لجريدة عمان:
2025-07-28@19:56:07 GMT

خمسة أعوام من الإنجاز..

تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT

إن الاحتفال بذكرى تولي العرش من المناسبات التي تحرص عليها الدول؛ لما لها من أهمية في تعزيز الروابط بين الحكومة والشعب، بين الحاكم وشعبه. إنها مناسبة تربط بين ما تم إنجازه، وما تحقق من عمل، وبين ما يأمله الوطن، وما يريد تحقيقه مستقبلا، فهذا الاحتفال انطلاقة تحمل في طياتها الكثير من المشاعر الصادقة، وتجديد العزم بالبناء والعمل المشترك من أجل رفعة الوطن.

ولقد أطل علينا الحادي عشر من يناير في ذكراه الخامسة، والبلاد تنعم بالكثير من المنجزات التي تدل على حقبة جديدة من التنمية الشاملة في عُمان؛ فمنذ تولي جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- وعمان تشهد انطلاقة جديدة في كافة المستويات؛ فبعد أن كانت تواجه العديد من التحديات، خاصة في القطاع الاقتصادي بأطيافه المختلفة، والتي مرَّت خلالها عبر الكثير من المنعطفات التي جعلتها في موقف مالي واقتصادي أقل ما يمكن وصفه بـ(الصعب)؛ كما هو حال دول العالم أجمع في تلك الفترة، ها هي اليوم تزدهر اقتصاديا وتتخطى تلك التحديات بعزم وفق خطة تنموية مدروسة واضحة الملامح.

إن عُمان وهي تحتفل بيوم تولي جلالة السلطان -حفظه الله- مقاليد الحكم، تستذكر الكثير من المتغيرات التي واجهتها قبل سنوات قليلة، لتقدِّم العديد من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى تعزيز مكانتها باعتبارها وجهة استثمارية إقليميا وعالميا، ولعل تلك الزيارات الرسمية التي قام بها جلالته، والتي توّجت بالعديد من الاتفاقيات على مستوى الاستثمار، والتعاونات الدولية في القطاعات المختلفة خاصة التعليم والسياحة، والثقافة وغيرها، تأتي ضمن أولويات الانفتاح الاستراتيجي وعقد شراكات جديدة، أو توسعة شراكات قائمة، بُغية إيجاد منافذ استثمارية جديدة، تُسهم في رفد الاقتصاد الوطني، وتفتح فرص عمل للشباب.

ولهذا فإن هذه التوجهات الاستثمارية المحلية والدولية أسَّست لعُمان موقعا قياديا تميَّز بالقدرة على التنافسية، من خلال تعزيز الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص، لتفعيل التنمية الاقتصادية وحفز نمو الإنتاج المحلي، وبالتالي تحقيق المؤشرات الدولية التي تسعى إليها الدولة. إن هذه الاستثمارات والشراكات جعلت من عُمان إحدى أهم الوجهات الاستثمارية الجاذبة، بل أهم الوجهات الاستراتيجية الآمنة اقتصاديا، والقادرة على النمو والصعود، وهذا ما تقِّر به المؤسسات الدولية من ارتفاع مراكز عمان ومراتبها في التقارير الدولية ليس على المستوى الاقتصادي وحسب، بل حتى في المستويات التنموية الأخرى.

لقد شهدت عُمان خلال السنوات الخمس الماضية زخما كبيرا في العمل الوطني، خاصة في مجال التشريعات والقوانين، التي تم استحداثها أو تجديدها بما يتوافق مع مستجدات المرحلة من ناحية، وأهداف الرؤية الوطنية 2040 من ناحية أخرى؛ فتلك التشريعات والقوانين، تُعَد القاعدة الأساسية للعمل التنموي، والضابط والموجِّه لبناء مرحلة جديدة من عمر الوطن، وتتواكب مع المتغيرات الحديثة وطموحات القطاعات التنموية، إضافة إلى أن تحديث المنظومة التشريعية يتسق مع أهداف الحوكمة والمُساءلة والنزاهة.

لذا فإن تحديث هذه المنظومة جاء ضمن تلك التطورات الإدارية والمالية والفنية التي تتواكب مع سرعة التغييرات وقدرة الدولة على النمو المستدام ضمن مجموعة من الأهداف التي تصبو إليها. إنه تطوُّر يقتضي تشريعات مرنة شاملة، قادرة على مسايرة التطورات واحتوائها من ناحية، وحماية أفراد المجتمع وضمان حقوقهم من ناحية أخرى؛ فما قدمته تلك التشريعات سواء الجديد منها أو المحدَّث، يُعَد إضافة مهمة إلى منظومة التشريعات العمانية، فلكل مرحلة تنموية ما يناسبها من سياسات وتشريعات.

