لماذا لا يمتلك العراق صندوقا سياديا يخرجه من عنق الاقتصاد الريعي؟ - عاجل
تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
مع استمرار التحديات الاقتصادية التي تواجه العراق، تتزايد الدعوات لإنشاء صندوق سيادي بالدولار الأمريكي يُستخدم لاستثمار عائدات النفط في مشاريع اقتصادية وتنموية تعزز الاستقرار المالي للبلاد.
في هذا السياق، شدد الباحث في الشأن المالي والمصرفي مصطفى أكرم حنتوش على ضرورة تأسيس مثل هذا الصندوق، مبيناً أهميته في تحقيق الاستقرار المالي وتعزيز الاستثمارات.
بحسب حديث حنتوش لـ"بغداد اليوم"، فإن العراق يمتلك عدة صناديق مالية محلية مثل صندوق التنمية وصناديق التقاعد والضمان الاجتماعي وصندوقي التعليم والتربية، إلا أن جميع هذه الصناديق مقومة بالدينار العراقي وهي خاملة بسبب عدم قدرتها على الانخراط في الاستثمارات الكبرى ذات الطابع الدولي.
الدينار أم الدولار؟
وأوضح أن الدينار العراقي هو عملة داخلية لا يمكن استخدامها في التعاملات الخارجية أو الاستثمارات الكبيرة، مما يجعل هذه الصناديق غير فعالة في تحقيق أرباح تدعم الاقتصاد. لذلك فإن العراق بحاجة فعلية إلى صندوق سيادي بالدولار الأمريكي يتم من خلاله استثمار عائدات النفط بدلاً من بقائها في الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي دون استغلال مباشر لها. وأكد أن هذا الصندوق سيمكن العراق من الدخول في استثمارات آمنة تدر أرباحاً كبيرة وخاصة في قطاعات النفط والغاز، مما سيساهم في تحقيق استقرار مالي يدعم الاقتصاد الوطني. وأضاف أن إدارة فعالة لهذا الصندوق ستضمن استثمارات استراتيجية تسهم في تعزيز الإيرادات الحكومية وتقليل الاعتماد على التقلبات النفطية، حيث يمكن توجيه جزء من العائدات إلى مشاريع تنموية مثل البنى التحتية والطاقة والتكنولوجيا مما يعزز الاستقلال المالي للعراق على المدى الطويل.
تجارب ناجحة
ويستشهد الخبراء بتجارب دولية ناجحة في إنشاء صناديق سيادية مثل الصندوق السيادي النرويجي الذي يعد من أكبر الصناديق الاستثمارية في العالم حيث يستثمر عائدات النفط في مجموعة متنوعة من الأصول لضمان الاستدامة المالية للأجيال القادمة.
كما نجحت دول خليجية مثل السعودية والإمارات وقطر في إنشاء صناديق سيادية ضخمة أسهمت في تنويع اقتصاداتها وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، ومع ذلك، فإن العراق يواجه تحديات كبيرة قد تعرقل إنشاء مثل هذا الصندوق، منها ضعف الاستقرار السياسي وتأثيره على القرارات الاقتصادية الكبرى إضافة إلى الفساد الإداري الذي قد يعيق حسن إدارة واستثمار أموال الصندوق والتحديات القانونية والتشريعية المتعلقة بتأسيس وإدارة الصندوق وفق معايير الحوكمة الرشيدة، فضلاً عن تذبذب أسعار النفط وتأثيره على تدفق العائدات المالية.
آثار إيجابية
يرى بعض الاقتصاديين أن إنشاء الصندوق السيادي قد يسهم في تقليل الاعتماد على المساعدات الدولية والقروض الخارجية، كما يمكن أن يساعد في استقرار سعر صرف الدينار العراقي وتقليل التضخم. كذلك، فإن استخدام أموال الصندوق في دعم مشاريع البنية التحتية والإسكان والصحة والتعليم بدلاً من الاعتماد الكامل على الموازنة العامة سيعزز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
من جهة أخرى، فإن الحكومة العراقية قد تواجه معارضة سياسية أو حزبية حول إنشاء هذا الصندوق، حيث يمكن أن تظهر مخاوف من استخدامه لأغراض غير اقتصادية أو خضوعه لتجاذبات سياسية تؤثر على استقلاليته. ورغم كل هذه التحديات، تبقى التجارب الناجحة في دول أخرى دليلاً على أهمية مثل هذه الصناديق في تحقيق الاستدامة المالية، وهو ما يدفع نحو ضرورة أن يتخذ العراق خطوة جادة في هذا الاتجاه.
يعد إنشاء صندوق سيادي بالدولار الأمريكي خطوة استراتيجية يمكن أن تساهم في تحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد للعراق من خلال استثمار عائدات النفط في مشاريع إنتاجية تعزز النمو والتنمية المستدامة. ومع تصاعد الدعوات لإنشاء هذا الصندوق، يبقى السؤال الأهم: هل تمتلك الحكومة الإرادة السياسية والإدارية اللازمة لتحقيق هذا المشروع الحيوي.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: عائدات النفط هذا الصندوق فی تحقیق
إقرأ أيضاً:
3 سيناريوهات للتداعيات الاقتصادية بعد ضرب أميركا لإيران
تأتي الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية الثلاث في لحظة حرجة للاقتصاد العالمي، وتتوقف التوقعات الآن على مدى قوة رد إيران، وفق ما ذكرت بلومبيرغ في تقرير.
