دبلوماسي أمريكي سابق: تدخل الأطراف الخارجية هو الحل لإنهاء حرب السودان
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
بعد أكثر من 20 شهرًا من الحرب، يشير بايتون نوف وهو دبلوماسي أمريكي سابق، إلى أن الحل في السودان يكمن في تدخل إقليمي ودولي لإنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار، مع ضرورة استبعاد الأطراف المتورطة في الأزمة.
التغيير: الخرطوم
أكد نائب المبعوث الأمريكي السابق لمنطقة القرن الإفريقي، بايتون نوف، أن الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من 20 شهرًا لن تحقق نصرًا عسكريًا لأي من أطراف النزاع، مشيرًا إلى أن الحل يكمن في توافق دولي وإقليمي لإعادة الاستقرار وإنهاء المعاناة الإنسانية.
وأوضح نوف في مقال نشرته الفايننشال تايمز البريطانية، أن السودان يشهد الآن أسوأ أزمة نزوح عالمي، بعد أن أصبحت العاصمة الخرطوم ومدن وقرى أخرى مدمرة تمامًا.
وأضاف أن البلاد تواجه ما قد يكون أسوأ مجاعة شهدتها إفريقيا خلال القرن الأخير، واصفًا الوضع بـ”غزة على النيل”.
وأشار الكاتب إلى أن الدول ذات التأثير في المنطقة، مثل إسرائيل، قطر، السعودية، تركيا، والإمارات، تمتلك مفاتيح الحل في السودان، ولديها خياران: إما الاستمرار في استغلال السودان كساحة للتنافس الجيوسياسي، أو التعاون مع دول الجوار، بما في ذلك مصر، إثيوبيا، جنوب السودان، وتشاد، للوصول إلى توافق حول مبادئ تنهي النزاع.
ووصف نوف الحرب السودانية بأنها “حرب ضعف متماثل”، حيث لا القوات المسلحة السودانية ولا قوات الدعم السريع قادرة على تحقيق النصر عسكريًا أو سياسيًا. وبينما تعتمد القوات المسلحة على دعم من إيران، روسيا، ومصر، تواجه قوات الدعم السريع انتقادات دولية بسبب دعم الإمارات لها، في ظل اتهامها بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
مسؤولية الأزمة الإنسانيةوحذر الكاتب من أن القوات المسلحة السودانية تتحمل المسؤولية الأكبر عن الأزمة الإنسانية بسبب منعها الممنهج لوصول المساعدات الإنسانية، بينما فقدت قوات الدعم السريع شرعيتها بسبب الانتهاكات الواسعة التي ترتكبها.
ودعا نوف إلى ضرورة استبعاد قيادات القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وحزب المؤتمر الوطني للرئيس السابق عمر البشير من أي ترتيبات سياسية مستقبلية.
كما شدد على أهمية الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه، مع إعادة السلطة لحكومة شرعية تُدار عبر مؤسسات سيادية يقودها خبراء مستقلون.
وأكد نوف على أن الدول الإقليمية التي تدعم أطراف الصراع السوداني يمكنها، انطلاقًا من مصالحها الذاتية، إنهاء الحرب وتحقيق الاستقرار في السودان، إذا ما أدركت خطورة استمرار الصراع على استقرار المنطقة ككل.
بايتون كنوبف هو دبلوماسي أمريكي ومستشار بارز متخصص في القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر. يشغل حاليًا منصب مستشار بارز لبرنامج إفريقيا في معهد الولايات المتحدة للسلام (USIP) ومستشارًا للمعهد الأوروبي للسلام، ويُعرف بخبرته العميقة في إدارة النزاعات وتعزيز السلام في المناطق المتأثرة بالصراعات.
وسبق أن تولى كنوبف منصب نائب المبعوث الخاص لإدارة بايدن إلى القرن الإفريقي، حيث لعب دورًا حيويًا في معالجة النزاعات الكبرى مثل أزمة تيغراي في إثيوبيا. كما قاد فريق خبراء الأمم المتحدة حول جنوب السودان بين عامي 2015 و2017، وقدم المشورة لعدة مؤسسات دولية متخصصة في إدارة الأزمات، مما عزز من مكانته كأحد أبرز الخبراء في شؤون إفريقيا والشرق الأوسط.
ويشهد السودان منذ أكثر من 20 شهرًا صراعًا مدمّرًا بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى تدمير العاصمة الخرطوم ومدن وقرى أخرى، فيما يُعتبر أكبر أزمة نزوح عالمي حاليًا. يواجه السودان أسوأ أزمة إنسانية مع ما قد يكون أسوأ مجاعة في إفريقيا خلال القرن الأخير، ما يصفه البعض بـ”غزة على النيل”.
الوسومالسودان بايتون نوف حرب الجيش والدعم السريعالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: السودان حرب الجيش والدعم السريع القوات المسلحة السودانیة الدعم السریع فی السودان
إقرأ أيضاً:
من إيران إلى غزة.. دبلوماسي فرنسي سابق يفضح الكيل بمكيالين في السياسة الغربية
في مقال رأي نشرته مجلة "لوبوان" الفرنسية تحت عنوان "إيران، غزة، وازدواجية المعايير الغربية"، سلط الدبلوماسي الفرنسي السابق جيرار آرو الضوء على ما وصفه بـ"التحيّز الانتقائي" الذي تمارسه الدول الغربية في تطبيق القانون الدولي، مؤكداً أن بقية دول العالم لم تعد تنخدع بهذا المنطق.