ولعل القوانين العديدة التي تم إصدارها خلال السنوات الخمس كان لها الأثر البالغ في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل خاص، لا سيما تلك القوانين التي تخص تنظيم العمل وضمان حقوق العاملين، إضافة إلى قانون (الحماية الاجتماعية)؛ الذي يمثِّل تطوُّرا كبيرا في حماية حقوق المواطنين خاصة تلك الفئات التي تحتاج إلى الرعاية (كبار السن، والأرامل، والمطلقات، والأطفال)؛ إذ ضمن القانون تمكين المرأة وحماية حقوق الطفل، الأمر الذي يُعَد تقدما ملموسا في هذه المنظومة المهمة لدعم أفراد المجتمع وحماية حقوقهم.

إن ما شهدته التنمية منذ عام 2020 حتى اليوم، يُقدِّم تسارعا في أنشطة القطاعات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ولعل الاهتمام بقطاع الثقافة والإعلام كان له الأثر البالغ في تنظيم العمل الثقافي والإعلامي؛ إذ تم إصدار قانون الإعلام الذي يُسهم في حوكمة النشاط الإعلامي ويُعزِّز الشفافية ويرسِّخ قيم الإعلام المسؤول، إضافة إلى أهميته في دعم حرية التعبير عن الرأي، الأمر الذي يضمن حقوق الإعلاميين وتقديم المحتوى الإعلامي بموضوعية وحيادية.

كما أن الاهتمام بالقطاع الثقافي كان له انعكاس مباشر على البنية التحتية والأنشطة الثقافية؛ حيث تم افتتاح متحف عمان عبر الزمان، ووُضِع حجر الأساس لمجمَّع عمان الثقافي، الذي يمثِّل أيقونة الثقافة، وسيكون له الدور المجتمعي في التنمية الثقافية، بما يضمَّه من مرافق ومراكز ابتكار حاضنة لإبداعات الشباب، وممكِّنة لقدراتهم، إضافة إلى ذلك فإن عودة المهرجانات الثقافية كمهرجانات المسرح، ومهرجان الأغنية وغيرها، كان لها الأثر في تنمية قدرات الشباب، وكذلك الجوائز التي تتبنّاها المؤسسات الثقافية الحكومية والخاصة والمدنية، التي كان لها الدور البارز في إنعاش الثقافة وازدهارها خلال السنوات الأخيرة.

فما قدمته جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب منذ إنشائها حتى الآن، يُعَد أحد أهم مختبرات التنمية الثقافية، لما لها من أثر في بناء القدرات والإبداعات الثقافية في كافة المجالات التي تطرقها، فكل دورة من دورات الجائزة تمثِّل إضافة مهمة في تاريخ التنمية الثقافية في عمان، كذلك الحال بالنسبة لجائزة بلعرب بن هيثم للتصميم المعماري، التي مثَّلت مرحلة جديدة من مراحل تطور مجالات الاهتمام بالثقافة العمانية من ناحية، وتطوير الإبداعات الشبابية في هذا المجال الذي كان للعمانيين فيه تاريخ حافل منذ القِدم.

إننا إذ نحتفل بمرور خمس سنوات من عمر النهضة المتجددة، التي بدأت عهدا جديدا من عمر التنمية الشاملة في عُمان، فإننا لا نستطيع حصر المنجز الحضاري الذي تم خلال هذه المدة القصيرة، فالعمل هائل، والمنجز متسارع، وما قدمته عُمان وأبناؤها من شراكة وتعاون، وما وفَّرته الحكومة من بيئة حاضنة ومحفِّزة للعمل، داعية إلى بذل الجهود، في أفق ممتد لا يعرف الحدود، يدفعنا دوما إلى العمل، وإلى تقديم ما نستطيعه، كلٌ حسب مجاله وقدراته وإمكاناته، فالوطن يحتاج إلينا جميعا، وإلى العمل المشترك الذي يقتضي دعم التنمية المستدامة للدولة، والاستعداد دوما للتحديات التي يمكن أن تواجهها خاصة المتعلِّقة بالقطاع الاقتصادي، والتقني، والاجتماعي.

