مشيرة عيسى.. صاحبة الطلة المبهجة
تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
صُدمت بخبر وفاة السيدة الجميلة الرقيقة المهذبة د. مشيرة عيسى صوليست البيانو، ابنة الكونسرفتوار والأستاذة بمعهد الموسيقى العربية.. كانت كالفراشة الهائمة، فى رقة الزهور أو كالأميرة الحالمة فى قصص الأطفال، هى صاحبة الطلة المبهجة، والتى بظهورها على المسرح تمنح الجميع الطاقة والحيوية، هى عملة نادرة مهذبة النفس، وتحيا بروح الله النقية والتى جعلت ابتسامتها لا تفارقها فى أحلك الظروف، هاجرت حين حاوطها الظلم، ولم تهاجر خارج حدود بيتها الذى عشقته “أكاديمية الفنون” فلم تكن هجرتها للحصول على عائد! ولكن لتقدم مزيدًا من العطاء، ورد جميل هذا المكان المقدس فى عيون أبنائه.
Ignaz Tiegerman
والذى أشاد بموهبتها وقام بتدريبها حتى التحقت بالكونسرفتوار ونجحت بتفوق.. وتخرجت من كونسرفتوار القاهرة، وكانت الأولى على دفعتها، إلا أنها عُينت معيدة فى معهد الموسيقى العربية عقب تخرجها، بعد أن وجدت تعنتا من بعض المسؤولين فى الكونسرفتوار آنذاك.. وظلت د. مشيرة على مدار عمرها تقدم حفلاتها فى دار الأوبرا، وتتفانى فى تعليم طلابها حتى أواخر أنفاسها.. ماتت مشيرة واقفة كالأشجار، لم تنحن إلا لله، وستظل روحها المرحة فرحة بالرحمات.
رحم الله د. مشيرة الإنسانة النبيلة الرائعة التى عرفت مدى رقتها وانسانيتها منذ طفولتى، فقد جمعنى بها موقف عصيب لا ينس، عندما كنت طالبة فى المرحلة الإعدادية، فقد كنا ندرس مادة بيانو إضافى، واستعرت كتاب بيانو لتصوير بعض الأجزاء فيه من شقيقة أقرب صديقاتى فى الفصل، وكانت شقيقتها طالبة فى معهد الموسيقى العربية فى فصل د. مشيرة التى أعارتها هذا الكتاب لتصويره.. وتلك الكتب لمن لا يعرف لا تباع فى مصر، ويتم شراؤها من الخارج بمبالغ لا يستهان بها، وفى ذلك الوقت لم يكن متاحا كما هو الآن تحميل كتب من خلال الإنترنت، أو شراؤها من خلال مواقع إلكترونية، وبالتالى كان الحصول على النوت الموسيقية عزيزا، ولا يتاح سوى الكتب الموجودة فى المكتبة أو ما يجود به الأساتذة الكبار على تلاميذهم.. ولسوء حظى ضاع الكتاب الذى فى عهدتى أثناء تركه للتصوير! وكانت كارثة بالنسبة لى، فهو كتاب أعارته د. مشيرة لطالبتها! وإستعارته صديقتى لى من شقيقتها! وأصبحت فى موقف لا أحسد عليه، بين البكاء ومحاولات البحث التى لا تنته دون جدوى! والحرج الشديد من مواجهة هذا الموقف الذى فرض على!
وللأسف لم تكن فكرة شراء كتاب بديل ممكنة حينها، فلا يمكن أن أسافر للخارج كى أشترى كتابا آخر! ولا يمكن أن أنتظر لشهور حتى أحاول البحث عن شخص ربما يسافر للخارج ويمكنه شراء الكتاب إذا وجده؟! ضاقت الدنيا فى وجهى ولم أكن أعرف كيف أتصرف؟! وكيف أعتذر؟! وماذا أفعل لشقيقة صديقتى التى ستضار وتتعرض لهذا الموقف المحرج والسئ مع أستاذتها بسبب (جدعنتها) معى؟!
