جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-26@07:17:25 GMT

فرنسا تتربص للجزائر

تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT

فرنسا تتربص للجزائر

علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
العقلية الاستعمارية لا تعرف السكينة ولا الهدوء، خاصة تجاه مُستعمراتها السابقة، كما لا تعرف العقلية الاستعمارية السيادة ولا النِّدية في علاقاتها مع الآخر، ولا تحترم مصالح الآخرين. والاستعمار الفرنسي أقذر ما ابتُلِيَت به البشرية المُعاصرة في تعامله وحروبه وجرائمه النكراء والتي تفوق جميع الاحتلالات على الإطلاق.


العقلية السياسية الفرنسية والعقيدة العسكرية الفرنسية لا تُقيمان أي وزن للإنسان ولا للقيم ولا الأخلاق ولا الحريات ولا الحقوق في تعاملها مع الآخر الذي لا يشبهها، رغم ضجيجها بقيم "الثورة" الفرنسية وتشدقها بتاريخها. وفي عام 1830م، قام القنصل الفرنسي بزيارة الداي حسين الوالي العثماني على الجزائر، وكانت الجزائر حينها خاضعة لحصار بحري فرنسي منذ عام 1827م، وطلب منه على ما يبدو نفوذًا فرنسيًا في الجزائر، فاشتد النقاش بينهما حتى غضب الوالي ورمى مروحة بيده في وجه القنصل الفرنسي، فوجدتها فرنسا ذريعة لغزو الجزائر واحتلالها، وكانت الجزائر حينها في أوهن حالاتها العسكرية بعد دعم أسطولها البحري للعُثمانيين في حروبهم وخسارتهم لجزء كبير من هذا الأسطول الأسطوري، علمًا بأنَّ غزو الجزائر واحتلالها من قبل فرنسا مُخطط له من عهد نابليون.
دخلت جحافل الجيوش الفرنسية الجزائر وتوسع احتلالها تدريجيًا من السواحل إلى العمق، وقاوم الجزائريون ذلك الاحتلال طيلة وجوده، وفقدوا 10 ملايين شهيد إلى حين تحقق لهم النصر على يد آخر الثورات، ثورة جبهة التحرير الوطني الجزائرية (1 نوفمبر 1954م – 5 يوليو 1962م). "الغريب" أنَّ هذا الاحتلال وغيره خرج بموافقة صريحة ومباركة وبإجماع من تحت قبة البرلمان الفرنسي، ممثل "الشعب" و"سليل" ثورة القيم والحرية والعدالة! خروج فرنسا من مستعمراتها لم يكن بلا ثمن أو مقابل بكل تأكيد؛ بل باتفاقيات وملاحق سرية وعلنية مُحدَّدة بمضامين وزمن، جعلت من استقلال تلك المُستعمرات ناقصاً وتحريراً ناقصاً كذلك، وكانت المساومة الفرنسية بقدر وجعها من مقاومة هذا الشعب أو ذاك؛ حيث أجبرت فرنسا 14 دولة من مستعمراتها السابقة على التعامل بالفرنك الفرنسي، ووضع مدخراتها في البنك المركزي الفرنسي، مع شرط السماح لها باستغلال مناجم الثروات الطبيعية ونهبها في تلك البلاد، الأمر الذي وضع فرنسا في خانة أعلى الاحتياطيات في العالم من بعض المعادن الثمينة كالذهب مثلًا، وهي لا تنتج جرامًا واحدًا منه على جغرافيتها!
كلما جاعت فرنسا فكّرت بالعودة إلى عقلية ومخططات استعمارها القديم مع فارق الزمن والوسائل. واليوم فرنسا جائعة بحق، وتحاصرها بذور الفناء، خاصة بعد استنزافها بدعم أوكرانيا ثم طردها وتهديد مصالحها في دول الساحل والصحراء وغرب القارة الأفريقية. لهذا تبحث فرنسا اليوم عن فريسة تنقض عليها بلغة اليوم ووفق الأجندة الغربية المعاصرة للنيل من البلدان وسيادتها وتطويعها ترهيبًا وترغيبًا. جزائر اليوم ليست جزائر الداي حسين بكل تأكيد؛ فهي دولة عصرية تمتلك كل عناصر القوة البشرية والعسكرية والاقتصادية والنفوذ السياسي، لهذا لن يجرؤ الفرنسي على مواجهتها؛ بل سيسعى للغدر بها وبمساعدة الجوار الجزائري والناتو معًا. لهذا سيبحث عن أي ذريعة للحصار الاقتصادي أولًا، بقصد إجهاد الدولة وتحللها تدريجيًا، وكما حدث للعراق وليبيا وسوريا؛ حيث نجحت الحصارات الغربية في بلوغ مراميها وبأيادٍ عربية للأسف الشديد، لهذا ما يزال مخطط الحصار ناجحًا ومؤثرًا جدًا في زمن الانحطاط الرسمي العربي.
لا شك أنَّ الجزائر مستعدة جيدًا لهذا السيناريو، ولديها العديد من الأوراق الوقائية والمقاومة لإفشاله أو الحد من تأثيره؛ منها التلويح بورقة الغاز الجزائري وقطع إمداداته إلى عدد من العواصم الأوروبية وعلى رأسها مدريد (المستفيد الأول والأكبر من الغاز الجزائري). ولعل ذلك يُفلح في موقف إسباني شبيه بالموقف الايطالي من حصار ليبيا في قضية لوكيربي الشهيرة؛ حيث استخدمت روما الفيتو؛ كونها تعيش وتقتات على النفط الليبي؛ فاستمر تدفق النفط الليبي بسلام إلى إيطاليا طيلة سنوات الحصار الغربي. كما يمكن للدبلوماسية الجزائرية بنفوذها إحداث اختراقات في جدار الحصار من قبل دول الجوار وأصدقاء الجزائر في الاتحاد الأفريقي ومنظومة عدم الانحياز. وإذا غُلبت الروم وبلغت الحلقوم، فمن غير المُستبعد أن تقوم الجزائر بنقل المعركة إلى قلب باريس، وكما كان عليه الحال إبان ثورة التحرير؛ حيث أجبرت الثورة الجزائرية فرنسا على التفاوض بعد نقل المعركة إلى قلب باريس.
قبل اللقاء.. شخصيًا لا أعترف بالثورة الفرنسية بأنها ثورة قيم وحرية وعدالة؛ فالتاريخ المتداول يقول إنها ثورة جياع ينشدون الخبز، واقترحت عليهم ماري أنطوانيت باستفزاز أن يأكلوا البسكويت بديلًا عن الخبز!! فخرجت الجماهير للشارع، وبقيت ما تسمى بـ"الثورة" بلا قيادة ولا مشروع ولا هدف، طيلة سبعة عشر عامًا!
وبالشكر تدوم النعم.
 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

