إيران وإسرائيل.. من يشعل المواجهة المقبلة؟
تاريخ النشر: 28th, June 2025 GMT
واستعرضت الحلقة الجديدة من برنامج "بانوراما الجزيرة نت" أبعاد هذه المواجهة ونتائجها الإقليمية، مركزة على 4 محطات رئيسية شملت نتائج الضربات المتبادلة، وموقف إسرائيل من الملف النووي الإيراني، وأفق الردع المتبادل، واحتمالات تجدد الحرب على ضوء الحسابات السياسية والعسكرية المستجدة.
وفي هذا السياق، تساءل الكاتب والمحلل الأردني عريب الرنتاوي عن مآلات الحرب قائلا إن "ضجيج التوقعات لا يقل عن ضجيج المعارك"، مشيرا إلى أن نتائجها وتداعياتها لا تزال معلقة في ميزان الاحتمالات، وسط تساؤلات غير محسومة بشأن ما إذا كانت الحرب قد أنهت مرحلة أم فتحت بابا لمواجهة أعنف.
وفي الداخل الإسرائيلي، أظهرت تقارير إعلامية أن الحرب لم تحقق أهدافها بالكامل، إذ نقلت صحف إسرائيلية عن وزراء إسرائيليين دعوتهم إلى أن تكون الجولة المقبلة أكثر حسما، وصولا إلى تقويض النظام الإيراني نفسه، معتبرين أن وقف إطلاق النار لا يمثل نهاية الصراع، بل انطلاقة "للمرحلة الثانية".
وسلطت تقارير تحليلية الضوء على أن تل أبيب ستركز في المرحلة المقبلة على إثارة الفوضى داخل إيران عبر تكثيف الجهود الاستخباراتية وتحفيز السخط الشعبي، لكن هذه المقاربة قد تصطدم بتحولات داخلية أعقبت الحرب، أبرزها يقظة الأجهزة الأمنية الإيرانية.
وبحسب مجلة نيوزويك، فإن طهران نفذت حملة أمنية اعتقلت خلالها مئات الأشخاص بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، كما أعدمت 6 منهم، وهو ما وصفه مراقبون بأنها ضربة استباقية لأي محاولات لزعزعة الاستقرار الداخلي الإيراني.
الوضع في طهرانوفي طهران، أفاد مراسل الجزيرة نت بأن العاصمة بدأت تستعيد وتيرتها المعتادة تدريجيا، حيث فتحت الأسواق والمرافق العامة أبوابها بشكل طبيعي، في مشهد يعكس رغبة الشارع الإيراني في طي صفحة المواجهة، ولو مؤقتا، والتركيز على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
إعلانورأى داني سيترينوفيتش خبير الشؤون الإيرانية في القناة الـ13 الإسرائيلية أن نتائج الحرب أكدت ضعف المعارضة داخل إيران، قائلا "لا وجود لمعارضة قادرة على أن تكون بديلا للنظام الحالي، وهذا ما كشفت عنه لحظة الحرب".
وعلى الجانب الأميركي، سارع الرئيس دونالد ترامب إلى توظيف نتائج الضربات ضد المنشآت النووية الإيرانية لتعزيز رصيده السياسي، مؤكدا أن بلاده حققت "انتصارا كاملا"، ووعد باتفاق جديد مع طهران يعيد صياغة قواعد اللعبة في المنطقة.
لكن مؤسسات إعلامية أميركية -استنادا إلى تقارير استخباراتية- شككت في أثر تلك الضربات، مشيرة إلى أنها لم تؤخر المشروع النووي الإيراني إلا لأشهر محدودة، معتبرة أن ما جرى أقرب إلى استعراض عسكري منه إلى إستراتيجية ردع فعالة.
وفي هذا السياق، نشرت الجزيرة نت تحليلا بيّن أن أي ضربة جوية مهما بلغت دقتها لا يمكن أن تكون حاسمة دون تكاملها مع خطوات ميدانية ودبلوماسية منسقة، وهو ما لم يتحقق خلال هذه الحرب، مما جعل نتائجها محدودة التأثير على الأرض.
