الْتقَى الأستاذ الدكتور نظير عيَّاد مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، بعدد من الإعلاميين والصحفيين في جناح دار الإفتاء المصرية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث أكَّد خلال اللقاء على الدَّور المحوري الذي تقوم به المؤسسات الدينية في تعزيز الوعي الفكري والديني والمشاركة في عملية البناء والتنمية.

المفتي: المؤسسات الدينية شريك أساسي في بناء الوعي وتعزيز الاستقرار المجتمعي

وأعرب المفتي عن تقديره الكبير للدَّور الذي يقوم به الإعلام والصحافة في نقل الصورة الصحيحة والتصدي للشائعات والأفكار المتطرفة، مؤكدًا أنَّ التعاون المستمر بين المؤسسات الدينية والإعلامية هو السبيل الأمثل لتحقيق وعي مجتمعي مُتَّزن قائم على العلم والمعرفة والفهم الصحيح للدين.

وأوضح أنَّ دار الإفتاء المصرية تبذل جهودًا كبيرة لمواكبة التحديات المعاصرة والتعامل مع القضايا المجتمعية والفكرية والدينية بواقعية ومنهجية علمية رصينة، مشيرًا إلى أن التصدي للقضايا المعاصرة يتطلب فهمًا دقيقًا للنصوص الشرعية مع مراعاة الواقع، وذلك دون المساس بقدسية هذه النصوص أو تجاهلها تحت دعاوى الحداثة.

المفتي: التعاون بين المؤسسات الدينية والإعلامية ضرورة لمواجهة الشائعات وتصحيح المفاهيم المغلوطة

وأوضح أن جناح دار الإفتاء المصرية بمعرض الكتاب هذا العام يشهد نقلة نوعية في محتواه وطريقة عرضه، ولم يَعُدْ مقتصرًا على عرض الإصدارات العلمية وبيعها، بل أصبح مِنصَّة تفاعلية لمناقشة القضايا المجتمعية الشائكة من خلال ندوات وفعاليات يشارك فيها خبراء في مختلف المجالات، حيث عقدت الدار عدة ندوات مثل:

- الفتوى والدراما، لمناقشة العَلاقة بين الشريعة والفنون.

- الفتوى والظواهر المجتمعية، بمشاركة متخصصين في علم الاجتماع والشريعة.

- الفتوى والصحة النفسية؛ لبحث تأثير الفتاوى على التوازن النفسي للمجتمع.

- الفتوى وفقه التعايش؛ لتعزيز قِيَم التسامح والمواطنة والتعايش المشترك.

وأشار المفتي إلى أن الدار تُولي اهتمامًا خاصًّا بتصحيح المفاهيم المغلوطة التي يجري ترويجها باسم الدين، وذلك من خلال تقديم الفتاوى المتخصصة التي تتناول قضايا العصر، مثل: الجهاد، والتحول الجنسي، وقضايا المرأة، والفتاوى الطبية، وفقه الدولة، وحقوق المواطنة، مؤكدًا أن هذه الفتاوى تستند إلى قواعد علمية رصينة وتصدر عن أهل التخصص، وهو ما يضمن دقة الطرح وسلامة الاستنتاجات.

كما كشف فضيلة المفتي عن عدد من الإصدارات العلمية الجديدة التي أطلقتها الدار هذا العام، والتي تسلِّط الضوءَ على مختلف القضايا الفكرية والاجتماعية، مثل فتاوى وقضايا تشغل الأذهان في ثلاثة أجزاء، تتناول القضايا الشائكة المتعلقة بالعقيدة، والتكفير، والعبادات، والفنون وغيرها، وكتاب فتاوى المرأة، وهو إصدار شامل يوضح الأحكام الشرعية المتعلقة بشؤون المرأة المختلفة بأسلوب واضح وسَلس، وكتاب دليل الأسرة في الإسلام، وهو كتاب يهدُف إلى تعزيز القيم الأسرية الصحيحة ومواجهة المفاهيم الدخيلة التي تهدف إلى تفكيك بِنية الأسرة التقليدية، وكتاب أصول الفقه تاريخه وتطوره، وهو إصدار علمي يوثق مراحل تطور علم أصول الفقه، ويوضح دَوره في ضبط عملية الفتوى، وكتاب الدليل الإرشادي للإجابة عن أسئلة الأطفال الوجودية، وكتاب فقه الدولة وغيرها من الإصدارات المهمة.

