من البيانات الضخمة إلى البيانات الذكية .. تطور من الكم إلى الكيف !
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
تخيّل نفسك واقفًا في قلب صحراء مترامية الأطراف، تمتد بلا نهاية في كل اتجاه، الرمال تتلألأ تحت شمس حارقة، تحيط بك ملايين حبيبات الرمال التي تحملها الرياح فتغمر رؤيتك وتشتت انتباهك. يبدو المشهد مهيبًا وساحرًا، لكنه في الوقت نفسه مربك ومليء بالفوضى التي تخفي بين طياتها فرصا وإشارات، تبحث عن تفاصيل صغيرة تحمل لك خلاصا كأثر قدم خفي على الرمال، أو زهرة تنبض بالحياة، أو جدول ماء يختبئ بين الكثبان، ولكن وسط هذا الامتداد الشاسع، تضيع التفاصيل، ويصبح كل شيء مجرد جزء من بحر الرمال الذي لا ينتهي.
هذا المشهد يعكس بدقة واقع البيانات الضخمة، فهي بحر شاسع من المعلومات المتدفقة من كل حدب وصوب، وضخامة هذه البيانات تبدو مثيرة، ومدهشة ومربكة في آن واحد، رغم ما تحمله من إمكانات، فإن الحجم الهائل لهذه البيانات غالبا ما يبتلع الرؤى التي تحتاجها المؤسسات لاتخاذ قرارات استراتيجية، وهنا يأتي دور البيانات الذكية، التي تعمل كعدسة دقيقة قادرة على غربلة هذا الكم الهائل واستخلاص الإشارات المخفية وسط الضوضاء.
خلال العقد الماضي، أصبحت البيانات الضخمة العنوان الأبرز في عالم التقنية، وغالبا ما وصفت بالنفط الجديد لقيمتها في عصر الرقمنة، ومع ذلك واجهت المؤسسات تحديات وصعوبات في تحقيق العائد المتوقع من استثماراتها في تحليل البيانات الضخمة خاصة مع الزيادة الهائلة من المعلومات المتدفقة من مصادر متنوعة مثل وسائل التواصل الاجتماعي وعمليات البحث وأجهزة الاستشعار وغيرها من المصادر ويمكننا فك شفرة البيانات الضخمة من خلال أربعة أبعاد رئيسية هي: الحجم الهائل لهذه البيانات والتنوع الذي تمثله هذه البيانات من نصوص وصور ومقاطع الفيديو وغيرها من الأنواع والدقة التي تعكس مدى صحتها ومصداقيتها والسرعة التي يتم بها توليد هذه البيانات ومعالجتها.
إذا كانت البيانات الضخمة تمثل بحرًا عظيما من المعلومات المتدفقة من مصادر متعددة، فإن البيانات الذكية هي الجوهر المستخلص من هذا البحر، ذلك الجزء المنقى والمركز. البيانات الذكية هي مجموعة بيانات أصغر، لكنها أكثر دقة وقيمة لأنه تمت تصفيتها وتنظيمها، مما يجعلها قابلة للتحليل والعمل عليها بسهولة. تستند قوة البيانات الذكية إلى أنها تنطلق من غاية محددة لجمعها. هذه الغاية تمثل البوصلة التي توجه عملية تصفية البيانات وتنظيمها لتقديم رؤى قابلة للتنفيذ. وفي سياق الأبعاد الأربعة للبيانات الضخمة الحجم والتنوع والدقة والسرعة، تبرز البيانات الذكية بإضافة بعد خامس وهو القيمة. فهي ليست فقط أكثر دقة وحداثة بفضل تصفيتها وتنظيمها، بل تقدم رؤى عملية تتجاوز الكم إلى الكيف، وتحول الفوضى إلى استراتيجية.
بهذا الأسلوب، يكمن جوهر البيانات الذكية حيث تصبح البيانات الذكية أشبه بالعين التي ترى وسط الرمال المتحركة في الصحراء، تساعد المؤسسات ليس فقط على التكيف مع بحر البيانات الضخمة، بل على استثماره لتحويل التحديات إلى فرص وتحويل التشتت إلى تركيز هي ليست مجرد تقنية بل فلسفة جديدة لإدارة المعلومات تقوم على البحث عن المعنى وسط الزخم وعلى تحقيق الإنجاز وسط التعقيد.
