عادل الباز يكتب: تحرير الجزيرة .. رسائل سياسية
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
1 تحررت الجزيرة وسالت مشاعر الناس جداول.. ضحك من ضحك وبكى من بكى، وحزن كثيرون وسفوا تراب الندم على دعمهم المليشيا. تدفقت على الأسافير مقالات وكتابات كثيرة حول الجزيرة وتاريخها وأهميتها العسكرية السياسية والاقتصادية. ضحك الناس كثيراً وهم يستمعون للمتمرد يهرف بما لا يعرف ويتهم ويشتم ويتحدث عن انسحاب تكتيكي، وذلك انسحاب سيمتد حتى يصل تخوم تشاد قريباً بإذن الله.
2
دعونا ننظر للحدث وتداعياته من زاوية سياسية، فإذا كان تحرير الجزيرة عسكرياً كشف عن الخسائر التي تكبدتها الميليشيات في عتادها وجنودها ومواقعها التي استولت عليها خلال السنتين الماضيتين فلقد أدى تحرير الجزيرة لجملة من الخسائر السياسية التى لا يمكن تعويضها وخاصة لكفلاء المليشيا وحلفائها الداخليين والخارجيين، ولسوء حظ المليشيا أن تلك الخسائر جاءت في وقت دمغتها الإدارة الأمريكية فيه بالإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية مما يعني أن صلاحيتها السياسية في الإقليم ودولياً انتهت بل حررت لها شهادة وفاة، وأبلغ دليل هو إلغاء السلطات الكينية للمؤتمر الصحفي الذي أعلنت عنه المليشيا نهار أمس الإثنين، والذي كان مقرراً عقده بفندق راديسون بلو في العاصمة الكينية نيروبي، بحجة أن المليشيا لم تتخذ الخطوات القانونية في التصديق للمؤتمر.. مش قلنا ليكم؟
3
سياسياً، بعث تحرير الجزيرة عدة رسائل، الأولى كانت في بريد الحواضن الاجتماعية التي لا زالت تدعم المليشيات وتتوهم أن بامكانها الانتصار على الجيش السوداني والاستيلاء على البلاد، فإذا بها تتداعى أمام أنظار العالم أجمع، ولذا فإن الاستمرار في تحشيد شباب تلك الحواضن ليكونوا وقوداً لحرب المليشيا وطموحاتها غير المشروعية إنما هو انتحار سياسي وله تداعيات خطيرة على تلك الحواضن في المستقبل ويعمق من تشققات الوضع الاجتماعي الذي اهترأ أصلاً، ثم هو دعم بلا طائل، فلن تكسب المليشيا الحرب، بل ستكون هي محرقة لشباب تلك المحاضن دون أى مكاسب يمكن أن تتحقق لتلك الحواضن ولا للمليشيات.
4
رسالة سياسية أخرى للكفلاء الرسميين المليشيا وهي أن الميليشيا لا مستقبل لها وأنكم مهما دعمتموها بالمال والمرتزقة والسلاح، ليس بمقدورها الصمود، وها هي تنهار في كل وثبة من وثبات الجيش من السوكي، الدندر، لجبل موية، لسنار، لسنجة، لسنار، لبحري وها هي الآن تعرد بكل جبن من مدني، مشتتة وممزقة من كافة أنحاء الجزيرة.
5
بعد تحرير الجزيرة انتهى وكسد سوق المبادرات، فيصعب على أي دولة أو أي جهة أن تأتي لتدعو إلى مبادرة جديدة أو قديمة، إذ عصفت معارك الجزيرة بأي احتمال أن تقبل الحكومة بمبادرة جديدة والساحة السياسية أصلاً مصابة بتخمة من المبادرات، وكلها لم تجدِ فتيلا، وحتى المبادرة السعودية الأمريكية التي تمخض عنها إعلان جدة باءت بالفشل حين رفضت المليشيا تنفيذ مقررات جدة. يتوهم الواهمون أن انتصار الجزيرة يمهد الطريق للتفاوض فجاء الرد سريعاً من الفريق الكباشي من مدني (لا تفاوض مع المليشيات).
6
رسالة لدول الجوار أن هذه المليشيا التي دعمتموها وفرشتم لقائدها البساط الأحمر كرئيس دولة مستهينين بالعلاقات التاريخية بين السودان وجواره خدعتكم وجعلتكم تظنون أن بمقدورها الاستيلاء على السودان، فأقمتم لها معسكرات التدريب ومراكز التشوين والمطارات ورفضتم إدانتها بعد كل المجازر التي ارتكبتها، هاهي الآن المليشيا تتداعى أمامكم لم ينفعها دعمكم ولا تغطيتكم على جرائمها بمنع إدانتها في كل المحافل الإقليمية والدولية، ولذا الآن ينبغي عليكم التوقف عن دعمها والنظر للعلاقات التاريخية المتجذرة بين شعوب هذه المنطقة والسودان.
7
وآخر رسالة بعثت بها انتصارات الجزيرة إلى جماعة تقدم، أن رهانكم على المليشيا واتخاذكم لها كظهير عسكري تستخدمونه ضد الجيش والشعب قد باء بالفشل، ولن تقم للمليشيات قائمة بعد أن قُصم ظهرها في الجزيرة ومهما وقعتم معها المواثيق وتوليتم راية الدفاع عنها إعلامياً وسياسياً، فإن المليشيا خسرت الحرب، وليست الحرب وحدها، إنما خسرت وجودها وقبولها بين السودانيين، انتهت المليشيا وقضي أمرها الآن ومستقبلاً، أما أنتم (جماعة تقدم) فتحتاجون لمعجزة ليقبلكم الشعب كفصيل وطني من فصائله ـ ولذا خير لكم أن تسارعوا بطلب المغفرة من الشعب والتوبة سبعة مرات والاغتسال من العمالة والإقلاع نهائياً عن التحالف مع المليشيا أو دعمها بأي صورة أو الصمت على جرائمها، عسى بعد ذلك أن يرضى ويغفر لكم الشعب جرائمكم في حقه.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: تحریر الجزیرة
إقرأ أيضاً:
بعد حل مجلس النواب.. تايلاند تدخل مرحلة سياسية جديدة
وافق ملك تايلاند، ماها فاجيرالونغكورن، اليوم الجمعة على مرسوم يقضي بحلّ مجلس النواب، بعد أن تقدم رئيس الوزراء التايلاندي أنوتين تشارنفيراكول بطلب عاجل لإقرار المرسوم، وفق ما أوردت صحيفة “ذا ناشين” المحلية ودخل المرسوم حيّز التنفيذ فور نشره في الجريدة الملكية، ليضع البلاد أمام مرحلة سياسية جديدة تتجه نحو انتخابات عامة ستحدد مستقبل الحكم في البلاد.
وجاء في نص المرسوم أن حل مجلس النواب وإجراء الانتخابات العامة يمثل السبيل الأمثل لإعادة سلطة اتخاذ القرار إلى الشعب، وتمكين تشكيل حكومة أغلبية مستقرة تمتلك تفويضًا واضحًا للحكم، ويعد هذا الإجراء خطوة مهمة لإنهاء حالة الجمود السياسي التي شهدتها البلاد مؤخرًا، وتأكيدًا على قدرة النظام الملكي على توجيه العملية السياسية وفق إطار دستوري واضح.
وبموجب القانون التايلاندي، تُجرى الانتخابات العامة الجديدة خلال مدة لا تقل عن 45 يومًا ولا تتجاوز 60 يومًا من تاريخ نفاذ المرسوم، على أن تحدد المفوضية الانتخابية الموعد النهائي للاقتراع، ويأتي ذلك ضمن الإطار الدستوري الذي ينص على أن الجمعية الوطنية هي أعلى سلطة تمثيلية وتشريعية في البلاد، وتتألف من مجلسين: مجلس الشيوخ (الغرفة العليا) ومجلس النواب (الغرفة السفلى).