إن الاحتفاء بالذكرى الخامسة لتولي جلالة السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم يمثِّل ذكرى لذلك الخطاب التاريخي الأول الذي ألقاه جلالته -أعزَّه الله- ودعا فيه أبناء الوطن إلى (المساندة)، و(المساعدة) و(تضافر الجهود) من أجل تحقيق الأهداف؛ حيث قال جلالته: (إن الأمانة الملقاة على عاتقنا عظيمة والمسؤوليات جسيمة، فينبغي لنا جميعا أن نعمل من أجل رفعة هذا البلد وإعلاء شأنه، وأن نسير قدما نحو الارتقاء به إلى حياة أفضل، ولن يتأتى ذلك إلَّا بمساندتكم وتعاونكم وتضافر كافة الجهود للوصول إلى هذه الغاية الوطنية العظمى، وأن تقدموا كل ما يُسهم في إثراء جهود التطوُّر والتقدم والنماء).

لذلك فإن عُمان اليوم بحكومتها وشعبها الوفي ترتقي إلى هام السماء، وترنو إلى أفق التطوُّر والسمو والنماء، فلنواصل العمل وأن نتحَّمل مسؤولياتنا بكل عزم واقتدار من أجل تحقيق أهدافنا الوطنية، لكي تكون عمان (في مصاف الدول المتقدمة).

عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: إضافة إلى من ناحیة من أجل الذی ی

إقرأ أيضاً:

بعد خمسة أيام من القتال.. تايلاند وكمبوديا تتفقان في ماليزيا على وقف إطلاق النار

اتفقت تايلاند وكمبوديا على وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار بعد خمسة أيام من القتال العنيف الذي أسفر عن مقتل 36 شخصًا ونزوح أكثر من 300 ألف شخص. اعلان

أعلنت كمبوديا وتايلاند اتفاقهما على "وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار" اعتبارًا من منتصف ليل الاثنين 28 تموز/يوليو، في مسعى لإنهاء أعنف نزاع بينهما منذ أكثر من عقد، بعد خمسة أيام من القتال العنيف الذي أدى إلى نزوح أكثر من 300 ألف شخص.

وجاء الاتفاق بعد جهود وساطة قادتها ماليزيا، بصفتها رئيسة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، إلى جانب الولايات المتحدة والصين، للضغط على الجانبين للجلوس إلى طاولة الحوار. وأسفرت الاشتباكات عن مقتل ما لا يقل عن 36 شخصًا، معظمهم من المدنيين.

عقب محادثات استمرت أكثر من ساعتين في مقر إقامته الرسمي في بوتراجايا، قال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، الذي كان محاطًا بقادة تايلاند وكمبوديا، إنه مستعد لإرسال فريق مراقبة لضمان تنفيذ الاتفاق.

وصرّح خلال مؤتمر صحافي: "هذه خطوة أولى حيوية نحو خفض التصعيد واستعادة السلام والأمن"، مشيرًا إلى أن "جميع الأطراف أبدت التزامًا مشتركًا بالسلام".

نزاع حدودي مزمن

تشهد الجارتان في جنوب شرق آسيا نزاعًا طويل الأمد على الحدود، تفاقم منذ مقتل جندي كمبودي في اشتباك وقع أواخر أيار/مايو، ما أدى إلى حشد قوات على جانبي الحدود. وتصاعد التوتر إلى أزمة دبلوماسية شديدة دفعت الحكومة التايلاندية إلى شفا الانهيار.

وتبادل الطرفان الاتهامات ببدء القتال الأسبوع الماضي، وسرعان ما نشرا المدفعية الثقيلة في عدة نقاط على امتداد الحدود البرية المشتركة التي يبلغ طولها 800 كيلومتر. وشنّت تايلاند غارات جوية مستخدمة مقاتلة من طراز إف-16.

وفي نهاية الأسبوع، أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتصالًا هاتفيًا مع قائدي البلدين، محذرًا من أنه لن يبرم أي اتفاقات تجارية معهما ما لم يوقفا القتال. ويواجه الطرفان بالفعل تعريفة جمركية مرتفعة بنسبة 36% على صادراتهما إلى الولايات المتحدة، التي تُعد أكبر سوق لصادراتهما.

