سودانايل:
2025-06-26@09:07:35 GMT

إدوارد سعيد: مثقف في الهرج

تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT

(في ذيول غزة)
قال الشيخ محمد فضل الله أننا لم نعلم عن اسرائيل كثير شيء على أننا لم نعرف سواها لنصف قرن من الزمان. فقد أعمانا حقنا الصريح في فلسطين عن الإحاطة الدقيقة بهذا العدو اللئيم. فالحق عندنا يعلو ولا يعلي عليه وما ضاع حق وراؤه مطالب. ولكن سيبقي السؤال إن كنا قد تصفحنا أوراق حقنا هذا لا كعقيدة وطنية وقومية ودينية مجردة، بل كثقافة نسربها الي العالم فيصبح حقنا جزءاً من وعي العالم بذاته ومن احترامه لآدميته وغضبته للحق.

ولذا قال المرحوم إدوارد سعيد أن فلسطين هي قضية العالم. ولم تكن هذه القضية في أحسن حالاتها نبلاً ومصداقية مثل يوم اجازت الأمم المتحدة قراراً أدخل الصهيونية في العقائد المعادية للجنس البشري. مثلها مثل النازية ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. ثم انحدرنا تدريجياً من هذه القمة الي سفح انكمشت فيه القضية الي حجم عربي، أو فدائي بالأحرى، لا صدى مذكوراً له في جنبات العالم.
من المعلوم أن فلسطين شاغل عربي محرج وقديم. ولكني لا اعرف إن كنا جعلنا فلسطين محوراً للتعليم المدرسي أو العام عندنا. وهو تعليم يتجاوز إلحاحنا على حقنا فيها لمعرفة أدق بالعالم الذي تمخض عن إسرائيل فولد مصيبة. اقتحمتني هذه الأفكار المراجعة وأنا اقرأ كتاب المرحوم إدوارد سعيد "مسألة فلسطين" بعد وفاته في العام الماضي (2003) لأول مرة. وتحسرت على تباطؤي في قراءته. فقد قرأت له "الاستشراق" والإمبريالية والثقافة" وغيرها من الكتب النظرية في وقتها. وقدرت أني استبعدت كتبه عن فلسطين لأنني ربما اكتفيت بالمعلوم بالضرورة عن حقنا المغتصب فيها.
وعلمت من الكتاب بعد قراءته لا عن هذا الحق المغتصب فحسب، بل عن منطقه الغلاب الذي إن بلغ العالم بالحكمة والموعظة الحسنة لهدي العالم الي التي هي أقوم. فمن رأي سعيد أن إسرائيل هي من عمل العالم والغرب بالطبع. فهي بالنسبة للغرب استثمار مزدوج. فمن جهة هي استثمار في الماضي أي في تلك الأرض المقدسة التي لم يهدأ للغرب بال وهي في يد العرب أو المسلمين. وهي من الجهة الأخرى، استثمار في المستقبل. فالغرب أراد ان يجعلها وطناً لليهود ممن أخذوا بثقافته ومناهجه حتى تكون منارة غربية ديمقراطية في صحراء العرب المسكونة بالاستبداد الشرقي. وهنا ينبه سعيد بذكاء إلى "تحالف" عجيب بين الماضي والمستقبل لقتل الحاضر. ففي فلسطين، في قول سعيد، شحنة خيالية وعقائدية غربية ثقيلة حولت فلسطين من حقيقة إلى شبح، ومن حضور إلى غياب. فإسرائيل عند الغرب هي تأويل للماضي ورجم بالمستقبل ولم يحفل مهندسوها بالحاضر الفلسطيني. فهي في نظر سعيد التأويل الذي غطى على النص الذي هو الفلسطينيون. وقول سعيد هذا في عمومه معروف لدي معظمنا، ولكن بربك أنظر كيف أحكم سعيد تأطيره بحيث يسوغ لكل ذي نظر وفؤاد.
أعجبني أيضاً قول سعيد أن إسرائيل مستعمرة من نوع جديد. فالمعلوم عن الاستعمار بالضرورة أن الأهالي المستعمَرين هم جزء من مشروعه الحضاري المزعوم. فهو يريد أن يأخذ بيدهم في مراقي التحديث والتمدين. خذ مثلاً مشروع الجزيرة. فمان قام لخدمة مصلحة إنجليزية معلومة ولكن كان السودانيون مادة مهمة فيه. أما إسرائيل فهي مستعمرة لم تضع الأهالي (الفلسطينيون) في حسبانها. فليس في مشروعها إدخالهم في أي خطوة تمدينية. فهي وطن لليهود. وقد حال ذلك دونها ودون الاستثمار في مستقبل الأهالي الذين استولت على ديارهم. فقد كان الأوربيون قساة على الأهالي الذين ينكصون عن السير إلى المستقبل المرسوم لهم متذرعين بالتراث ومتمسكين بالماضي. أما إسرائيل فتقسو على الفلسطينيين الذين ينقدون مشروعها الذي لا سند له سوي الماضي والحجة الإنجيلية. فهي في الاستعمار بنت وحدها.
إن فقد سعيد لفقد والله. فقد خلق الله قلمه الذكي لمنعطف الهرج والخنا والتبذل العربي الراهن. وهو منعطف أصبح فيه التهافت على إسرائيل عادة علنية. وأصبح الاصطلاح معها حق شرعي. فأنت تسمع أليس من حقي أن اصطلح إذا اصطلح فلان. ومن يقرأ سعيد يعلم أن خصومة إسرائيل التي تاجها الظفر، باسم الله، لم تبدأ بعد.

