هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأمريكية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

"لن يحدث أبدا".. ذلك الوعد-العهد الذي أطلقه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من على منبر الأمم المتحدة في نيويورك قبل شهور من تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته الثانية وبعد أشهر من توجيه رسائل ملكية وشعبية أردنية للرد على اليمين المتطرف في إسرائيل ممثلا بوزيري الأمن والمالية بأن الأردن ليس فقط رافض للتهجير وإنما سيعتبره "إعلان حرب".

الرد المصري لم يقل وضوحا وحدة. ثمة تنسيق واضح بين القاهرة وعمّان بدعم عربي وإسلامي وأممي في رفض محاولات أكثر حكومات إسرائيل يمينية المتكررة ترحيل نحو مليون ونصف المليون فلسطيني من أهالي قطاع غزة ومعظمهم في الأصل لاجئي ونازحي "النكبة والنكسة" وفق الإعلام العربي الذي خرج من بينه -بعد مدرستي أحمد سعيد "سنلقيهم بالبحر" ومحمد سعيد الصحاف "العلوج"- من يزعمون أن ما جرى في جنوب لبنان وقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 "نصرا" لحماس وحزب الله ومحور "المقاومة والممانعة"!

لعل أبلغ المدافعين عن الموقفين الأردني والمصري هما الرئيس دونالد ترامب نفسه لا بل ومن اختاره نائبا له جيه دي فانس والذي يقال إنه سيكون مرشح الحزب الجمهوري في حملة 2028 كرئيس مع دونالد ترامب جونيور كنائب له.

خلال الحملة الانتخابية، وبينما كان يكيل الانتقادات والاتهامات لإدارة الرئيس السابق جو بايدن، تعهد ترامب بعدم السماح بقبول استضافة لا مجرد توطين لاجئ واحد من غزة في أمريكا إن عاد رئيسا للبلاد. أما فانس فقد قال بالتزامن مع تصريحات ترامب السبت على متن الطائرة حول فحوى مكالمته مع ملك الأردن، قال في مقابلة مع شبكة CBS برنامج "واجه الأمة" بأنه وإن كانت أمريكا بلاد مهاجرين ومستوطنين فإنه لن يكون مقبولا عدم إصلاح نظام الهجرة "الغبي" رافضا حتى من خضعوا للتقييم الأمني المشدد "إكستريم فِتِنْغْ" من بلاد كأفغانستان حتى لأولئك الذي عملوا مع الجيش الأمريكي كمترجمين أو حرس، مشيرا إلى هوية الإرهابي الذي نفذ عملية الدهس وإطلاق النار وزرع العبوات الناسفة التي تم إبطالها أثناء الاحتفال برأس السنة في ولاية نيو أورليينز الأمريكية. الإرهابي كان رجل عقارات وفي السابق مسؤول أمن المعلومات في شركة ديلويت المرموقة ومن قبل جنديا في القوات المسلحة الأمريكية.

إدارة هذه رؤيتها، تعتبر الأكثر قدرة على تفهم على الأقل المخاوف الأمنية لدى الأردن ومصر، وبالاشتباك الإيجابي عبر الدبلوماسية الهادئة لا الاستنفار المتشنّج والاستعداء المندفع سيكون البيت الأبيض ومؤسسات الدولة وأركان الحكم في أمريكا كوزارتي الدفاع والخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" الأقدر على فهم الأبعاد السياسية والاجتماعية-الاقتصادية لترحيل الفلسطينيين سواء من غزة أو الضفة، لكون ما يطرحه ترامب إعلاميا هو كما يقال في لغة مفاوضات الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس غير القابل لمجرد الحديث وليس فقط التفاوض "نَنْ ستارتَرْ"..

