الثورة
عن مؤسسة «مؤمنون بلا حدود» للدراسات والأبحاث والنشر في بيروت، صدر حديثا كتاب جديد في الفلسفة الوجودية، للباحث العراقي أوس حسن. يتكون الكتاب من مئتي صفحة من القطع المتوسط، امتدت على تسعة فصول مع مقدمة وخاتمة، وقد أفرد الباحث فصلا لكل فيلسوف من أعلام الفلسفة الوجودية، مع تأكيده مفهوم المعنى عند هؤلاء الفلاسفة، إضافة لفصل يتضمن مفاهيم عن السيكولوجية الوجودية وكيفية العلاج الوجودي بالمعنى من خلال أهم مقولات الوجود.
يقول أوس حسن في مقدمة الكتاب: «إن العديد من الأفراد يعيشون حياتهم وفقاً لمبدأ التوازن مع العالم، ويحاولون قدر الإمكان تجنب الألم والحصول على اللذة قدر المستطاع. أما الوجودية، فلا ترى أن هناك هدفا للإنسان يتمثل في السعادة، بل ترى أن الإنسان موجود ليعطي معنى لهذا العالم، من خلال وجوده في قلب التوتر؛ فالإنسان هو القيمة العليا للوجود، وهو محكوم بالاختيار والقرار حتى في أقسى الظروف وأشدها تحطيما. لذا، فالوجودية هي فلسفة الإنسان الشجاع؛ لأنها تحتم عليه أن يدخل في دوامة الألم والرعب، وأن يكون واعياً بانفعالاته الأصيلة، وبإرادته المتحفزة من قلب الخطر. ويرى الكاتب أنه قد ترسخ لسنوات طويلة انطباع خاطئ في أذهان الناس عن الوجودية، بوصفها فلسفة الإحباط والتشاؤم، التي قد تقود إلى الانتحار أو الجنون أو الانحراف الأخلاقي. لكن علينا أن نفرق بين الوجودية كمنهج يساعد الإنسان في الولوج إلى مسارات غير مكتشفة في الحياة ، وأدواتها أو آلياتها التي اتجهت إلى تحليل معاناة الكائن الإنساني وتفسير ما يعتريه من مشاعر جوانية كالاغتراب، والألم، واليأس، والقلق، وهذا هو الخلط الذي لم ينتبه إليه الكثير من النقاد والقراء.
كذلك فالطب النفسي ينظر إلى حالات الاكتئاب والعزلة والقلق، بوصفها أمراضا نفسية ينبغي التعاطي معها علاجيا بالأدوية، أو إزالة واقعها من منظور الفرد.
لكن السيكولوجية الوجودية ترى في تلك الانفعالات مشاعر استثنائية تسم الوجود الإنساني بالأصالة، أو حالات روحية باطنية في بعض الأحيان، إذا ما تنبه لها الفرد وكان واعيا بذاته، لذلك فالإنسان يستطيع أن يجد معنى في المعاناة، وأن يتحمل مسؤولية آلامه بروح شجاعة.
يقول دوستويفسكي: «يوجد شيء واحد فقط يروعني، وهو ألا أكون جديرا بآلامي».
يتطرق حسن أيضا إلى مفهومي العدم والغياب ودور كل منهما في تشكيل كينونتنا، بل والوجود برمته، وكيف يمكن لهذين المفهومين أن يضيفا معاني مبهمة وساحرة في حياتنا اليومية، وأن يحفزا المخيلة على الإبداع والخلق.
وحول مشكلة المعنى في عصرنا الحديث يذهب الباحث إلى أن عصرنا الراهن يتسم باللايقين وانعدام المعنى، فالعالم يتلاشى من حولنا والوجود يختفي ما إن نمسك به،
وعليه فإن أزمة الفلسفة الحقيقية هي أزمة الوجود الإنساني على هذه الأرض، فغياب الإنسان يعني غياب العالم، ومن هنا يمكننا القول إنَ الفلسفة الوجودية هي فطرة الوعي البشري، منذ أن وجد إنسان الحضارات الأولى، ومنذ أن اخترع البشر الكتابة، فالألم والحزن والاغتراب والغياب والفقدان، ليست مجرد مفاهيم مجردة، وإنما حالات وجودية ثابتة في النفس البشرية لها فاعليتها وتأثيرها في العالم الموضوعي وفي الحدث الزماني، وقد رافقت الإنسان في الماضي، وما زالت ترافقه في الحاضر، وستبقى مستمرة معه في المستقبل. فمهما تخلخلت وتغيرت المعاني والحقائق تبقى هذه الحالات الوجودية التي ذكرناها هي الأكثر قدرة على الثبات والرسوخ في الكينونة، وعلاقتها مع الزمان من حيث هي صراع وبحث دؤوب عن المعنى. وهذا المعنى لا ينبثق إلا من فجوة يتركها العدم في فراغ الوجود، أو من أثر يخلّفه الغياب إلى الأبد.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يعلن اعتقال أردني اجتاز الحدود واقترب من سياج مستوطنة
أعلن الاحتلال الإسرائيلي القبض على "شخص أجنبي" اجتاز الحدود من الأردن ووصل إلى قرب سياج التجمع الاستيطاني "شعار هاغولان"، وهو ما تم رصده من قبل بعض المستوطنين.
