على قمة جبل سيررو باشون التي يبلغ ارتفاعها 2700 متر في شمال وسط تشيلي، سيستخدم مرصد "فيرا سي روبين" قريبًا كاميرا رقمية بحجم سيارة تقريبًا، وهي الأقوى والأكبر والأكثر حساسية في العالم على الإطلاق.

ومن المتوقع أن تقوم الكاميرا على مدى 10 سنوات برسم خريطة لمجموعة من الأجرام السماوية الليلية، وجمع معلومات جديدة حول الطاقة المظلمة والمادة المظلمة وتركيب مجرة درب التبانة، ورصد مليارات الأجسام الكونية الجديدة، ما قد يغير تمامًا الطريقة التي نراقب ونلتقط بها صورًا للكون.

كاميرا بمواصفات قياسية

تزن الكاميرا الضخمة التي أطلق عليها العلماء "لست" اختصارا لـ"ماسح مرصد روبين التراسي للفضاء والمكان" نحو 3 أطنان، وتصل دقتها إلى 3200 ميجا بكسل، مقارنة بنحو 48 ميجا بكسل للكاميرا الرقمية الموجودة في السوق اليوم، ويبلغ طول العدسة تقريبًا ارتفاع شخص بالغ بعرض 1.5 متر، مما يخلق مجال رؤية واسع بشكل استثنائي، ويقدم صورًا غير مسبوقة.

بلغت تكلفة آلة التصوير الحديثة 165 مليون دولار قدمتها وزارة الطاقة الأميركية، وتم بناؤها بواسطة فريق من المهندسين والعلماء في مركز المُعَجِّل الخطي ستانفورد "سلاك"، وهو مختبر يتبع مكتب العلوم التابع لوزارة الطاقة الأميركية، وتديره جامعة ستانفورد في كاليفورنيا.

إعلان

تقول ريسا ويشلر، عالمة الكونيات التي تدير معهد كافلي لفيزياء الجسيمات وعلم الكونيات في مختبر "سلاك" وجامعة ستانفورد، في تصريحات للجزيرة نت، إن مرصد فيرا روبين عبارة عن "كاميرا كبيرة جدًا تم تصميمها في مختبر سلاك لتثبيتها في تلسكوب ضخم مزود بمرآة يبلغ قطرها 8.4 أمتار، ولأنها تتعمق وتغطي جزءًا كبيرًا من السماء، فإن نطاق العلوم التي يمكننا دراستها باستخدام الكاميرا واسع جدًا".

في وقت سابق من العام الماضي، تم نقل الكاميرا من مختبر "سلاك" إلى مقرها النهائي في المرصد، وهو أحدث وأكثر المشاركين تقدمًا بين مساحي السماء بالكامل، وهي أدوات تلتقط السماء بأكملها أو تمسحها مرارًا وتكرارًا، ومن المتوقع أن يلتقط أولى صوره العلمية في وقت لاحق من هذا العام.

تستخدم الكاميرا تقنية تسمى "جهاز اقتران الشحنة" لالتقاط الصور. هذه الأجهزة حساسة بشكل لا يصدق للضوء، مما يسمح لها بالتقاط صور لأجسام خافتة للغاية.

وتستخدم أيضًا تقنية تسمى "المسح الانجرافي" لالتقاط صور مفصلة بشكل لا يصدق للسماء الليلية، وهذا ينطوي على تحريك الكاميرا ببطء عبر السماء، والتقاط الصور أثناء تحركها، مما يمكن العلماء من رؤية أجسام بمقدار 100 مرة من تلك المرئية للعين المجردة.

الكاميرا داخل مرصد فيرا سي روبين (تود ميسون) ماذا ستقدم الكاميرا الضخمة؟

تقول ويشلر "ما ستقوم به الكاميرا هو التقاط صور لكل شيء في السماء، ليتمكن العلماء من توليد فرضياتهم وأطروحاتهم الخاصة مباشرة مما سنقدمه لهم في الوقت الحقيقي".

من خلال توليد 20 تيرابايت من البيانات في الليلة الواحدة، ستلتقط الكاميرا تفاصيل دقيقة عن النظام الشمسي ومجرة درب التبانة والبنية واسعة النطاق للكون، مما يساعد الباحثين على فهم تاريخهم وتطورهم الحالي.

بفضل دقتها وحساسيتها المذهلتين، سوف تلتقط الكاميرا أيضًا الأحداث المتغيرة بسرعة، بما في ذلك الانفجارات النجمية التي تسمى "المستعرات الأعظمية"، وتدمير النجوم بواسطة الثقوب السوداء، وحركة الكويكبات في السماء.

إعلان

وعلى عكس التلسكوبات التقليدية التي تركز على أجرام محددة، سيلتقط هذا النظام في صورة واحدة 100 ألف مجرة، معظمها غير مرئية لأدوات الرصد الأخرى.

من خلال تجميع صور لقطعة من السماء تم التقاطها على مدار ليال متعددة، سيكون التلسكوب قادرًا على رصد الأجسام الخافتة أكثر فأكثر، والنظر إلى أعماق الكون كلما طالت مدة تشغيله.