Related أكثر من 100 ألف نازح مع تصاعد الاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا... وبانكوك ترفض الوساطة الدوليةاشتعال الحدود بين تايلاند وكمبوديا.. أحكام عرفية وقصف متبادل ونزوح بالآلافلا مؤشرات على تراجع النزاع الحدودي بين تايلاند وكمبوديا.. أزمة نزوح وقتال مستمر

رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت شكر نظيره التايلاندي بالإنابة، فيومثام ويتشاياشاي، على ما وصفه بـ"الدور الإيجابي"، معربًا عن تقديره الكبير لـ"الوساطة الحاسمة" التي قام بها ترامب، والدور "البنّاء" الذي أدّته الصين.

وقال هون مانيت: "اتفقنا على أن القتال سيتوقف فورًا"، معربًا عن ثقته بإمكانية استعادة الثقة بين الجانبين.

وأضاف: "الحلول التي اقترحها رئيس الوزراء الماليزي ستُهيئ الظروف لاستئناف النقاشات الثنائية، والعودة إلى الوضع الطبيعي، وتشكيل أساس لتخفيف التوتر مستقبلًا".

وفي رد فعل على اتفاق وقف إطلاق النار، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن ترامب "هو من أنجز ذلك"، مضيفة :"امنحوه جائزة نوبل للسلام".

تصعيد دبلوماسي وهجمات على المدنيين

انفجرت الأزمة الأسبوع الماضي حين استدعت تايلاند سفيرها في بنوم بنه وطردت السفير الكمبودي من بانكوك، بعد أن فقد جندي تايلاندي ساقه نتيجة انفجار لغم أرضي قالت بانكوك إن القوات الكمبودية زرعته مؤخرًا.

ونفت كمبوديا بشدة هذا الاتهام، إلى جانب اتهامات تايلندية باستهداف منشآت مدنية، منها مدارس ومستشفيات.

واتهم هون مانيت الأسبوع الماضي تايلاند بشن "عدوان عسكري متعمد وغير مبرر".

من جانبه، قال الزعيم التايلاندي فيومثام، الذي سبق أن أعرب عن شكوكه في نوايا كمبوديا، إن بانكوك وافقت على وقف إطلاق النار "بشرط أن يُنفذ بنجاح وبحسن نية من الجانبين".

وأضاف: "نتائج اليوم تعكس رغبة تايلاند في حل سلمي مع الحفاظ على سيادتنا وحماية حياة شعبنا"، موجّهًا شكره إلى ترامب وماليزيا.

معاناة المدنيين مستمرة

خلفت الاشتباكات أثرًا عميقًا في المجتمعات الحدودية. ففي إقليم سيساكيت التايلاندي، تحوّل أحد المنازل إلى كومة من الخشب المتناثر والعوارض الملتوية بعد إصابته بقذيفة كمبودية. انهار سقف المنزل، وتدلت النوافذ من إطاراتها، بينما تهاوت الأسلاك الكهربائية فوق الأنقاض.

وفي ظل استمرار دوي القصف المتقطع، بقيت المنازل والمتاجر مغلقة، وخلت الطرق من الحركة باستثناء عدد قليل من السيارات والعربات العسكرية.

في مركز إيواء يبعد نحو 40 كيلومترًا عن خطوط المواجهة، اصطف عشرات النازحين بهدوء لتناول وجبتهم المسائية. لعب بعض الأطفال مع الكلاب، بينما قام آخرون بكنس الأرضية المغبرة.

وقالت نونغ نغارمسري، البالغة من العمر 54 عامًا: "أريد العودة إلى أطفالي الذين بقوا هناك"، مضيفة: "أريدهم أن يتوقفوا عن إطلاق النار حتى أتمكن من العودة إلى منزلي".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • بعد خمسة أيام من القتال.. تايلاند وكمبوديا تتفقان في ماليزيا على وقف إطلاق النار
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • طلاب سوريا يتألقون عالمياً… ميداليات وشهادات تقدير في خمسة علوم
  • وزارة التنمية المحلية تؤكد أهمية الدور المحوري الذي يلعبه جهاز تنظيم إدارة المخلفات
  • خمسة جرحى في هجوم روسي على كييف
  • طلبة دولة قطر يناقشون الهوية الثقافية في البرلمان العربي للطفل بالشارقة
  • 20 % نسبة الإنجاز في تأهيل وتطوير سوق بهلا
  • مكتبة مصر العامة تحقق قفزات في الأنشطة الثقافية والتدريبية| تفاصيل
  • فيفا يفتتح مكتبا إقليميا في المغرب قبل 5 أعوام من مونديال 2030
  • قائد عام شرطة أبوظبي يُكرم الفائزين في بطولة العالم