أما المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف فقد أشار إلى أن واشنطن منخرطة في محادثات "واعدة" مع طهران، سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء، معربا عن أمله في التوصل إلى اتفاق سلام طويل الأمد ينهي مرحلة التصعيد المفتوح.
الجبهة العراقيةوفي خضم هذه التوترات، رصد البرنامج موقفا لافتا تمثل في هدوء الجبهة العراقية رغم ما شهده الإقليم من تصعيد، وهو ما فسره بعض المحللين في عدم رغبة الفصائل الشيعية العراقية في أن تلقى مصير حزب الله اللبناني، أو المجازفة بمكتسباتها السياسية والاقتصادية داخل الدولة العراقية.
وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إن بلاده نجحت في تجنيب شعبها مآسي الحرب، مشددا على أن العراق سيواصل سياسة النأي بالنفس عن صراعات الجوار، والتركيز على استقراره الداخلي ومصالحه الوطنية العليا.
وعلى الجانب التركي، أشار أحد الكتاب الأتراك إلى أن أنقرة قد تكون في طريقها لمواجهة محتومة مع إسرائيل، مستعرضا 3 عناصر حاسمة يجب توافرها في أي مواجهة مقبلة، وهي الجاهزية العسكرية ووحدة الجبهة الداخلية والدعم الإسلامي الإقليمي.
وفي ختام الحلقة، عاد الحديث مجددا إلى السؤال المحوري: هل انتهت الحرب فعلا أم أنها تحولت إلى شكل آخر؟ إذ يرى محللون أن الكباش السياسي المقبل على طاولة المفاوضات قد لا يكون أقل دموية من ساحات المعركة، ولا سيما أن توازن القوى بعد هذه الجولة لا يزال هشا.
وحذّر الكاتب المصري محمود سلطان من أن الردع المتبادل قد يمنع اندلاع حرب كبرى على المدى القريب، لكنه هش وقد ينهار في أي لحظة، خصوصا إذا ما فشلت القوى الكبرى في احتواء التصعيد أو تفاقمت الحسابات الخاطئة بين الأطراف المتصارعة.
27/6/2025-|آخر تحديث: 23:56 (توقيت مكة)المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
عاجل. الترويكا الأوروبية تهدد بفرض عقوبات على إيران إذا لم تعد للمفاوضات النووية قبل نهاية أغسطس
هددت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة إيران بإعادة فرض العقوبات الأممية عبر آلية الزناد إذا لم تعد إلى المفاوضات بشأن برنامجها النووي قبل نهاية آب/أغسطس 2025، وذلك بعد جولة محادثات مباشرة جرت في إسطنبول الشهر الماضي. اعلان
أفادت صحيفة فايننشال تايمز أن فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة قد أبلغت الأمم المتحدة استعدادها لإعادة فرض العقوبات على إيران إذا لم تعد إلى المفاوضات مع المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي، وذلك عبر تفعيل ما يُعرف بـ"آلية الزناد" التي تتيح استئناف العقوبات الأممية بشكل تلقائي تقريبًا.
ووفقًا للتقرير، الذي استند إلى رسالة اطلعت عليها الصحيفة، بعث وزراء خارجية ما يُعرف بـ"الترويكا الأوروبية" رسالة إلى الأمم المتحدة، الثلاثاء 12 آب/أغسطس، للتلويح بإمكانية تفعيل الآلية، في حال لم تُظهر طهران استعدادًا لاتخاذ خطوات ملموسة. وجاء في نص الرسالة: "لقد أوضحنا أنه إذا لم تكن إيران مستعدة للتوصل إلى حل دبلوماسي قبل نهاية آب/أغسطس 2025، أو لم تغتنم فرصة التمديد، فإن الترويكا الأوروبية مستعدة لتفعيل آلية الزناد".
من جهته، أفاد موقع أكسيوس نقلا عن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمتلك إيران سلاحا نوويا متعهّدا بفرض حظر على الأسلحة والمعدات النووية وبمزيد من القيود إذا انتهكت طهران التزاماتها وفق ما جاء في تقرير أكسيوس.
