سودانايل:
2025-06-22@13:24:50 GMT

إدوارد سعيد: مثقف في الهرج

تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT

(في ذيول غزة)
قال الشيخ محمد فضل الله أننا لم نعلم عن اسرائيل كثير شيء على أننا لم نعرف سواها لنصف قرن من الزمان. فقد أعمانا حقنا الصريح في فلسطين عن الإحاطة الدقيقة بهذا العدو اللئيم. فالحق عندنا يعلو ولا يعلي عليه وما ضاع حق وراؤه مطالب. ولكن سيبقي السؤال إن كنا قد تصفحنا أوراق حقنا هذا لا كعقيدة وطنية وقومية ودينية مجردة، بل كثقافة نسربها الي العالم فيصبح حقنا جزءاً من وعي العالم بذاته ومن احترامه لآدميته وغضبته للحق.

ولذا قال المرحوم إدوارد سعيد أن فلسطين هي قضية العالم. ولم تكن هذه القضية في أحسن حالاتها نبلاً ومصداقية مثل يوم اجازت الأمم المتحدة قراراً أدخل الصهيونية في العقائد المعادية للجنس البشري. مثلها مثل النازية ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. ثم انحدرنا تدريجياً من هذه القمة الي سفح انكمشت فيه القضية الي حجم عربي، أو فدائي بالأحرى، لا صدى مذكوراً له في جنبات العالم.
من المعلوم أن فلسطين شاغل عربي محرج وقديم. ولكني لا اعرف إن كنا جعلنا فلسطين محوراً للتعليم المدرسي أو العام عندنا. وهو تعليم يتجاوز إلحاحنا على حقنا فيها لمعرفة أدق بالعالم الذي تمخض عن إسرائيل فولد مصيبة. اقتحمتني هذه الأفكار المراجعة وأنا اقرأ كتاب المرحوم إدوارد سعيد "مسألة فلسطين" بعد وفاته في العام الماضي (2003) لأول مرة. وتحسرت على تباطؤي في قراءته. فقد قرأت له "الاستشراق" والإمبريالية والثقافة" وغيرها من الكتب النظرية في وقتها. وقدرت أني استبعدت كتبه عن فلسطين لأنني ربما اكتفيت بالمعلوم بالضرورة عن حقنا المغتصب فيها.
وعلمت من الكتاب بعد قراءته لا عن هذا الحق المغتصب فحسب، بل عن منطقه الغلاب الذي إن بلغ العالم بالحكمة والموعظة الحسنة لهدي العالم الي التي هي أقوم. فمن رأي سعيد أن إسرائيل هي من عمل العالم والغرب بالطبع. فهي بالنسبة للغرب استثمار مزدوج. فمن جهة هي استثمار في الماضي أي في تلك الأرض المقدسة التي لم يهدأ للغرب بال وهي في يد العرب أو المسلمين. وهي من الجهة الأخرى، استثمار في المستقبل. فالغرب أراد ان يجعلها وطناً لليهود ممن أخذوا بثقافته ومناهجه حتى تكون منارة غربية ديمقراطية في صحراء العرب المسكونة بالاستبداد الشرقي. وهنا ينبه سعيد بذكاء إلى "تحالف" عجيب بين الماضي والمستقبل لقتل الحاضر. ففي فلسطين، في قول سعيد، شحنة خيالية وعقائدية غربية ثقيلة حولت فلسطين من حقيقة إلى شبح، ومن حضور إلى غياب. فإسرائيل عند الغرب هي تأويل للماضي ورجم بالمستقبل ولم يحفل مهندسوها بالحاضر الفلسطيني. فهي في نظر سعيد التأويل الذي غطى على النص الذي هو الفلسطينيون. وقول سعيد هذا في عمومه معروف لدي معظمنا، ولكن بربك أنظر كيف أحكم سعيد تأطيره بحيث يسوغ لكل ذي نظر وفؤاد.
أعجبني أيضاً قول سعيد أن إسرائيل مستعمرة من نوع جديد. فالمعلوم عن الاستعمار بالضرورة أن الأهالي المستعمَرين هم جزء من مشروعه الحضاري المزعوم. فهو يريد أن يأخذ بيدهم في مراقي التحديث والتمدين. خذ مثلاً مشروع الجزيرة. فمان قام لخدمة مصلحة إنجليزية معلومة ولكن كان السودانيون مادة مهمة فيه. أما إسرائيل فهي مستعمرة لم تضع الأهالي (الفلسطينيون) في حسبانها. فليس في مشروعها إدخالهم في أي خطوة تمدينية. فهي وطن لليهود. وقد حال ذلك دونها ودون الاستثمار في مستقبل الأهالي الذين استولت على ديارهم. فقد كان الأوربيون قساة على الأهالي الذين ينكصون عن السير إلى المستقبل المرسوم لهم متذرعين بالتراث ومتمسكين بالماضي. أما إسرائيل فتقسو على الفلسطينيين الذين ينقدون مشروعها الذي لا سند له سوي الماضي والحجة الإنجيلية. فهي في الاستعمار بنت وحدها.
إن فقد سعيد لفقد والله. فقد خلق الله قلمه الذكي لمنعطف الهرج والخنا والتبذل العربي الراهن. وهو منعطف أصبح فيه التهافت على إسرائيل عادة علنية. وأصبح الاصطلاح معها حق شرعي. فأنت تسمع أليس من حقي أن اصطلح إذا اصطلح فلان. ومن يقرأ سعيد يعلم أن خصومة إسرائيل التي تاجها الظفر، باسم الله، لم تبدأ بعد.