خفّض البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وصندوق النقد الدولي توقعاتهم للنمو العالمي في الأشهر الأخيرة، وحسب بلومبيرغ فإن أي زيادات كبيرة في أسعار النفط أو الغاز الطبيعي، أو اضطرابات في التجارة ناجمة عن تصعيد إضافي للصراع، ستُشكّل عاملا إضافيا لكبح نمو الاقتصاد العالمي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2شركات نفط تراقب تطورات حرب إسرائيل وإيران وتحذر من ارتفاع الأسعارlist 2 of 2النفط والذهب يواصلان الارتفاع مع تصاعد حرب إسرائيل وإيرانend of list الرد الإيرانيوكتب محللون اقتصاديون في بلومليرغ، بمن فيهم زياد داود، في تقرير: "سنرى كيف سترد طهران، لكن من المرجح أن يضع الهجوم الصراع على مسار تصعيدي. بالنسبة للاقتصاد العالمي، يُفاقم اتساع الصراع خطر ارتفاع أسعار النفط وارتفاع التضخم".
وتُضاف المخاطر الجيوسياسية المتزايدة إلى احتمال تصعيد الرسوم الجمركية في الأسابيع المقبلة، مع اقتراب انتهاء فترة تعليق الرئيس دونالد ترامب لما يُسمى بالرسوم "التبادلية" الباهظة، ومن المرجح أن يتجلى التأثير الاقتصادي الأكبر لصراع طويل الأمد في الشرق الأوسط في ارتفاع أسعار النفط.
وبعد الضربة الأميركية، ارتفع سعر أحد المنتجات المشتقة، الذي يُتيح للمستثمرين المضاربة على تقلبات النفط، بنسبة 8.8% في أسواق آي جي ويك إند ماركتس IG Weekend Markets (وهي أداة تستخدم في التداول في أيام إغلاقات الأسواق)، وفي حال استمرار هذا الارتفاع عند استئناف التداول، توقع الخبير الاستراتيجي في آي جي IG، توني سيكامور أن تُفتتح العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط غدا الاثنين عند حوالي 80 دولارًا للبرميل.
وتتوقع بلومبيرغ ان تتوقف الكثير من الأمور على الأحداث في المدى القريب، فقد قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن الهجمات الأميركية "شنيعة وستكون لها عواقب وخيمة"، مستشهدا بميثاق الأمم المتحدة بشأن أحكام الدفاع عن النفس، وقال إن إيران تحتفظ بجميع الخيارات للدفاع عن سيادتها ومصالحها وشعبها.
وترجح بلومبيرغ إيكونوميكس 3 خيارات أمام إيران للرد كالتالي:
إعلان هجمات على أفراد وممتلكات أميركية في المنطقة. استهداف البنية التحتية للطاقة في المنطقة. إغلاق مضيق هرمز، نقطة الاختناق البحرية، باستخدام ألغام بحرية أو مضايقة السفن المارة.وفي السيناريو الأكثر تطرفًا، وهو إغلاق مضيق هرمز، قد يرتفع سعر النفط الخام إلى ما يزيد عن 130 دولارًا للبرميل، وفقًا لعدد من المحللين، وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك الأميركي إلى ما يقرب من 4% في الصيف، ما يدفع مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) والبنوك المركزية حول العالم إلى تأجيل توقيت تخفيضات الفائدة المستقبلية.
ويمر حوالي خُمس إمدادات النفط العالمية اليومية عبر مضيق هرمز، الذي يقع بين إيران وجيرانها من دول الخليج العربية، مثل السعودية.
والولايات المتحدة مُصدر صاف للنفط، لكن ارتفاع أسعار النفط الخام لن يؤدي إلا إلى زيادة التحديات التي يواجهها الاقتصاد الأميركي بالفعل، وقد خفض بنك الاحتياطي الاتحادي توقعات نمو الاقتصاد الأميركي هذا العام من 1.7% إلى 1.4% في الوقت الذي يستوعب فيه صانعو السياسات تأثير رسوم ترامب الجمركية على الأسعار واراتفاعها.
وبصفتها أكبر مشترٍ لصادرات النفط الإيرانية، ستواجه الصين العواقب الأكبر لأي انقطاع في تدفق النفط، على الرغم من أن مخزوناتها الحالية قد توفر بعض الراحة.
هرمز
وحسب بلومبيرغ، فإن أي انقطاع في الشحن عبر مضيق هرمز سيكون له تأثير كبير على سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي كذلك.
وتستخدم قطر، التي تستحوذ على 20% من تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية، هذا المسار للتصدير، وليس لديها مسار بديل، وحسب بلومبيرغ إيكونوميكس، فإن سيخفض من المعروض العالمي من الغاز الطبيعي المسال العالمي ما يدفع يرفع أسعار الغاز في أوروبا بصورة كبيرة.
وفي حين قد يشعر المستثمرون بالقلق من احتمال انقطاع الإمدادات في حال تصاعد الأعمال العدائية، لا يزال تحالف أوبك بلس، بما في ذلك السعودية يمتلكون طاقة احتياطية وفيرة يمكن تفعيلها، بالإضافة إلى ذلك، قد تختار وكالة الطاقة الدولية تنسيق إطلاق مخزونات الطوارئ لمحاولة تهدئة الأسعار.
وقال مدير أبحاث الاقتصاد الكلي العالمي في أكسفورد إيكونوميكس، بن ماي في تقرير صدر قبيل التصعيد الأخير: "تمثل التوترات في الشرق الأوسط صدمة سلبية أخرى للاقتصاد العالمي الضعيف أصلًا.. ارتفاع أسعار النفط وما يصاحبه من ارتفاع في التضخم سيشكلان مشكلة كبيرة للبنوك المركزية".