موقع النيلين:
2025-12-12@14:29:28 GMT

شباب الصراحة، ومليشيا الوقاحة!!

تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT

يُحكیٰ عن الهمباتي الشهير الطيب ود ضحوية، إنه قال:(فی يوم لقيت لي “صبی” فی الخلا يرعیٰ فی إبلاً ليهو، براهو وشايِلُّو سيف، وأنا شايل بندقية، فطمعت في الإبل، وقلت له بتعرفني آجنا؟ قال لی أَيَّا، إتْ ما ياكا الطيب ود ضحوية البقولوا. فقلت له إبلك سمحات آجنا. فقال لي بسرعة، أيَّا عارِفِن.

فقلت له تعال نِتْقَاسَمِنْ.

فوقف الصبي بعد ما كان مِتَكِي، وسَلًّ سيفو وقال لي: “الحی فينا يَشِيلِن كُلَّهِن”

قال فعرفت إنَّ الجنا فارساً نجيض ما بيتصاقع، ومشيت خليتو).

وتبيِّن القصة إن الهمباتي النبيل لم يشأ أن يُردي ذلك الشاب بطلقة من سلاحه الناري، فيكسب الإبل ويخسر الأخلاق فی معركةٍ غير متكافٸة، كما إنه قدَّر شجاعة الفتیٰ وثباته فی الذود عن ماله ونفسه، حين طلب الموت دون ماله، فكُتبت له الحياة، فقد كان ذلك الفتیٰ يعلم إنه فی مواجهة ود ضحوية ذلك الرجل الخطير الذی طبقت شهرته الآفاق في ذلك الزمان، قبل أن يظلنا زمان دقلو وقُجة وبُقجة وقُبة، وشُوتال، وخُلخال، وجَلَحَة ومَلَحَة وشارون وقارون وشنو داك!!!

وحرب الكرامة تمضي نحو النهاية المحتومة، بنصرٍ مبين لجيشنا وشعبنا بإذن الله، تتساقط مسيرات المليشيا المجرمة، علی محطات الطاقة الكهرباٸية فتحرق جزءً منها، ويحلَّ الظلام محل النور، ويفرك الجنجويد أياديهم من السرور ، وتمتلٸ كل مواقعهم الخبيثة بصيحات الفرح الغبی، ولا تجد أفعالهم الصبيانية هذه أیّ إدانة من صبية السياسة من القحاطة وتَقَزُّم (الله يكرم السامعين).

ثمَّ يأتی إحراق مصفاة الجيلی يوم الخميس، وقد ضيَّق عليهم الجيش الخناق وهو يطبق عليهم من كل الجهات، ونسوا أو تناسوا إن الجيش هو جيش الشعب الذی خرج من صلبه مثل ذلك الفتیٰ الذی واجه الموت في صلابة وبأس، فكتبت له الحياة وكُتِب لإبله النجاة من النهب!!

ولكن هل تجوز المقارنة أو التشبيه بين أخلاق الهمباتة، وأخلاق الجنجا المرتزقة؟ ونقول بكل تأكيد لا وجود للمقارنة، ولكن هناك من الشباب الكثير من أمثال ذلك الشاب الذی قابله ود ضحوية، وهو مَن هو، (وقِنِع مِنُّو) شباب في عمر الزهور منخرطون في الدفاع عن الأرض والعِرض، في صفوف الجيش والقوات المشتركة والامن والشرطة والمستنفرين فی كل محور من محاور القتال فی حرب الكرامة من الفاشر إلیٰ بابنوسة إلی الأبيض إلیٰ مدني إلیٰ سنَّار إلیٰ السوكي وسنجة إلیٰ الخرطوم وما بين كل ذلك من معارك تشيب لهولها الولدان، ولن يُذل السودان ولن يُهان وهٶلاء الفتيان الفرسان في الميدان، ولن تهز وقاحة المليشيا شعرة فی جلدهم، فقد تربیٰ هٶلاء الشباب علی الصراحة، ليس هناك من طريقٍ ثالث (إمّا النصر أو الشهادة).

وما بين الصراحة والوقاحة كما بين الأرض والسماء.

فبقدر ماكان ودضحوية وَقِحاً وهو يراود الفتیٰ عن إبله،كان الفتیٰ صريحاً فی إستعداده للموت دون ماله، وبقدر ما كان ود ضحوية نبيلاً وهو يقدر شجاعة الفتیٰ، كان المليشياوی وضيعاً وهو يهاجم محطات الكهرباء ويحرق مصفاة الجيلی!!

وكان شباب السودان فی قمة الصراحة بعزمهم الذی لا يلين فی سحق التمرد، وما الشهيد محمد صديق إلَّا مثلاً.

-النصر لجيشنا الباسل.

-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.

-الخزی والعار لأعداٸنا، وللعملاء.

محجوب فضل بدري

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

أحمد زيور باشا.. الحاكم الذي جمع القوة والعقل والإنسانية

أحمد زيور باشا، هذا الاسم الذي يلمع في صفحات التاريخ المصري، ليس مجرد شخصية سياسية عابرة، بل هو رمز للإصرار والعطاء والتفاني في خدمة وطنه. 

ولد زيور باشا في الإسكندرية عام 1864 في أسرة شركسية تركية الأصل، كانت قد هاجرت من اليونان، لكنه بالرغم من جذوره الأجنبية، حمل قلبه وروحه على مصر، وجعل منها مسرحا لحياته المليئة بالعطاء والمسؤولية. 

