مع اقتراب عامها الثالث.. كيف استفادت الولايات المتحدة من الأزمة الأوكرانية؟
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
تقترب الأزمة الأوكرانية، التي بدأت بين موسكو من جهة وكييف وحلفائها من جهة أخرى، من دخول عامها الثالث، وسط تصاعد التوترات واستخدام كلا الطرفين أسلحة ومعدات عسكرية متطورة.
ومنذ بداية الأزمة في 24 فبراير 2022، كانت الولايات المتحدة وشركاتها المصنعة للأسلحة من أكبر المستفيدين، حيث حققت أرباحًا تقدر بحوالي 318.
أرباح بيع الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا
وذكرت صحيفة ويست فرانس، في أحدث تقرير لها، أن واشنطن بفضل العمليات العسكرية الجارية في أوكرانيا، تمكنت من زيادة أرباحها من بيع الأسلحة في 2024، بـ29% لتصل إلى 318.7 مليار دولار، وفق لما ذكرته شبكة روسيا اليوم.
وأشارت الصحيفة نقلا عن بيانات سابقة لوزارة الخارجية الأمريكية، إلى أن الزيادة في نسبة أرباح واشنطن من بيع الأسلحة، جاءت متوافقة مع توقعات نمو المبيعات من شركات تصنيع الأسلحة الأمريكي: لوكهيد مارتن، وجنرال ديناميكس، ونورثروب جرومان.
وقال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في وقت سابق، إن مساعدات بلاده للقوات الأوكرانية خلال العام الماضي 2024 تجاوزت إمدادات الأسلحة من أوروبا نحو 200 مليون دولار، مشيرا إلى أن مسألة توريد المزيد من الأسلحة لأوكرانيا هي قيد الدراسة في الوقت الراهن.
توقعات شركات الأسلحة الأمريكية
وتوقعت شركات الأسلحة الأمريكية، أن تظل أرباحها ثابتة في أرباح السنة المقبلة بفضل الطلبات على أنظمة باتريوت وقذائف المدفعية والمركبات المدرعة.
وأشار تقرير وزارة الخارجية الأمريكية، إلى أن إجمالي حجم المنتجات والخدمات العسكرية، فضلا عن أنشطة التعاون العسكري التي يتم تنفيذها في إطار نظام المبيعات العسكرية الأجنبية، بلغ خلال السنة المالية 2024، 117.9 مليار دولار، بزيادة 45.7% مقارنة بـ 80.9 مليار دولار في السنة المالية 2023، وهذا يعتبر أعلى إجمالي سنوي للمبيعات والمساعدات لحلفاء وشركاء الولايات المتحدة.
وذكر التقرير أن إجمالي المبيعات المباشرة للمنتجات والخدمات العسكرية من الشركات المصنعة الأمريكية إلى شركات ودول أخرى بلغ 200.8 مليار دولار في السنة المالية 2024، بزيادة 27.5% عن العام قبل الماضي 2023 الذي بلغ 157.5 مليار دولار.
14 صفقة أسلحة لكييفوكانت الحكومة الأمريكية، أقرت في 2021، 14 صفقة أسلحة مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي «الناتو»، بلغت قيمتها حوالي 15.5 مليار دولار، وفي عام 2022، زادت هذه العقود إلى 24 بلغت حوالي 28 مليار دولار.
وفي أكتوبر من العام الماضي 2024، قال وزير الدفاع الأمريكي السابق، لويد أوستن، خلال زيارة، للعاصمة الأوكرانية «كييف»، وفق لوسائل إعلام أمريكية، عن إرسال مساعدة عسكرية بقيمة 400 مليون دولار قريبا، تندرج في سياق حزمة مساعدات قيمتها 8 مليارات دولار أعلن عنها الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، في أواخر سبتمبر من العام الماضي.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأزمة الأوكرانية أزمة أوكرانيا موسكو كييف صفقات الأسلحة الأمريكية ترامب شركات الأسلحة الأمريكية الأسلحة الأمریکی ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة الأمريكية والمجال الحيوي
تُعد نظرية المجال الحيوي (Lebensraum) من أكثر المفاهيم الجيوسياسية إثارة للجدل، لارتباطها بالممارسات التوسعية لألمانيا النازية. وتعود جذورها إلى فريدريك راتزل الذي رأى الدولة ككائن حي يحتاج لمساحة للنمو. لكن كارل إرنست هاوسهوفر حوّل هذا المفهوم الوصفي إلى أداة سياسية تبرر التوسع والهيمنة والاستحواذ على موارد الشعوب الأضعف لضمان الاكتفاء الذاتي من الموارد.