في المقابل، من الواجب الإنساني والوطني أيضا، التفكير جديا بحلول عملية قابلة للتطبيق لوجستيا لتحدي عقاري بحت. صدق ترامب في وصفه غزة بأنها ساحة ركام بصرف النظر إن كان انهداما أم تهديما. وكما تمكنت نظرية المربعات من التعامل مع تحدي سقوط مدنيين أبرياء جراء القصف الذي أكدت إسرائيل لإدارة بايدن أنه يستهدف حصرا عناصر حماس وبنيته التحتية، فإن بالإمكان إقامة مربعات مماثلة لعمليات إعادة الإعمار بعد إزالة الركام. إن صدقت النوايا، الوجهة الأولى ينبغي أن تبقى داخل القطاع، ومن بعد الضفة الفلسطينية على الأقل المناطق المصنفة بحسب أوسلو "أ"، ما دامت الخطة المعلنة تقول بتولي السلطة الفلسطينية مسؤولية غزة بمساعدة وربما إشراف وحماية عدد من الدول الأجنبية والعربية والإسلامية خاصة تلك المعنية بالتمويل أو المستقبل السياسي الاقتصادي للمنطقة.

واللافت أن ما تم كشفه من اتفاق حماس مع إسرائيل والذي يعلم الجميع أن قادة الأجهزة الاستخبارية من الأطراف كافة بمن فيها تركيا وقطر وأمريكا ومصر كشفت عن تمكين المفرج عنهم في الصفقة التبادلية المرحلية في الهدنة المشروطة المؤقتة للاستقرار في تركيا أو تونس أو الجزائر، إضافة إلى ورود أسماء بلاد بعيدة كماليزيا وأندونيسيا وأقطار لم تذكر بالاسم لكنها غير مستبعدة لاستيعاب المدنيين لا العناصر الفصائليلة كسوريا الجديدة واليمن قبل وبعد إنهاء حكم ميليشيا الحوثي.

ينسى البعض ويتناسى كثيرون أن ما قاله عدد من الصقوريين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي منذ 15 شهرا، أن المطلوب هو "إنجاز المهمة" لضمان عدم تكرار "طوفان الأقصى". من الواضح أن الأنفاق والبنى التحتية ما زالت هي الأولوية لترامب ربما أكثر من نتانياهو، لأن المطلوب هو ما بعد "اليوم التالي" أوسطيا، لا فلسطينيا ولا غزيّا فقط. تزامن الإفراج عن صفقة قنابل "إم كيه أربعة وثمانين" التي تزن ألفي رطل قادرة على اختراق حتى التحصينات الفولاذية لا الإسمنتية فقط، تزامنت مع إطلاق ترامب النداء بترحيل المدنيين من غزة، إفساحا في المجال على الأرجح لاستخدام تلك القنابل دون وقوع خسائر بشرية في صفوف الأبرياء.

قد تثير دعوة ترامب للأردن ومصر القلق لدى البعض وهو مبرر، لكنها فرصة لتوكيد المؤكد بأن عصرا جديدا قد بدأ في الشرق الأوسط كله، يتزامن مع ما اعتبره الرئيس السابع والأربعين "عصر أمريكا الذهبي". وهذا من ذاك قيد الإعداد والتنفيذ، في اتجاه واحد، وإن على مسارات متعددة..

أمريكاالأردنمصرالقضية الفلسطينيةدونالد ترامبرأيقطاع غزةنشر الاثنين، 27 يناير / كانون الثاني 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: القضية الفلسطينية دونالد ترامب رأي قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

بينها 4 دول عربية.. ترامب يوقع قرارا يحظر دخول مواطني 12 دولة للولايات المتحدة

وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء، أمرا تنفيذيا حظر بموجبه رعايا 12 دولة من السفر إلى الولايات المتّحدة.

وقالت الرئاسة الأمريكية في بيان إنّ الحظر يشمل مواطني كلّ من أفغانستان، وبورما، وتشاد، وجمهورية الكونغو، وغينيا الاستوائية، وإريتريا، وهايتي، وإيران، وليبيا، والصومال، والسودان، واليمن، إضافة إلى سبع دول أخرى فرض ترامب قيودا على سفر رعاياها إلى الولايات المتحدة.