منذ نعومة أظافره، أظهر أحمد زيور براعة وحسا عميقا بالواجب؛ فقد التحق بمدرسة العازاريين، ثم واصل دراسته في كلية الجزويت ببيروت، قبل أن يتخرج من كلية الحقوق في فرنسا، حاملا معه العلم والخبرة ليخدم وطنه الغالي.

طفولته لم تكن سهلة، فقد كان صبيا بدينا يواجه العقوبات بحساسية شديدة، وكان العقاب الأصعب بالنسبة له مجرد “العيش الحاف”، لكنه تعلم من هذه التجارب الأولى معنى الصبر والمثابرة، وكان لذلك أثر واضح على شخصيته فيما بعد، إذ شكلت بداياته الصعبة حجر أساس لصقل إرادته القوية وعزيمته التي لا تلين.

عندما عاد إلى مصر بعد دراسته، بدأ أحمد زيور مسيرته في القضاء، ثم تقلد مناصب إدارية هامة حتى وصل إلى منصب محافظ الإسكندرية، وبدأت خطواته السياسية تتصاعد بسرعة. 

لم يكن الرجل مجرد سياسي يحكم، بل كان عقلا مفكرا يقرأ الواقع ويفكر في مصلحة الوطن قبل أي اعتبار شخصي، تولى عدة حقائب وزارية هامة، منها الأوقاف والمعارف العمومية والمواصلات، وكان يتنقل بين الوزارات بخبرة وإخلاص، ما جعله شخصية محورية في إدارة شؤون الدولة، وخصوصا خلال الفترة الحرجة بعد الثورة المصرية عام 1919.

لكن ما يميز أحمد زيور باشا ليس فقط المناصب التي شغلها، بل شخصيته الإنسانية التي امتزجت بالحكمة والكرم وحب الدعابة، إلى جانب ثقافته الواسعة التي جعلته يجيد العربية والتركية والفرنسية، ويفهم الإنجليزية والإيطالية. 

كان الرجل يفتح صدره للآخرين، ويمتلك القدرة على إدارة الصراعات السياسية بحنكة وهدوء، وهو ما جعله محل احترام الجميع، سواء من زملائه السياسيين أو من عامة الشعب.

عين رئيسا لمجلس الشيوخ المصري، ثم شكل وزارته الأولى في نوفمبر 1924، حيث جمع بين منصب رئاسة الوزراء ووزارتي الداخلية والخارجية، مؤكدا قدرته على إدارة الأمور بيد حازمة وعقل متفتح. 

واستمر في خدمة وطنه من خلال تشكيل وزارته الثانية، حتى يونيو 1926، حريصا على استقرار الدولة وإدارة شؤونها بحنكة، بعيدا عن أي مصالح شخصية أو ضغوط خارجية.

زيور باشا لم يكن مجرد سياسي تقليدي، بل كان رمزا للفكر المصري العصري الذي يحترم القانون ويؤمن بالعلم والثقافة، ويجمع بين الوطنية العميقة والتواضع الجم. 

محبا لوالديه، كريم النفس، لطيف الخلق، جسوره ضخم وقلوبه أوسع، كان يمزج بين السلطة والرقة، بين الحزم والمرونة، وبين العمل الجاد وروح الدعابة. 

هذا المزيج الفريد جعله نموذجا للقيادة الرشيدة في وقت كان فيه الوطن بحاجة لمثل هذه الشخصيات التي تجمع بين القوة والإنسانية في آن واحد.

توفي أحمد زيور باشا في مسقط رأسه بالإسكندرية عام 1945، لكنه ترك إرثا خالدا من الخدمة الوطنية والقيادة الحكيمة، وأصبح اسمه محفورا في وجدان المصريين، ليس فقط كوزير أو رئيس وزراء، بل كرجل حمل قلبه على وطنه، وبذل كل ما في وسعه ليبني مصر الحديثة ويؤسس لمستقبل أفضل. 

إن تاريخ زيور باشا يعلمنا درسا خالدا، أن القيادة الحقيقية ليست في المناصب ولا في السلطة، بل في حب الوطن، والعمل الدؤوب، والوفاء للعهود التي قطعناها على أنفسنا تجاه بلدنا وشعبنا.

أحمد زيور باشا كان نموذجا مصريا أصيلا، يحكي عن قدرة الإنسان على التميز رغم الصعاب، ويذكرنا جميعا بأن مصر تحتاج دائما لأمثاله، رجالا يحملون العلم والقلب معا، ويعملون بلا كلل من أجل رفعة وطنهم وشموخه. 

ومن يقرأ سيرته، يدرك أن الوطنية ليست شعارات ترفع، بل أفعال تصنع التاريخ، وأن من يحب وطنه حقا، يظل اسمه حيا في ذاكرة شعبه، مهما رحل عن الدنيا، ومهما تبدلت الظروف.

مقالات مشابهة

  • "الناجي الوحيد".. لقب "بتول" الذي جردها الفقد معانيه
  • أحمد زيور باشا.. الحاكم الذي جمع القوة والعقل والإنسانية
  • الفرق بين الورم والسرطان.. ما الذي يجب معرفته؟
  • من الذي فتح باب حمام الطائرة الرئاسية رغمًا عن ترامب «فيديو»
  • العثور على جثمان الطفل الذي جرفته السيول في كلار
  • فصل جديد من ميليشيا أبو شباب في غزة.. ما القصة؟
  • شباب العراق يفتتحون مشاركتهم في انطلاق بارالمبياد آسيا بالإمارات
  • قُتِل في سبيل الاحتلال!
  • من هو غسان الدهيني الذي أصبح زعيم القوات الشعبية في غزة بعد أبو شباب؟
  • لبنان .. البلد الذي ليس له شبيه