موقع 24:
2025-07-12@16:10:19 GMT

الإشكالية الطائفية في الخريطة السياسية السورية!

تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT

الإشكالية الطائفية في الخريطة السياسية السورية!

تعد سوريا من الدول المتنوعة طائفياً والمتعددة عرقياً، وهذا يعود إلى كونها - على مدار التاريخ - قد احتضنت العديد من الحضارات العريقة، وشهدت نواحيها ديانات عديدة، وعبرت أراضيها المئات من الهجرات البشرية، كما تتميز بموقع استراتيجي جعل منها ركيزة أساسية في النظام الإقليمي، ورقماً صعباً في المعادلة الدولية، خصوصاً أنها تُجاور إسرائيل التي تتلقى كل الدعم والحماية من قبل العالم الغربي بشقيه الأمريكي والأوروبي.

الموقع الاستراتيجي والتنوع الطائفي كانا عاملين رئيسين في تشكيل الحياة السياسية السورية الحديثة.

وبعيداً عن أهمية موقع سوريا الاستراتيجي الذي يفسره تكالب الدول عليها في العصر الحديث بدايةً بالحكم العثماني، ثم المستعمر الفرنسي. فإن التنوع الطائفي يُشكل إشكالية سياسية على الخريطة السورية، قياساً بمعايير الدولة الحديثة. لهذا فالإدارة الجديدة في سوريا أمام تحدي الأمر الواقع المرتبط بالتنوع الطائفي، والمحكوم بخلفيات تاريخية عميقة بين تلك الطوائف، هذا التحدي يتمثل في بناء نظام سوري موحد، يُعبّر عن الطوائف كافة. هذه الإشكالية السياسية (التحدي القائم) أوجدت رأيين سياسيين مختلفين في المشهد السوري بشأن الرؤية المستقبلية لبناء وحدة وطنية حقيقية، ولكي نفهم وجهة نظر كل رأي، لا بد من التعرف على التوزيع الفعلي للطوائف السورية، ونسبتها من المجموع السكاني الذي يصل إلى 23 مليون نسمة تقريباً.


تقديرات المصادر الدولية تكاد تكون متقاربة بشأن نسبة كل طائفة، وهي بلا شك متفاوتة فيما بينها، فالسنّة - وهم الأغلبية - يُشكلون ما بين (74 - 76%) بما فيهم سنة الأكراد والشركس والتركمان، وهم موجودون بكل أرجاء سوريا، لكنهم يتركزون في دمشق، وحمص، وحماة، وحلب، ودرعا، والبوكمال، والساحل، ومناطق (الرقة، والحسكة، والقامشلي) بالنسبة للأكراد. العلويون يُشكلون ما بين (10 - 12%) وهم موجودون في كثير من المدن السورية الرئيسة لكنهم يتركزون بشكل كبير في الساحل وبالذات اللاذقية وطرطوس. المسيحيون تراوح نسبتهم ما بين (8 - 10%)، مع ذلك هناك من يرى أن نسبتهم تراجعت بشكل كبير بعد الثورة بسبب الهجرة، وهم موجودون تقريباً بكل سوريا، ولكن يتركزون في المدن الكبرى مثل حلب ودمشق وحمص وغيرها. الدروز تراوح نسبتهم ما بين (2 - 3%) ويتركزون في السويداء. أما الطوائف الأخرى من شيعة أمامية وإسماعيلية، وغيرها فلا تتجاوز نسبتهم (1%). من واقع هذه النسب يمكن فهم سبب تعارض الرأيين السياسيين، فالرأي الأبرز هو الذي يدعو إلى وجوب إشراك جميع الطوائف بالعملية السياسية برمتها، وهذا ما عبّرت عنه الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية في الاتحاد الأوروبي عندما ربطت تخفيف العقوبات على سوريا بتحقيق تقدم ملموس لعملية الانتقال السياسي التي تعكس سوريا بكل تنوعها. أي طائفياً وعرقياً. وما تحدثت عنه المسؤولة الأوروبية يكاد يكون موقفاً غربياً واحداً من أية حكومة أو نظام قادم في سوريا. وتبرير ذلك أن سيطرة أية طائفة قد تخلق نظاما استبدادياً جديداً يُقصي الطوائف الأخرى كما حدث من قبل نظام الأسد، الذي سيطر على سوريا بقبضته الأمنية، وحكمها بنفسه الطائفي لمدة تربو على 60 عاماً.
في المقابل؛ هناك رأي مخالف لهذا التوجه مفاده أن طبيعة الأنظمة السياسية تُعطي حق التمثيل السياسي الرئيس للمكون الأكبر في التركيبة السكانية للدولة، ولكن هذا لا يعني إقصاء المكونات الأخرى سواءً طائفية أو عرقية، إنما إشراكها بالعملية السياسية يكون وفقاً لحجم وجودها الفعلي في تلك التركيبة، وهذا متعارف عليه بجميع دول العالم التي تضم طوائف دينية، أو أقليات عرقية، أو جاليات مهاجرة، بما فيها دول عربية أو غربية، بل من يتمعن بالخريطة السياسية الداخلية لكثير من الدول الأوروبية يجدها لا تكترث سياسياً للعرقيات أو الجاليات، التي هي جزء من شعبها، كما أن من يقرأ التاريخ الأمريكي وبالذات فترة وضع الدستور وتشكيل مجلسي الشيوخ والنواب يجد أن الأمريكان قضوا وقتا طويلا حتى توصلوا إلى اتفاق دستوري ينص على أن عدد ممثلي كل ولاية في مجلس النواب يكون وفقا لعدد سكانها، فعلى سبيل المثال: ولاية كاليفورنيا يمثلها 52 نائباً بينما ولاية فيرمنت نائباً واحداً. أما مجلس الشيوخ فكل ولاية لها ممثلان اثنان، ومن خلال هذا التوازن بين تشكيل المجلسين استطاع الأمريكان المحافظة على حقوق الولايات الصغرى مقابل الولايات الكبرى في جميع مؤسسات الاتحاد الفيدرالي الأمريكي. إذا سوريا الجديدة بإدارتها المؤقتة هي اليوم أمام تحد كبير ومعضلة سياسية قائمة، لذا عليها أن تُحقق وحدة وطنية تُرضي الجميع وتعبّر عن المكونات السورية وفق المنطق السياسي العادل، ولعلها تستلهم التجربة الأمريكية، بحيث توازن بين حقوق الطوائف أو المكونات الصغرى بالشعب السوري مقابل المكون الرئيس ذي الأغلبية السنية، سواءً كانوا عرباً أو أكراداً أو تركماناً أو شركساً. خاصةً أن العالم ينظر إلى هذه الإدارة بشيء من الترقب والقلق قياساً بتجارب مماثلة في عالمنا العربي.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد ما بین