لتحقيق الاستفادة القصوى من البيانات الذكية، تقوم المؤسسات بتركيز استثماراتها على تطوير أنظمة تحليلية متقدمة ومتكاملة، مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مع تشكيل فرق عمل متعددة التخصصات تجمع بين مهارات تحليل البيانات ورؤية الأعمال الاستراتيجية. كما يجب وضع غاية واضحة لكل عملية جمع وتحليل للبيانات، مع التأكيد على الابتعاد عن التركيز المفرط على الكم، والانتقال نحو بناء حلول تعتمد على القيمة. بذلك، تتحول البيانات من عبء تقني إلى محرك للنمو والابتكار، مما يضمن بقاء المؤسسات في طليعة المنافسة الرقمية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: البیانات الضخمة البیانات الذکیة هذه البیانات
إقرأ أيضاً:
اجتماع تنسيقي بين مصلحتي الأحوال المدنية والهجرة والجوازات لمعالجة الحالات الطارئة المتعلقة بصرف البطاقة الذكية
شمسان بوست / الإعلام الأمني: عدن
عُقِد صباح اليوم اجتماع تنسيقي مشترك بين رئاسة مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني ومصلحة الهجرة والجوازات والجنسية، تنفيذاً لتوجيهات معالي وزير الداخلية اللواء الركن إبراهيم حيدان وذلك بهدف مناقشة ووضع حلول عاجلة للحالات الطارئة المرتبطة باستخراج البطاقة الذكية والجوازات للمواطنين.
ترأس الاجتماع اللواء سند جميل، رئيس مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني، بحضور العميد صالح عاطف، مدير جوازات خور مكسر، والعقيد أديب السقاف، نائب مدير جوازات كريتر، والعقيد مصطفى النخعي، مدير ألاحوال المدنية محافظة عدن، والعقيد محمد المظفري، مدير عام الشؤون القانونية برئاسة المصلحة، والمقدم علي بن عبد الله من الأحوال المدنية، والرائد علي باسمير مدير إدارة الحقائب المتنقلة.
وخلال الاجتماع، جرى استعراض أبرز التحديات التي تواجه بعض الفئات في الحصول على البطاقة الذكية والجوازات، خصوصاً في الحالات الطارئة والظروف الاستثنائية التي تستدعي استجابة فورية وسريعة.
واتفق المشاركون على تفعيل استخدام الحقائب المتنقلة في مراكز مصلحة الهجرة والجوازات، لتمكينها من تقديم خدمات إصدار البطاقة الذكية للمواطنين القادمين من المناطق النائية أو التي تتطلب تدخلاً مباشراً، بما يسهم في تبسيط الإجراءات وضمان إيصال الخدمات إلى أكبر عدد ممكن من المستفيدين.
كما تم التوافق على إعداد آلية تنسيقية مشتركة بين الجهتين، تسهم في تسريع معالجة هذه الحالات وفق إجراءات واضحة وفعّالة، ضمن جهود وزارة الداخلية لتطوير جودة الخدمات وتحسين وصولها إلى المواطنين بكفاءة عالية.
وأكد اللواء سند جميل أن هذا الاجتماع يأتي ضمن توجهات الوزارة الرامية إلى تيسير حصول المواطنين على الوثائق الرسمية وتعزيز كفاءة الأداء الخدمي، مشيداً بمستوى التنسيق القائم مع مصلحة الهجرة والجوازات والنتائج الإيجابية المترتبة عليه.
وشدد المجتمعون على أهمية استمرار التنسيق وتشكيل فريق عمل مشترك لمتابعة تنفيذ التوصيات، وضمان تطبيقها ميدانياً وفق أعلى المعايير الإدارية والفنية.
الجدير بالذكر أن البطاقة الذكية تُعد نقلة نوعية في مجال أتمتة البيانات الشخصية للمواطنين، وتسهم في تعزيز الشفافية وتحسين كفاءة الخدمة، عبر تقنيات رقمية متطورة تتيح سرعة التحقق من الهوية وتسهيل الإجراءات الحكومية المرتبطة بها.