محمد النهاري

 

أغاظ الاتفاق التاريخي الذي انتزعته المقاومة الفلسطينية انتزاعا من الكيان الصهيوني موقعة فيه خسائرَ إستراتيجية لا ينكرها ذو عقلٍ بصير وموضوعية متجردة من الأهواء وما أن انبلج الفرح في غزة، حتى خرجت ألسنةُ الشيطانِ من جحورها محاولةً تنغيص الفرحة كعادتها، فليس من الحكمة مجادلة أعمى القلب والبصيرة.

وقد رأينا هؤلاءِ الرويبضة ممن نفخ فيهم الشيطان كيره ودنسه قبل السابع من أكتوبر وقد اختالوا وانتفخوا بصدورهم بالتطبيع ومحاولات تمسيخ فكرية لوعي شعوب المنطقة وإسقاط الأوصاف الحمقاء والترهات الساقطة على الشعب الفلسطيني بأنه لم يقدم التضحيات وغيرها من الإسقاطات التي لا تخرج إلا من نفوس لم تعرف المروءة قط؛ بل وفطرة منتكسة وهم يظنون وهما وخنوعا بأن الأوان قد حان لطمس القضية الفلسطينية العادلة ودفنها وراء الغرف المغلقة!

حتى إنَّ غلاتهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك؛ ورسموا مشاريع لغزة في أوهامهم منزوعة السلاح خانعة كحالهم تدار من شرعيات خارجية ثم وقع زلزال طوفان الأقصى الذي اجتثَّ تلك المشاريع الدنيئة اجتثاثاً وفضح كل أشكال الخنوع والركوس والتذلل للكيان الصهيوني ورعاته الدوليين حتى عادوا يتخبطون كالذي يتخبطه الشيطان من المس.

فهموا ابتداء باعتزاز الصهيوني الحركي لإدانة العملية بشيطانية ألبسوها لباس الإنسانية وهي منهم براء في  المحافل الدولية بحجج نترفع عن تلويث أوعيتكم بها ثم تأملوا هم كم يتأمل الغريق في قشة تنجيه بأن يحقق الصهاينة أمانيهم الباطنة في القضاء على المقاومة وفكرتها الحرة وروحها المتشبثة بالأرض بإجرامهم في المدنيين واستخدامهم أقصى أنواع العنف والإبادة والتجويع حتى ييأسوا من أهل غزة وصمودهم، وكانت لهم الفاضحة الكاشفة عنهم لكل محتار فيهم بأنهم ثلة من الشياطين الصغيرة منزوعين الكرامة والمروءة والدين والأخلاق والبصيرة كان أملهم كأمل الشيطان الأكبر في إلحاق بني آدم جميعا به في جهنم ويتركوا جنات وعيون ومتاعا لا حد لها ولا فناء.

أرادوا لغزة الخنوع والهزيمة النفسية والاستسلام الإستراتيجي وتمثيليات السلطة والحكم الرمزي منزوع الكرامة وبيع الآخرة بدنيا كما باعوها هم بثمن بخس ولكن أخزاهم الله جميعا ونصر أهل غزة الذين دفعوا أثمانا غالية وفُتنوا واختُبروا في أنفسهم وأموالهم وأحوالهم في سبيل ذلك ولم يبدلوا تبديلا، فلم يحقق الكيان الصهيوني خلال سنة ونيف أي هدفٍ من أهدافه المعلنة (القضاء على المقاومة وكتائبها وسلاحها وصواريخها وشرعيتها الداخلية من خلال العنف على حاضنتها الشعبية، واستعادة الأسرى بالقوة، والبقاء في محوري نتسريم وفيلادلفيا للأبد، وإدارة معبر رفع، وحكم عسكري في غزة وبناء المستوطنات، وتهجير أهالي شمال غزة، وتدمير البنى التحتية للمقاومة)، في حربٍ غير متناظرةٍ يكون معيار النصر فيها بموضوعية بما حقق للطرف الأكثر قدرة وهو الكيان الصهيوني وأعوانه من الدول العظمى، فانظر إلى الأهداف وانظر فيما بعد إلى ما تحقق منها,

لكن لا ريب في أمة غرست فيها أعواما متراكمة من الهزيمة في نفوسهم واستنقاصًا من قدراتهم وضخموا الصهاينة إلى حدٍ استصعب على عقل كثيرين قبول أي فهم موضوعي للنصر عليهم وعلى أعوانهم ونسوا منطلقات وأصولًا فكرية وسننًا تاريخية وروحًا دينية، وضببت فطرتهم عن الحق ولعلها المعركة الفاصلة بين الباطل والحق تكون الدائرة المقبلة فيها للحق الناصع على الظلم والاستكبار والإفساد.

فقد علموا أهل غزة البشرية جمعاء العلاج الأمثل لنيل الحقوق والتخلص من الاستبداد والرزوح تحت الطغيان بأشكاله وقالوا "ما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا"، وغرسوا فسيلة النهاية لأبشع احتلال جاثم على صدر الأمة، إنها فسيلة "طوفان الأقصى" فريدة في بستان التضحيات والنضال الفلسطيني شعبٌ لم يستكن عن البذر والبذل يقينا سيحصد ثمره.

مبارك لغزة النصر والشهادة والصمود، واختيار الله لهم لمعركة الحق، و"يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

زياد!

#زياد!

