عادل الباز يكتب: النور.. كمد ولبس الكدمول! (1-2)
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
1 كان أستاذًا مثقفًا وفنانًا… فجأة كَمَد (chopfallen) وأظلم! يا للحسرة. ذلكم هو النور حمد. لبس النور الآن كدمول الجنجويد عَديل، بعد أن كان قد أفتى سابقًا لمليشيا بجواز احتلال منازل المواطنين وربما قتلهم واغتصابهم! فاق النور التعايشي صفاقة وتكدرًا. لطالما صدع د. النور رؤوسنا بذم “العقل الرعوي”، وعندما داهمنا الراعي شخصيًا ليقتلنا، هبّ النور للدفاع عنه، حتى أصبح هو الراعي الرسمي للراعي! حكمة والله وحكاية.
2
تحت عنوان “الحكومةُ الموازيةُ هي بدايةُ المخرج” كتب النور قبل الأسبوع الماضي مقالًا كشف فيه عن سفاهة عقله، وعجز منطقه، وبؤس تقديراته السياسية. جاء المقال في 1085 كلمة، منها 467 كلمة يمكن أن تُلقى في الزبالة مباشرة؛ فهي ملخص لنفس أفكاره القديمة والقميئة التي كررها مئات المرات، وكالعادة محشوة بالشتائم والاتهامات للكيزان، التي ظل يجترها في كل مقال حتى باخت! وهو في الحقيقة لا يعرف كيف يتحدث كلمتين دون أن يأتي على ذكر الكيزان! مريض بداء الكوزنة منذ أن كان أستاذًا في خورطقت إلى أن اعتنق الرسالة الثانية وتركها بعد حين، ثم تحوّل في خريف عمره إلى كاتب عرضحالات، خادمًا بلاط آل دقلو، مؤمنًا برسالتهم الثلاثية: القتل، النهب، الاغتصاب… بئس الخاتمة!
حوى المقال أيضًا 440 كلمة ينتقد فيها “تقدم”. لماذا؟ سنرى.
137 كلمة فقط كتب فيها رأيه، داعيًا أو بالأحرى مؤيدًا لتشكيل حكومة موازية باعتبار أنها المخرج! بالله؟ كيف يا نور؟ كيف يمكن أن تكون حكومة الراعي الجنجويدي مخرجًا للسودان؟ سنفحص منطق هذا الهارب من ضلال الرسالة الثانية إلى أقبية الجنجويد المظلمة.
3
ينتقد النور جماعة “تقدم”، الذين أسماهم “فئة الحالمين في الجسم المدني”، وهم كما قال: “من ينادون بوقف الحرب بناءً على حلٍّ متفاوضٍ عليه مع الكيزان، يكفل للثورة تحقيق كامل أهدافها، كما أرادها الثوار، إنما يحلمون”. ولكن لماذا أصبحت تقديرات “تقدم” بإمكانية حل متفاوض عليه مع الكيزان (بحسب النور) مجرد أحلام؟ طبعًا بسبب داء “الكوزنة”، إذ يتوهم النور أن الكيزان لا يزالون حاكمين! ربنا يشفيه.
4
يقول د. النور إن سبب عدم وجود إمكانية لحل متفاوض عليه هم “الكيزان”! برضو، ربنا يشفيه! لكن ليه وكيف يا نور؟
يقول نور: “لأن الكيزان لن يقبلوا إلا حلًّا يبقيهم في السلطة”. بالله شوف كيف حين يتمكن الداء يحيل المثقف إلى مجرد مسخ ببغاوي يكرر ذات ترهاته دون أن يفكر فيها. ثم يستدرك النور ويقول: “ربما يقبلون في البداية بوجودٍ جزئيٍّ في السلطة، لكنهم لن يفعلوا ذلك لأن لديهم خطة جاهزة لكي تصبح السلطة كاملةً في أيديهم، وحدهم، ولو بعد حين”. أين تلك الخطة الكيزانية يا نور؟ وكيف عثرت عليها؟ ياريت لو تنورنا بها يا نور… نور الله عقلك بعد أن عَسّ فيه ظلام حالك!
5
إذن النور لا يرجو حلًّا متفاوضًا عليه، ويتهم جماعة “تقدم” أنهم واهمون وحالمون، وبما أن جماعته الجدد في المليشيا غير قادرين على حسم المعركة عسكريًا، فما الحل؟ الحل عند النور هو: “إعلان الحكومة الموازية في الأراضي التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع”. لماذا؟ يقول النور: “لأنها الفرصة الوحيدة المتبقية لنزع زمام المبادرة من القوى الكيزانية. وهو الذي سيعجِّل بإيقاف الحرب وفرض خيار السلام. الحراك المدني الذي لا شوكة له، ولا أسنان”.
كيف يمكن لحكومة تحت إمرة الجنجويد أن تفرض السلام وهم الذين أشعلوا الحرب؟ وأين فرضوا ذلك السلام الذي يتوهمه النور في كل الأراضي التي استولوا عليها؟ دعك من هذا الهراء ولنسأل النور: لماذا هي الفرصة الوحيدة المتبقية؟ يقول النور: “لأن الذي ينتظر أن ينتزع الحقوق من قوةٍ شرسةٍ وديناميكيةٍ لا تبالي بشيءٍ، كقوة الكيزان، عن طريق الهتاف والمناشدة، حراكٌ حالم. فهو بهذا الوضع لا يعدو كونه حراكًا هامشيًّا، وظاهرةً صوتيةً غير مؤثرةٍ، لا يأبه بها أحد”.