لم يكن أمامى سوى المواجهة وتحمل عواقب الموقف، والاعتذار بكل ما يحمله كيانى من شعور بالحزن والخذلان، وابلاغهم بمسئوليتى عن دفع قيمة الكتاب أيا كانت (على نفقة عائلتى بالطبع).. وكنت على استعداد لتحمل اللوم وربما التوبيخ عن الإهمال وعدم المسئولية.. الخ.
لم تكن كل كلمات الاعتذار تكفى أو تحل الأزمة مع شقيقة صديقتى التى صدمت هى الأخرى، فالموقف أكبر منها ومنى! وبعد كل كلمات الاعتذار والشعور الحقيقى بالأسف والحزن طلبت من شقيقة صديقتى مقابلة د. مشيرة لابلاغها والاعتذار لها حتى أعفيها من الحرج وأتحمل خطأى.. ذهبت للدكتورة مشيرة وأنا أتمنى أن تنشق الأرض وتبلعنى قبل أن أصل إليها من شدة الخجل والضيق! ولكن فوجئت باستقبال د. مشيرة لى بكل المرح والبشاشة والرقة، وهى تسألنى بكل ود (إنت اللى ضيعتى الكتاب وعاملة كل القلق ده علشان كده؟! ولا يهمك حصل خير وفداكى ومتزعليش نفسك) ورفضت بحسم وبشكل قاطع فكرة دفع قيمة الكتاب، أو محاولة شراء كتاب بديل بعد فترة من خلال أى قريب أو صديق يسافر للخارج، وغمرتني بمحبتها وبساطتها ورقتها وحديثها المرح، ودار حوار بيننا لدقائق عن الكونسرفتوار الذى تركته بسبب اضطهادها وتعنت بعض مسئوليه معها..ومنذ ذلك الوقت صرت أحبها من كل قلبى، وقابلتها كثيرًا بعد ذلك أثناء عملى فى أوركسترا القاهرة السيمفونى عندما كانت تعزف كصوليست مع الأوركسترا.. ومنذ فترة طويلة لم ألتق د. مشيرة لا مصادفة ولا فى عمل، وكان آخر حوار معها عن د. جمال، وآخر كلمة كتبتها لى عنه “كان جميل جمال ملوش مثال”.. والحق يقال كانت هى أيضا بقلبها ورقتها وعذوبتها وروحها جميلة جمال.. وليس لجمالها مثال..خالص العزاء لأسرتها ولزوجها المحترم د. محمد حلمى هلال..ورحم الله د. مشيرة عيسى ود. جمال سلامة وكل من فارقونا وسبقونا إلى دار البقاء، وستظل سيرتهما وأرواحهما المرحة ونس وابتسامة ومصدر طاقة وعطاء.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مشيرة عيسى جمال سلامة رشا يحيى مشیرة عیسى
إقرأ أيضاً:
الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ عيسى حسين الدوس
الثورة نت /..
بعث فخامة المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى، برقية عزاء ومواساة في وفاة الشيخ عيسى حسين الدوس عن عمر ناهز 70 عامًا بعد حياة حافلة بالعطاء في خدمة الوطن.
وأشاد الرئيس المشاط في البرقية التي بعثها إلى نجل الفقيد الشيخ عيسى حسين الدوس وإخوانه وأسرته وكافة آل الدوس بمحافظة الحديدة، بمناقب الفقيد ومواقفه الوطنية المشرفة في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي.. منوها بإسهاماته في الجانب الاجتماعي وإصلاح ذات البين.
وعبر عن خالص العزاء والمواساة لأبناء الفقيد وآل الدوس كافة بهذا المصاب.. سائلا المولى عز وجل أن يتغمده بواسع الرحمة والمغفرة ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
“إنا لله وإنآ إليه راجعون”.