إقرأ أيضاً:

حزب العمال الكردستاني يريد الإفراج عن أوجلان ودخول الحياة السياسية التركية

بغداد- أعرب حزب العمال الكردستاني الذي دشّن عملية نزع سلاحه الجمعة في مراسم رمزية في شمال العراق، عن استعداده للانخراط في الحياة السياسية التركية شرط الإفراج عن زعيمه التاريخي عبدالله أوجلان المسجون منذ 1999.

وتقول الرئيسة المشاركة للجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني بسي هوزات في مقابلة مع وكالة فرانس برس الجمعة "إنه شرطنا ومطلبنا الأساسي" لمواصلة عملية السلام.

ودشن ثلاثون مقاتلا من حزب العمال الكردستاني بينهم نساء الجمعة عملية إلقاء السلاح في مراسم قرب مدينة السليمانية بشمال العراق، بعد شهرين من إعلان المقاتلين الأكراد إنهاء أربعة عقود من نزاع مسلّح ضد الدولة التركية خلّف أكثر من 40 ألف قتيل.

وترى هوزات (47 عاما) أنه "يمكن أن نعود وتتم تسوية كل شيء في غضون أسبوع" إذا تحقق هذا المطلب سريعا.

أمّا في حال عدم الإفراج عن أوجلان البالغ 76 عاما والذي يمضي عقوبة بالحبس مدى الحياة في سجن إيمرالي قبالة اسطنبول، "فمن غير المرجح إلى حد كبير أن تستمر العملية بنجاح".

وتتابع "على الدولة التركية ضمان حرية +آبو+ (لقب أوجلان) الجسدية. يجب أن تكون لديه ضمانات قانونية لقيادة وإدارة هذه العملية بحرية".

وتضيف "نريد أن نراه، نفتقده كثيرا وهناك أمور كثيرة نريد مناقشتها معه".

وخلال المراسم الرمزية التي أُقيمت الجمعة، ألقى 30 مقاتلا بينهم هوزات في حضور ما يزيد على 300 شخص، بنادق ورشاشات في حفرة وأضرموا فيها النار. وبكى كثر من الحاضرين أمام المشهد فيما هتف آخرون "عاش آبو".

وتؤكد القيادية التي التحقت في صفوف الحزب عندما كانت في السادسة عشرة، أن المقاتلين بحاجة لضمانات أمنية للعودة إلى تركيا، موضحة "بدون ضمانات قانونية ودستورية، سيكون مصيرنا السجن أو الموت".