هكذا… نسي دكتور نور الذي أصابه خرف مبكر أن الهتافات أبان (الثورة) التي يدّعي الانتماء إليها أسقطت “قوة الكيزان الشرسة”، المدججة وقتها بإمكانات دولة. وهي ليست المرة الأولى التي يسقط فيها الحراك المدني نظامًا عسكريًا في بلادنا. ألم يرَ النور كيف أسقطت الجماهير أنظمة راسخة في المنطقة العربية؟
كيف يكون الحراك المدني هامشيًا والقوى المدنية ظاهرة صوتية غير مؤثرة؟!! اعذروه… الرجل بسبب الكدمول الذي لف به رأسه دخل في غيبوبة!
6
اسمع يا دكتور النور ماذا يقول الكاتب المثقف الرائع د. أمجد فريد، لا فض فوه، في مقاله “غياب الممارسة السياسية الراشدة عن السودان”: “لقد ذاق شعبنا مرارة الحروب الأهلية لسنوات، وكافح ضد الديكتاتوريات والشموليات العسكرية لعقود، إلا أن الكلمة الأخيرة وراية النصر كانت دائمًا مرتبطة بالعمل السياسي المدني المنظم، وليس بالتحالف مع حاملي السلاح والمليشيات”.
أسمعت يا نور ما قاله الشيوعي السابق د. أمجد؟ راية النصر والكلمة الأخيرة للشعب مرتبطة بالعمل السياسي، وليس بتأشيرات الدعم السريع. ما أروع الشيوعيين حين يصبحون شيوعيين سابقين!
نواصل. إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: السينما المصرية!!
هذا الفن الرائع للقوى الناعمة المصرية، وهو ما يسمى بالفن السابع، ولنا فيه عمق تاريخي، سواء على المستوى العالمي- حيث بدأت العروض السينمائية كما يقال منذ عام 1896، في الإسكندرية في قاعة " ماتوسيان"، وكان الفيلم المصرى الطويل الذي يمكن ربط تاريخ السينما فى مصر به، هو ذلك الفيلم الذي عرض قصة عن "توت عنخ أمون" عام 1923 بعد أن أكتشف "كارتر" مقبرة الملك الصغير في عام 1922، ثم فيلم ليلى عام 1927،وبالمناسبة كان هذا الفيلم "صامت" أي بلا صوت والحديث مكتوب على الشاشة أمام المناظر المعروضة.
وكان الفيلم الناطق الأول في مصر، هو فيلم "أولاد الذوات" وتم عرضه يوم 14مارس 1932، ثم كان الفيلم الناطق والذي تم عرضه في القاهره هو فيلم "وداد "في 8 أغسطس 1936وتم الإشتراك به فى "بينالى فينسيا " السينمائى، وقبله فيلم "الوردة البيضاء" في ديسمبر 1933 وكانت تلك الأفلام (أبيض وأسود وناطقة) وحصلت على شعبية كبيرة ومازالت تعرض حتى الأن على شاشات التليفزيون العربي "روتانا" وغيرها من أصحاب حق العرض بعد أن بيعت تلك الثروة الثقافية تحت أعين كل المصريين دون تحريك "طرفة عين" لمسئول عن الثقافة فى مصر للأسف الشديد ومع ذلك فإن السينما المصرية لا يمكن تحديد حجمها محليًا فهي بحق تستحق أن يكون موضعها في الصف الأول من ترتيب السينما العالمية -ولقد إستطاعت السينما المصرية والقائمين على هذه الصناعة من مفكرين ومنتجين ومخرجين وممثلين أفذاذ على مدى تاريخ السينما المصرية
أن تغزوا كل الدول الناطقة بالعربية، بل أصبحت "مصر" هي سوق للفن السابع فمن يرغب من العرب "الفنانين" أن يشتهر فله أن يجوب أستديوهات وكافيهات القاهرة، وقد كانت السينما المصرية بإعلامها من الفنانين والفنانات، هم قبلة الإهتمام الشعبي والسياسي وكذلك الإقتصادي في العالم العربي.
ولقد إستطاعت السينما المصرية أن تحرك الشعب وأن تحافظ على الخيط الرفيع الذي يربط الأمة العربية، لغتها، وعاداتها وتقاليدها وكذلك أحداثها السياسية،وعبرت "السينما المصرية" عن كل حقبات التاريخ المعاصر، بل والقديم حينما قدمت أفلام تحكي عن بطولات مثل "صلاح الدين الأيوبي" والثورات المتعددة في العالم العربي، بل أن كفاح الشعوب قدمته السينما المصرية كأروع ما يكون مثل قصة المجاهدة "جميلة بوحريد" فى "الجزائر"، وغيرها وغيرهم من أبطال، ومازالت السينما المصرية رغم التدهور الذي وصلت إليه مازالت تمتلك أدوات تقدمها، تمتلك الأبطال والبطلات المتفردات في تميزهم وتألقهم، ولعل إتجاه أغلبهم لتقديم برامج تليفزيونية ومقابلات إعلامية، هذا الإتجاه الذي يجعلنا أكثر خوفًا على السينما اليوم من أمس، حيث الإهتمامات من أهل الفن السابع، جعلهم كما أعتقد يتخلون عما حباهم الله به من مواهب، ويبحثون عن مجال ليس مجالهم لكي يتقدموا من خلاله إلى ظهورهم ولكن هذا لن يستقيم ولن يستمر ويجب العودة للإهتمام بالسينما المصرية!!
[email protected]