تقول ويشلر "إن ميزة هذا النظام المتكامل من المرايا والكاميرات هو أنك ستتمكن من رؤية المسافات البعيدة والأجسام الخافتة جدًا، وهي أجسام لا يمكن رؤيتها اليوم بأي تلسكوب، ناهيك عن العين البشرية".

وتضيف "سوف تكون الكاميرا قادرة على التقاط العديد من الصور التي سيتم مقارنتها على مدى فترة زمنية تصل إلى 10 سنوات لمعرفة كيف تتغير هذه الأجرام، وكيف تتغير حركة النجوم والكواكب وحياتها وموتها، وكيف تنشأ وتنقرض وتعمل".

تنتج كل لقطة طوفانًا من البيانات، والتي يجب أن يتم نقلها عبر كابلات الألياف الضوئية إلى مراكز المعالجة في جميع أنحاء العالم التي تستخدم التعلم الآلي لتصفية المعلومات وتوليد التنبيهات للمجموعات المهتمة حتى تتمكن من توجيه تلسكوبات أخرى نحو مناطق معينة لإجراء دراسات متابعة.

كشف المزيد من أسرار الكون

تقول ويشلر "السماء الليلية ليست شيئًا ثابتًا، بل إنها تتغير دائمًا بطرق خفية، كذلك يمكن للنجوم أن تتحول إلى مستعر أعظم، والمجرات بأكملها تدور، والكون نفسه يتوسع، لذلك فإن تصوير السماء الليلية مرارًا وتكرارًا سيسمح للعلماء بانتقاء هذه التغييرات ومعرفة أسبابها".

وباستخدام المقارنات الآلية، سيكتشف النظام المستعرات الأعظمية وتهديدات الكويكبات والأحداث السماوية الأخرى، وما إذا كان أي جسم صغير في نظامنا الشمسي مثل الكويكب يشكل تهديدًا وشيكًا على الأرض.

وبفضل قدرة الكاميرا على اكتشاف الأجسام الخافتة، من المتوقع أن تضاعف الكاميرا عدد الكويكبات والمذنبات المعروفة، وستكون العديد منها أجسامًا يزيد قطرها عن 140 مترًا، وتمر مداراتها بالقرب من مدار الأرض، مما يعني أنها قد تهدد عالمنا.

إعلان

كما ستقوم الكاميرا برصد 40 ألف جسم جليدي صغير جديد في حزام كايبر، وهي منطقة غير مستكشفة إلى حد كبير تقع خارج مدار نبتون مباشرةً حيث تُولَّد العديد من المذنبات، مما يساعد العلماء على فهم بنية وتاريخ نظامنا الشمسي بشكل أفضل.

وخارج نظامنا الشمسي، سوف ترصد الكاميرا ومضات كاشفة تشير إلى مرور الكواكب الخارجية أمام نجومها الأم، مما يتسبب في خفوتها لفترة وجيزة.

ومن المفترض أيضًا أن تكتشف آلاف "الأقزام البنية" الجديدة، وهي أجسام خافتة بين الكواكب والنجوم في الحجم، والتي يمكن أن توفر مواقعها في مجرة ​​درب التبانة نظرة ثاقبة حول كيفية تأثير البيئات التي تولد فيها النجوم على حجم ونوع الأجسام التي يمكن أن تتشكل هناك.

ومن مزايا آلة التصوير الحديثة أنها قادرة على اكتشاف مجرات قزمة خافتة لم يسبق لها مثيل تدور حول مجرتنا وينظر من كثب إلى التيارات النجمية، ومسارات النجوم المتبقية عندما مزقت مجرات درب التبانة مجرات أخرى مماثلة.

كما ستنظر الكاميرا إلى ما هو أبعد من مجرة ​​درب التبانة، حيث سيسجل نحو 20 مليار نجم ومجرة ​​غير معروفة سابقًا، وسيرسم خرائط لمواضعها في شكل شبكة كونية.

ومن خلال فحص بنية هذه الشبكة، سيجمع علماء الكونيات أدلة على نظريات مختلفة حول ماهية المادة المظلمة، وهي المادة الغامضة التي يُعتقد أنها تشكل 85% من المادة في الكون.

ومن المتوقع أن يراقب مرصد روبين ملايين المستعرات الأعظمية ويحدد المسافة بينها وبيننا، وهي طريقة لقياس مدى سرعة توسع الكون.

