على مدار سنوات حياتها المديدة، لعبت أم كلثوم أدواراً عديدة فى تاريخ مصر الحديث، اختلفت وتنوعت صور حضورها بما يناسب كل مرحلة ورجالها، ولكن بعد حرب 1967، وبعد أن تشربت أم كلثوم دموع النكسة، تلبستها روح فتية متخمة بالأمل، وقادرة على قهر المحنة، إذ تقدمت المشهد الفنى، وجندت سلاحها، وهو صوتها، ليبرز وجودها فى ساحة المعركة كرمز للإرادة المصرية الجسورة، التى أبت أن تحطمها الهزيمة، فهبت واقفة وراء المجهود الحربى، كصورة جديدة للأسطورة المصرية «إيزيس»، التى بعثت من تحت ركام المعركة، لتجوب الأرض من مشرقها إلى مغربها، فى محاولة للبعث وإعادة الروح إلى «أوزوريس»، الذى تجسد فى صورة الشعب، الذى رفع أم كلثوم إلى مصاف أبطال السير الشعبية.

وقال الكاتب سعيد الشحات، صاحب كتاب «أم كلثوم وحكام مصر»، لـ«الوطن»، إن أم كلثوم لها دور استثنائى خلال حرب الاستنزاف، بدأت حملة لجمع التبرعات لصالح المجهود الحربى، بعد حرب 1967، بعد أن اعتكفت لأيام فى منزلها، حزناً على ما حدث، وبعدها فكرت فى مخرج، واهتدت إلى فكرة التبرع للمجهود الحربى، وأوضح أن دعم «الست» للمجهود الحربى تمثل فى مسارين، الأول من خلال تكوين جمعية أهلية، وهى «التجمع الوطنى للمرأة»، وضمت الجمعية عدة سيدات، وكانت هى رئيسة الجمعية، وأعدت برنامجاً لجمع التبرعات، تضمن فتح باب التبرعات بالأموال أو بالمصوغات الذهبية، وهذا التوجه لاقى استجابة كبيرة من السيدات المصريات من فئات مختلفة، أما الشكل الآخر فجاء فى تنظيم مجموعة من الحفلات الغنائية، داخل وخارج مصر، تم تخصيص دخلها لصالح المجهود الحربى، وقدمت العديد من الحفلات فى مصر، والدول العربية والأجنبية، منها فرنسا وتونس وليبيا والمغرب ولبنان، وكانت آخر حفلة لها فى أبوظبى، بدولة الإمارات العربية المتحدة، فى عام 1971، وخصصت دخل هذه الحفلات للمجهود الحربى.

وقال «الشحات» إن هذه التحركات كان لها أثر رهيب على المجتمع المصرى وعلى الفنانين، بل وعلى الجانب السياسى والعسكرى، فهى أكبر فنانة عربية وفى هذه السن المتقدمة، لم يكن دعمها لبلدها مجرد تصريحات كلامية، بل كان تحركات فعلية ومساندة مادية، وهو ما شجع عدداً من الفنانين الآخرين على الاقتداء بها، فقدم بعدها عبدالحليم حافظ حفلة فى لندن، وفى مدن أخرى، بالإضافة إلى تنظيم قوافل فنية، كانت تذهب إلى الجنود على الجبهة، تقدم حفلات فيها جانب ترفيهى وجانب دعم معنوى للجنود خلال حرب الاستنزاف، وفسر «الشحات» تحركات أم كلثوم، قائلاً: «كانت تقدم للبلد وللقيادة السياسية، التى كانت مؤمنة بها، ما تمكنت من تقديمه آنذاك»، مشيراً إلى أن ذلك جاء امتداداً لما قدمته من مساندة للقيادة المصرية فى الخمسينات والستينات، ولم يكن فيه أى نوع من الإملاءات، من أى جهة من الجهات.

ووثق الباحث كريم جمال، فى كتابه «أم كلثوم والمجهود الحربى»، وهو الكتاب الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية فى 2023 من وزارة الثقافة، الدور الوطنى الذى لعبته أم كلثوم، ووصل إجمالى عدد حفلات أم كلثوم فى المحافظات إلى 4 حفلات فى أربع محافظات، هى البحيرة والإسكندرية والمنصورة والغربية. ووفقاً لما رصده كريم جمال، بلغت حصيلة الرحلات الداخلية من أجل المجهود الحربى فى البحيرة 76 ألف جنيه، وفى الإسكندرية 100 ألف جنيه، وفى الدقهلية 100 ألف جنيه، وفى الغربية 227 ألف جنيه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أم كلثوم كوكب الشرق المجهود الحربى أم کلثوم ألف جنیه

إقرأ أيضاً:

بليغ حمدي في ذكرى ميلاده.. نغمة جمعت عمالقة الغناء من أم كلثوم إلى وردة

تحل اليوم ذكرى ميلاد الموسيقار الكبير بليغ حمدي الـ94، أحد أعمدة الموسيقى العربية وصانع النغمة التي لا تشيخ، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا خالدًا يسكن وجدان كل من أحب الطرب الأصيل.

 

وُلد بليغ حمدي في القاهرة عام 1931، ونشأ في بيت يعشق الفن، فتعلّم العود منذ طفولته وأبدع في عزفه وهو في التاسعة من عمره. 
التحق بـ "معهد فؤاد الأول للموسيقى" (الكونسرفاتوار حاليًا)، وهناك بدأت ملامح موهبته الفذة التي جمعت بين الأصالة الشرقية وروح التجديد، لتجعله لاحقًا أحد أهم المُلحنين في تاريخ الغناء العربي.