ibrahima@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

ما قصة صاروخ الكشري المصري الذي أغضب إسرائيل؟

مصر – بينما تواصل إيران إطلاق موجات من الصواريخ على إسرائيل في ظل الحرب الدائرة بينهما، نشر مطعم مصري صورة أثارت جدلا واسعا وتعليقات إسرائيلية لافتة.

مطعم كشري “أبو طارق” الشهير في وسط القاهرة، نشر صورة لصاروخ من الكشري، الوجبة الشعبية الشهيرة، على صفحته بمنصة فيسبوك، مع تعليق “قريبا في الأسواق”، وهو ما أغضب بعض الإسرائيليين الذين اعتبروا الخطوة دعما للهجمات الصاروخية الإيرانية.

مطعم أبو طارق، على وجه التحديد ضيف دائم على الساحة السياسية وتحول إلى ما يشبه ناديا دبلوماسيا غير رسمي، بعدما أصبح مقصدا لكبار الساسة والدبلوماسيين الأجانب الذين يزورون القاهرة، ما دفع البعض إلى إطلاق مصطلح “دبلوماسية الكشري”.

ومؤخرا زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، المطعم خلال زيارته للقاهرة حيث تناول “طبق كشري” وتغزل في الوجبة الشعبية المصرية، كما زاره كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والشرق الأوسط مسعود بولس، وآخرون من المشاهير والساسة والدبلوماسيين.

وفي ظل الحرب الإيرانية الإسرائيلية، نشرت صفحة المطعم على فيسبوك، صورة صاروخ من الكشري، وأثارت هذه الصورة تفاعلا واسعا بين المصريين وتعليقا إسرئيليا لافتا.

وعلق مراسل هيئة البث العبرية روعي كايس، على الصورة قائلا: “يبدو أن مطعم الكشري الشهير أبو طارق دخل على خط الحرب بين إسرائيل وإيران بعد نشره صورة لطبق على شكل صاروخ مع عبارة: قريبا”.

وعلق سفير إسرائيل السابق في مصر ديفيد جوفرين، على المنشور قائلا إنه “مطعم موصى به بشدة لمحبي المطبخ المصري”.

وأثارت الصورة تفاعلا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي، وعلق أحد المستخدمين قائلا: “كشري أبو طارق يزعج إسرائيل!”.

فيما علق “طارق” بشكل ساخر قائلا: “الصواريخ الإيرانية محتاجة تزود الدَّقة شوية، ويكون في كمالة لكل هجمة”، و”الدَقة” هي إحدى مكونات الكشري، و”الكمالة” مصطلح يستخدم لطلب كمية إضافية من الوجبة.

وقال مستخدم آخر، إن إسرائيل “تهدد مطعم كشري مصري بعد تقديمه وجبات مُشكّلة على هيئة صواريخ إيرانية. حتى كشري أبو طارق بات يُرعبهم”.

وحذفت صفحة المطعم، الصورة لاحقا بعد موجة الجدل حولها، وصرح طارق يوسف، نجل صاحب المطعم الشهير، بأن الغرض من الصورة كان دعائيا ورسالة إلى العملاء بأنه أسرع خدمة توصيل في مصر.

المصدر:

مقالات مشابهة

  • تباحث هاتفيا مع سلطان عمان.. الرئيس السيسي يؤكد ضرورة العودة للتفاوض حقناً للدماء
  • علي آل سعيد يتأهل للمرة الثانية لكأس العالم للقدرة والتحمل
  • حصاد المشروع الاستعماري في فلسطين
  • كان المنسق الأول بين إيران وحماس.. إسرائيل تكشف تفاصيل اغتيال قائد فيلق فلسطين
  • الاحتلال يعلن اغتيال قائد فيلق فلسطين بالحرس الإيراني سعيد إيزادي
  • عاجل | كاتس: قتلنا سعيد إيزادي قائد فيلق فلسطين في قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني
  • ما قصة صاروخ الكشري المصري الذي أغضب إسرائيل؟
  • مش هيلعب أمام بورتو | خبر غير سعيد لجماهير الأهلي
  • مظاهرة في فيينا تندد بهجمات إسرائيل على فلسطين وإيران
  • مصطفى بكري: الشارع العربي سعيد بالضربات الإيرانية على إسرائيل