ibrahima@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

إيران: لن نتنازل عن حقنا في الطاقة النووية السلمية

أفادت قناة "القاهرة الإخبارية"، في نبأ عاجل، بأن إيران أكدت رفضها التام لأي تنازل عن حقها غير القابل للنقاش في امتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية، في إشارة إلى استمرار تمسكها بخياراتها النووية في ظل التوترات الإقليمية.

خبير كازاخستاني بالطاقة النووية: فوردو منشأة إيرانية صعبة التقييم بعد الهجومنائب رئيس هيئة الطاقة النووية الأسبق: لا يوجد أي خوف على مصر بعد ضرب منشأت نووية إيرانيةباحث روسي: موسكو تدعم حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية  رسالة حاسمة للمجتمع الدولي

ويأتي هذا التصريح كرسالة واضحة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول الغربية، بأن طهران لن تقبل بتقليص برامجها النووية السلمية تحت أي ضغوط سياسية أو أمنية.

 إيران: إسرائيل قصفت مواقع داخل أراضينا بعد وقف إطلاق النار

أعلن التلفزيون الإيراني، الثلاثاء، أن إسرائيل نفذت ضربات عسكرية بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، واتهم متحدث باسم القيادة العسكرية الإيرانية تل أبيب بشن غارات حتى الساعة التاسعة صباحًا بالتوقيت المحلي.

في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي أن أنظمة الدفاع الجوي رصدت صواريخ قادمة من إيران بعد ساعتين ونصف من بدء سريان وقف إطلاق النار، معتبرًا ذلك خرقًا واضحًا للاتفاق.

ونفى اللواء عبد الرحيم موسوي، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، إطلاق أي صاروخ باتجاه إسرائيل خلال الساعات الأخيرة.
وفي السياق نفسه، قالت وكالة "تسنيم" الإيرانية إن ما وصفته بـ"ادعاءات إسرائيل" تهدف إلى إحداث ازدواجية بين الميدان والدبلوماسية، متسائلة عن توقيت هذه المزاعم بعد ساعات فقط من إعلان التهدئة.

طباعة شارك قناة القاهرة الإخبارية إيران التوترات الإقليمية وقف إطلاق النار

مقالات مشابهة

  • سعيد سلام: العالم يتجه للتسليح الشامل والإنفاق الدفاعي حتى 2035
  • عبد المنعم سعيد يكشف عن الخاسر في حرب إسرائيل وإيران.. وماذا لو استمر الإخوان في الحكم؟
  • "القسام" تنشر فيديو كمين خان يونس الذي هزّ إسرائيل
  • روته يشيد بـ"دادي" ترامب الذي أوقف حرب إسرائيل وإيران
  • رغم مرارة وداع المونديال.. وسام أبو علي: أنا سعيد لهذا السبب
  • إيران: لن نتنازل عن حقنا في الطاقة النووية السلمية
  • مواعيد الفطام
  • رئيس هيئة فلسطين العربية للإغاثة: الاحتلال يستغل حرب إيران لشنّ مذبحة صامتة بغزة
  • البشير بن سعيد ضمن التشكيل المثالي للجولة الثانية بكأس العالم للأندية
  • ‏الطائرات الإسرائيلية تقصف "ساعة فلسطين" التي كانت تؤشر إلى "العد العكسي لتدمير إسرائيل" عام 2040 وفقا للسلطات الإيرانية