الفتوى المؤسسية تعني الرجوع إلى العلماء المتخصصين في المؤسسات الدينية الرسمية

وفي ردِّه على مداخلات الصحفيين، أوضح عياد أن التمييز بين الفتوى الصحيحة وغير الصحيحة يعتمد على أمرين أساسيين؛ الأول هو الرجوع إلى الفتوى المؤسسية الصادرة عن الجهات الدينية المعتبرة، والثاني هو الاستفادة من الوسائل التكنولوجية الحديثة والمنصات الرقمية الموثوقة في نشر الفتاوى وتصحيح المفاهيم المغلوطة.

وأضاف أن الفتوى المؤسسية تعني الرجوع إلى العلماء المتخصصين في المؤسسات الدينية الرسمية، مصداقًا لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، مشيرًا إلى أن الإنسان في مختلف مجالات الحياة يلجأ إلى أهل التخصص، فالمريض يذهب إلى الطبيب، ومن يريد تشييد بناء يستعين بالمهندس، وكذلك الأمر في الشأن الديني، حيث ينبغي الرجوع إلى العلماء المعتبرين لضمان صحة الفتوى ومواءمتها لمقاصد الشريعة.

وأشار إلى أنَّ مصر تتميز بوجود مؤسسات دينية راسخة تحظى بالاحترام والثقة، على رأسها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف المصرية، والتي تعمل جميعها على تقديم الفتاوى الصحيحة المستندة إلى العلم الشرعي والمنهج الوسطي، مؤكدا أن دار الإفتاء تعمل على توسيع نطاق خدماتها الإفتائية من خلال افتتاح فروع جديدة في مختلف المحافظات؛ وذلك بهدف تيسير وصول المواطنين إلى الفتاوى الصحيحة من مصادرها الموثوقة، ضمن خطة تنموية تهدُف إلى محاربة الجهل والتصدي للأفكار المغلوطة.

وأكَّد أنَّ الوسائل الإلكترونية أصبحت ضرورة لا يمكن التغافل عنها في نشر المعرفة الدينية الصحيحة والتواصل مع الجمهور، مشيرًا إلى أنَّ دار الإفتاء المصرية أدركت أهمية هذه الأدوات وسخَّرت التكنولوجيا الحديثة لخدمة الفتوى الشرعية، منها الفتوى الهاتفية عبر الخط الساخن، والفتوى المكتوبة، والفتوى الشفوية، إضافة إلى الفتوى الإلكترونية عبر موقع الدار الرسمي وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وشدَّد فضيلة المفتي على أن اتِّباع الفتوى الصحيحة مسؤولية كبيرة، مما يستوجب على كل فرد الرجوع إلى مُفْتٍ معتمد ينتمي إلى مؤسسة دينية معروفة، حتى إذا ما وُجد خلل أو خطأ في الفتوى، تكون هذه المؤسسة قادرة على تصحيح المسار وضبط الفتوى بما يحقق الأمن والسلم المجتمعي.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية معرض الكتاب دار الإفتاء دار الإفتاء المصریة المؤسسات الدینیة الرجوع إلى

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية يهنئ وزير الشباب والرياضة بمناسبة اختياره رئيسًا للجنة بمنظمة اليونسكو

يتقدم فضيلة أ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بخالص التهاني والتبريكات إلى  أ.د. أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، بمناسبة اختيار سعادته رئيسًا للجنة الحكومية الدولية للتربية البدنية والرياضة (CIGEPS) التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، متمنيًا لسيادته دوام التوفيق والسداد.

ويعرب فضيلة مفتي الجمهورية عن بالغ سعادته بهذا الاختيار المشرف، الذي يعكس المكانة المتقدمة التي تحظى بها الكفاءات المصرية في المؤسسات الدولية، مؤكدًا أن هذا الاختيار يجسد الثقة الدولية في الخبرات المصرية، ويبرهن على الدور الرائد لمصر في دعم السياسات الدولية، بما ينسجم مع رسالتها الحضارية والإنسانية، ودورها المهم في تعزيز التفاهم بين الشعوب.

دعاء المطر لتحقيق المطالب والفرج العاجل.. لا تفوت أفضل لحظات الاستجابةملتقى الجامع الأزهر: الطلاق ليس الحل للخلافات.. ويدعو الزوجين لتجنب استخدام اللفظ عند الخلاف

مفتي الجمهورية: مواجهة الفكر الإلحادي والمتطرف تتم بالفكر أيضا

أكد فضيلة أ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الهوية الوطنية تمثل مجموعة الخصائص والمقومات العقائدية واللغوية والمفاهيمية والأخلاقية والثقافية والعرقية والتاريخية، إضافة إلى العادات والتقاليد والسلوكيات التي تمنح الوطن شخصيته المميزة بين الأمم وتجعله معبرًا عن ثقافته ودينه وحضارته، موضحًا أن الوطن الذي يفقد هويته لا يعد وطنًا حقيقيًّا بل يصبح مجرد إقليم يسكنه أفراد بلا مبادئ أو معتقدات أو عناصر حضارية تميزهم؛ مما يجعلهم بلا انتماء أو ولاء أو هوية، مشيرًا إلى أن الانتماء للوطن والإخلاص في خدمته والتفاني في الدفاع عنه يمثل الجذر الأصيل للهوية الوطنية وعصب الوجود المجتمعي، وأن الإنسان الذي لا ينتمي لوطنه يفقد هُويته ويصبح سهل الاستقطاب من قِبل الجماعات المتطرفة والأجندات الخارجية بما يهدد أمن وطنه واستقراره، مشددًا على أن التحديات المعاصرة تفرض ضرورة الحديث المستمر عن الهُوية الوطنية لضمان وعي المجتمع بذاته وبما يميزه عن غيره وإدراك دَوره في مواجهة المخاطر التي تحيط به؛ حفاظًا على أمنه الداخلي واستقراره القومي.

جاء ذلك خلال كلمة فضيلته بالمؤتمر الدولي الحادي عشر لكلية التربية بنين بجامعة الأزهر تحت عنوان «جيل ألفا والتربية ..صناعة المستقبل وقيادة التغيير».

طباعة شارك مفتي الجمهورية وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي

مقالات مشابهة

  • مجلس الوزراء يناقش الوسائل القانونية لتعزيز منظومة التصدي للشائعات والأخبار الكاذبة
  • سبب إنشاء المركز الإعلامي بدار الإفتاء المصرية
  • لا صحة للشائعات.. الفراولة المصرية في الصدارة رغم انخفاض الأسعار الموسمية
  • مفتي الجمهورية: فصل الشتاء ربيع المؤمن وغنيمة روحية
  • مفتي الجمهورية يهنئ وزير الشباب والرياضة بمناسبة اختياره رئيسًا للجنة بمنظمة اليونسكو
  • مفتي الجمهورية: الحفاظ على مقومات الهوية الوطنية المصرية يقوم على التعايش والتسامح
  • مفتي الجمهورية: مواجهة الفكر الإلحادي والمتطرف تتم بالفكر أيضا
  • أسباب تجعل الذكاء الاصطناعي غير مؤهل لإصدار الفتاوى الشرعية
  • تسأل مين في أمور دينك؟.. 6 شروط يجب توافرها في المفتي
  • وزير العدل السوداني لـ عربي21: الإمارات تلعب دورا تخريبيا في بلادنا