إن إعادة قراءة هذا المفهوم في سياق السياسة الأمريكية المعاصرة، خاصة مع طموحات إدارة دونالد ترامب، خطوة ضرورية لفهم الدوافع الجيوسياسية الخفية.
أولاً، كشفت مساعي ترامب لضم كندا وجرينلاند وبنما عن عقلية توسعية غير تقليدية. لم يكن الهدف غزواً عسكرياً، بل "شراء" أو استحواذ لتأمين الموارد الاستراتيجية (جرينلاند)، وتعزيز الأمن القومي (قناة بنما)، وتوسيع النفوذ الاقتصادي. هذه الرغبة في "تأمين" أصول جغرافية خارج الحدود التقليدية تحمل في طياتها روح التوسع لضمان المجال الحيوي.
ثانياً، تُعزز أزمة الاقتصاد الأمريكي، التي يبرزها بلوغ الدين العام مستويات غير مسبوقة تلامس 38 تريليون دولار بحلول نهاية عام 2025. في ظل هذه الضغوط المالية وتحديات الحفاظ على الرفاهية الداخلية، تتحول النظرة للخارج كحل محتمل. هذا يتجلى في البحث عن مصادر جديدة للموارد الرخيصة، أو فتح أسواق جديدة، أو تقليل التبعية الاقتصادية لمنافسين.
وهذا يعكس حاجة ضمنية لـ"مجال حيوي اقتصادي" يضمن استمرارية الازدهار ويقلل نقاط الضعف، حتى لو تطلب نفوذاً سياسياً واقتصادياً على حساب الآخرين.
ثالثاً، تتضمن خطط أمريكا الاستراتيجية، في الدفاع والتجارة والتكنولوجيا، عنصراً قوياً للهيمنة العالمية. السيطرة على سلاسل التوريد الحيوية، تأمين مصادر الطاقة، نشر القواعد العسكرية في مناطق استراتيجية، وفرض المعايير التعريفات الجمركية، كلها أشكال معاصرة لتأمين "المجال الحيوي" الذي يتجاوز الحدود الوطنية. الحفاظ على مركزية الدولار وهيمنة الشركات التكنولوجية الأمريكية جزء من هذا "المجال الحيوي" غير الإقليمي.
رابعاً، يؤثر هذا السعي على شكل المستقبل والنظام العالمي. في عالم يتجه نحو التعددية القطبية، قد تسعى القوى العظمى، ومنها الولايات المتحدة، لتعزيز "مجالها الحيوي" عبر كتل اقتصادية أو تحالفات عسكرية، مما يؤدي إلى تزايد التنافس الجيوسياسي وصراعات بالوكالة.
خامساً، تمثل هذه التحركات التمهيد للاستعمار الجديد. فبدلاً من الاحتلال المباشر، يتجسد في السيطرة الاقتصادية والسياسية غير المتكافئة، والتدخل في شؤون الدول السيادية عبر القوة الناعمة والخشنة. عندما تسعى دولة قوية لتأمين موارد أو ممرات استراتيجية عبر صفقات غير متكافئة، فإنها تعيد صياغة مفهوم "المجال الحيوي" في قالب معاصر يحقق أهداف الهيمنة الأساسية.
في الختام، توفر دراسة مفهوم المجال الحيوي في سياق هاوسهوفر عدسة نقدية لتحليل الدوافع التوسعية غير المباشرة. السعي الدائم لأي قوة عظمى لضمان أمنها وازدهارها عبر السيطرة على الموارد والأسواق والمناطق الاستراتيجية يعكس جوهر هذا المفهوم السياسي، حتى وإن اتخذ أشكالاً أكثر تطوراً وتخفياً في القرن الحادي والعشرين. الواجب النقدي يكمن في كشف هذه الدوافع، وفهم تأثيرها على الاستقرار العالمي ومستقبل العلاقات الدولية.