وشغل آرو، مناصب دبلوماسية رفيعة من بينها سفير فرنسا لدى الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي وممثلها الدائم في الأمم المتحدة، وكتب بنبرة ناقدة قائلاً: "اعتاد الناس السخرية من الدبلوماسي، واعتباره إما بلا بوصلة أخلاقية، أو غير قادر على مجابهة الشر بحزم. وقد جاءت العمليات العسكرية الإسرائيلية والأمريكية ضد إيران لتُنعش هذه الصور النمطية".
وأضاف: "قد يبدو دعم هذه الهجمات مبرراً لدى البعض، كونها صادرة عن ديمقراطيات ضد نظام يُتهم بإيواء الإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة، لكن القانون الدولي هنا يُعامل كأداة ظرفية، يُستخدم حين يخدم المصالح ويتجاهَل حين يعارضها".
وأشار آرو إلى التصريح الذي أثار الجدل للمستشار الألماني حين قال إن "إسرائيل تقوم بالعمل القذر نيابةً عنّا"، في سياق تبرير الهجوم على إيران. ورغم الاعتراف بأن الضربة الإسرائيلية قد تكون محل خلاف قانوني، إلا أن كثيرين في الغرب يعتبرونها "مشروعة" بسبب طبيعة النظام الإيراني، بحسب رأيه.
ويرى آرو أن هذا المنطق يُجسد بوضوح ازدواجية المعايير الغربية، حيث يُغض الطرف عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي، في مقابل تضخيم ما تقوم به طهران.
فبينما تصدرت أخبار سقوط صاروخ إيراني قرب مستشفى إسرائيلي – دون وقوع ضحايا – وسائل الإعلام الغربية، تجاهلت هذه الوسائل نفسها تدمير إسرائيل لأكثر من ثلاثين مستشفى في قطاع غزة، في تجاهل فاضح للأرواح الفلسطينية.
وتساءل الدبلوماسي الفرنسي: ما الهدف الحقيقي من العمليات الإسرائيلية؟ ففي البداية، تم الحديث عن ضرب البرنامج النووي والباليستي الإيراني. لكن هذا الهدف تزامن مع استعدادات لعقد جولة جديدة من المفاوضات النووية في مسقط يوم 15 حزيران/يونيو الجاري. غير أن اغتيال كبير المفاوضين الإيرانيين أثار تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل قد تدخلت لإفشال تلك المساعي الدبلوماسية.
وأشار إلى أن الوسائل العسكرية، رغم استعراضها، لم تثبت فعاليتها الكاملة، حيث لا تزال التلميحات قائمة بأن تدمير المنشآت النووية الإيرانية يتطلب تدخلاً أمريكياً مباشراً. ويذهب آرو إلى القول إن الاحتلال الإسرائيلي تسعى، على ما يبدو، إلى ما هو أبعد من ضرب منشآت عسكرية، نحو إضعاف النظام الإيراني وربما إسقاطه.
ولكنه يحذر من أن هذا السيناريو يُعيد إلى الأذهان تجربة التدخل في العراق عام 2003، التي أفضت إلى فوضى، وسقوط مئات آلاف الضحايا، وظهور تنظيم "داعش". ويؤكد أن إيران، رغم كل انتقادات الغرب لها، تظل دولة كبيرة ومعقّدة، متعددة الأعراق، بلا معارضة منظمة، فيما يسيطر على المشهد ميليشيات مسلّحة متطرفة. ولذلك، فإن سقوط النظام دون بديل واضح قد يقود إلى فوضى أكبر، لا إلى تحرر أو استقرار.
وفي تساؤله المقلق، طرح آرو سؤالاً محورياً: ما هو الهدف الاستراتيجي الحقيقي لإسرائيل؟ فنجاح العمليات العسكرية لا يعني شيئاً إذا لم تُفض إلى واقع سياسي وجيوسياسي أفضل مما كان قبله.
ويختم الدبلوماسي الفرنسي السابق مقاله بالتأكيد على أن الاحتلال الإسرائيلي، ما لم يجب عن هذا السؤال، سيبقى محاصرة بمآزقها الاستراتيجية. فرفضها إقامة دولة فلسطينية، وربما سعيها لتطهير عرقي في غزة والضفة الغربية، يحول دون اندماجها الكامل في المنطقة.
كذلك فإن رغبتها في إنهاء الأزمة النووية الإيرانية بالقوة، رغم أن التجربة أثبتت نجاح المسار التفاوضي في اتفاق 2015، تعكس إصراراً على مسار تصعيدي غير مستدام.
ويحذر آرو من أن القنابل لا تُبيد التقنية النووية، وطهران ستعيد بناء قدراتها عاجلاً أم آجلاً، مما قد يضع الاحتلال الإسرائيلي في مأزق مزدوج: في غزة أولاً، ثم في مواجهة إيران لاحقاً، فيما لا يزال صوت العقل مغيّباً عن النقاش العام.