بقلم: د. #ذوقان_عبيدات

يقال في لبنان: زياد هو زياد!! لا يمكن تعريفه بأي صفة لاحقة. كأن تقول: لبناني، أو رحباني، أو مسلم، أو مسيحي، أو عبقري، أو مفكر، أو أي شيء.يكفي أن تقول: زياد!!. فهو نسيج وحده، ويُعرف زياد بذاته!مات زياد ، فوحّد لبنان طوائفَ، وسياسيين، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار! الحكومة والمعارضة، المقاومة وغير المقاومة، الكبار والصغار! لم يُذكر زياد في لبنان إلّا بصفاته الإيجابية.

(١)

مقالات ذات صلة رؤساء الجامعات… وإشكالية التغييرات.. والتعيينات..! 2025/07/29

لماذا يحبون “زياد”؟
من متابعتي لما قيل في وفاته، ومتابعتي له قبل وفاته، هناك إجماع على أنه: فنان ، تلقائي، صريح يقول ما لا يقال في السياسة، والطائفية، والتدين!
صادق، عاش فقيرًا مع الفقراء،
ولذلك أحبه الجميع، وشارك في عزائه جميع السياسيين من مختلف التيارات! فهو بإنسانيّته
كان عابرًا للطوائف، والأحزاب مع أنه كان شيوعيّا! أو شيوعيّ التفكير. اتخذت الدولة قرارًا بإعطائه وسامًا من أعلى الرتب.
شارك في عزائه الرؤساء الثلاثة: عون، وبرّي، وسلام. أعلن وزير الثقافة تكريم زياد بما يستحق بتخليد تراثه، وفتح متاحف لبنان ومسارحه، واتخاذ الخطوات لتخليد ذكراه.
(٢)
الأردنيون و “زياد”!
خلافًا لما جرى في لبنان، انقسم الأردنيون: حبًا وكرهًا، حزنًا وشماتة. “تفلسف ” بعضنا وقال:
رجل كريه، وقال بعضهم: إنه شيوعيّ! وبعضهم إنه مع المقاومة، دون أن يجرؤوا على القول: إنه من أنصار فلسطين والقدس!!!
إنها هواية أردنية ربما شارك فيها الذباب الإليكتروني، والكلاب الإليكترونية لتشويه كل ما له صلة بالمقاومة!
صحيح أن لكل عظيم مثالبَ، وكل الشخصيات التاريخية من سقراط، ونابليون، وخالد بن الوليد، وصلاح الدين، وغيرهم كانت لهم أخطاء، وعيوب! لكن لا يمكن القول: إن سقراط، وإفلاطون كانا ضدّ المرأة، وضد الشعر، وأن نابليون كان يغازل النساء! أما خالد بن الوليد، فقصته ذائعة مع مالك بن نويرة.
لكن لا يمكن الإساءة لعظمة هذه الشخصيات كما يفعل “بعض المتفلسفين!
زياد، إنسان قابل للنقد، ولكن لا ينقد بالشتائم في أيام الحزن عليه!

(٣)

من أقوال زياد:
اشتهر زياد بالحديث بلغة الشارع، بل عبّر عن هموم الشارع، وتناقل اللبنانيون، والسوريون، وبعض غير “المتحذلقين” الأردنيون، تناقلوا كلماته، وأقواله، وأغانيه أمثالا شعبية، أذكر منها:
-فيه ناس كثير ملاح، ما فيه منهم! وفيه ناس كثير مليح ما فيه منهم!
-قال لعصفور في القفص : كيف أفهّمك يا عصفور أنني مش زي أهلي اللي حطوك هنا.
-أنا ما عم أجرب أغيّر البلد! فقط أحاول أن لا ينجح البلد في تغييري!
-كل فستان نسائي حلو ما دام هناك من صمّمه ومن اختارته، ومن لبسته!
-حين تولد، يقررون إعطاءك اسمًا، ودينًا، وطائفة، ومذهبًا، وهُويةً؛ وعليك أن تناضل طوال عمرك؛ دفاعًا عن أشياء لم تخترها!
-قال للسيد حسن نصر الله: جئتك كي أبقي: أصلي، وأصوم معك! قال له حسن نصر الله: أحببناك لأنك مسيحي!!
-قال لإحداهن: اعتني بنفسك جيدًا لأنك حمارة!!
قال أحد اللبنانيين: أقواله كأقوال جبران خليل جبران!! يتداولها الجميع!
“ليش بعض الكتاب عندنا زعلانين”؟!!
فهمت عليّ؟!!

مقالات مشابهة

  • حل الدولتين حلم ملوث بالأوهام
  • مفتي الديار اليمنية يوجه نداءً تاريخياً لعلماء الأمة: أفتوا بوجوب الجهاد نصرةً لغزة
  • أمين عام حزب الله: لبنان لن يكون تابعاً لإسرائيل ولو اجتمع علينا العالم كله
  • الشيخ نعيم قاسم: السلاح شأن لبناني ومن يطالب بتسليمه يخدم المشروع الإسرائيلي
  • عبد المنعم سعيد: مصر لها أولوياتها الوطنية وحركات التحرر الفلسطينية لم تحقق أهدافها
  • زياد!
  • قماطي خلال افتتاح النصب التذكاري لفؤاد شكر: أعداء المقاومة يضعون كل ثقلهم لأجل استسلامها
  • الإعلامي الحكومي : منع العدو الصهيوني دخول الصحافة لغزة خوفاً من انكشاف جرائمه
  • الاستثمار في اليمن .. ركيزة الصمود وبوابة التحرر في ظل المسيرة القرآنية
  • المشترك يبارك المرحلة الرابعة من التصعيد البحري ضد العدو الصهيوني