بينما نتطلع إلى مستقبل علم الفلك، من الواضح أن هذه الكاميرا ستلعب دورًا رئيسيًا في مساعدتنا على فهم الكون ومكاننا فيه بشكل أفضل، وتساعد في الإجابة على بعض أصعب الأسئلة وأهمها في الفيزياء اليوم، وهو ما يفسر الحماس العالمي لرؤية بدء تشغيلها أخيرًا.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات من المتوقع أن درب التبانة أجسام ا

إقرأ أيضاً:

هل يوجد آيفون من دون كاميرا حقا؟

تغزو مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الصور التي تعرض أجهزة "آيفون" من دون كاميرا أمامية أو خلفية، إذ تظهر الصور مجموعة من الطرز المختلفة بدءا من "آيفون 10" وحتى "آيفون 13″، وفي بعض الأحيان "آيفون 14″، ولكن ما مدى صحة هذه الصور؟ وهل توجد فعلا أجهزة تنتجها "آبل" من دون كاميرات؟

أجهزة "آيفون" لاستخدامات خاصة

تظهر الصور الجزء الخلفي من الهاتف من دون الكاميرا في مكانها المعتاد، وعند محاولة البحث عن هذه الهواتف داخل متاجر "آبل" الرسمية أو حتى لدى بعض التجار المعتمدين من الشركة، لن تستطيع الوصول إليها وشراءها عبر الطرق المعتادة على الإطلاق، وهذا يعني أنها هواتف مزيفة أو صور مزيفة.

ولكن الحقيقة أبعد من ذلك، فهذه الهواتف حقيقية تماما، ولكن لا يمكن شراؤها بالطرق المعتادة، وذلك لأنها تأتي من مزود خارجي يشتري أجهزة "آيفون" المعتادة من "آبل" ثم يعدلها ويعيد بيعها بعد إزالة عدسات الكاميرا الخلفية والأمامية من الهاتف، وهو يؤدي هذه المهمة على نحو جيد يجعلك تظن أن الهاتف مصنوع رسميا في "آبل".

وتعد شركة "نون كام" (NonCam) إحدى الشركات التي تعمل في هذا القطاع، إذ تروج عبر موقعها لعدة طرز من أجهزة "آبل" من دون عدسات للكاميرا، ومن ضمنها "آيفون 8″ و"آيفون إس إي 2020" و"آيفون إس إي 2022″، ورغم أن هذه الطرز من أجهزة "آبل" قديمة بعض الشيء، فإنها تأتي بسعر يتخطى سعر الهواتف التقليدية، إذ يصل سعر "آيفون إس إي 2022" إلى 1680 دولارا، وسعر "آيفون 8" يصل إلى 1380 دولارا.

كما توفر الشركة حزم التعديل الخاصة ببعض طرز الهاتف، التي تساعدك على تحويل هاتفك ليصبح نسخة من دون كاميرا، ويتراوح سعرها بين 170 دولارا و250 دولارا اعتمادا على طراز الهاتف الذي تهدف الشركة لتحويلها، كما تتباهى الشركة بمجموعة من عملائها داخل الإمارات، مثل شركة تطوير حقل زاكوم وشركة أبو ظبي لتكرير النفط، فضلا عن شركة جاسكو.

إعلان لماذا تحتاج الشركات لأجهزة "آيفون" من دون كاميرا؟

تقدم أجهزة "آيفون" في العادة ميزتين متعارضتين كثيرا، الأولى وهي التأمين العالي لبرمجيات النظام والعتاد الخاص به، إذ يصعب اختراقه بعد أخذ الاحتياطات اللازمة، كما يمكن حذف المعلومات تلقائيا إذا اخترق الهاتف أو تعرض لهجوم سيبراني عنيف، وفي الوقت ذاته، تحمل الهواتف كاميرات رائدة وعدسات قادرة على التقاط صور بدقة مرتفعة.

وبينما تحتاج الشركات التي تعمل في قطاعات حساسة إلى الميزة الأولى، فإنها تخشى من الميزة الثانية وهي الكاميرات الرائدة، لذا تحتاج إلى إزالة هذه الكاميرات لتزويد موظفيها بهذه الأجهزة والحفاظ على سرية وظائفهم وأسرار الشركة.

ومن هنا، برزت الحاجة إلى أجهزة "آيفون" من دون كاميرات، وكما يلاحظ من موقع "نون كام"، فإن غالبية عملاء الشركة يعملون في قطاع النفط والتكرير ووزارة الدفاع السنغافورية، ويشير منشور "ريديت" الذي أظهر الهاتف إلى أن مالكه يعمل في مصنع للطاقة النووية.

مقالات مشابهة

  • هل يوجد آيفون من دون كاميرا حقا؟
  • الأنحف في العالم .. «تكنو» تكشف عن هاتفها Tecno Spark Slim
  • هونر تكشف عن Magic V5 أنحف وأخف هاتف قابل للطي في العالم
  • فلكية جدة: رصد القمر في طور التربيع الأول بسماء العالم العربي اليوم
  • أبوظبي تحتضن تصفيات أكبر بطولة كرة قدم رقمية عالمية
  • "فلكية جدة": رصد القمر في طور التربيع الأول بسماء العالم العربي مساءً
  • فلكية جدة: رصد القمر في طور التربيع الأول في سماء العالم العربي اليوم
  • ما هي الكوارث التي ينذر بها التغير المناخي العالم؟
  • تسريبات تكشف عن Oppo Reno 15 Pro مع كاميرا تليفوتو بدقة 200 ميجابكسل
  • ما قصة السحابة المتوهجة التي ظهرت في السماء الليلة وكيف تشكلت؟