وتطالب "الدولة التركية بأن تمنحنا الحق في الدخول في السياسة الديموقراطية"، مضيفة "نحن مستعدون للذهاب إلى تركيا للانخراط في السياسة الديموقراطية ونريد ذلك (...) لمواصلة نضالنا من أجل الحرية والديموقراطية وتعزيز الاشتراكية الديموقراطية في تركيا".

-"حرية" الشرق الأوسط -

وكان حزب العمال الكردستاني الذي أسسه أوجلان في نهاية سبعينات القرن المنصرم، أعلن في 12 أيار/مايو حل نفسه وإلقاء السلاح، منهيا بذلك نزاعا تسبب لفترة طويلة في توتير علاقات السلطات التركية مع الأقلية الكردية والدول المجاورة.

وجاء ذلك تلبية لدعوة أطلقها أوجلان في 27 شباط/فبراير من سجنه. وفي الأول من آذار/مارس، أعلن الحزب الذي تصنّفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة "إرهابية"، وقف إطلاق النار.

وتذكّر هوزات بأن حزب العمال الكردستاني "تخلّى عن استراتيجية حرب التحرير الوطني" تلبية لطلب "المرشد" أوجلان.

وتصف المراسم التي جرت الجمعة بأنها "رمزية"، مضيفة "أظهرنا تصميمنا بأقوى طريقة ممكنة. لا نريد أن نخوض كفاحا مسلحا ضد تركيا. نريد الذهاب إلى تركيا والانخراط في السياسة الديموقراطية".

وتشير إلى رغبة الحزب في "تنظيم أنفسنا بحريّة"، متداركة "لكن يجب اعتماد تعديلات دستورية وإصلاحات قانونية جادة وبعيدة المدى".

وترى أن قرار حزب العمال كان له تداعيات إيجابية على الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا مع "توقف الهجمات التركية على شمال شرق سوريا"، فيما تُجري "مفاوضات مع" السلطات السورية الانتقالية برئاسة أحمد الشرع. ونتجت من ذلك "انفراجة" في العلاقات بين الطرفين.

وتدعو إلى أن يشمل الدستور السوري المقبل "جميع المجتمعات التي تعيش في سوريا، في ما يسمح لها بالعيش بحرية ومساواة".

وجدّدت الحكومة السورية الأربعاء رفضها للفدرالية ودعت القوات الكردية للانضواء في الجيش، وذلك خلال اجتماع عقده الشرع مع قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي بحضور المبعوث الأميركي توم برّاك.

والأكراد السوريون الذين عانوا لعقود من التهميش والإقصاء، ينتقدون اليوم سعي السلطة الجديدة الى تكريس مركزية القرار وإقصاء مكوّنات رئيسية من إدارة المرحلة الانتقالية.

ورغم إعلان الشرع حلّ كافة الفصائل العسكرية المسلحة بعيد وصوله الى دمشق، يتمسّك الأكراد المدعومون أميركيا بالحفاظ على قوتهم العسكرية المنظمة التي أثبتت فاعلية في قتال تنظيم الدولة الاسلامية حتى دحره من آخر معاقله عام 2019.

وتؤكد هوزات أن "نضالنا هو من أجل حرية شعوب الشرق الأوسط".

وتوضح "إذا حُلّت القضية الكردية، فسيصبح الشرق الأوسط ديموقراطيا فعلا. لذلك نسعى جاهدين لتحقيق هذا الحل في كل مكان، بما في ذلك إيران. يجب على إيران أن تُصبح ديموقراطية. ويجب أيضا حل القضية الكردية هناك على أساس الحكم الذاتي".

مقالات مشابهة

  • تحالف «تأسيس»،،، الوجه الآخر للفوضى السياسية
  • حزب العمال الكردستاني يريد الإفراج عن أوجلان ودخول الحياة السياسية التركية
  • بري تابع مع زواره تطورات الاوضاع والمستجدات السياسية
  • عاجل | الرئيس التركي: التغيرات التي حصلت في سوريا والعراق ساعدتنا في التعامل مع الإرهاب
  • الضمانات السياسية بعد تسليم السلاح: بين الشراكة والمداورة
  • انفجارات عنيفة تدوي في اللاذقية السورية.. فيديو
  • برلماني: قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين حاجة إنسانية ويستحق الأولوية
  • نصيحة ساعر لنتنياهو بشأن صفقة غزة: تجاهل التهديدات السياسية
  • الحكومة السورية ترحب بأي مسار مع قوات سوريا الديمقراطية من شأنه تعزيز وحدة وسلامة أراضي البلاد
  • السفير باراك: الحكومة السورية أبدت حماساً لا يصدّق لضمّ قوات سوريا الديمقراطية إلى مؤسساتها