السلطات الفرنسية تتحرك بعد قيام سجناء بتهديد ساركوزي داخل سجنه

الثورة نت/وكالات أصبح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، أول رئيس فرنسي يُسجن، ليجد نفسه في مرمى تهديدات وشتائم من نزلاء سجن “لا سانتيه” في العاصمة الفرنسية باريس. وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو، يُعتقد أن أحدها صُور بواسطة سجين، تُظهر أصوات نزلاء يهتفون ليلًا موجهين الشتائم والتهديدات لساركوزي، لحظة وصوله إلى السجن، وفقًا لوسائل إعلام غربية. وفتح مكتب المدعي العام في باريس، تحقيقًا بشأن تهديدات بالقتل استهدفت ساركوزي، حيث أفاد بيان رسمي بتلقي بلاغ من مدير السجن حول مقطع فيديو متداول يوثّق التهديدات. وأسفرت عملية تفتيش في السجن عن مصادرة هاتفين محمولين، فيما استُجوِب 3 نزلاء في إطار التحقيق، وفقًا لوسائل إعلام غربية. وأُدين ساركوزي بالتآمر مع مقربين منه لتدبير مخطط تمويل حملته الرئاسية عام 2007، فيما برأه القضاء من تلقي الأموال شخصيًا أو استخدامها لأغراض خاصة، لكنه نفى باستمرار ارتكاب أي مخالفات. وعبر حسابه على منصة “إكس”، وصف ساركوزي، إجراءات محاكمته بـ”الفضيحة القضائية”، معتبرًا القضية ذات دوافع سياسية. ويعد ساركوزي، الذي تولى رئاسة فرنسا بين عامي 2007 و2012، أول رئيس فرنسي سابق يدخل السجن منذ الحرب العالمية الثانية، بعد المارشال فيليب بيتان، الذي أُدين بتعاونه مع النظام النازي. وفي 25 سبتمبر الماضي، حكمت محكمة في باريس على ساركوزي، البالغ من العمر 70 عاما، بالسجن 5 سنوات بتهمة تمويل حملته الانتخابية عام 2007، من قبل ليبيا. وبدأ التحقيق عام 2012، بعد أن نشرت صحيفة فرنسية استقصائية وثائق أشارت إلى تحويل السلطات الليبية 50 مليون يورو (58 مليون دولار) لحملة ساركوزي الرئاسية.

مقالات مشابهة

  • الدفتيريا يعود للجزائر وموريتانيا بعد عقود من السيطرة.. تأهب بالمغرب العربي
  • الجزائر تحدد موعد استئناف محاكمة الصحافي كريستوف غليز ومراسلون بلا حدود تجدد دعوتها للإفراج عنه
  • "خطر المهاجرين على فرنسا".. المتحدث الرسمي لحزب الاستعادة الفرنسي يشرح التفاصيل
  • تهديدات داخل الزنزانة| الرئيس الفرنسي الأسبق يواجه خطر الموت في سجنه.. القصة الكاملة
  • 5 سيارات تحمل العلامة الفرنسية في مصر.. الأولى بأرخص سعر
  • رزيق يلتقي بالأمين العام للأمم المتحدة.. وهذا ما قاله عن الرئيس تبون
  • رزيق يلتقي بالأمين العام للأمم المتحدة .. وهذا ماقاله عن الرئيس تبون
  • شاهد .. تهديد ساركوزي بالقتل في محبسه وتحرك عاجل من الشرطة الفرنسية
  • صحيفة لوموند الفرنسية: نتنياهو تحت المراقبة الأمريكية الدقيقة - تفاصيل
  • السلطات الفرنسية تتحرك بعد قيام سجناء بتهديد ساركوزي داخل سجنه