا على ملكيته.
ختامًا، يَظهر أن القرآن ليس مجرد قصة من الماضي أو تراث جامد، بل هو كتاب هداية للعالمين، يستطيع كل فرد أن يجد فيه من الحلول ما يوجهه في حياته اليومية.
فكل يوم يحمل فرصة جديدة للاستفادة من هذه الهداية والعمل بما جاء في القرآن، ليعيش الإنسان حياة تتسم بالعدالة والسلام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سورة البقرة الآية الإسلام البقرة جمعة الجهاد القرآن
إقرأ أيضاً:
تركيا تُسلّح الصومال.. والمروحية القاتلة تدخل المعركة
في تطور هو الأول من نوعه منذ عقود، أعلن الجيش الصومالي عن استلام مروحيات هجومية تركية من طراز T129 ATAK، وذلك في إطار اتفاقية دفاعية استراتيجية وُقعت مع تركيا مطلع عام 2025. وبذلك يصبح الصومال أول دولة إفريقية تُدخل هذه المروحية الحديثة ضمن قواتها المسلحة.
ويشمل الاتفاق الموقع بين أنقرة ومقديشو: تزويد الجيش الصومالي بأسلحة متقدمة، على رأسها مروحيات “أتاك”، تدريب الطيارين والميكانيكيين الصوماليين، التعاون في الاستخبارات والمراقبة الجوية، دعم لوجستي طويل الأمد.
وبحسب وكالة سبوتنيك، يُنظر إلى الاتفاق كجزء من توسع تركي مدروس في القرن الإفريقي، عبر بوابة الصومال، حيث تملك أنقرة بالفعل قاعدة عسكرية كبيرة وتدير عمليات تدريب عسكري موسعة.
مواصفات مروحية T129 ATAK: سلاح الجو الصومالي يدخل حقبة جديدة
هي مروحية هجومية تكتيكية تركية الصنع، طُورت بواسطة شركة TUSAŞ (الصناعات الجوية والفضائية التركية) بالتعاون مع AgustaWestland الإيطالية، وتُعد من أبرز الطرازات المنافسة في فئة المروحيات الخفيفة القتالية.
الطاقم: شخصان (قائد + مساعد).
المحركات: محركان من طراز LHTEC CTS800-4A (قوة كل محرك: 1,361 حصان).
السرعة القصوى: 281 كم/س.
المدى العملياتي: أكثر من 500 كم.
الارتفاع الأقصى: 6,100 متر.
مدفع رشاش عيار 20 ملم ثلاثي المواسير مثبت في المقدمة (بتحكم آلي).
8 صواريخ موجهة بالليزر من طراز UMTAS المضادة للدروع.
صواريخ جو-أرض من طراز CIRIT (عيار 70 ملم دقيقة التوجيه).
صواريخ جو-جو قصيرة المدى للدفاع ضد التهديدات الجوية.
نظام رؤية حرارية وكهروبصرية متطور (ASELFLIR-300T).
أنظمة تشويش ومقاومة الصواريخ الموجهة.
رادار متطور لرصد الأهداف البرية والجوية.
نظام قيادة وتحكم رقمي بالكامل.
قدرة على تنفيذ مهام نهارية وليلية وفي ظروف الطقس القاسية.
تصميم منخفض البصمة الحرارية والصوتية (مناسب لحرب العصابات ومكافحة الإرهاب).
يذكر أنه ومنذ 2022، يخوض الجيش الصومالي حربًا ضد حركة الشباب المتطرفة، مستعيدًا مناطق واسعة في وسط البلاد، إلا أن الحركة لا تزال قادرة على شن هجمات متفرقة، وبالتوازي، تعاني البلاد من تصعيد سياسي وأمني مع إقليم “أرض الصومال”، إثر توقيع الإقليم اتفاقًا مع إثيوبيا يمنحها منفذًا إلى البحر الأحمر، ما أثار رفضًا حادًا من مقديشو التي اعتبرت الاتفاق انتهاكًا لسيادتها ووحدة أراضيها.
الجيش الصومالي: ترتيب متأخر وتحركات لتحديث القوات
حتى 2025، يُصنف الجيش الصومالي في المرتبة 142 عالميًا بحسب موقع “غلوبال فاير باور”، ما يعكس ضعف الإمكانات القتالية والتكنولوجية، ومع ذلك، فإن دخول مروحيات T129 ATAK في الخدمة يُعد نقطة تحول تاريخية في بنية الجيش، خصوصًا في ظل الدعم التركي.