المفاوضات في إسطنبولهذا التحذير جاء بعد محادثات مباشرة بين إيران والدول الأوروبية الثلاث في إسطنبول، يوم الجمعة 25 تموز/يوليو، وهي أول جولة من نوعها منذ الضربات الإسرائيلية والأميركية التي استهدفت مواقع نووية إيرانية في منتصف حزيران/يونيو. واستمرت هذه المفاوضات أربع ساعات في مبنى القنصلية الإيرانية، بمشاركة ممثلين عن بريطانيا وفرنسا وألمانيا، إلى جانب وفد إيراني ترأسه نائب وزير الخارجية كاظم غريب أبادي، ونائب الوزير ماجد تخت روانجي.
وتركزت النقاشات على مستقبل البرنامج النووي الإيراني وإمكانية إعادة فرض العقوبات التي كانت قد رُفعت بموجب اتفاق عام 2015 مقابل فرض قيود ورقابة على الأنشطة النووية لطهران. ووفق غريب أبادي، فقد كانت المحادثات "جدية وصريحة ومفصلة"، وتم الاتفاق على استمرار التشاور في جولات لاحقة.
كما نقلت مصادر دبلوماسية أوروبية أن ممثلي الترويكا عرضوا على إيران احتمال تأجيل تفعيل آلية الزناد، بشرط أن تستأنف طهران التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن تتخذ خطوات لمعالجة المخاوف بشأن مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب.
ما هي "آلية الزناد"؟تُعرف آلية الزناد بأنها بند في الاتفاق النووي لعام 2015 يسمح لأي طرف موقّع بإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران إذا اعتبر أنها لا توفي بالتزاماتها، دون إمكانية استخدام روسيا أو الصين لحق النقض (الفيتو) لمنع ذلك. وبمجرد تفعيلها، تُعاد العقوبات تلقائيًا خلال فترة زمنية قصيرة، وتشمل قيودًا على التجارة، وتجميد أصول، ومنع إمدادات التكنولوجيا الحساسة.
موقف إيرانمن جانبها، أعربت طهران عن أملها في أن تغيّر الدول الأوروبية ما وصفته بـ"المواقف غير البنّاءة" السابقة. وأكدت أن مشاركتها في أي مفاوضات مستقبلية تعتمد على "إعادة بناء الثقة"، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018 خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وإعادة فرض العقوبات عليها. وشددت على أن حقها في تخصيب اليورانيوم "وفق احتياجاتها المشروعة" يجب أن يكون محترمًا، مع رفع كافة العقوبات.
كما حذرت المجهورية الإسلامية أيضًا من أنها قد تنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية إذا أعيد فرض العقوبات، في حين علقت مؤخرًا تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ووفق تقرير الوكالة في أيار/مايو الماضي، ارتفع مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% – وهو مستوى يقترب من درجة تصنيع الأسلحة – إلى أكثر من 400 كيلوغرام.
خلفية تاريخيةوُقع الاتفاق النووي في 2015 بين إيران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الصين، فرنسا، روسيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة) إضافة إلى ألمانيا، وهدف إلى تقييد مخزون إيران من اليورانيوم المخصب إلى 202.8 كيلوغرام عند مستويات تخصيب منخفضة، مقابل رفع العقوبات الدولية.
لكن الولايات المتحدة انسحبت بشكل أحادي من الاتفاق في 8 أيار/مايو 2018، خلال ولاية ترامب، وأعادت فرض عقوبات شاملة على طهران، ما دفع الأخيرة تدريجيًا إلى التراجع عن التزاماتها.
وفي 13 حزيران/يونيو 2025، شنّت إسرائيل، بدعم عسكري أميركي، هجومًا استمر 12 يومًا على إيران استهدف مواقع عسكرية ونووية ومدنية، بالإضافة إلى اغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين. وردّت طهران بإطلاق صواريخ وتنفيذ هجمات بطائرات مسيرة على منشآت عسكرية واستخباراتية إسرائيلية. وفي 24 حزيران/يونيو الماضي، تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الجانبين.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة