مثل تيك توك.. DeepSeek في مرمى الانتقادات بسبب انتهاكات الخصوصية
تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT
أدت الإجراءات التنظيمية الأخيرة التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد منصة الفيديو الاجتماعية الصينية تيك توك إلى هجرة جماعية نحو تطبيق آخر مملوك للصين، وهو منصة التواصل الاجتماعي “Rednote”.
والآن، أصبحت منصة الذكاء الاصطناعي التوليدي DeepSeek من المطور الصيني تكتسب شعبية كبيرة، مما يشكل تهديدا محتملا لهيمنة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي ويظهر دليلا جديدا على أن حظر التطبيقات مثل تيك توك لن يمنع الأمريكيين من استخدام الخدمات الرقمية المملوكة للصين.
تمكنت DeepSeek، المختبر البحثي المتخصص في الذكاء الاصطناعي، من كسب شهرة واسعة بعد إطلاقها نموذجًا مفتوح المصدر يتنافس بقوة مع منصات الذكاء الاصطناعي الأمريكية مثل تلك التي طورتها OpenAI. ومن أجل التكيف مع العقوبات الأمريكية المفروضة على البرمجيات والأجهزة، قامت DeepSeek بابتكار حلول إستراتيجية أثناء تطوير نماذجها.
على الرغم من توفر عدة نماذج للذكاء الاصطناعي من DeepSeek، فإن معظم المستخدمين سيصلون إلى الخدمة عبر تطبيقاتها المتاحة على هواتف آيفون وأندرويد أو من خلال واجهتها على الإنترنت. تشبه هذه النماذج نظيراتها التوليدية الأخرى، حيث تتيح للمستخدمين طرح الأسئلة والحصول على إجابات، وتقدم أيضا إمكانية البحث عبر الإنترنت أو استخدام نموذج منطقي لدعم الإجابات.
ومع تزايد الإقبال على استخدام منصة DeepSeek، تثار مخاوف حول كيفية جمع البيانات وكيفية إرسالها إلى الصين. وقد لاحظ المستخدمون بالفعل حالات متعددة تم فيها حذف محتوى يتعارض مع السياسات الصينية. الأدلة تشير إلى أن النظام يجمع كميات كبيرة من المعلومات، بما في ذلك رسائل الدردشة الخاصة، ويرسلها إلى الصين.
وتشير التقديرات إلى أن البيانات التي ينقلها التطبيق قد تفوق تلك التي أرسلتها “تيك توك” في السنوات الأخيرة بعد اعتمادها الاستضافة السحابية الأمريكية لمحاولة معالجة مخاوف الأمن.
وفي تعليقه على هذا الموضوع، يقول جون سكوت رايلتون، الباحث البارز في مختبر المواطنين بجامعة تورونتو: “لا ينبغي أن يتطلب الأمر حالة من الذعر لتذكير المستخدمين بأن معظم الشركات في هذا المجال تحدد طريقة استخدام بياناتهم”، ويضيف: “عند استخدام خدماتهم، أنت تعمل لصالحهم، وليس العكس”.
من الواضح أن DeepSeek ترسل بياناتك إلى الصين، حيث تشير سياستها للخصوصية، المتاحة باللغة الإنجليزية، إلى أنها تخزن المعلومات على خوادم آمنة في جمهورية الصين الشعبية، هذا يعني أن جميع المحادثات والأسئلة التي ترسلها إلى DeepSeek، بالإضافة إلى الإجابات التي تتلقاها، قد ترسل إلى الصين.
تنقسم المعلومات التي تجمعها DeepSeek عن المستخدمين إلى ثلاث فئات رئيسية،تتضمن المعلومات التي يشاركها المستخدم مباشرة، والمعلومات التي تجمع تلقائيا، والمعلومات من مصادر أخرى
وفقا لسياسة الخصوصية. في إعدادات DeepSeek، يمكنك حذف سجل الدردشة الخاص بك. على الجوال، انتقل إلى شريط التنقل الأيسر، واضغط على اسم حسابك في أسفل القائمة لفتح الإعدادات، ثم انقر على "حذف جميع الدردشات".
تشبه هذه الممارسات تلك التي تتبعها منصات الذكاء الاصطناعي الأخرى التي تعتمد على إدخال المستخدم للإجابة على الاستفسارات. على سبيل المثال، تعرضت OpenAI لانتقادات بسبب ممارسات جمع البيانات، على الرغم من أنها عملت على تحسين خيارات حذف البيانات. ومع ذلك، يشدد المدافعون عن الخصوصية على أهمية عدم إدخال أي معلومات حساسة أو شخصية عند استخدام روبوتات الدردشة الذكية.
تحصل DeepSeek على كميات ضخمة من البيانات من قاعدة مستخدميها العالمية، لكن يبقى للشركة التحكم في كيفية استخدام هذه المعلومات، وفقا لسياسة الخصوصية الخاصة بها، تلتزم الشركة باستخدام البيانات لأغراض متعددة، بما في ذلك الحفاظ على تشغيل الخدمة، وتنفيذ شروطها وأحكامها، وتحسين الخدمة.
وتشير سياسة الخصوصية إلى أن الشركة قد تستخدم مدخلات المستخدمين في تطوير نماذج جديدة، حيث ستقوم الشركة بـ "مراجعة وتحسين وتطوير الخدمة، بما في ذلك من خلال مراقبة التفاعلات والاستخدام عبر أجهزة المستخدمين، وتحليل كيفية استخدام الناس لها، وتدريب وتحسين تقنيتها.
تتضمن سياسة الخصوصية بندا يشير إلى أن البيانات ستستخدم "للامتثال لالتزاماتها القانونية"، وهو بند يتكرر في معظم سياسات الشركات، يشير هذا إلى إمكانية وصول “المجموعة الشركاتية” الخاصة بها إلى البيانات، فضلا عن مشاركة المعلومات مع السلطات القانونية والهيئات العامة عند الحاجة.
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الصينية قد أصدرت في العقد الماضي مجموعة من القوانين المتعلقة بالأمن السيبراني والخصوصية، مما يتيح للجهات الحكومية طلب البيانات من الشركات التكنولوجية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الولايات المتحدة تيك توك الذكاء الاصطناعي المزيد الذکاء الاصطناعی المعلومات التی إلى الصین تیک توک إلى أن
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي والتعليم الأكاديمي .. بين التمكين وتراجع التفكير النقدي
- أكاديميون: أهمية الرقابة والتنظيم لتفادي الاعتماد المفرط على الإجابات الجاهزة
- طلبة: تشجّع الطالب على البحث والتحليل ويمكنها أن تطرح حلولًا متعددة
بات الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من المشهد التعليمي في مؤسسات التعليم العالي، حيث عبّر عدد من الطلبة عن أهمية استخدامه في تسهيل الوصول إلى المعلومات وإنجاز البحوث الدراسية في وقت أقصر وبجهد أقل، بينما أكّد أكاديميون ضرورة تنظيم استخدام هذه التقنيات الحديثة لتفادي الاعتماد المفرط عليها، مما قد يؤدي إلى ضعف مهارات التحليل والتفكير النقدي لدى الطلبة.
وفي هذا السياق، سلّطت "عُمان" الضوء على آراء طلبة وأكاديميين حول حضور الذكاء الاصطناعي في البيئة التعليمية الجامعية، ومدى تأثيره على مخرجات التعليم، والفجوة بين الاستخدام الإيجابي والممارسات السلبية المرتبطة به.
يرى الطالب سعيد بن أحمد الجابري من كلية البيان أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي ساعدهم على فهم المواد الدراسية بشكل أسرع من خلال منصات ذكية وتطبيقات تعليمية ذكية، وهو وسيلة لتوفير الوقت وتحقيق نتائج أفضل، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يوفر لنا كمًّا هائلًا من المعلومات، مما يساعدنا على الحصول على المعلومات بشكل أسرع.
وأضاف: أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تشجّع الطالب على البحث والتحليل، ويمكنها أن تطرح حلولًا متعددة للمشكلة الواحدة، مما يساعدنا على التفكير في أي حلٍّ لنا هو الأفضل.
بدوره، أعرب الطالب يونس بن يعقوب الشكيلي عن ارتياحه لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التي تسهّل الوصول إلى المعلومات وتساعد على إنجاز المهام الدراسية بسرعة وكفاءة، لكن في المقابل، أشار إلى وجود مخاوف من تراجع مهارات التفكير النقدي إذا تم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي للحصول على الإجابات الجاهزة دون تحليل أو فهم، إذ قد يؤدي ذلك إلى ضعف القدرة على التفكير المستقل.
وأبدى رأيه بتنظيم حلقات عمل تدريبية للطلبة والمعلمين حول الاستخدام الآمن والأخلاقي للذكاء الاصطناعي، وتطوير سياسات جامعية تنظم أدوات الذكاء الاصطناعي داخل القاعات الدراسية، بالإضافة إلى تشجيع دمج الذكاء الاصطناعي مع مهارات التفكير النقدي.
بينما قال الطالب وائل بن علي الجابري: الذكاء الاصطناعي ساعدني كطالب في أداء أشياء لتلخيص وفهم المواد بشكل أفضل، والمساعدة في البحث عن المعلومة بشكل أفضل، مما اختصر لي وقتًا من حيث البحث عن المعلومة وشرحها. وأضاف أيضًا: ساعدني في تطوير من مهاراتي الدراسية، إلى جانب علّمني كيف أحفظ بشكل أسرع.
في المقابل، يرى بعض الأكاديميين أن الاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي قد يؤثر سلبًا على مهارات التفكير النقدي لدى الطلبة، وأشاروا إلى أهمية وجود رقابة وتنظيم لاستخدام الذكاء الاصطناعي لتفادي الوقوع في الاستخدام الخاطئ، مثل الاعتماد المفرط على الإجابات الجاهزة.
وأكد الخليل بن أحمد العبدلي، الحاصل على ماجستير في الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية حديثة أو "ترند"، بل هو تحول عميق يمثل تغييرًا في طريقة الحياة والعمل والتفكير، ووصف العبدلي الذكاء الاصطناعي بأنه أداة قوية جدًا، وتعتمد على كيفية استخدامنا لها، موضحًا أنه إذا تم استغلالها بالشكل الصحيح، فإنها قد توفّر علينا وقتًا وجهدًا، وتفتح لنا سبلًا تعليمية، ومهارات جديدة، وتقنيات حديثة في عملنا وطريقة أدائنا، وكمؤسسة أو كدولة، فإنها ستفتح أمامنا فرصًا تعليمية ووظيفية لم نكن نتوقعها.
وأشار إلى أنه يجب في الوقت نفسه أن نكون واعين بأن الذكاء الاصطناعي لا يفكر ولا يشعر، هو يعتمد فقط على البيانات التي يتم تزويدها من المستخدمين، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي العالمي الموجود خارج الدولة ذكاء اصطناعي عام، ومعلوماته عامة، وغالبًا ما تكون ناقصة ومنحازة، وأرجع ذلك إلى أن هذه الأنظمة تعتمد على بيانات الإنترنت العامة التي لا تعكس بالضرورة الواقع المحلي وقد تكون متحيزة.
وطرح العبدلي حلًّا استراتيجيًا يتمثل في ضرورة أن يكون للدول ذكاء اصطناعي خاص، وشرح أن الفكرة تقوم على الاستفادة من التقنيات العالمية، لكن مع ضمان أن البيانات المستخدمة محلية، والنظام يعمل داخل البنية الأساسية الوطنية، مؤكدًا أن تكون المعلومات خاصة، والتقنيات الخاصة الموجودة في الحاسوب لدينا لا تخرج خارج الدولة، ويرى أن تحقيق ذلك من شأنه أن يعمل طفرة معلوماتية لدينا في المؤسسات الحكومية.
وأوضح العبدلي أن استخدام الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى وعي، وانتقد التوجه السطحي نحو التقنية قائلًا: المطلوب ليس الانجراف خلف "الترندات" والتقنيات لغرض التجربة، بل يكون هناك تبنٍّ حقيقي، وأهم موضوع هنا الوعي، وفي هذه المرحلة نحاول عمل دورات تدريبية، التي من خلالها نُعرّف المتدربين بأساسيات التحول إلى الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن التحول في استخدامات الذكاء الاصطناعي في سلطنة عمان بدأ منذ 3 سنوات، وأكّد أن المنطقة لا تزال في مرحلة الوعي، مما يتيح فرصة ثمينة لاستغلال هذه البداية بشكل صحيح من خلال التدريب التطبيقي والعملي والتوعية الصحيحة.
والخلاصة أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة كبيرة لتطوير التعليم الجامعي وتحسين مخرجاته؛ فقد أصبح جزءًا في العلم التقني وسهّل عملية التعلّم، ومع ذلك يبقى سلاحًا ذو حدّين، إذ في طيّاته العديد من الفوائد التي تسهم في تحسين جودة التعليم، ولكنه يتطلب وعيًا مشتركًا بين الطلبة والمعلمين لضمان تحقيق أفضل النتائج دون التأثير السلبي على المهارات الأساسية التي يحتاجها الطلبة في حياتهم العلمية والعملية.
ومن المهم أن تسعى المؤسسات التعليمية إلى استخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة داعمة لتطوير قدرات الطلبة وليس بديلًا عن التفكير، كما يجب وضع سياسات واضحة ومحددة لاستخدامه داخل الجامعات، مع توفير برامج توعية للطلبة والمعلمين لضمان الاستخدام الأخلاقي والفعّال للتقنيات الحديثة.