تميّز بليغ بأسلوبه المختلف الذي تمرّد على القوالب الكلاسيكية، دون أن يفقد روح الموسيقى العربية، فكان جسرًا بين التراث والمعاصرة.

وتعاون مع كبار نجوم الطرب، وكانت بدايته مع كوكب الشرق أم كلثوم التي غنت له روائع خالدة مثل: حب إيه، أنساك، بعيد عنك، وكان أصغر ملحن تتعاون معه على الإطلاق.

كما شكّل مع العندليب عبد الحليم حافظ ثنائيًا فنيًا لا يُنسى، فأهداه ألحانًا أصبحت من علامات الموسيقى العربية مثل: سواح، زي الهوى، موعود.

واستطاع بليغ أن يعبّر من خلال ألحانه عن مشاعر الحب والحنين والفرح والحزن التي عاشت في قلوب الجماهير لعقود طويلة.

لم يكتفِ بليغ بالعاطفة في موسيقاه، بل كان صوت الوطن والمقاومة، فبعد نكسة 1967، قدّم لحن "عدى النهار" لعبد الحليم، ليصبح رمزًا للألم والأمل في آن واحد، ثم تغنّت ألحانه بالنصر في "عاش اللي قال"، و"البندقية اتكلمت" بعد انتصار أكتوبر 1973، مؤكدًا أن الفن يمكن أن يكون صوت الأمة.

وفي حياته الشخصية، عاش بليغ قصة حب كبيرة مع المطربة وردة الجزائرية، التي غنت أجمل ما لحّن من أغانٍ مثل: العيون السود، خليك هنا، حنين، حكايتي مع الزمان، لو سألوك، اسمعوني.

وكانت وردة أكثر من غنّت من ألحانه، وشكّلا معًا ثنائيًا فنيًا وعاطفيًا لا يُنسى.

ورغم رحيله في 12 سبتمبر 1993 عن عمر ناهز 62 عامًا، ما زالت ألحان بليغ تتردد في الآذان وتلامس القلوب.

ترك ثروة موسيقية تنوعت بين الأغاني الرومانسية والوطنية والقصائد والإبتهالات، ومنها لحنه الشهير للشيخ سيد النقشبندي في أنشودة "مولاي إني ببابك".

 

تعاون بليغ حمدي مع نخبة من عمالقة الطرب مثل فايزة أحمد، شادية، نجاة الصغيرة، صباح، ميادة الحناوي، عزيزة جلال، علي الحجار، هاني شاكر، محمد رشدي، سميرة سعيد، ولطيفة، وتميزت ألحانه بالبساطة والصدق والعمق في آن واحد، حتى لُقّب بـ ملك الموسيقى ولحن الشجن.

وبعد مرور أكثر من تسعين عامًا على ميلاده، يبقى بليغ حمدي أسطورة اللحن العربي، الذي عزف للفرح والحب والوطن، تاركًا وراءه موسيقى تعيش للأبد، شاهدة على أن الفن الحقيقي لا يموت بل يُولد من جديد مع كل جيل.

 

أخصائي التغذية: البروتين مفتاح صحة كبار السن وعضلاتهم 52 عامًا على نصر أكتوبر.. أفلام خلّدت بطولات الحرب الملحمية وداعاً لنظارات القراءة.. قطرات عيون تحسن الرؤية القريبة بعد الأربعين.. فيتامينات ضرورية للمرأة لجسم صحي وقوي أطعمة تزيد الشعور بالنعاس في عز النهار لها مواسم محددة.. ظاهرة صحية غامضة تضرب النساء حول العالم إليسا تتألق على مسرح دبي أوبرا بحفل استثنائي في نوفمبر أبرزهم لبلبة ويسرا.. ظهور لافت لنجوم الفن في زفاف نجل هاني رمزي هاني رمزي يحتفل بزفاف نجله بحضور نجوم الفن والأقارب داليا البحيري أول الحاضرين.. هاني رمزي يحتفل بزفاف نجله شادي

مقالات مشابهة

  • إعلان تشكيل اللجنة التحضيرية لتأسيس “التكتل الوطني الجامع"
  • بليغ حمدي في ذكرى ميلاده.. نغمة جمعت عمالقة الغناء من أم كلثوم إلى وردة
  • جيهان السادات وأم كلثوم وفرحانة حسين.. رموز صنعت النصر في حرب أكتوبر
  • وزارة الخارجية تشارك في حفل «اليوم الوطني لجمهورية كوريا»
  • مصطفى بكري ناعيا الدكتور أحمد عمر هاشم: رحل العالم الفقيه صاحب الصوت القوي.. عزائي للوطن بأسره
  • إنعام محمد علي: نبيلة عبيد كانت مرشحة لدور أم كلثوم.. وهذا سبب اختياري لصابرين
  • أحد أبطال حرب أكتوبر: صدمة هزيمة 1967 دفعتنا لاستعادة التماسك
  • يمتصّ ستة مليارات طن من الغاز والغبار في الثانية... علماء الفلك يرصدون كوكبًا ناشئًا في طور التكوّن
  • وزيرا المالية والاستثمار: نفخر بالأداء القوي للقطاع الخاص فى مصر
  • من كوكب آخر.. رضا عبد العال يتغنى بلاعبي الزمالك