مسيرة حياتي من الدراويشية إلى الماركسية ثم إلى الحداثة المنفتحة
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
في مسيرة حياتي الفكرية، لم تكن رحلتي سهلة ولا مستقيمة. لقد كانت أشبه بسفرٍ طويلٍ بين محطات متباينة، من الدراويشية إلى الماركسية، وأخيرًا إلى الحداثة المنفتحة على الفكر الإنساني، حيث لا انغلاق ولا تعصب، بل فضاء رحب تتلاقى فيه القيم النبيلة والمبادئ السامية.
المرحلة الأولى: الدراويشية والبحث عن الروحانية
نشأت في بيئة تميل إلى التصوف والتدين، حيث كانت الروحانيات تشكل جزءًا جوهريًا من يومياتي.
المرحلة الثانية: الماركسية والرؤية المادية للعالم
مع ازدياد وعيي السياسي وانفتاحي على الكتب والأفكار الجديدة، وجدتُ في الماركسية طرحًا مختلفًا، يخاطب العقل والمنطق، ويضع قضايا العدالة والحقوق في مركز النقاش. انخرطتُ في الحوارات الفكرية، وتعمقتُ في قراءات ماركس وإنجلز ولينين، وأدركتُ أهمية الاقتصاد والسياسة في تشكيل المجتمعات. لكن شيئًا فشيئًا، بدأتُ أرى أن الماركسية، رغم عدالة مطالبها، تحمل في بعض تجلياتها انغلاقًا أيديولوجيًا يجعلها تقف أمام طواحين الرياح دون أن تراها تتحرك.
المرحلة الثالثة: الحداثة والانفتاح على الفكر الإنساني
مع نضوج التجربة، أدركتُ أن الجمود على فكرٍ واحد، مهما بدا عظيمًا، هو نوع من العمى الاختياري. بدأتُ أقرأ بشغف الفلسفة الغربية والشرقية، تأملتُ في الحداثة وما بعدها، وانفتحتُ على التيارات الفكرية التي تسعى لتجاوز القطعيات والانطلاق نحو فضاء إنساني أرحب. لم يعد يكفيني أن أكون ماركسيًا أو درويشًا، بل أصبحتُ إنسانًا يبحث عن الحكمة حيثما وجدت، حاملًا أعظم القيم، لكن في ذات الوقت أعيش متاهة الضياع.
حلم صياغة فكر سوداني جديد
أحمل معاناة جيل كامل، أجيال نشأت بين صراعات الأيديولوجيات، وانقلابات السياسة، وأزمات الهوية. أبحث عن فكر سوداني جديد، قادر على تجاوز التناقضات الموروثة، متصالح مع الماضي دون أن يكون أسيرًا له، ومستعدٌ لاستشراف المستقبل دون أن يكون منبهرًا به حدّ الذوبان. ربما يكون ذلك مجرد حلم، لكن الأحلام هي ما تدفعنا للاستمرار.
الإبداع والتناقضات الفكرية
كتبتُ الشعر والرواية والمقال، وخضتُ في الأبحاث المحكمة، وكل هذا الكم من الطرح لم يحدث الشفاء الكامل أو الانعتاق، بل زاد من تعقيد إشكالية المثقف الباحث عن المعرفة والحياة العامرة بالحرية في عالم قامع. فالكتابة كانت وما زالت فعل مقاومة، لكنها لم تمنحني الإجابات النهائية، بل زادت الأسئلة تعقيدًا.
بين الضياع والاستمرار
أعيش متاهة فكرية، لكنها متاهة تعج بالأفكار، بالتساؤلات، بالبحث الدائم عن المعنى. لم أعد منغلقًا على مدرسة فكرية واحدة، بل أصبحتُ مؤمنًا بأن القيم العظيمة توجد في كل مكان، وبأن الإنسان أعقد من أن تحكمه نظرية واحدة أو فلسفة بعينها. لا أملك إجابات نهائية، لكنني أملك الأسئلة، وتلك في حد ذاتها بداية الطريق.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
«دبي للثقافة» ووزارة الاقتصاد.. شراكة استراتيجية لدعم منظومة الملكية الفكرية
دبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةأبرمت هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة» مذكرة تفاهم مع وزارة الاقتصاد، بهدف توطيد علاقات الشراكة الاستراتيجية، وتوسيع آفاق التعاون المشترك في مجالات الملكية الفكرية، والتي تمثّل عنصراً مهماً في تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز الأثر الاقتصادي والاجتماعي لقطاعي الثقافة والفنون. وتأتي هذه المذكرة في سياق التزام الطرفين بنشر الوعي القانوني والثقافي، لدى مختلف فئات المجتمع حول أهمية الملكية الفكرية، ودورها في دفع عجلة الابتكار والإبداع، وضرورة حمايتها والمحافظة عليها، مما يساهم في دعم اقتصاد المعرفة في الدولة.
وتنص مذكرة التفاهم على تعاون الطرفين في تنظيم وإقامة مجموعة من ورش العمل التدريبية المتخصّصة والندوات والحلقات النقاشية، والمؤتمرات والملتقيات وغيرها، والمشاركة في البرامج والأنشطة السنوية ذات الصلة بالملكية الفكرية، إلى جانب تبادل أفضل الممارسات والبرامج المعرفية والإصدارات والملخصات والمنشورات الدورية، وتشجيع نشر البحوث والدراسات العلمية والثقافية الخاصة بالطرفين من خلال القنوات المتاحة لديهما، بهدف دعم منظومة حقوق الملكية الفكرية وحمايتها.
وأكدت هالة بدري، مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي، أن الإمارات تمتاز ببيئتها الإبداعية والاقتصادية المرنة، التي ساهمت في استقطاب رواد الأعمال والمبدعين، ما انعكس إيجاباً على اقتصاد الدولة والصناعات الثقافية والإبداعية فيها، لافتة إلى حرص «دبي للثقافة» على توفير مناخات ملائمة قادرة على حفظ حقوق الملكية الفكرية لأصحاب المواهب في مختلف المجالات الأدبية والفكرية والفنية. وقالت: «نجحت الإمارات خلال السنوات الأخيرة في تطوير منظومتها التشريعية والقانونية الخاصة بالملكية الفكرية في مختلف القطاعات، ما ساهم في تطوير عمليات البحث وتعزيز روح الابتكار لدى أصحاب المواهب، وتشجيع الاستثمار في اقتصاد المعرفة، وإتاحة الفرص لجذب العديد من المشاريع من جميع أنحاء العالم». وعبّرت بدري عن اعتزاز الهيئة بشراكتها مع وزارة الاقتصاد، والتي تعكس التزام «دبي للثقافة» بتطوير مسارات تبادل المعرفة والخبرات مع الجهات والدوائر الحكومية المحلية والاتحادية.