وقال المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية آفي أشكنازي: إنه "بعد استدعاء قوات الجيش والشرطة إلى المكان، ومن خلال تحقيق أولي، تبيّن أن الحديث يدور عن أجنبي اجتاز الحدود خلال الليل، دون أن تُفعّل أنظمة الإنذار، ودون أن تُستنفر قوات الجيش إلى الموقع، وعلى ما يبدو، فإن الحديث يدور عن عامل أجنبي".
وأفاد المجلس الإقليمي بأن "رئيس المجلس عِيدان غرينباوم وضابط الأمن في المجلس ألبيرت كوبي، على تواصل مستمر منذ ساعات الصباح مع قادة الجيش في محاولة لفهم كيفية وقوع الحادث، والأهم من ذلك، كيفية منع تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً.. نؤكد أنه لا يوجد تغيير في التعليمات الموجهة للسكان – ونحن في حالة روتينية كاملة".
وأضاف أشكنازي أنه "كما هو معلوم، فإن الحدود الطويلة مع الأردن، التي اعتُبرت لسنوات حدودًا هادئة، أصبحت في الأشهر الأخيرة ساحة مقلقة بشكل خاص، ووفقًا لتقديرات جهات أمنية، فقد تسلل إلى إسرائيل أكثر من 4,000 شخص من الحدود الأردنية منذ بداية عام 2024 – وهو ما يعادل نحو 600 متسلل شهريًا، أي حوالي 20 يوميًا، وبعضهم يعبر الحدود في منطقة وادي عربة، وبعضهم في منطقة نهر الأردن، وكل ذلك في ظل ضعف السيطرة في المنطقة من الجانب الأردني وتصاعد التدخل في المنطقة".
وأوضح أنه "وفي شهر نيسان/ أبريل الماضي، تم الإبلاغ عن بيان دراماتيكي من الأردن نفسه. فقد أعلنت مديرية الاستخبارات العامة للمملكة عن إحباط مخططات كانت من الممكن أن تزعزع الاستقرار في البلاد. ووفقًا للبيان، تم اعتقال 16 مشتبها بهم كانوا بحوزتهم صواريخ، مواد متفجرة وأسلحة نارية، بعضها محلي الصنع وبعضها مستورد، كما كانوا يشاركون في تصنيع طائرات مسيّرة وتدريب عناصر".
وأشار إلى أنه "في الصيف الماضي، جرى الكشف أن مركز سياسات الهجرة الإسرائيلية أجرى مقارنة بين كيفية بدء التسلل من حدود مصر عام 2006، وبين كيفية حدوث الأمور حاليًا من حدود الأردن، ووجد نقاط تقاطع مقلقة، والمحامي يوناتان يعقوبوفيتش، مؤسس المركز، يتابع الشهادات التي تظهر في ملفات المتسللين الذين يصلون إلى المحكمة".
وأكد أن " الشخص هـ.ي، الذي جاء من تركيا، قال إنه وصل إلى الأردن بتوجيه من مواطن تركي آخر وصله بمواطن أردني ساعده على التسلل مقابل 7,000 دولار، ووفقًا لأقواله، وصل إلى عمّان، أقام فيها عدة ليالٍ في فندق، ثم نُقل بسيارة أجرة إلى مكان لا يعرف اسمه، ومن هناك انتقل إلى سيارة أقلته إلى الحدود مع مجموعة مكوّنة من ثلاثة أتراك وخمسة هنود، ووفقًا لشهادته، سار هو وبقية أفراد المجموعة حوالي 20 دقيقة سيرًا ليلًا، وعندما وصلوا إلى إسرائيل، كانت بانتظارهم سيارة من نوع "مازدا 3" يقودها سائق إسرائيلي يهودي من أصل أذربيجاني، أقلّهم مباشرة إلى تل أبيب".
واعتبر أن "الشخص ش.ع، وهو مواطن تركي أيضًا دخل إلى إسرائيل متسللًا عبر الأردن بعد أن دفع للوسيط مبلغ 5,000 دولار"، ووفقًا لأقواله، فإن الوسيط الذي تواصل معه موجود حاليًا في إسرائيل حسب تقديره".
وأضاف أشكنازي أن "هذا الشخص وهو لا يزال في تركيا، تواصل معه شخص يُدعى أحمد فرلاش حول العمل في إسرائيل، وتحدث بعدة لغات لذلك لا يعلم إن كان تركيًا أم عربيًا. وذكر المحتجز أنه من مطار عمّان، قام ثلاثة أو أربعة أردنيين بنقله هو ومواطنين أتراك آخرين إلى الحدود، وهناك طلبوا منهم السير على الأقدام. ووفقًا لأقواله، دخل إلى إسرائيل سيرًا على الأقدام برفقة مجموعة مكونة من 8 مواطنين أتراك وسريلانكيين".
وذكر أأن "أشخاصًا من أصل عربي لا يعرفهم استقبلوهم بسيارة بعد عبورهم الحدود، ونقلوهم إلى موقع بناء في مدينة الرملة".