وأوضح البيت الأبيض أن الإعلان يفرض قيودا بشكل جزئي على دخول الأشخاص من سبع دول أخرى هي بوروندي وكوبا ولاوس وسيراليون وتوجو وتركمانستان وفنزويلا.

وأضاف، أن القرار يعكس رغبة ترامب "بحماية الأمريكيين من أطرف أجنبية خطرة".

وقال ترامب في رسالة مصورة إن "الهجوم الإرهابي الأخير في بولدر، كولورادو، سلّط الضوء على المخاطر الجسيمة التي يتعرّض لها بلدنا بسبب دخول رعايا أجانب دون فحص دقيق".

وأسفر الهجوم الذي وقع يوم الأحد في مدينة بولدر بولاية كولورادو عن إصابة عشرات الأشخاص، العديد منهم من كبار السن. 

واستهدف الهجوم المشاركين في فعالية نظمتها منظمة "اركضوا من أجل حياتهم" التي تكرس جهودها للفت الانتباه إلى الأسرى المحتجزين في غزة منذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" على مستوطنات ومواقع الاحتلال الإسرائيلي العسكرية في غلاف قطاع غزة المحاصر في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وأفادت وثائق محكمة الولاية والمحكمة الاتحادية بأن سليمان قال للمحققين إنه كان يريد "قتل جميع الصهاينة" لكنه أرجأ تنفيذ الهجوم إلى ما بعد تخرج ابنته من المدرسة الثانوية. وبحسب الوثائق اتهمته السلطات بالشروع في القتل والاعتداء وارتكاب جريمة كراهية.



ونقلت إفادات الشرطة ومكتب التحقيقات الاتحادي عن المشتبه به قوله إنه تعلم إطلاق النار من مسدس في فصل تعليمي حضره بغرض الحصول على تصريح حمل سلاح مخفي، لكن انتهى به الأمر لاستخدام قنابل حارقة بسبب وضعه كمهاجر الذي منعه من شراء سلاح. وقال سليمان للمحققين إنه تعلم كيفية صنع القنابل الحارقة من موقع يوتيوب.

وجاء في إفادة خطية من الشرطة تدعم مذكرة اعتقال سليمان أنه ولد في مصر وعاش في الكويت لمدة 17 عاما وانتقل قبل ثلاث سنوات إلى مدينة كولورادو سبرينجز، الواقعة على بعد 161 كيلومترا جنوبي بولدر، حيث عاش مع زوجته وأبنائه الخمسة.

وقالت السلطات الاتحادية والمحلية في مؤتمر صحفي الاثنين في بولدر إن سليمان لم يفعل شيئا يلفت انتباه سلطات إنفاذ القانون قبل هجوم يوم الأحد الماضي. وعبروا عن اعتقادهم بأنه تصرف بمفرده.

وجاء في إفادة خطية أن المشتبه به "ألقى زجاجتين حارقتين على أشخاص مشاركين في التجمع المؤيد لإسرائيل"، وهو يصيح "فلسطين حرة".

مقالات مشابهة

  • بينها 4 دول عربية .. ترامب يمنع مواطني 12 دولة من السفر للولايات المتحدة
  • بينها اليمن..ترامب يحظر دخول مواطني 12 بلدا
  • بينها 4 دول عربية.. ترامب يوقع قرارا يحظر دخول مواطني 12 دولة للولايات المتحدة
  • بينها 4 بلدان عربية.. ترامب يحظر دخول مواطني 12 بلدا لأميركا
  • “أكسيوس”: أمريكا أبلغت إسرائيل أنها ستستخدم الفيتو ضد مشروع قرار مجلس الأمن اليوم بشأن غزة
  • وليد الشيخ الذي لا يكتب عن الحرب
  • ليد الشيخ الذي لا يكتب عن الحرب
  • هآرتس: إسرائيل وإيران وصلتا للامتحان الحقيقي الذي سيحسم في واشنطن
  • تحليل لـCNN: ما الذي يميز صورة ترامب الجديدة عن صور رؤساء أمريكا السابقين؟
  • اليوم التالي في غزة: منظور قانوني