لا يجد العراق نفسه بمنأى عن تأثيرات أي صِدام محتمل بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، فإلى جانب الحدود الطويلة التي تجمع بين البلدين، فإن إيران تتحكم بمختلف مفاصل الدولة العراقية السياسية والعسكرية من جهة، كما أن للولايات المتحدة تواجد عسكري كبير داخل الأراضي العراقية من جهة أخرى، ما يضع بغداد بين "مطرقة أمريكية" و"سندان إيراني".

وقد تكون هذه العوامل من بين دوافع بغداد لمحاولة لعب دور وساطة بين واشنطن وطهران في أكثر من مناسبة، كان آخرها إعلان وزير الخارجية العراقي الدكتور فؤاد معصوم، الخميس، استعداد بلاده للتوسط بين إيران وأمريكا، "إذا طُلب منها ذلك"، وكذلك تصريح الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، بأن العلاقات العراقية مع إيران والولايات المتحدة "جيدة"، إلا أن هذه المساعي العراقية قد تكون وراءها أسباب أخرى، كما أنها تصطدم بعقبات كثيرة وكبيرة، بحسب مسؤول عراقي سابق.

العراق: مستعدون للوساطة بين أمريكا وإيران - موقع 24حذر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، من هجوم تركي متوقع على القوات الكردية في شمال شرق سوريا، في الوقت الذي عرض فيه استعداد بلاده للتوسط بين إيران والولايات المتحدة. عجز حكومي

يرى السياسي المستقل والبرلماني السابق ومؤسس حزب "الأمة العراقية" مثال الآلوسي، أن "فرص العراق للعب وساطة كهذه كان من الممكن أن تكون كبيرة وعظيمة، بما يليق بالدولة العراقية وقوتها الاقتصادية ومكانتها الاستراتيجية، لو كان هناك نظام متزن وناجح، وحكومة تمتلك الصلاحية والغطاء السياسي الديمقراطي، وبرلمان يمتلك الصلاحيات ويحظى بالاحترام، فحينها يمكن أن يكون للعراق مساحة ومكانة إقليمية ودولية".
وقال الآلوسي في تصريح عبر 24: "ولكن عندما يكون البرلمان العراقي منشغلاً بسنِّ تشريعات تشكل جريمة بحق الأطفال، وتكون الحكومة العراقية عاجزة عن مكافحة الفساد، وأن تكون هي نفسها متهمة بالفساد، فسيكون من الغرابة أن نتخيل قيام العراق بدور كهذا. ربما تقبل إيران بهذه الوساطة، لأن من يحكم في بغداد وفي برلمانها تابعٌ لإيران، التي تهيمن على القرارات السيادية وغيرها في العراق، أما أن تقبل الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر دولة في العالم وأكثرها تأثيراً، بمثل هذه الوساطة، التي يقودها فشلٌ حكوميٌ عراقي، فهذا ليس من المنطق في شيء، ومجرد الحديث عنه يدعو للاستغراب".

كيف ستكون "قواعد المواجهة" بعد عودة ترامب وتقليم أذرع إيران؟ - موقع 24تتجه أنظار العالم حالياً صوب العاصمة الأمريكية واشنطن، مع اقتراب بدء الولاية الثانية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في يناير (كانون الثاني) من العام المقبل، وسط تكهنات بأن يعاود ترامب ممارسة "سياسة الضغط الأقصى على النظام الإيراني" التي ميّزت ولايته الأولى، لا سيما وأنه أفصح عن ... محاولة إيرانية

وأشار المسؤول العراقي السابق إلى أنه لا يتوقع حصول مثل هذه الوساطة، قائلاً: "أعتقد أن هناك سياسيون في بغداد يريدون أن يعطوا لأنفسهم أدواراً وطنية وإقليمية ودولية، إلا أن ذلك بعيد عن الواقع، علاوةً على أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا تزال في طور التشكيل، فما الغرض من طرح هذه الأفكار الغريبة الآن؟. هذا إن لم تكن المسألة برمتها محاولة إيرانية للسيطرة على قرار العراقيَّين".
وأضاف: "بعبارة أخرى، حتى لو كان هناك تحركٌ وطنيٌ أو سياسي براغماتي في العراق في هذا الاتجاه، فإن إيران ستأتي لنسفه بمثل هذه الوسائل الغريبة من منطلق تعزيز المحور الإيراني، أي محور القتل والإرهاب، وتحويل العراق إلى قاعدة لتهديد دول الجوار والأمن الاستراتيجي للمنطقة، وكذلك استهداف الأمريكان".

طرفٌ في المشكلة

ومضى مثال الآلوسي بالقول إن "العراق لا يصلح للعب دور وساطة بين الولايات المتحدة وإيران، لأن حكومة وبرلمان العراق هما طرف في هذه المشكلة، وليس جزءاً من الحل، يضاف إلى ذلك وجود صراع بين قادة في الإطار التنسيقي من جهة، ورئيس الحكومة وحلفائه من جهة أخرى، حيث يسعى كل طرف إلى الإطاحة بالآخر، كما يحاول كلٌّ منهم أن يثبت لطهران أنه الأجدر بخدمة المصالح الإيرانية داخل العراق وخارجه".
وأكد الآلوسي أن "كلَّ ما ذُكر أعلاه لا ينفي وجود شخصيات عراقية وطنية، وسياسيين على مستوى عالٍ من المهنية مثل وزير الخارجية الدكتور فؤاد حسين، ولكن هذا الأخير لا يستطيع أن يتحدث باسم الحكومة أو الدولة العراقية، لأن القرار العراقي مرهون بيد الإطار التنسيقي والميليشيات والحرس الثوري الإيراني".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران الولايات المتحدة العراق العراق الولايات المتحدة إيران من جهة

إقرأ أيضاً:

غوتيريش في بغداد وبعثة الأمم المتحدة قبل المغادرة: العراق يقود خطة “مارشال”

13 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة: وصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، السبت، إلى العاصمة بغداد.

وبحسب بيان مقتضب للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، ورد لـ المسلة، فإن غوتيريش سيشارك في مراسم الإعلان الرسمي لانتهاء أعمال بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي).

وتأسست يونامي عام 2003 بقرار من مجلس الأمن، وتقرر إنهاء ولايتها رسميا في 31 كانون الأول 2025، بعد تمديد أخير وبناء على طلب الحكومة العراقية.

وكان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان، قد اطلق كلمات الوداع للعراقيين مع قرب انتهاء مهام ومغادرة البعثة، حيث لخص رؤيته الكاملة تجاه العراق شعبا وسياسة، فبينما كشف عن ان العراق يتجه نحو “خطة مارشال عراقية”، اكد ان العراقيين أصحاب كرامة وانفه ولا يقبلون بالاملاءات.

وقال الحسان ان البعثة أتت بناء على طلب العراقيين، وإنهاء البعثة أتى أيضا بناء على طلب العراقيين، نحن في الأمم المتحدة دائما نحترم رغبات الدول خصوصا الدول التي تستضيف هذه البعثات، مشيرا الى ان العراقيين استضافوا على مدى أكثر من عقدين من الزمن هذه البعثة، وكان العمل شاقا، فوجدوا أن المهمة الموكلة لبعثة يونامي تقريبا حققت أهدافها، وآن الأوان لكي يأخذوا الأمور بأيديهم مثلهم مثل غيرهم من الدول.

وأشار الى انه يتفق مع هذا الطرح، مؤكدا ان المهمة فعلا أنجزت بنجاح، وكانت هناك 3 ملفات متبقية وهي مسألة المفقودين من دولة الكويت ورعايا الدول الثالثة منذ أيام الحرب وأيام غزو الكويت، هناك أيضا مسألة ممتلكات الكويتيين، وأيضا الأرشيف الوطني الكويتي.

وبين ان الانتهاء الحقيقي للبعثة سيكون 31 ديسمبر، وبعد 31 ديسمبر كل بعثة يونامي وأعضائها سيغادرون العراق، مشيرا الى ان الأمم المتحدة ستكون موجودة وقد تكون موجودة بغزارة وأكثر من السابق لأن العمل تحول الآن إلى عمل تقني في قضايا المناخ، في قضايا الصحة، في قضايا التعليم، في قضايا التكنولوجيا.

وأوضح انه من بين تقريبا 72 مصرفا، هناك 38 مصرفا تقع تحت العقوبات، لا يمكن لدولة أن تشرع في مرحلة اقتصادية وتنموية مستدامة – والعراقيون يريدون ذلك – بدون رفع هذه العقوبات عن هذه المصارف.

وأوضح ان هناك بعض المحطات المهمة في تاريخ العراق، فالعراقيون اليوم يستطيعون الذهاب لصناديق الاقتراع بحرية ودون ضغوطات، والتصويت لمن يختارونه لتحديد مصيرهم المستقبلي، هذا يعني خيار الحرية، وهو في أيدي الشعب العراقي، هذا أولا، الشيء الثاني، تمكن المجتمع الدولي بالذات – التحالف الدولي – بالتنسيق مع العراقيين وبتضحيات أكثرها من العراقيين، من القضاء على داعش.

وأشار الى ان هذا البلد مقبل على خطة مارشال عراقية – عراقية بدون أي فضل من الخارج لإعادة رسم الموقع الحقيقي لهذا البلد وهذا الشعب، ليس فقط على الخارطة العربية وإنما على الخارطة العالمية، مبينا ان العراق مؤسس للأمم المتحدة وكان عضوا في عصبة الأمم، فلا أعتقد أن يرضى العراقيون بأقل من ذلك، وأنا من الأشخاص المعجبين بالعراقيين وتاريخ العراق والشعب العراقي، ولم أجد منهم إلا كل الاحترام.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الرئيس العراقي يجدد التزام بلاده بالأمن والديمقراطية ويشيد بدور الأمم المتحدة
  • غوتيريش يعلن من بغداد انتهاء مهمة البعثة الأممية في العراق
  • تقرير أمريكي: نفوذ إيران يقف وراء تراجع بغداد عن تصنيف الحوثيين إرهابيين
  • غوتيريش: نغلق اليوم إحدى صفحات التعاون مع العراق ونفتح أخرى
  • رئيس الوزراء العراقي: حققنا الأمن والاستقرار في البلاد رغم التحديات
  • الأمين العام للأمم المتحدة: نقدر التزام الحكومة العراقية بالمضي قدما في خطط التنمية
  • غوتيريش يصل بغداد للمشاركة في احتفال بانتهاء مهام بعثة يونامي
  • مخاوف إنسانية وسياسية بعد الرحيل الأممي عن العراق
  • غوتيريش في بغداد وبعثة الأمم المتحدة قبل المغادرة: العراق يقود خطة “مارشال”
  • رئيس الجمهورية لبزشكيان: أي عرقلة تواجه إيران هي بمثابة عداء لنا