ويأتي حل مجلس النواب في وقت يشهد فيه المشهد السياسي الداخلي توترات متصاعدة، مع مطالب متزايدة من الشارع والحزب الحاكم لتعزيز الاستقرار، وتحقيق حكومة قادرة على اتخاذ قرارات تنفيذية واضحة والاستجابة لتحديات الاقتصاد والسياسات العامة، وتشير التحليلات إلى أن الانتخابات القادمة ستكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة الأحزاب على تشكيل تحالفات قوية وتحديد اتجاه السياسات الداخلية والخارجية لتايلاند.
ويعكس القرار الملكي الرغبة في الحفاظ على التفويض الشعبي وتعزيز الثقة في المؤسسات التشريعية، بعد فترة شهدت فيها البلاد جدلًا حول أداء الحكومة السابقة ومصداقية اتخاذ القرارات، ويتوقع المراقبون أن تشهد الانتخابات المقبلة منافسة شديدة بين الأحزاب الكبرى مع احتمالات لتغيرات في قيادة البرلمان وحكومة جديدة قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.
ومن المقرر أن يتولى أنوتين رئاسة حكومة تصريف أعمال بصلاحيات محدودة خلال الفترة بين صدور المرسوم وإجراء الانتخابات، ولن يتمكن خلالها من الموافقة على ميزانية جديدة، ونشر أنوتين على صفحته على فيسبوك يوم الخميس: “أرغب في إعادة السلطة إلى الشعب”، وتأتي هذه الخطوة في لحظة سياسية صعبة، حيث تخوض تايلاند قتالًا واسع النطاق مع كمبوديا حول مزاعم حدودية متنازع عليها منذ فترة طويلة، وأفادت التقارير بمقتل حوالي عشرين شخصًا هذا الأسبوع، بينما نزح مئات الآلاف على كلا الجانبين.
وتولى أنوتين منصب رئيس الوزراء لمدة ثلاثة أشهر فقط خلفًا لبيتونجتارن شيناواترا التي لم تخدم سوى عام واحد، وفاز أنوتين في تصويت البرلمان في سبتمبر بدعم من حزب الشعب المعارض الرئيسي مقابل وعد بحل البرلمان خلال أربعة أشهر وتنظيم استفتاء لصياغة دستور جديد من قبل جمعية تأسيسية منتخبة.
كمبوديا تنفي تقارير تايلاندية عن نشر منصات صواريخ على الحدود
نفت وزارة الدفاع الكمبودية تقريرًا إعلاميًا تايلانديًا زعم أن كمبوديا تستعد لنشر منصات إطلاق صواريخ متعددة طراز (بي.إتش.إل-03) في الصراع الحدودي المستمر مع تايلاند ووصفت الوزارة المقال، الذي نشرته صحيفة “ثايراث” التايلاندية، بأنه لا أساس له من الصحة وملفق، مؤكدة أن هذه الادعاءات كاذبة تمامًا وتهدف إلى تشويه صورة كمبوديا، حسب صحيفة “خمير تايمز” الكمبودية اليوم الجمعة.
وطالبت كمبوديا تايلاند بالتوقف عن نشر معلومات مضللة عمدًا لصرف انتباه الرأي العام عن انتهاكاتها للقانون الدولي، وأضافت الوزارة أن هذه المعلومات يبدو أنها تهدف إلى تبرير استخدام الجانب التايلاندي لأسلحة متزايدة التدمير ضد كمبوديا.
وأكدت كمبوديا أن تايلاند شنت المزيد من الهجمات الجوية يوم الخميس الماضي، في ظل تصاعد القتال على الحدود بين الدولتين واتهام كل طرف الآخر بانتهاك السيادة على طول المنطقة الحدودية المتنازع عليها، فيما تأتي هذه الاشتباكات نتيجة نزاعات إقليمية طويلة الأمد.
وجاءت المواجهات بعد مناوشة يوم الأحد الماضي أسفرت عن إصابة جنديين تايلانديين وانتهاك وقف لإطلاق النار توسط فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأنهى خمسة أيام من القتال في يوليو وبلغ عدد القتلى في تجدد النزاع هذا الأسبوع 24 شخصًا، فيما نزح مئات الآلاف على جانبي الحدود.